في البداية أقول هل إستفاد العرب من تاريخهم الطويل الحافل بالحروب والمعارك الطاحنة والإحتلال بين الهزيمة والإنتصار والهدنة والغزو الأجنبي من الإسكندر المقدوني مروراً بالمغول الى الاستعمار والحربين العالميتين وحرب ( 1948م ) وحرب ( 1956م ) وحرب ( 1973 ) والحرب العراقية الإيرانية التي بدأت سنة ( 1980م ) وإنتهت ( 1988م ) وحتى الحرب اللبنانية ( 1975ــ 1990 ) والاجتياح الإسرائيلي للبنان ( 1982) وحتى ما سمي بالربيع العربي وجرائم الدواعش المرعبة وحرب اليمن وما نجم عنها من مذابح وهزائم وإنتصارات وضحايا ومشردين وأيتام وثكالى وتحريف للتاريخ .
التاريخ الذي يجب ان يكون حقيقياً ودون أية اكاذيب تظلل الرأي العام وتجعله في حالة يرثى لها ، فالإنتصارات الوهمية والمبالغ فيها لا يمكن ان تكون معياراً حقيقياً لوضع الأسس الصحيحة لها مستقبلاً ما لم تكن تعكس الواقع الملموس وتحلل الأسباب بعيدة عن الغايات والمبررات والاهواء ، إن كانت في مصلحة العرب أم في مصلحة غيرهم .
على العرب أن يكونوا واقعيين في الطرح لا أن يغمضوا أعينهم في سبيل تبرير الفشل والهزيمة ، وهنا اقول الهزيمة لا تعطي معنى محصور في المعارك بل هي معيار لما وصل اليه العرب اليوم من حالة من الإحباط واللامبالاة تجاه ما يحدث في عالمنا العربي .
الهزيمة هي ان العرب في خطاباتهم المتكررة يستخدمون الكلمات في غير محلها والشعارات لا تؤثر في الاحداث بل تجعل العرب في حالة من التوهان ولا يمكن وضع الحلول لما يحدث ولما سوف يحدث والدليل هي الصدمات التي يتلقاها العرب بين الفترة والاخرى وآخرها الحرب الاخيرة والدمار الذي لحق بالفلسطينيين .
آلاف القتلى من اطفال ونساء وشيوخ وتدمير للبنى التحتية وحتى قتل أحلام الإنسان العربي وما تتبع هذه الاحداث من معاناة قد تدوم لعشرات السنين لنسيانها دون جدوى وقد تتكرر نفس المعاناة مالم يكون هنالك من العرب من يعي ماحدث وما سيحدث ووضع حدٍ للمعاناة المستمرة .
لقد ترك العرب المأساة والقتل والتدمير اليومي وتمسكوا بالدور الايراني في القضية التي بدأت منذ ( 1948م ) وإيران الشيعية وتصدير الثورة ( هذا ما يذكره الاعلام العربي والعالمي ) لم يكن في كل الحروب التي خاضها العرب ضد الكيان الصهيوني من ( 1948 إلى 1973 )، هذا الطرح يريده الغرب لتحويل الأنظار الى ايران وتمويع القضية الفلسطينية وإظهارها على ان البعبع الشيعي هو سبب كل هذه الاحداث ، هذا البعبع الذي يقول السياسيين والمحللين الغربيين وحتى المحللين العرب ، يساعد الشعب الفلسطيني السني ولا ننسى ايران الشيعية ساعدت ارمينيا المسيحية ، هذا الطرح الغريب وما يبنى عليه من مغالطات لا يمكن ان يضع حداً لهذه الحرب الأخيرة ولا حتى للحروب القادمة إن كانت هنالك حروب مستقبلية .
هذا هو التاريخ للتذكير فقط وعلى العرب أن يعوا مدى خطورة الوضع في المنطقة وهنا سأذكر شعار قاله بن غوريون وكيف يفكر قادة الكيان الصهيوني ومدى قوة التفكير والوعي والدراسة الكافية والممارسات اليومية لتحقيق الاهداف التي وضعوها وبكل هدوء وتاني وبعيداً عن الضوضاء والشعارات الرنانة والاناشيد الوطنية ، هذا الشعار ( بالدم والنار سقطت اليهودية وبألدم والنار تعود من جديد ) اليس هذا قرار من الصهيونية العالمية بان الحرب هي الوسيلة الوحيدة لإنشاء الدولة ، فهل من المعقول أن يكون شعار العرب بأغصان الزيتون قادمون ؟
وعندما تم طرح سؤال على بن غوريون اين حدود إسرائيل قال وبالحرف الواحد :
حدود إسرائيل تكون حيث يقف جنودها .
أما هدف الصهيونية عندما تحدث بن غوريون عنها قال :
دولة إسرائيل هي مجرد مرحلة على طريق الحركة الصهيونية الكبرى التي تسعى الى تحقيق ذاتها ، بحيث لا تشكل هذه الدولة هدفاً في حد ذاته بل وسيلة الى غاية نهائية ، ومن ثم فهي ليست تجسيداً كافياً للرؤية الصهيونية الأصيلة .
هذا يعني إن اسرائيل هي البداية لمشروع كبير ينفذوه بتأني ودون التسرع في الاقدام على ما يضر مصالحهم وما يسعون اليه .
فأين العرب من كل ذلك ؟
وإلى متى يبقى العرب ينتظرون الضربات تلو الضربات ؟
وهل سيأخذ العرب العبر من كل ما حدث ويحدث ؟وهل سيقرأ العرب التاريخ هذه المرة ام سيبقى الحال كما هو عليه .
بقلم
جلال باقر