لو فرضنا جدلا عودة الخلافة الأسلامية ، التي كانت سائدة في بواكير الدعوة الأسلامية ، وطبقت في دولة عربية مثلا ، ماذا كنا سنرى من التغييرات التي ستحدث مجتمعيا وثقافيا و .. ! . هذا مقال أفتراضي ، وسأختمه بقراءة عقلانية .
أولا – فيما يلي بعضا من التحويلات والمظاهر .. التي تعتبر طفرات ماضوية ستتميز بها دولة الأسلام والخلافة : * عامة سيرتدي ” الرجال ” الدشاديش – ومنهم سيرتدي الزي الأفغاني ، وستعتمر الرؤوس بعمائم ، مختلفة الألوان / سوداء وبيضاء ، ولكنها عموما ستكون بيضاء للعامة . محلات الحلاقة ستغلق ، واللحى ستطول ، أما الشوارب فستحف . البناطير الرجالية والأحزمة ، ستلغى مع الجاكيتات ، وسيحل مكانها سراويل السنة المربطة بحبل .
* أما ” النساء ” ، فلا نساء سافرات ولا زينة ولا تبرج ولا فساتين ولا أحذية بكعوب عالية ، ولا ” بدي كير ولا مني كير ” ، أي رزق صالونات الكوافير سيذهب الى غير رجعة . وسيرتدي النساء العباءأت السود ، كالليل المقفر ، مع كفوف سوداء ، وبالطبع مع نقاب – أو حجاب لكامل الوجه ، حتى يجعل الناظر ، لا يفرق المراة عن الأخرى …
* أما من الناحية التعليمية ، فكل مؤسسة مختلطة ، تعتبر حرام ! ، حتى رياض الأطفال ، التعليم على الأكثر سيكون للذكور فقط ، أما النساء فمكانهم الدار / غسل وطبخ وتربية الأولاد – والأهم من كل ذلك تلبية أحتياجات الزوج . والكليات ستكون ذو أختصاصات تشريعية أسلامية غالبا ، ومن المؤكد أكاديمية الفنون الجميلة ودور الأزياء ومدارس التمريض.. ستلغى ، وسيكون للطب النبوي مكانة كبيرة ، كالمعالجة ببول البعير وحبة البركة والحجامات والرقى ..
* قضائيا ، لا محاكم ولا قضاة ، فستحل كل القضايا وفق الشريعة الأسلامية ، بدار القضاء ، والأمير سيفتي ، لأنه هو القانون غير المكتوب ، وسيعين مفتيا أسلاميا ، وهذا يعني أن المحامين ، سيذهب دورهم .
* الدور ، ستقتصر على فرشات أرضية ، دون أثاث ، النوم والجلوس .. على الأرض ، وبلا خزانات للملابس ، لا تلفزيون ولا ثلاجة ولا طباخ ، فقط تنور للخبز وأحضار الطعام ..
* الأسلحة / عدة وعتاد – والمدرعات والناقلات الحديثة . ممكن الأبقاء عليها للضرورات العسكرية / الغزو ، كما أن الأبقاء على السيوف والخناجر ، يعتبر أمرا مهما ، لأستخدامهم في القصاص / لعدم وجود أعدام رميا بالرصاص ، فقط نحر ..
ثانيا – التساؤل الأهم كيف سيعزز بيت المال ، أي ما هي مصادر المال الذي سيديم دولة الخلافة ، سأعرض بعضا منها : * الغزو / أي الجهاد ، ومهاجمة سكان الدول المجاورة . وما يرافقها من نهب وسبي وغنائم .. ، وفق النص القرآني ( إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُوا۟ وَجَٰهَدُوا۟ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ أُو۟لَٰٓئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ / 218 سورة البقرة ) . * الجزية من غير المسلمين ، وفق النص القرآني ﴿ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ / 29 سورة التوبة ﴾ .
القراءة : 1 . هذه بعضا من الملامح المجتمعية لحال الخلافة الأسلامية / المشار أليها في أعلاه ، في حال طبقت على دولة في القرن 21 . وهذا كان ما يحصل / بشكل أو بأخر في خلافة داعش في الموصل و بمدن سوريا ، سردت بوجهة نظر أسلامية .
2 . أن الخلافة الأسلامية ، هي ضربا من ضروب القبلية البغيضة ، ليس على غير المسلمين فقط ، بل على المسلمين ، من غير أهل السنة والجماعة / الشيعة .. وحتى على المسلمين السنة أيضا .
3 . الخلافة الأسلامية ، هي نوع من أنواع الأنقضاض الوحشي على المدنية ، لأن الدعوة الأسلامية قضت وأنتهت بموت محمد ، والذين يدعون نشر الأسلام ، عن طريق الخلافة ، هي مجرد مغالطة للتاريخ وللمعتقد ، لأن المبتغى من الخلافة ، هو السيطرة والسلطة ، وما يرافقها من نهب وسلب وقتل ، مع أرجاع المجتمع الى حقبة محمد ، التي لا يقبلها كمنظومة مجتمعية ، كل من له رؤية منفتحة ، في القرن الحالي .
خاتمة : أ – من الذي يقبل بما كان يحدث ويجري ، في حقبة الخلافة الأسلامية ، في عهد محمد ذاته ، أو ما كان يحدث في الموصل و بعض مدن سوريا من قبل داعش . وسأورد مثالا واحدا ، وهو وطأ السبايا ، حيث ورد في موقع / الأسلام سؤال وجواب ( وفي تحفة الأحوذي للمباركفوري: نهى أن توطأ السبايا حتى يضعن ما في بطونهن ـ فيه دليل على أنه يحرم على الرجل أن يطأ الأمة المسبيه إذا كانت حاملا حتى تضع حملها ، وروى أبو داود وأحمد عن أبي سعيد أن النبي قال في سبي أوطاس : لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير حامل حتى تحيض حيضة .. ) .. التساؤل : هل الغازي في تلك الحقبة ، له المعرفة والخبرة ، على أن هذه السبية ، متزوجة / قد حاضت أم لا ، أو هل هي حامل أم لا ، أو هي باكر . الغازي القبلي ، كان كل أمله من جهاده : أن يغزو ويسبي / ويطأ سباياه ، ويغنم وينهب .. وما غير ذلك من أقوال وتأويلات ، هو مجرد ترقيع من قبل فقهاء السلطة . والمرأة / عدا المتزوجات ، في دولة الخلافة الأسلامية ، هن بين ملكات اليمين وبين سبية ، مبتذلة ، تباع وتشترى كالشاة . أو هي مستخدمة لغرض جهاد النكاح / وهذا الجهاد يعتبر من أفظع وأرذل فتاوى الفقهاء .
ب – أن الذين يدعون الى عودة الخلافة الأسلامية ، فأنها ” عودة مؤسسة على الباطل ” ، وذلك لأن المدعون لها ، يسيرون ضد التطور والمدنية والحضارة ، كما أن الخلافة الأسلامية بجهادها ، هي دولة غزو ضد الأخر .. أما قضية نشر الأسلام عن طريق الفتوحات ، فالدين لا ينشر بالسيف – بأحتلال أو غزو البلدان ، بل ينشر بالأيمان .