بعد اجتماعه بـ 12 قيادة منهم في بغداد .. لماذا فشل “السوداني” في تهدئة الفصائل المسلحة بالعراق ؟

بعد اجتماعه بـ 12 قيادة منهم في بغداد .. لماذا فشل “السوداني” في تهدئة الفصائل المسلحة بالعراق ؟

وكالات – كتابات:

كشفت وكالة (رويترز) للأنباء؛ تفاصيل اجتماع رئيس الوزراء العراقي؛ “محمد شيّاع السوداني”، ونحو: 10 من كبار أعضاء حكومته مع قادة حوالي اثنتي عشرة جماعة مسّلحة في العاصمة؛ “بغداد”، يوم 23 تشرين أول/أكتوبر 2023، لوقف هجماتها على القوات الأميركية.

وذكرت الوكالة في تقريرٍ لها؛ أن: “طائرة بدون طيار، أطلقتها جماعات مسّلحة في قاعدة (أربيل) الجوية قبل شروق الشمس يوم 26 تشرين أول/أكتوبر، اخترقت الدفاعات الجوية الأميركية وتحطمت في الطابق الثاني من الثكنات التي تضم القوات الأميركية؛ في حوالي الساعة الخامسة صباحًا، وفقًا لمسؤولين أميركيين”.

أميركا “محظوظة” !

وقال المسؤولون؛ الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم للتحدث بحرية عن الهجوم، إن العبوة الناسفة لم تنفجر، وفي النهاية أصيب جندي واحد فقط بارتجاج في المخ نتيجة للاصطدام. وأضافوا أن “الولايات المتحدة” كانت محظوظة، لأن الطائرة بدون طيار كان من الممكن أن تسبب مذبحة لو انفجرت.

وكان هذا الحادث من بين ما لا يقل عن: 40 هجومًا منفصلاً بطائرات بدون طيار وصواريخ أطلقتها الجماعات المسّلحة في “العراق” و”سورية” على القوات الأميركية؛ على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية، ردًا على الدعم الأميركي لـ”إسرائيل” في حرب “غزة”، وفقًا لبيانات (البنتاغون) والمسؤولين الأميركيين.

 

ولم يتسبب القصف سوى في بضع عشرات من الإصابات الطفيفة حتى الآن، حيث اعترضت الدفاعات الجوية الأميركية العديد من الصواريخ والطائرات بدون طيار الهجومية في اتجاه واحد في “العراق” و”سورية”، حيث يتمركز إجمالي: 3400 جندي أميركي.

“مصدر قلق واقعي للغاية”..

وحذر “ديفيد شينكر”؛ مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق في معهد (واشنطن) لسياسة الشرق الأدنى، من أنه في حين لا يبدو أن “إيران” والجماعات المتحالفة معها ولا “الولايات المتحدة” ترغب في مواجهة مباشرة، إلا أن المخاطر تتزايد.

وقال إن احتمال توجيه ضربة كبيرة تجر “أميركا” إلى صراع هو: “مصدر قلق واقعي للغاية”.

وقال عن الجماعات العراقية والسورية: “أعتقد أنهم يقومون بمعايرة الهجمات لمضايقة القوات الأميركية بدلاً من قتلها بشكلٍ جماعي”. “ولكن هناك الكثير الذي يمكنهم القيام به”.

وتوجه وزير الخارجية الأميركي؛ “آنتوني بلينكن”، يوم الأحد، إلى “العراق” – حيث وقعت معظم الهجمات على القوات الأميركية – لدفع رئيس الوزراء العراقي؛ “محمد شيّاع السوداني”، إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد الجماعات المسّلحة العاملة هناك وتجنب أي تصعيد.

“السوداني” يفشل في تهدئة قادة الفصائل..

ومع ذلك؛ لم يُحالفه الحظ “السوداني” في إقناع الجماعات المسّلحة بوقف هجومها، أو إقناع مموليها في “إيران” بكبح جُماحها، وفقًا لخمسة من كبار المشّرعين في الائتلاف الحاكم لـ”السوداني”، ومستشار أمني لرئيس الوزراء وقائد جماعة مسّلحة.

وقال الأشخاص السبعة؛ الذين كانوا حاضرين، إن رئيس الوزراء ونحو: 10 من كبار أعضاء حكومته التقوا مع قادة حوالي اثنتي عشرة جماعة مسّلحة في “بغداد”، يوم 23 تشرين أول/أكتوبر 2023، للضغط على الجماعات لوقف هجماتها على القوات الأميركية.

وأضافوا أن النداء لم يلق آذانًا صاغية إلى حدٍ كبير، حيث تعهد معظم القادة بمواصلة هجومهم حتى تُنهي القوات الإسرائيلية حصارها وقصفها لـ”قطاع غزة”، وفقًا لتقرير (رويترز).

وقال “علي التركي”؛ النائب الشيعي: “لا يمكن لأحد – لا رئيس الوزراء أو أي شخص آخر – أن يقف ضد واجبنا الديني”.

وقال “عارف الحمامي”؛ وهو نائب شيعي آخر، إن آفاق الدبلوماسية تبدو قاتمة: “لا أعتقد أن رئيس الوزراء لديه القدرة على وقف الهجمات؛ ما دامت إسرائيل ترتكب فظائع في غزة بمساعدة أميركية”.

ولم تستجب الحكومتان العراقية والإيرانية على الفور لطلبات التعليق على هجمات الجماعات المسّلحة وخطر التصعيد.

نداء الزعيم العراقي لـ”إيران”..

ويتمتع رئيس الوزراء العراقي؛ بسّيطرة محدودة على الجماعات المسّلحة التي كان يحتاج إلى دعمها للفوز بالسلطة قبل عام وتُشكل الآن كتلة قوية في ائتلافه الحاكم. وتحصل الجماعات المتشّددة؛ التي انتشرت في “العراق” في أعقاب الغزو الذي قادته “الولايات المتحدة” عام 2003 والذي أطاح بـ”صدام حسين” وحكومته السُنية، على تدريب وتمويل من “إيران” الشيعية.

بالنسبة لـ”السوداني”؛ كان الأمر مجرد حالة من الدبلوماسية المكوكية، بحسّب (رويترز).

وبعد ساعات من لقائه؛ “بلينكن”، يوم الأحد، توجه رئيس الوزراء إلى “طهران” لمناشدة المرشد الأعلى؛ آية الله “علي خامنئي”، ومسؤولين إيرانيين آخرين بشكلٍ مباشر للمساعدة، وفقًا لسياسي عراقي كبير مقرب من رئيس الوزراء تم اطلاعه على الزيارة.

وقال السياسي إن “السوداني” طلب من المسؤولين الإيرانيين الضغط على الجماعات المسّلحة لوقف هجماتها على القوات الأميركية في “العراق”، خوفًا من أن بلاده غير المسّتقرة سياسيًا واقتصاديًا لن تتحمل تصعيدًا من شأنه أن يدفع الأميركيين إلى الرد على المسّلحين.

وأضاف السياسي أن المسؤولين أبلغوه أن الجماعات المسّلحة في “العراق” اتخذت قراراتها بنفسها؛ وأن “طهران” لن تتدخل في الوضع هناك.

وندّدت “إيران” بالهجوم الإسرائيلي الانتقامي على “غزة”، ووصفته بأنه “إبادة جماعية”، وحذرت من أنه إذا لم يتم وقفه فإن “الولايات المتحدة”: “لن تنجو من هذه النار”. وفي الوقت نفسه، حذرت حركة (حزب الله) في “لبنان” – وهي المجموعة التي تقول مصادر إنها حصلت على صواريخ روسية قوية مضادة للسفن – “واشنطن” من أنها ستدفع ثمنًا باهظًا في حرب إقليمية.

“يضحكون علينا في طهران” !

يواجه “بايدن” معضلاته الخاصة؛ حيث يتلقى دفقًا مستمرًا من التقارير حول الأعمال العدائية في المنطقة. ويقول مسؤولون عسكريون أميركيون إنه من بين الهجمات خارج “العراق” و”سورية” في الأسابيع الأخيرة، أطلق المقاتلون “الحوثيون”؛ المتحالفون مع “إيران”: 15 طائرة بدون طيار وأربعة صواريخ (كروز) قبالة سواحل “اليمن” أسقطتها مدمرة تابعة للبحرية الأميركية وطاقمها من مئات البحارة.

اندلعت الأزمة الحالية بعد سنوات من الانسّحاب المستمر للأصول العسكرية الأميركية من الشرق الأوسط، بما في ذلك الدفاعات الجوية، حيث تسّعى “واشنطن” إلى التركيز على العملية الروسية العسكرية في “أوكرانيا” وتصاعد التوترات مع “الصين”.

وتسّارعت عملية إعادة التركيز هذه بعد انسّحاب “بايدن” الكامل من “أفغانستان”؛ واستيلاء (طالبان) على السلطة هناك قبل عامين.

كان رد “بايدن” حذرًا حتى الآن؛ وأمر بضربات ليلية على منشأتين لتخزين الأسلحة مرتبطتين بـ”إيران” في “سورية”؛ الشهر الماضي، عندما كانتا خاليتين، لكنه لم يأمر بأي ضربات في “العراق”.

وأعقب “بايدن”؛ يوم الأربعاء، ضربة مماثلة في “سورية” وحذر وزير الدفاع الأميركي؛ “لويد أوستن”: “نُحث على عدم أي تصعيد”.

وحذر “بايدن”؛ الجماعات المدعومة من “إيران” في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك حركة (حزب الله) الكبيرة في “لبنان”، من توسّيع الصراع، لكنه ومسؤولون آخرون رفضوا الإفصاح بوضوح عما سيفعلونه ردًا على ذلك.

وتأمل “الولايات المتحدة” أن يؤدي العرض العسكري للقوة إلى ردع أي هجوم خطير، وقد نشرت مجموعتين من حاملات الطائرات واتخذت خطوة نادرة خلال عطلة نهاية الأسبوع؛ بالإعلان عن تحرك غواصة من طراز (أوهايو) إلى المنطقة.

وإلى جانب إرسال دفاعات جوية مثل نظام (باتريوت) ونظام الارتفاعات العالية، يتخذ الجيش الأميركي أيضًا خطوات إضافية لحماية عشرات الآلاف من قواته في المنطقة، وفقًا للمسؤولين.

وأضافوا أن الإجراءات تشمل تعزيز الأمن في القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة من خلال زيادة الدوريات وتقييّد الوصول وتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية.

ولم تكن استجابة “بايدن”، الديمقراطي، للأزمة قوية بما يكفي بالنسّبة للعديد من منتقديه، بما في ذلك الجمهوريون في “الكونغرس”.

وقال السيناتور الجمهوري؛ “توم كوتون”، عضو لجنة القوات المسلحة بـ”مجلس الشيوخ”: “إنهم يسخرون منا في طهران”. وأضاف أن: “إيران ستواصل استهداف الأميركيين حتى يُصبح الرئيس؛ بايدن، جديًا بشأن فرض تكاليف باهظة على إيران”.

وفي جلسة استماع مع “أوستن”؛ في 31 تشرين أول/أكتوبر، تساءل السيناتور الجمهوري؛ “ليندسي جراهام”، مرارًا وتكرارًا عما إذا كان مقتل أفراد الخدمة الأميركية سيؤدي إلى رد فعل مباشر ضد “إيران”. واعترض “أوستن” واكتفى بالقول إنه ينبغي محاسّبة “إيران”.

“أتمنى أن تكون أكثر وضوحاً، لأنه إذا قُتل أحد هؤلاء الجنود…”؛ قال “جراهام”، متوقفًا للتأثير.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة