25 نوفمبر، 2024 12:22 م
Search
Close this search box.

إسلاموفوبيا  صناعة هوليودية

إسلاموفوبيا  صناعة هوليودية

كثيرا ما تتردد عبارة اسلاموفوبيا  في الاوساط الاعلامية والاجتماعية الغربية وغالبا ما يصاحبها تصور لأناس بلحى طويلة ووجوه كالحة ترتدي ملابس  تحاكي القرن الاول الهجري حتى اصبحت العمامة واللحية تشكل هاجسا  ومدعاة للخوف وعنوانا للموت والوحشية لدى تلك المجتمعات التي تعايشت لقرون طويلة مع الاسلام المعتدل دون وجود لمثل هذا الخوف الذي انتجه الاسلام السلفي الجهادي المتطرف ..وأول من استخدم هذا المصطلح هو االكاتب الفرنسي ماليه أميل في مقالة نشرها في الليموند الفرنسية عام 1994 بعنوان (ثقافة وحشية ) وحذر فيها من الاسلاموفوبيا الزاحفة الى الغرب المسيحي ..وقد تبنى هذا المفهوم الكاتب البريطاني رمنيميد تروست في تقرير نشره عام 1997 وعرفه على انه  هو (الخوف الذي قد تخلفه الكراهية اتجاه كل او معظم المسلمين بسبب موقف الاسلام من الاديان الاخرى نتيجة كونه كتلة وحدانية معزولة وغير قابلة للتغيير ولايتأثر بالثقافات الاخرى ويسعى الى التأثير عليها وأنه  ينظر الى نفسه بأعتباره ادنى شئناً من الغرب ويستخدم الايد يولوجية السياسية والعسكرية للوصول الى اهدافه ) كل هذه الاسباب دعت رونيميد تروست  بوسم الاسلام بعبارة الخوف الغير محدد  حسب وجهة نظره هو .
متناسيا ان مثل هذا الفكر العدائي اتجاه الاخرين قد نشئ وترعرع بمباركة غربية اميركية وأعد بمطابخ صناعة القرار الامريكية بامتياز ورأى النور في مغارات تورا بورا المظلمة ومعسكرات كويتا الباكستانية ومدارس المجاهدين العرب الذين كانت ترسلهم دولهم وجمعياتها الخيرية كما تدعي لقتال السوفيت في فترة احتلالهم لافغانستان عام 1979 حيث كانت  المخابرات الامريكية تشرف على تدريبهم وتسليحهم ليكونوا خط الدفاع الاول للنظام الرأسمالي الغربي بوجه المد الشيوعي في المنطقة ..وفرصة لكي تتخلص بلدانهم من التخمة التي تعانيها من المتطرفين والعاطلين عن العمل ..وقد روجوا لهذا الجهاد المزعوم من خلال الشعارات الزائفة التي كان يطبل  لها الاعلام العربي والاسلامي لخداع الشباب العرب والمسلمين والتغرير بهم للذهاب والجهاد هناك باسم الدين والعقيدة والدفاع عن بيضة الاسلام وغيرها من الشعارات التي استدرجت الاف الشباب المسلمين المحبطين من الحياة  بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يعيشونها في اوطانهم ..فذهبوا يقاتلون هناك دون ان يعوا ويدركوا خطورة اللعبة التي زجوا بارادتهم فيها ..وقد حققت اميركا ماكانت تصبو اليه فأنسحب السوفيت من افغانستان عام 1989 بعد مخاض طويل من الصراع المسلح مع هذه الجماعات ادى الى استنزاف مواردها العسكرية والاقتصادية ..ليتحول هذا البلد الاسيوي الى امارة اسلامية بعد ماكان نواة لمشروع نهضوي تقدمي كان ممكن ان يؤثر على المحيط الجغرافي الذي حوله بصورة ايجابية ..ليجد المتطرفين من كل بقاع الارض لهم ملاذا امنا ويمارسوا ظلاميتهم وساديتهم هناك على سكانه ذي الطوائف والقوميات المتعددة ..فبدء هذا الفكر المريض  بالتفريخ والتكاثر في هذه البيئة الخصبة للتطرف حتى اخاف اميركا والغرب انفسهم وقد اتخذوا من هؤلاء المتطرفين كذريعة لتشوية صورة الاسلام وجعله العدو الاول للغرب المسيحي بعد سقوط المعسكر الاشتراكي الشرقي في اوربا عام 1990 وأنتهاء الحرب الباردة .
.بأ طروحة اخر رؤساء الاتحاد السوفيتي السابق غورباتشوف (البيروسترويكا )..او اعادة البناء ..لتكون رصاصة الرحمة على امبراطورية دامت لثمانين عام خلقت نوع من التوازن السياسي والعسكري والاقتصادي في العالم كبح فيه جماح اميركا لزمن طويل من التفرد بالقرار الدولي والتحكم بمصائر الشعوب ..ليحل الاسلام محل الشيوعية في صورة الصراع الجديد الذي اطلق عليه الكاتب الاميركي صاموئيل هنتجتون .. (صدام الحضارات ) في مقال نشرها في مجلة فورين اميرز عام 1993بعنوان (صراع الحضارات) واشار فيه الى ان عالم مابعد الحرب الباردة سيشهد صراعا بين الغرب واميركا من جهة والاسلام والصين واليابان والهند من جهة اخرى وأن ماسيحكم العلاقة بين هذه الحضارات هو الصدام على اساس الثقافة والهوية ..بقوله (ان الثقافة والهوية الثقافية التي على المستوى العام هي التي تشكل انماط التمسك والتفسخ والصراع في عالم مابعد الحرب الباردة ) ..وبقي العالم يترقب خط الشروع لتطبيق هذه النظرية على ارض الواقع فكان انهيار ابراج التجارة العالمية في نيورك عام 2001 الشرارة التي اتخذتها اميركا والغرب ذريعة لتحرق المنطقة بحروب الهدف المعلن لها هو تخليص العالم من التطرف الاسلامي الذي  هو من صناعتها وتعيد رسم الخارطة السياسية للمنطقة من جديد بعد ان جعلت الغرب والعالم المسيحي ينظر الى الاسلام على انه العدو الاول والحقيقي له .
ولكن ماهي الاسباب الحقيقية لنشوء التطرف الاسلامي الذي استغله الغرب واميركا ووظفه للاساءة الى الاسلام وتشويه صورته ..وهنا اعتقد ان الاسباب ذاتية نابعة من رحم المجتمعات الاسلامية التي تحتضن بيئات التطرف (فالفقر والبطالة وغياب التعليم والاحباط والكبت الجنسي والنفسي ومصادرة الحريات من قبل الحكومات الدكتاتورية لتلك الدول ) كل هذه الاسباب اضافة الى وجود اسباب اخرى قد تختلف من بلد الى اخر كانت السبب وراء نشوء غربة الذات وهي العنصر الاساسي لنشوء التطرف  فيفقد الشاب المسلم الامل بكل شيئ في الحياة ويلجئ الى طلب الاخرة بأقصرالطرق وهو الموت بطريقة يكون فيها بأعتقاده شهيدا  ليعوض كل الحرمان الذي عاشه في وطنه في جنات مليئة بانهار الخمر والعسل والغلمان والحور العين ..منساقين وراء فتاوى بعض رجال الدين الاشباه متعلمين الذين يعانون عقدة التطور والحضارة ويسعون الى عادة العالم الى ماقبل اكتشاف العجلة ..ومما زاد الامر سوء ان العالم يهتم ويدرس ويحلل فقط في كيفية محاربة الارهاب والقضاء عليه بالطرق الامنية والعسكرية ويتناسى ايجاد اللحلول للمشاكل التي التي تساهم في ولادته ونشوئه ..فلو خصصت الامم المتحدة والدول الغنية في العالم صندوقا تنمويا للدول الاسلامية الفقيرة يساعدها في حل مشاكلها الاقتصادية وتوفير فرص العمل والتعليم المجاني والزواج وزيادة الوعي الحضار والفكري لابنائها ..أضافة الى اصدار قوانين صارمة وملزمة للدول تمنع فيها تدريس الفكر المتطرف ومنع اشاعة ثقافة الكراهية بين الاديان والمذاهب وتكفير الاخر من خلال لجم افواه ابواق الفتنة من شيوخ القتل والتخلف واغلاق القنوات الفضائية المحرضة على الفتنة والعنف ..كل هذه الاجراءات اذا ما طبقت فأنها سوف تحد وتخفف بشكل كبير من حدة التطرف الاسلامي الذي نشهده اليوم والذي اصبح ظاهرة عالمية يشار لها بالبنان حتى وسم الاسلام بالخوف.

أحدث المقالات

أحدث المقالات