اورد الاستاذ عبود الشالجي في كتابه ( موسوعة الكنايات العامية البغدادية) الحكاية التالية، بصدد قولهم من باب الكناية: انكسرت ركبته، فقال: وممن انكسرت رقبته وفقا لهذه الكناية، صديق لي اسمه ( نعوم. ع) ، كان في سنة 1941 وكيلا لمدير كمرك البصرة، ولما احتلت القوات البريطانية البصرة، غادرها صاحبنا الى الناصرية، وابرق الى السلطات الكمركية ببغداد البرقية التالية:
( لاحتلال البصرة غادرتها ووصلت الناصرية، انتظر اوامركم، يحيا الوطن)
وبعد انتهاء حركة مايس 1941، وعودة الامير عبد الاله الوصي على عرش العراق الى بغداد، فصل صاحبنا من وظيفته، ولقيته بعد فصله، فقص عليّ قصة البرقية ، وقال لي: ماكسر ركبتي الا (يحيا الوطن) هذه، والا فان بقية البرقية مابها مايستوجب الفصل. حتى نحن الآن قد كسرت رقبتنا جملة يحيا الوطن، في مامضى كانت الاحزاب تتنازع على تحرير فلسطين، وتلاحظ اهدافها دائما فلسطين عربية، فلتسقط الصهيونية، حاليا اتضحت الامور اكثر، واصبح الفلسطينيون يعيشون في اسرائيل احسن من اية دولة عربية، لم نشاهد اسرائيليا ذبح طفلا فلسطينيا، ولم نشاهد جنودا اسرائيليين قد استبدلوا كرة القدم برأس بشري، وعلى هذا الاساس تنازل الثوريون عن هدف تحرير فلسطين وفق المنطق الذي يعيشه الفلسطينيون في اسرائيل او في اراضيهم.
يحيا الوطن يحيا الوطن، المرشحون يقولون يحيا الوطن، والنواب الذين لم يصادقوا على قوت الشعب برئيسهم النجيفي، يهتفون يحيا الوطن، وفي عام 1990 كنت في زيارة صديقي التاجر في بناية الامن الاقتصادي في شارع السعدون، وفي شهر العاشر تحديدا، عندما جمعت اميركا 33 دولة، لتحرير الكويت، فهاج السجناء وماجوا، وصرخ احدهم احنه الها، فجاء الشرطي وقال له: اول مرة لاتستغلون الناس وعود بعدين قاتلوا اسكت لتحجي ولاتهوس، وهذا ماينطبق على لصوص العراق، فانهم في كل حين يصرخون يحيا الوطن، وهم يذبحون الوطن ويسرقون الوطن، لكن مايحز بنفوسنا ان هذا الوطن كان على لسان الجميع، ولو سألنا سؤالا: من اكثر ثورية وثوريين في العالم، اجزم قاطعا انه العراق، لكننا في كل وقت نقول يحيا الوطن، والوطن ميتا، فمتى سيحيا لا ادري، هل يحيا بالشعارات، ام يحيا بالشعر والاناشيد، في حين تجد ان البطالة المقنعة والمرتبات الضخمة تكسر ظهر هذا الوطن، ولو اردنا العد للبطّالة، لرأينا العجب العجاب، كم شيخ معمم وكم شيخ يضع غترة بيضاء، وكم مسجد في العراق يسكنه امام ، وكم سيد، وكم شاعر، وكم وكم وكم، وجميع هؤلاء يتقاضون مرتبات، ويصرخون يحيا الوطن، يحيا وانتم تأكلون جذوره كالنمل، وهذا لعمري ماكسر رقبة الوطن، والخلاصة نتمنى على المرشحين الجدد للانتخابات ان يبتعدوا عن يحيا الوطن، لقد سئمنا ونريد برامج اقتصادية حقيقية، لا ان يخرج المرشح على شاشات الفضائيات، ويبدأ بالانشاء الذي سيوصله الى قلوب الناس، على كل كتلة ان تضع برنامجها السياسي والاقتصادي، وعلى الطائفيين ان يصرحوا بذلك، كي يعرف الشعب مايريد ومالايريد، يكفينا شعارات، مع العلم ان الناس متضايقون جدا من المرشحين، وهم يتذمرون حين يروا لافتة على جانب الطريق، ومن الواضح ان كل اربع سنوات سيزيد حقد الناس على من يرشح للانتخابات، فبحسب استنتاجاتهم، انهم يرشحون، لسبب او سببين، للمرتب الفخم، وللوجاهة، والابهة، واللصوصية، وقضية خادم كاذبة كما في حالة خادم الحرمين.