ان اي عاقل يستخدم عقله (الذي وهبه الله سبحانه للبشر) بشكل منطقي يصل حتما الى ان الطائفية هي سلاح القوى والاحزاب لتحقيق مصالحها الشخصية والحزبية الضيقة واجندة بيد الخارج من اجل نهب ثروات البلاد والعباد وتمكين القوى المعادية لطموحات أبناء الشعب من تحقيق تطلعاتهم بمستقبل افضل بقيادة الاحزاب الثورية وهذا المنطق العقلي يستند الى الواقع المزري الذي يعيشه العراق بعج الاحتلال الامريكي المباشر وعمليته السياسية، والتحليل هذا لا ينطلق من أحكام متسرعة، أو نظرة مغالية ، فالتجربة التي يمر بها العراق اليوم تثبت الاستنتاج الذي اصبح يقينا والمنطق العقلي هذا يؤكد على ان أمريكا وبالتعاون مع القوى الاقليمة المعادية لكل ما هو عراقي توظف الورقة الطائفية في إطار المخطط المناهض لمسيرة ابناء العراق المتطلعين الى الانعتاق وتحقيق ماهو افضل لبلادهم.
أن وضع الطائفية كغطاء اجتماعي بمثابة مفتاح للتآمر لا يتحدد عند إطار فئة معينة دون سواها، بل أن المقصود بذلك هو مجمل التيار الطائفي الذي يتكون من جميع المراتب الاجتماعية التي يمثل تفكيرها ومصلحتها والنتائج التي تسعى من خلالها إثارة النعرات الطائفية بشتى الأساليب والصيغ وتحت مؤثرات متباينة تبدو من خلال الشكل متناقضة في حين أنها تلتقي في المضمون فالاستعمار والصهيونية وايران وجوه لعملة واحدة في معاداتها لتطلعات شعبنا الصابر المتطلع لوحدته واستقراره.
ان الاحتلال الامريكي ومن ورائه الكيان الصهيوني والقوى الاقليمية التي يمثلها اليوم العملاء لا يمكن ان تغيب عنهم مسألة تمزيق الوحدة الوطنية العراقية، فمثل هذا الهدف يؤمن لمخططاتهم مجالات رحبة لتمرير ما يريدون أو الاستفادة من النتائج المتمخضة عن الصراع الطائفي في ايجاد اغطية ملائمة تجري من تحتها عمليات طبخ ونسج المؤامرات التي تهدف الى تمزيق اللحمة العراقية وبالتالي تحقيق مشروع ( الشرق الاوسط الجديد) الذي تتسيده مايسمى بالدولة ( اليهودية).
إن أبرز العوامل التي تجعل القوى المشاركة بما يسمى (العملية السياسية) تستميت اليوم من اجل توظيف الظاهرة الطائفية في مخططاتها للهيمنة على مقدرات البلاد والعباد:
1ـ نقل الولاء للطائفة وبذل المحاولات لتحقيق التطابق بين التيار السياسي الطائفي وبين الوجود الاجتماعي والروحي للطائفة.
2ـ تقسيم وحدة الشعب الوطنية بالفعل الطائفي المقصود، وبرد الفعل المعاكس، وايجاد دوائر اجتماعية تنهي في حدودها المصلحة الوطنية والقومية وتعتبر دائرتها هي الأساس. (الدفاع عن النجف وكربلاء)، ( الدفاع عن الرمادي) …الخ وليس الدفاع عن العراق.
3ـ تأجيج حالة الصراع انطلاقا من ذلك لايجاد التوتر الطائفي في العراق والهاء الشعب بفعل طائفي ورد فعل طائفي مغاير(اغتيالات ، تفجيرات ، تصريحات …الخ).
ان القوى المشاركة بالعملية السياسية ترغب اليوم في إقامة خارطة اجتماعية تنضوي تحت خيمتها القوى المستغلة والمستغلة وتؤمن في تشكيلتها الرهيبة للقلة الطائفية القائدة الجاه المعنوي والامتيازات المادية وادارة (لعبة الطوائف) طبقا للمقتضيات المطلوبة وهذا ما نراه اليوم واضحا من خلال الاحزاب الطائفية والتي تهدف الى :ـ
1ـ الهاء اكبر ما يمكن من القاعدة الشعبية وابعادها عن جوهر قضاياها الوطنية وعلى رأسها تحرير العراق الناجز من الاحتلال الامريكي وجرهذه القاعدة الشعبية بالاتجاهات المغلوطة بحيث توضع في مواقع حائرة واخرى متناقضة لطبيعة مصالحها الحقيقية.
2ـ التأثير المضاد على فعل مقاومة المحتل بكل صوره واشكاله ، لأن (لعبة الطوائف) تحاول إقامة استقطاب طائفي يضيق بأهداف حركة التحرير ويحاول تسكين الفعل المقاوم في بحر زائف من (السلام الاجتماعي).
3ـ ان هذا الاصطفاف المشوه هو اقرب الى الخليط غير المتحد وهو يرمي من خلال جهده لإيجاد كتلة جماهيرية الى التباهي بها والتنافس من خلالها، على الطريقة العشائرية ويرمي الى إشاعة روح الحقد الطائفي لإيجاد حالة من التوتر، بهدفين: ـ
أولا ـ جعل التوتر قائما للانشداد الى مركز التأثير الطائفي.
ثانيا ـ بقاء حالة من الاستنفار والهياج لاستثمارها عند المقتضيات المحددة.
ـ تبذل الزعامات الطائفية جهودا مركزة لتعزيز سلطتها من خلال الامور التالية: ـ 4
أولا ـ التركيز على الخصوصيات المذهبية والتأكيد على الافتراضات العقائدية المتصلة بجوهر الدين والنظرة اليه.
ثانيا ـ ايجاد طقوس وتقاليد بعيدة عن الدعوة المذهبية، وشد القاعدة الشعبية اليها وبذل الجهود لتصوير هذه العادات المصطنعة وكأنها المظهر الذي يعبر عن جوهر الايمان بالطائفة وحقوقها .
إن نشر المحبة والاخاء والمساواة بين المواطنيين هو المنهج الذي يجب ان تنتهجة الجماهير على امتداد الارض العراقية وهذه الحقيقة يجب ان تكون واضحة ويعرفها ابناء العراق الشرفاء وان يدعون الى سلم اجتماعي لامجال فيه للتمييز بين المواطنين ولايقوم على اساس الانتماء لدين او طائفة معينة، لان منطق مواطن الدرجة الاولى والدرجة الثانية هو امر مرفوض لدى ابناء العراق وعلى ذلك فأن التصدي للطائفية التي تستخدم كسلاح لقتل المحبة والاخاء بين ابناء الشعب الواحد هو حق مشروع تقتضيه مستلزمات حماية البلد من التمزق والحروب الاهلية وهذه المهمة اليوم بيد الغيارى من ابناء العراق لمحاربة الظلم والفساد وبيد القوى الحية في المجتمع للتصدي وبقوة لكل ما هو طائفي، ومن الامور المطلوبة لذلك هوالعمل الجاد والمثابر لحل العقد الطائفية بنظرة حكيمة وصبورة ومرنة وواعية، لان اخطر ما يجابه ذلك من نتائج، عندما تكون الخطوات غير مدروسة، ان العمل لمجابهة الطائفية يتطلب: ـ
1ـ اسقاط الذرائع الدينية عنها، واظهار متاجراتها في هذا المجال هي لأغراض سياسية بعيدة كل البعد عن جوهر الدين.
2ـ ان تكون الصيغ المتبعة مبدئية ومتوازنة مع نفسية المواطنين واستعدادهم الذاتي وكذلك درجة وعيهم. كما يجب التفريق بين الطائفية كوجود سياسي والطائفة كوجود اجتماعي.
3ـ ان الاجراءات للقضاء على الطائفية تستغل من قبل الغزاة والعملاء بهدف البلبلة والتشويش، ولهذا من الضروري استيعاب حقيقة وهي ان هذه الاجراءات يحب ان تفوت الفرصة على الاعداء.
4ـ ان يجري انتباه شديد لاستغلال التعامل مع الطائفية من قبل متنفذي الطائفة الاخرى ومحاولتهم بتعميم الخطاء الذي يرتكبه التيار الطائفي المضاد على مجمل الطائفة، او ان يكون هذا التعامل وسيلة للتشفي والشماتة ومن ثم توجيه الاتهامات لا الى الطائفية وانما الى الطائفة ذاتها.
ان الطائفية بكل تياراتها هي مظهر من المظاهر التي يلجأ اليها الغزاة والعملاء في التأثير على الجماهير المتطلعة لغد افضل ، لكن الحقيقة الثابتة التي يجب أن تقف بصلابة بوجه الطائفية المقيتة المسيسة هي أن العراق هو طائفة واحدة وشعب عريق يمتد تاريخه الى الاف السنين وان بقاءه وقوته في تنوعه وسيثبت للعالم اجمع ان العزاة والعملاء سيندحرون وستنكشف هذه الغمة وهذا مايؤكده منطق العقل السليم.