يعتبر الذكاء الاصطناعي من أبرز التطورات التكنولوجية في القرن الحادي والعشرين, و يقصد به استخدام الحواسيب والآلات في تنفيذ مهام تعتبر مماثلة للذكاء البشري، مثل التعلم والتفكير واتخاذ القرارات, و يعتبر الذكاء الاصطناعي تحديًا وفرصة جديدة في نفس الوقت.
وتغزو هذه التكنولوجيا الناشئة أماكن العمل بقوة مذهلة، منطلقة بسرعة كبيرة , سوف تنتشر هذه التكنولوجيا لتعمّ مختلف جوانب الاقتصاد، مخلفةً وراءها فائزين وخاسرين, وستمنح الفائزين حافزاً قوياً لإحراز قصب السبق بأسرع مما كنا نتوقع, وخاسرين يشترون منتجاتهم بأسعار غير متوقعة.
لذا فمن المهم عرض الفوائد والأضرار المحتملة لهذا التقدم التكنولوجي, ولو بشكل مختصر من أجل المعرفة العامة.
بداية، يمكننا النظر في الفوائد العديدة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي.. ومنها :-
1 – تتميز هذا التقنية بالقدرة على تحليل كميات هائلة من البيانات بشكل سريع وفعال، مما يساعد في تحقيق تفوق غير عادي في أداء المهام.
2– بفضل خوارزميات الذكاء الاصطناعي، يمكن للآلات تنفيذ المهام مثل توقع النتائج المحتملة وتحليل السلوك البشري.. على سبيل المثال، يستخدم الذكاء الاصطناعي في تطبيقات الأمن لتحليل سلوك المستخدم وكشف الاحتيال.
3– القضاء على الأعمال الورقية : في سابقة هي الأولى من نوعها في العالم، أظهر الذكاء الاصطناعي القدرة على التفاوض على عقد بشكل مستقل مع ذكاء اصطناعي آخر دون أي تدخل بشري…أذ عرضت شركة (Luminance) البريطانية برنامج الذكاء الاصطناعي الخاص بها، والذي يسمى (Autopilot)، حيث تفاوض الذكاء الاصطناعي على اتفاقية متفق عليها في غضون دقائق.
وكان الأمر الوحيد الذي لا يزال يتطلب إنساناً هو توقيع الاتفاقية.
وقال رئيس الموظفين والمدير الإداري للشركة، (غايغر غلوسينا)، إن الذكاء الاصطناعي الجديد للشركة يهدف إلى القضاء على الكثير من الأعمال الورقية التي يحتاج المحامون عادة إلى إكمالها على أساس يومي.
4– رصد الجبال الجليدية : يلجأ العلماء إلى الذكاء الاصطناعي لرصد الجبال الجليدية العملاقة بسرعة في صور الأقمار الصناعية بهدف مراقبة انكماشها بمرور الوقت.
وعلى عكس النهج التقليدي لتتبع الجبال الجليدية، الذي يستغرق من الإنسان بضع دقائق لرسم مخطط واحد فقط من هذه الهياكل، أنجز الذكاء الاصطناعي نفس المهمة في أقل من .,01 ثانية، وهو معدل أسرع بـ 10 الأف مرة من البشر.
5– ويمكن استخدامه أيضاً في قطاعات أخرى مثل الطب والسيارات المجهزة بالقيادة الذاتية…. الخ.
|
فقد توصلت دراسة حديثة أجراها باحثون بريطانيون من (جامعة أكسفورد) ، إلى إمكانية التنبؤ بما إذا كان شخص ما معرضاً لخطر الإصابة بنوبة قلبية قبل عشر سنوات من حدوثها، وذلك برصد أي انسداد أو ضيق في الشرايين من خلال الأشعة المقطعية المدعومة بأداة الذكاء الاصطناعي. |
ومع ذلك، توجد أيضًا بعض الأضرار المحتملة للذكاء الاصطناعي.. منها :-
أذ أعلنت (شركة جوجل) أنها رفعت دعوى قضائية ضد مجموعة من المحتالين في فيتنام الذين يحاولون الاستفادة من الضجة المحيطة بالذكاء الاصطناعي التوليدي لخداع الأشخاص لتنزيل برامج ضارة، من خلال تشجيعهم على “تنزيل” بوت “بارد” مزيف.
ولكن يبقى الذكاء الاصطناعي هو إحدى التكنولوجيات الحديثة التي تثير اهتمام العديد من الباحثين والمهتمين بتطور التكنولوجيا, وعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يحظى بشهرة كبيرة في البلدان المتقدمة والصناعية، إلا أن له أيضًا فوائد هائلة للمجتمعات النامية.
حيث تعد البلدان النامية من البلدان التي تعاني من العديد من التحديات الاجتماعية والاقتصادية، والتي يمكن أن يساعد في تجاوزها بالذكاء الاصطناعي.
إليكم بعض الفوائد المهمة للذكاء الاصطناعي للمجتمعات النامية :–
1.تحسين القرارات الاقتصادية: يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الاقتصادية وتوفير توقعات دقيقة للسوق. يمكن استخدام هذه المعلومات لتوجيه الاستثمارات وتحسين عمليات التخطيط الاقتصادي، مما يزيد من فرص نمو الاقتصاد وتعزيز استقرار البلدان النامية.
2.تحسين الرعاية الصحية : يعد الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي أداة قوية في مجال الرعاية الصحية. يمكن استخدامه لتحليل البيانات الطبية وتشخيص الأمراض بدقة عالية وتوفير علاج فعال. يمكن أن يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية إلى تحسين جودة الخدمات الصحية وتوفيرها للجميع، بما في ذلك الطب التوقعيوالوقاية من الأمراض.
3.تعزيز التعليم: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير أدوات تعليمية فعالة ومبتكرة. يمكن للتعلم الآلي أن يقوم بتحليل قدرات الطلاب والتكيف مع احتياجاتهم الفردية، مما يحسن نتائج الطلاب ويعزز عملية التعلم. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أيضًا استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير منصات تعليمية عبر الإنترنت تساعد في توفير التعليم للأفراد في المناطق النائية أو التي تفتقر إلى الموارد التعليمية المناسبة.
4.تعزيز الزراعة الذكية: يعد الذكاء الصناعي أحد التطورات التكنولوجية الهامة في العصر الحديث، حيث يعزز قدرة الآلات على معالجة البيانات واتخاذ القرارات بطريقة ذكية، مما يسهم في تحسين العديد من القطاعات، بما في ذلك الزراعة ومعالجة شح المياه.
من المعروف للجميع أن الزراعة التقليدية تعاني من العديد من التحديات، بما في ذلك استخدام غير فعال للموارد وتبذير المياه.. ومن أجل التغلب على هذه التحديات وتحسين إنتاجية الزراعة، تم تطوير الزراعة الذكية.
أذ تعتمد الزراعة الذكية على استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لزيادة إنتاجية المزارع وتحسين كفاءة استخدام الموارد.
وأحد الجوانب الرئيسية للزراعة الذكية هو استخدام الاستشعار عن بُعد وتحليل البيانات الجغرافية لمراقبة المزارع وتحديد احتياجاتها المائية والغذائية.
على سبيل المثال، يمكن استخدام الأقمار الاصطناعية لتحديد نمط النمو النباتي، والعوامل المؤثرة على النباتات مثل درجة الحرارةوالرطوبة ونسبة الغازات في الجو, و بناءً على هذه المعلومات، يمكن للمزارعين اتخاذ القرارات المناسبة بشأن توقيت المروي، وكمية المياه المستخدمة، ومغذيات الأراضي المطلوبة.
بالإضافة إلى الاستشعار عن بعد، يمكن استخدام الروبوتات والمراوح المائية وغيرها من التقنيات لتوفير المياه بطريقة فعالة ومحدودة الهدر.
كما يمكن للروبوتات أن تصل إلى المناطق الصعبة الوصول أو الأراضي الوعرة التي يصعب الوصول إليها بواسطة البشر، وتحديد احتياجات الماء لكل نبات بشكل دقيق, وهذا سوف يعزز استخدام المياه بشكل فعال ويقلل من التبذير.
بالإضافة إلى تحسين كفاءة استخدام المياه، يمكن للذكاء الاصطناعي أيضًا أن يساعد في تحسين إنتاجية المحاصيل ومكافحة الآفات,باستخدام الحوسبة السحابية وتحليل البيانات الضخمة.
5– منذ تأسيس (شركة مايكروسوفت) وهي } شركة متعددةالجنسيات تعمل في مجال تقنيات الحاسوب، يبلغ عائدها لسنة / 2016 أكثر من 85 مليار دولار، ويعمل بها 114 الف موظف ,وهي أكبر مصنع للبرمجيات في العالم , تطوّر وتصنِّع وترخِّص مدى واسعا من البرمجيات للأجهزة الحاسوبيّة{.
بدأ مؤسسها (بيل غيتس ) في تغيير طريقة استخدامنا للحواسيب , ومن خلال شغفه الدائم بالبرمجة، لم يتوقف تطوره وابتكاره, واليوم، تأتي ثورة – الذكاء الاصطناعي – لتعيد تشكيل طريقة استخدامنا للحواسيب والهواتف الذكية في المستقبل القريب جداً.
وعلى الرغم من التقدم الهائل الذي حققته البرمجيات تلك ، إلا أنها لم تكن قادرة على أداء المهام بذكاء كامل ، دون الحاجة إلى توجيهها بشكل دقيق من قبلنا , كما كانت غير قادرة على فهم أعمالنا وحياتنا الشخصية واهتماماتنا وعلاقاتنا، وتنفيذ المهام تلقائياً.
ولكن اليوم، وبفضل التطورات الكبيرة في مجال – الذكاء الاصطناعي – ، أصبح بإمكاننا استخدام تطبيق واحد يقوم بتنفيذ جميع المهام المختلفة, وأصبح بإمكاننا التفاعل مع الأجهزة بلغاتنا العامية وإخبارها بما يجب عليها فعله, وبفهمها للمعلومات الشخصية التي نقدمها، يمكنها الاستجابة بشكل ملائم وفعال لاحتياجاتنا.
في النهاية، يمكننا القول إن – الذكاء الاصطناعي – سيغير طريقة استخدامنا للحواسيب بشكل جذري. سيحدث تحول في كيفية تعاملنا مع التكنولوجيا، حيث ستصبح الأجهزة أكثر ذكاءً وفهمًا لمتطلباتنا الشخصية, وستصبح قادرة على تنفيذ المهام بشكل تلقائي وفعال، مما سيوفر لنا الوقت والجهد ويحسن تجربتنا الاستخدامية.
وأخيراً : احدى النكات المشهورة عن الذكاء الاصطناعي هي الآتي :
“سأل رجل آخر: ما هو رأيك في الذكاء الاصطناعي؟
فأجابه الرجل: لا أدري، فالذكاء الاصطناعي ليس لديه رأي حتى الآن!”
تعكس هذه النكتة بشكل فكاهي الارتباك الذي يشعر به البعض تجاه الذكاء الاصطناعي والتصاقه الجوهري بحياة الناس.