• لوحظ من خلال قوائم المرشحين ولوحات الدعاية الانتخابية، وجود ظاهرة جديدة على مجتمعنا “الحديث على مفهوم الديموقراطية” الا وهي وجود مرشحين لانتخابات مجالس المحافظات من اشقاء او عوائل اعضاء في مجلس النواب، وهذه الظاهرة ليست حالات فردية محدودة، بل اصبحت حالة عامة يمكن ملاحظتها في اغلب ملصقات الدعاية الانتخابية.
امامها …يتبادر الى الذهن استفسارات عدة، اولها: هل يمثل هؤلاء المرشحون، الأحزاب التي اوصلت اشقائهم او اقربائهم الى كراسي البرلمان؟ واذا كان الجواب: نعم، فهذا يعني ان الحزب الفلاني هو من ينتمي الى هذه العائلة، وليست العائلة هي التي تنتمي لهذا الحزب!!
واذا كان الجواب: لا، فثمة سؤال يفرض نفسه هو : من اين تصرف تلك الاموال على الدعاية الانتخابية؟
الجواب ببساطة : انه المال السياسي الفاسد.
هذا ماقاله لي صديقي “ستار حلفة”
• المال السياسي
بلى .. تأكد ياصديقي ان المال السياسي “قاعدة أساس” يستند اليها المرشحون في كل انتخابات، سواء التشريعية منها او المحلية.
لإنه “الوسيلة” التي تحال الى “غاية”..
وإنه أيضا “نهجُ ماديُ” تعتمده الكانتونات السياسية لكسب مزيد من الأصوات…
وهو بالتالي”أداة” ” تُعملق” قوى سيطرت على المشهد السياسي بعد ٢٠٠٣، و “تُقوّض” من فرص القوى الناشئة، او الأحزاب التي تمتلك تاريخا في المشهد السياسي وتشدد من مطالبها بضرورة اتخاذ اجراءات ناجزة للحد من تدخل هذا المال في استمالة الناخبين، وتؤكد على ضرورة توعية المواطنين بخطورة شراء اصواتهم مقابل مبالغ مالية او هدايا او وعود بدرجات وظيفية، او انجاز مشاريع في مناطق منكوبة او فقيرة و خلوٌة من اي مشاريع وخدمات.
بيد ان عبارة ” المال السياسي” تم تداولها في تظاهرات تشرين ٢٠١٩، كأحد أوجه الفساد الذي تورطت به أحزاب وقوى سياسية مشاركة في الحكومة، لينبري رئيس الوزراء حينذاك “عادل عبد المهدي” الى التعهّد بالقضاء على الفساد ومنع استغلال المسؤولين للمال العام.
ومع غياب “السيد عبد المهدي” عن المشهد السياسي، شهدت هذه الظاهرة تصاعداً واضحاً قبيل الانتخابات المحلية ( الملغاة) التي كان من المقرّر إجراؤها في نيسان ٢٠٢٠، ولتتكرس في الانتخابات المزمع اجراؤها في ١٨ من الشهر الجاري.
• من اين تاتي هذه الاموال؟
لن نجافي الحقيقة قطعا ان اشرنا الى ان الاحزاب التي حققت الفوز في الانتخابات التشريعية الأخيرة، لا يعرف عنها مبادرات لاستثمارات، او اقتصاد خاص بها ، فمن أين يأتي أعضاؤها وزعماؤها بكل هذه الأموال؟.
من ذلك وإليه رشحت وقائع عن “سرقات” لأموال الدولة، تصرف بها مسؤولون، عن طريق الإدعاء باطلاق مشاريع ومبادرات هي من صلب عمل الدولة، لكنهم جيروها لمصلحتهم.
بيد أنّ استفحال موضوع “المال السياسي” تطور من دفع أموال لدعايات انتخابية، ليصل مؤداه إلى بدء كل مسؤول بتحصيل مشاريع ومنح مكاسب، من خلال ” المحاصصة المقيتة” التي اكدت ان لا ديموقراطية فعلية في العراق الراهن، انما هي اجراءت شكلية تتيح للاحزاب تقاسم وزارات ومؤسسات الدولة، فيما بينها، وانعكاس ذلك بنكوص هذه المؤسسات عن تحقيق ايما انجاز على الارض.
إن صورة الديموقراطية في المشهد العراقي مجزوءة ومشوهة معا، وملامح ذلك كله تبدو جلية من تحول معظم من يسمون انفسهم ساسة إلى أشخاص يتسابقون على حيازة مناصب تمثل كانتوناتهم ضمن مفهوم اقتسام الكعكعة ليزداد الوضع السياسي استعصاء وصولا الى الخواء من اي ميزة لهذي الكتلة او ذاك الحزب، لكنها جميعا تشترك بميزة واحدة، هي؛ (غياب حظوظها في ان يكون لها مصداقية على مستوى الشارع العراقي، وانها متهمة بالفساد).
ولم يتورع المرشحون عن اتباع اساليب تخالف ماتفرضه مفوضية الانتخابات من قرارات وتعليمات ملزمة من جهة، ومن جهة ثانية مصادرة بعض الانجازات المعنية بالخدمات من قبل بعض المرشحين مثل نسبة بعض المشاريع وشخصنتها، في مناطقهم وكأن الحزب هو من قدّم الأموال لإنجاز المشروع، وحقيقة الأمر على لسان المواطن أنّ هذه المشاريع تنفّذ من أموال الشعب، وأن الأحزاب تسرق معظم الاموال، وتقدم بالقليل منها مشاريع رديئة للمواطنين”.
أنّه “المال السياسي” الصورة الجلية للفساد في العراق وهو نتاج التجربة الديمقراطية المشوهة فيه.
ودلالة ذلك نجده في الإجابة على سؤال بشقين؛
• من اين لهذه الكانتونات ان تنفق ملايين الدولارات على حملاتها الدعائية، وهي بلا مورد معروف؟ …
• وماهو مصدر هذه الأموال ؟
الجواب الصريح يمكنك الحصول عليه من إجابة عفوية على لسان المواطن العراقي المازوم غير المخدوم. “إنه المال المستحصل من استغلال المناصب، او تنفيذ بعض هذه الكانتونات لأجندات خارجية”.