وكالات – كتابات:
قالت صحيفة (الغارديان) البريطانية، إن “الولايات المتحدة” لطالما كانت أقوى داعم عسكري ودبلوماسي لـ”إسرائيل” منذ إنشائها، العام 1948، لكنها لم تكن دائمًا على هذا النحو.
فخلال العقدين الأولين بعد قيام “إسرائيل”؛ كانت “فرنسا” هي الحليف الرئيس لـ”إسرائيل”، حيث زودتها بجميع أسلحتها الرئيسة تقريبًا بما في ذلك الطائرات والدبابات والسفن، فضلاً عن بناء المحطة النووية التي طورت منها الأسلحة الذرية.
وأفادت الصحيفة البريطانية؛ أن “واشنطن” لم تقدم نفس الغطاء الدبلوماسي لـ”إسرائيل”؛ في السابق، مثلما تفعل، اليوم، فعندما اندلع العدوان الثلاثي على “مصر”؛ خلال “أزمة السويس”، العام 1956، انضمت “واشنطن” إلى “موسكو”؛ في “الأمم المتحدة”، لإجبار “إسرائيل”، وحلفائها على الانسّحاب.
ما الذي تغير ولماذا ؟
وأشارت (الغارديان) إلى أن “باريس” فرضت على “إسرائيل” والمنطقة حظرًا على توريد الأسلحة مع تصاعد التوترات قبل حرب الأيام الستة العام 1967، ورفضت “باريس” تسّليم “تل أبيب”: 50 طائرة مقاتلة كانت “إسرائيل” قد اشترتها من “باريس”.
وتابعت الصحيفة: “وبعد حرب 1967، انحازت فرنسا إلى جانب الدول العربية جزئيًا لتحسّين العلاقات بعد هزيمتها في الحرب الاستعمارية في الجزائر، وكان الرئيس الأميركي وقتذاك؛ ليندون جونسون، متعاطفًا مع موقف إسرائيل، لكنه كان مترددًا بشأن توريد كميات كبيرة من الأسلحة إلى إسرائيل بسبب القلق من صراع إقليمي يجذب الاتحاد السوفياتي”.
وأضافت التقرير البريطاني؛ أنه وبعد احتلال “إسرائيل”؛ لـ”غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية”، العام 1967، خلصت “واشنطن” إلى أن الدول العربية انتقلت إلى المعسكر السوفياتي، وبالتالي زادت مبيعاتها من الأسلحة للدولة اليهودية.
وبحسّب الصحيفة فقد ألزم الرئيس؛ “جونسون”، “الولايات المتحدة”، بالحفاظ على: “التفوق العسكري النوعي” لإسرائيل في المنطقة، وفتح الباب أمام عقود من مبيعات الأسلحة التي ساعدت في بناء الجيش الإسرائيلي: “ليُصبح أقوى قوة في الشرق الأوسط.”
هل دعمت “الولايات المتحدة” تطوير “إسرائيل” للأسلحة النووية ؟
وقامت “فرنسا”؛ في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، ببناء مفاعل نووي لـ”إسرائيل” قادر على إنتاج (البلوتونيوم) ومصنع في منشأة سرية في “ديمونة”؛ في صحراء “النقب”، والتي وفرت الأدوات الأساسية لتطوير سلاح نووي.
وتابعت (الغارديان): “لقد أبلغت إسرائيل؛ الولايات المتحدة، أن المحطة النووية أُنشأت لأغراض سلمية، لكن في، العام 1960، توصلت وكالة المخابرات المركزية الأميركية إلى أن المنشأة النووية ستستخدم لإنتاج (البلوتونيوم) لصنع أسلحة نووية”.
وأفاد التقرير البريطاني؛ أن الرئيس “جون كينيدي”؛ طالب “إسرائيل”، في العام 1963، بالسماح بإجراء عمليات تفتيش أميركية منتظمة لمفاعل (ديمونة)، وحذّر من أن الفشل في تقديم “معلومات موثوقة” حول المحطة النووية من شأنه أن: “يُعرض دعم واشنطن لإسرائيل للخطر الشديد”.
وأردفت الصحيفة: “وقد وافقت إسرائيل على عمليات التفتيش، ولكن بعد اغتيال كينيدي، أصبحت إدارة جونسون أقل صرامة في التعامل مع هذه القضية وتوقفت عمليات التفتيش في العام 1969”.
متى بدأت “أميركا” التوسّط في اتفاقيات السلام في المنطقة ؟
وتُشير (الغارديان) إلى أنه؛ وعندما اندلعت حرب تشرين أول/أكتوبر العام 1973، بهجوم “مصر” و”سورية” على “إسرائيل”؛ فقد انزعج الرئيس “ريتشارد نيكسون”، من التلميحات الإسرائيلية حول استخدام الأسلحة النووية في الحرب، بعد تراجع قواتها في البداية؛ وحينها أمر “نيكسون” بإرسال جسّر جوي لإمداد “إسرائيل” بالسلاح.
وتابعت: “كانت الولايات المتحدة حريصة على الحد من حجم الخسائر المصرية جزئيًا لإبقاء السوفيات خارج الصراع، وهو ما مهد الطريق لاتفاقية السلام (الإسرائيلية-المصرية)”.
وأضافت الصحيفة؛ أن فشل الحكومة الإسرائيلية في حرب تشرين أول/أكتوبر؛ أدى إلى وصول حزب (الليكود) اليميني إلى السلطة في “إسرائيل” لأول مرة مع؛ “مناحيم بيغن”، كرئيس للوزراء.
وتابعت الصحيفة: “لقد أشرف الرئيس؛ جيمي كارتر، على أشهر من المفاوضات بين مصر وإسرائيل؛ والتي بلغت ذروتها في اتفاقيات كامب ديفيد، ومهدت الطريق لمعاهدة السلام (الإسرائيلية-المصرية)، العام 1979، والتي شهدت انسّحاب إسرائيل من سيناء، لكن بيغن رفض محاولات كارتر للتوصل إلى اتفاق يقضي بتخلي إسرائيل عن الأراضي الفلسطينية التي احتلتها العام 1967”.
ورأت الصحيفة أن “كارتر” كان مهتمًا بإحلال السلام في المنطقة، بينما خلفه “رونالد ريغان”؛ فكان مهتمًا ببيع الأسلحة أكثر من اهتمامه بالتوسط في السلام.
وأضافت: “لقد تعزز الدعم العسكري لإسرائيل في ظل إدارة ريغان؛ التي بدأت أيضًا دفاعًا دبلوماسيًا أكثر نشاطًا عن إسرائيل، وخاصة حمايتها من الانتقادات في الأمم المتحدة”.
ووقّعت كل من “الولايات المتحدة وإسرائيل” اتفاقيات عسكرية استراتيجية؛ وبدأت “واشنطن” في تخزين الأسلحة المخصصة رسّميًا للقوات الأميركية داخل “إسرائيل” لتسّهيل تسّليمها بسرعة إلى الإسرائيليين.
وأشارت الصحيفة إلى توتر العلاقات بين البلدين بعد الهجوم الإسرائيلي على المفاعل النووي العراقي، في العام 1981، دون موافقة “الولايات المتحدة”، مما دفع “ريغان” إلى تعليق بعض شُحنات الأسلحة كما توترت العلاقات أيضًا بسبب الغزو الإسرائيلي لـ”لبنان”، العام 1982، لكن ذلك لم يمنع “واشنطن” من مواصلة حماية “إسرائيل” في “الأمم المتحدة”، بما في ذلك استخدام حق النقض ضد التحرك السوفياتي في “مجلس الأمن” لفرض حظر على الأسلحة.
ورأت الصحيفة أن إدارة الرئيس؛ “ريغان”، أحدثت صدمة لدى الإسرائيليين عندما تواصلت مع “منظمة التحرير الفلسطينية”؛ بقيادة “ياسر عرفات”، والتي تعتبرها إسرائيل: “منظمة إرهابية”.
ماذا حلّ بكل مبادرات السلام ؟
واعتقد عدد من الرؤساء الأميركيين المتعاقبين؛ أنهم قادرون على التوصل إلى اتفاق سلام بين “إسرائيل” و”فلسطين”، لكن الصحيفة أشارت إلى أن الرئيس؛ “بيل كلينتون”، كان الأقرب عندما أشرف على سلسلة من المحادثات والاتفاقات التي بلغت ذروتها في “اتفاقيات أوسلو للسلام”، العام 1993.
وأردفت: “لكن اغتيال إسحق رابين، رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ الذي وقّع الاتفاقيات، في العام 1995، فتح الطريق أمام صعود؛ بنيامين نتانياهو، إلى السلطة، الذي عارض علنًا قيام دولة فلسطينية وبذل قصارى جهده لإفساد أوسلو”.
مضيفة أن “كلينتون” كانت لديه: “فرصة أخيرة” للتوصل إلى اتفاق في “قمة كامب ديفيد”، العام 2000، وعندما فشلت تلك المحادثات ألقى “كلينتون” اللوم على “عرفات”، لكن بعض مسؤولي إدارته قالوا إن العرض الإسرائيلي: “لم يكن يفي بما هو مطلوب للتوصل إلى اتفاق”، لدرجة أن وزير الخارجية الإسرائيلي في ذلك الحين؛ “شلومو بن عامي”، قال لاحقًا إنه: “لو كان فلسطينيًا لرفض مقترحات كامب ديفيد”.
وأفادت الصحيفة البريطانية؛ أن “آرون ديفيد ميلر”، المسؤول السابق بـ”وزارة الخارجية” الأميركية، والذي لعب دورًا رئيسًا في جهود السلام التي بذلتها إدارة “كلينتون”، قال في العام 2005: “إن واشنطن لم تتصرف كحكم محايد، بل كمحام لإسرائيل في مفاوضات السلام”.
خريطة الطريق..
وفي عهد الرئيس “جورج دبليو بوش”، أطلقت جهود خاصة لإحلال السلام تحت مُسّمى: “خريطة الطريق”، ودفع “بوش” بهذه الخطة في خضم الضرر الدبلوماسي الذي أحدثه الغزو الأميركي لـ”العراق”.
ورُغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق؛ “آرييل شارون”، أشاد بخطة “بوش”، لكنه شرع في تخريبها من خلال وضع الشروط كما استخدم انسّحابه من المسّتوطنات اليهودية والقواعد العسكرية الإسرائيلية من “غزة”، العام 2005، كوسيلة لتجمّيد “خريطة الطريق”.
“بايدن” و”نتانياهو”..
لقد أشرف الرئيس؛ “باراك أوباما”، على أكبر حزمة من المساعدات العسكرية لـ”إسرائيل” على الإطلاق، بقيمة: 38 مليار دولار على مدى عقد من الزمن، لكنه ظل في نظر الإسرائيليين: “حليفًا غير موثوق به”، خاصة من قبل “نتانياهو”.
وأردفت (الغارديان): “لقد شعر المسؤولون الإسرائيليون بالغضب عندما اختار؛ أوباما، مصر كأول محطة في زيارته الأولى للمنطقة، حيث ألقى خطابًا في القاهرة وعد فيه العالم الإسلامي: بـ (بداية جديدة) بعد حرب العراق، وقد عقد أوباما ونتانياهو اجتماعًا متوترًا في البيت الأبيض، حيث طالب أوباما الإسرائيليين بتجمّيد الاسّتيطان وأن تأخذ إسرائيل محادثات السلام مع الفلسطينيين على محّمل الجد”.
لكن ما الذي حدث بعدها ؟
لقد طلب بعض المسؤولين في إدارة “أوباما”؛ من الرئيس، أن يُحّدد موعدًا نهائيًا لـ”نتانياهو”، للموافقة على محادثات السلام أو أن البديل سيكون طرح “واشنطن” خطتها الخاصة لإقامة “دولة فلسطينية”.
وأردفت الصحيفة: “لكن هذا التصميم تراجع مع قيام؛ نتانياهو، بحشّد الدعم السياسي في الولايات المتحدة، وخاصة بين الجمهوريين الذين يسّعدون بمهاجمة أوباما”.
كما عارض “نتانياهو” علانية الاتفاق الأميركي مع “إيران” لاحتواء برنامجها النووي؛ باعتباره: “خطأ تاريخيًا”، من شأنه أن يسمح لـ”طهران” بتطوير أسلحة نووية.
كما اتخذ “نتانياهو” خطوة غير مسّبوقة؛ بانتقاد سياسة “البيت الأبيض” علنًا في خطاب ألقاه أمام “الكونغرس”.
واعتبرت الصحيفة البريطانية؛ أن “أوباما” أطلق: “رصاصة الوداع” خلال الشهر الأخير له في منصبه؛ عندما رفضت “الولايات المتحدة”؛ “على غير العادة”، استخدام حق النقض ضد قرار في “مجلس الأمن” يُدين بناء المسّتوطنات الإسرائيلية، فيما كان رد “نتانياهو” على ذلك بالقول إنه: “يتطلع إلى وصول؛ دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض”.
هل كان “نتانياهو” و”ترامب” على خطٍ واحد ؟
ورأت الصحيفة البريطانية؛ أنه وبينما كان “دونالد ترامب” لا يحظى بشعبية كبيرة في معظم أنحاء العالم بحلول نهاية فترة ولايته كرئيس، إلا أن “إسرائيل” كانت “استثناءً”، فقد تم نقل السفارة الأميركية من “تل أبيب” إلى “القدس”؛ واعترف “ترامب” بها: “كعاصمة لإسرائيل”، وهو ما لم تفعله معظم الدول.
كما تفاوضت إدارة “ترامب” على صفقات لتطبيع العلاقات بين “إسرائيل” والعديد من الدول العربية؛ وتوصلت أيضًا إلى مقترح للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين؛ والذي سمح لـ”إسرائيل” بضم حوالي: 30% من “الضفة الغربية” المحتلة.
وتضمنت خطة “ترامب”: “رؤية لدولة فلسطينية؛ تتكون من عدة جيوب محاطة بالأراضي الإسرائيلية، والتي تحمل تشابهًا كبيرًا مع مقترحات اليمين الإسرائيلي التي وُصفت بأنها تكرار لنظام الفصل العنصري لذوي البشرة السوداء في جنوب إفريقيا”.
وأشارت (الغارديان) إلى تصريحات وزير خارجية “ترامب”؛ “ريكس تيلرسون”، التي أشار فيها إلى أن “نتانياهو” قد يكون العقبة الحقيقية أمام السلام مع الفلسطينيين؛ وبعدها أنتج “نتانياهو” مقطع فيديو مفبركًا للرئيس الفلسطيني؛ “محمود عباس”، يدعو فيه إلى قتل الأطفال، بعدها تأرجح موقف “ترامب” ضد الفلسطينيين.