لم تعد كل الطرق تودي الى روما بالنسبة للعراقيين ، فيبدو لنا طريق الوصول اليها مجهولا بعد التصعيد الاخير للقصف والقصف المضاد بين الاميركان والفصائل المسلحة أمام اعين السوداني وحكومته العتيدة !
لن نتحدث عن تبريرات قصف الفصائل دعماً لحماس ولا تبريرات الاميركان دفاعاً عن النفس ، مايهمنا البحث عن إجابة للسؤال المكرر منذ واقعة التاسع من نيسان 2003 :
الى أين ؟
كل الاسئلة الاخرى المنبثقة من هذا السؤال المحوري ، اجابتها ملقاة على قارعة الطريق كما يقول الجاحظ ، بين أجندات الفصائل والاميركان وايران ، التي اتهمها بيان القيادة الاميركية بكل وضوح بوقوفها خلف الضربات الاخيرة لقواتها في كل من سوريا والعراق مبرراً الرد المعاكس ” جاءت الضربات ردا مباشراً على الهجمات ضد الولايات المتحدة الاميركية وقوات التحالف من قبل ايران والجماعات المرتبطة بها “.
وبما ان الرد المقابل قادم ، وربما حدث ، بحسب بيان لكتائب حزب الله أن “جريمة القصف الأمريكي ما مرت ولن تمر دون عقاب، وهو ما يستدعي توسيع دائرة الأهداف” ، فان لعبة توم وجيري ستواصل اشتغالها في الملعب العراقي الذي يضج بجمهور سئم هذه اللعبة الجهنمية ويستعد لمغادرة الملعب ولكن ايضاً:
الى أين ؟
الحكومة في بيانها الهلامي لاتدلنا على الطريق ، والأغلب إنها لاتعرف مساراته ، أو تعتقد إن لعبة مسك العصا من الوسط هي الأنسب لإنقاذ البلاد من فوضى الإلتحامات في المنطقة والمرشحة ان تنتقل الى الجبهة العراقية على ايقاعات الصواريخ والمسيرات المتبادلة !
تعترف حكومة السوداني بانها الى حد ما صارت خارج لعبة الصراع بين الفصائل والاميركان فتبشرنا ” أن القصف الذي استهدف منطقة “جُرف النصر” جرى دون علم الجهات الحكومية” ملقية على نفسها مهمة غير قادرة على الالتزام بها “شددت على أنها المعنية حصراً بتنفيذ القانون ومحاسبة المخالفين ولا يحق لأية جهة خارجية أداء هذا الدور نيابةً عنها”..لكنها،وفي مقطع آخر من بيانها الحماسي عن السيادة تدعو قوات التحالف الدولي إلى “عدم التصرّف بشكل منفرد ” فتبدو كدعوة خجولة للعمل المشترك في مهمات من هذا النوع ، وهي مهمة خارج ارادة السوداني وامنياته برضى الاميركان والفصائل التي يعمل على اقناعها بايقاف القصف على الأميركان كما قال فخامة رئيس الجمهورية في كلمة له من دهوك .
الأميركان كانوا واضحين مع السوداني عندما ابلغوه، ان لم تفعل نفعل..فلم يفعل !
الفصائل كانت واضحة معه عندما أبلغوه ، لن نوقف القصف والجهاد..فاكتفى ببيان الامنيات !
الاطاريون قالوا له باريحية لاعلاقة لنا بالفصائل فطريقهم طريق وطريقنا طريق..فودّع الإجتماع مهموماً !
طهران أبلغته ..لانضغط ولن نوقف الدعم !
روت لي جدتي ، لروحها السلام ، ان رجلاً تاه في الصحراء حتى وجد نفسه أمام طرق ثلاث عليه ان يختار احداها .
(طريق السلامة ..طريق الندامة ..طريق الصد مارد ) ..
كلّنا أمام الاختيار الوطني لإنقاذ البلاد وإنقاذ انفسنا معها ، فطريق السلامة معروف ، وهو النأي بالعراق عن الصراعات الجهنمية في المنطقة ، وطريق الندامة أوضح من عين الشمس ، اما طريق الصد مارد فهو الطريق الذي نصحتني جدتي بعدم اختياره ، وهي ترنّم لي ورأسي على صدرها :
دللوه الولد يبني دللوه
عدوك عليل وساكن الجول ..
سنتخذ الإجراءات الضرورية للدفاع عن مصالح البلاد العليا