الظلم الذي يتعرض له الشعب العراقي رهيب للغاية ….
إنه يُظلم حتى من قِبل بعض أبنائه ، فينهالون عليه شتماً وذمّا ، ولا يتركون عائبة ولا شائبة إلاّ وألصقوها به …
انهم ينطلقون من انحدار بعض العراقيين الى مستوى هابط ، فيقيسون عليهم باقي العراقيين ..!!
وهذا المسلك مدان مرفوض بكل المعايير العلمية والأخلاقية والاجتماعية …
اننا نعتقد ان الشعب العراقي تعرّض على يد الدكتاتورية الغاشمة الى عمليات مسخ وتشويه حيث أشاع العفالقة الأوغاد ثقافة رفع التقارير على القريب قبل الغريب ، وجعلت النزعة الدموية أساساً للتقدم في المراتب الحزبية والمناصب الوظيفية، والناس – على ما قيل – :
على دين ملوكهم ..!!
الأمر الذي أسهم الى حد يعيد في إفساد الأخلاق، والاساءة الى الأعراق …
ان العراقي الأصيل ، شهم نبيل ، وكثيراً ما يسطّر ملاحمَ بطولاتٍ انسانية، تكون الدليل العلمي على عمق حسه الاجتماعي، وتقفز به الى مراتب عليا من المناقبية المحمودة .
وقد دفعني الى كتابة هذه السطور، موقفٌ رائع ، شهدته قبل أيام من أحد الأخوة الأعزاء ، ضرب به أروع الأمثلة على الوعي والوفاء والطيبة التي يتسم بها العراقيون، واليك القصة كاملة :
قبل أيام ، كنتُ في بيروت ، وقد زارني ابن عمي الاستاذ السيد جعفر الصدر حفظه الله ، وضمتني واياه مع ثلة من الأحبة جلسة في فندق (لجند) في عين التينة ببيروت .
وهذا الفندق يستثمرٌ من قبل شركة، يرأس مجلس ادارتها الوجيه الحاج حمزة الشمري – حفظه الله – .
وقد أخبرنا السيد جعفر الصدر أنه عازمٌ على إقامة مجلس تأبيني في الذكرى الرابعة والثلاثين لاستشهاد أبيه الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر – رضوان الله عليه – في النجف الاشرف، وفي جامع الطوسي، عصر الاربعاء 9/4/2014 وباسم الأسرة ( آل الصدر ) .
واعلن عن عزمه التوجه الى النجف لهذه الغاية قبل حلول الموعد المذكور.
لقد كان ورد الخبر في سياق حديثه في تلك الجلسة .
وفي اليوم التالي ، فوجئت بعزيزنا الحاج حمزة الشمري يخبرني قائلاً :
لقد أرسلتُ فلانا وفلانا الى العراق ليتوليا مهمة إعداد السيارات التي تنقل الراغبين بالمشاركة في مجلس العزاء الصدري من بغداد الى النجف الأشرف .
وانني أوصيهم بتهيئة (25) سيارة لهذه الغاية .
ثم اخبرني لاحقا :
ان عدد السيارات قد زاد الى (35) سيارة .
فثّمنت موقفه وشكرته عليه غاية الشكر .
وهكذا يكون الوفاء الصادق، الذي يعبر عن خلفية تنبض بأروع القيم الأخلاقية .
ومن أولى من المرجع الشهيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر
-قُدّس سرّه – وشقيقته العالمة المجاهدة المظلومة الشهيدة (بنت الهدى) بتعظيم ذكراه ، وتسليط الأضواء على منهجه العظيم في مواجهة الظلم
والظالمين ، وتضحياته الكبرى في سبيل انقاذ الدين والوطن من براثن الاستبداد والطغيان .
انه – طيّب الله ثراه – وَظَّفَ آخر قطرة من دمه الشريف، لانقاذ البلاد والعباد من كابوس الطغاة الأوغاد ، وشاء الله تعالى ان يسقط الصنم في ذكرى استشهاده في 9/4/2003 .
وانها لعبرة التاريخ ..!!
ان ينابيع العطاء عند العراقيين تتدفق – على طول المدى – وترفض الصور القاتمة التي يرسمها عنهم المجحفون بحقهم .