جميل جداً تنامي ثقافة البرامج الإنتخابية وتمثيل الشعب بالخدمة، تكون إرادة المواطن مصدر للسلطة مانعة تمدد الساسة، حينما يتمادى بعضهم بواجباتهم، واعتبار العمل من مبدأ العقاب والثواب، والخدمة العامة وسيلة للتنمية وليس الكسب؛ وهنا الإنجازات معيار الفوز بقلب الناخب، تثبت أن صوته تعبير يدور في اروقة السياسة عن تطلعاته.
النجاح مرة اخرى بعد تسلق مرحلة غفلة المواطن، يحتاج الى واقع ملموس وأطروحات جوهرية مشروعية، رامية لإنجاح عملية سياسية خادمة المجتمع.
منذ فترة ظلّ التسقيط الأسلوب الأسهل، هتافات وتلاعب بعواطف المواطن، وارتداء ثوب الوطنية غطاء المطامع الأنانية لكساء العيوب؛ طُول اللسان والعنتريات والزهق والنهيق، ومباريات على منابر الخطابة، يشتري الأقلام والإعلام دلالين ودلالات؛ عدادات نواحات، لا يسكب المواطن سوى الكدر وسوء الطالع، كإنماء يتلاطمون على مأتم شعب مفجوع، يقتلوه ويمشون في جنازته.
العصبية وتعالي الصوت منعكس كوامن حشرجات وانفعالات نفسية، كامدة تزفر بشكل غير منتظم مليئة بالأخطاء، تعبر عن فقدان الصواب والعمى، وحمى مرضية نفسية ذات دوافع تختلف عن ظاهرها.
داء العظمة وحب الالتصاق بالكرسي، من أخطر الأمراض النفسية، يأطرها الظهور للدفاع عن شرف المواطنة السليب، نتيجة انعكاسات الأفعال السيكولوجية، تنفعل وتتفاعل أكثر بالاحتكاك والتقرب الى دهاليزها ومسالكها، وكلما اقتربت ساعات جدية تقسيم الأدوار، ومغانم شعب نائم على أنغام (الكَـوّالات) وشجون صوت الناعي بالويلات.
أصوات لم تعد تدخل مسامع شعب يستيقظ على أصوات الانفجارات، تغرقه الأمطار ولا يصدق الوعد معه في الكهرباء، ولا امام شبابه فرصة للعمل سوى: التطوع للجيش او التكسي او التسكع على مساطر العمل يتنظر الموت، ولا تأتي القرارات الى قبيل الانتخابات، ما عاد يؤمن بالشعارات والمحابس وبعض المحاكات.
يبدو من التجارب حملة دائمة للتجهيل، تستخدم الرمزية والقوة والطائفية، تجعل المواطن في دوامة التناقضات ويسير مغمض العينين الى صندوق الاقتراع، لا يعرف الاّ للقائمة والرقم واحد، وهذا ما يضمن وصول المرشح له دون عناء وعمل جاد مسبق، وخداع دبلوماسي يسرق فرصة التغيير.
تركيز الصراع على الرقم الأول في القائمة، يكشف نوايا صراع خفي حول غنيمة السلطة ومكاسب غير مشروعة، وسلوك وسائل ملتوية.
انتهت الشعارات الرنانة والدفاع المستقتل باسم المباديء، وبدأت الخلافات تطفو على السطح، تكشف كم غير شرعي للمكاسب، واستخدام السلطة مرتع بأموال المواطن. يبدو أن ما كان يقال وتلك البطولات، تذوب بسرعة على محك مغانم الرقم الأول في القائمة الإنتخابية، وإن الوطن يسرق بقناع مكتوب عليه: من الخارج وطن، ومن الداخل للبيع.