18 ديسمبر، 2024 10:01 م

استوقفتني العبارة, قرأتها في كتاب لكنني بقيت أتأملها, ارددها مع نفسي واعيد تكرارها كثيرا ,رحت احلل جزئياتها ومفرداتها سابحة في فضاء واسع للخيال ومساحة رحبة من اللا حقيقة.
(بدأت الحضارة لأول مرة عندما قام رجل غاضب بإلقاء كلمة بدلا من حجر)
سيجموند فرويد
تلك كانت هي العبارة ورأيتني ارسم الصورة في ذهني واقارن بين النتائج . اجل هناك نتيجتان لفعلين مختلفين من خلال اسلوبين مختلفين بطبيعة الحال.
امضي بعيدا مع تصوراتي وخيالي فأجد ان هناك مجاميع غاضبة تعلو صرخاتها وتندفع كما الحمم تهاجم وتعترض بل وتقتل ( القتل هنا ليس بالحجار فالحجارة مجرد رمز لأدوات القتل المختلفة).
منذ بدء الخليقة بدا القتل الفردي والجماعي وبدات الكلمة تسير جنبا الى جنب مع هذا القتل وكما هو معلوم ان الله تعالى حين خلق ادم واسكنه الجنة ما كان هناك غير السلام والامن لكن ابليس استخدم ادوات قتله اجل استخدمها من خلال كلمات قالها وقاسمهما انه لهما من الناصحين …
ابليس قال كلمة وهذه الكلمة لم تكن كلمة طيبة ولكنها كانت كلمة خبيثة وكلمة تنطوي على خطة حرب سرية غير معلنة ولذا كانت اداة قتل حين صدق ادم وحواء تلك الكلمة فخالفا امر البارئ الخالق البر الرحيم واطاعا عدوهما ابليس اللعين.
وماذا كانت العاقبة…؟
غضب من الرحمن واخراج من الجنة وهبوط الى الارض وفي هذا بلاء عظيم .
لم ينته الامر عند هذا بل حدث القتل قتل بالحجر حين قتل قابيل هابيل وهم ابناء الأم الواحدة والاب الواحد فتنازعا واقترعا كما هو مذكور في الكتب السماوية
قال هابيل لقابيل معلنا عن ايمانه بالكلمة الطيبة :لئن مددت يدك اليَّ لتقتلني فأنني لن امد اليك يدي لأقتلك اني اخاف الله رب العالمين واني اريد ان تبوء باثمي.
فهل حجزت هذه الكلمة الطيبة قابيل عن قتل اخيه….؟
-كلا …لان خطة قابيل كانت القتل واعتقاده ان القتل هو وسيلته في تحقيق ما يريد من اهداف .
وهذا ما حدث ..!!!
قتل قابيل هابيل ثم راح يبحث عن وسيلة ليواري سوءة اخيه ودليل جريمته الكبرى ولم يهتد الى سبيل الى ان راى غرابا يبحث في الارض ويدفن غرابا اخر كان قد قتله كان القاتلان وجها لوجه يقفان اما ضحاياهما وجها لوجه لكن الغراب القاتل كان يعرف انه بمجرد ان يقتل اخاه الغراب عليه ان يهيىء له مدفنا يواري فيه سوءة اخية اما القاتل قابيل فكان حائرا بعد قتل اخيه هابيل اذ لم يكن قد وضع خطة لمواراة سوءة اخيه هابيل فعلى اية درجة من الغفلة كان قابيل القاتل البشري الاول على وجه الارض…
يالبؤس قابيل لم يهتدى بهدى الله لكنه اطاع ابليس واهتدى بخطة غراب .
اعود الى ادوات القتل التي استخدمها الانسان في جولاته القتالية ومعاركه الحربية والتي بطبيعة الحال يقتل فيه الابرياء ليتوج كبار المتنفذين بتيجان النصر واكاليل الغار ويسمون فاتحين ويسمون قادة ويسمون عظماء.!!!
حين نتمعن بنتائج تلك الحروب لا نجد غير سفك الدماء وهتك الحرمات ومزيدا من البؤس يطال الابرياء ,ثكلى ,ارامل ,ايتام, جرحى ,معوقين .
ارض خضراء أصبحت جرداء بفعل الحرائق والنيران حتى الاشجار والنخيل تطالها نيران الحروب حتى الحيوانات تطالها نيران الحروب .
الحرب هي دمار للإنسانية ونهاية محتمة للحياة البشرية. الحرب جريمة عالمية يقودها كل من يخطط لها دون وجه حق كل من ينفذها بدافع الغزو او الاحتلال او السيطرة على الاخرين من غير جنسه اولونه او وطنه كل من يهزج ليقوي عزائم العدوان كل من يرقص فرحا للسيطرة وتثبيت قواعد الجبروت كل من يهتف عاليا ليشعل اوار الحروب ويصفق لمزيد من السطوة ولمزيد من القسوة ولمزيد من الهمجية الرعناء التي تجتث براعم الحياة وترميها الى نيرون ,نيرون في كل بيت ,نيرون في كل زقاق ,نيرون في كل مدينة .لن تنفرد روما بنيرونها بل نيرون في كل زمان ونيرون في كل مكان.
اختلجت روحي وانكفأت في ركن من اركان هذا العالم لا اسميه الا وطني في اي مكان في اي زمان انه وطني مادام على هذه الارض وما دام في هذه الحياة ومن ذلك الزمان وفي ذلك المكان مددت يدي الى احدهم اناشده ان يقول كفى …كفى…كفى…ليتوقف فيضان نهر الدم ولتستمر الحياة…
اشاح بوجهه عني واندفع يحمل شعلة النار صارخا بي:
– ليس بالكلمة نواجه وصار يصرخ بي غاضبا كانه يردد :
السيف اصدق انباءا من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب
مايؤخذ بالقوة لايسترد الا بالقوة
لو افاد الدعاء متمنيا لما استطاع الجزار ذبح النعاج
وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا.
كلمتي لم تسمع كانت غير ذات جدوى لم تسمع لسطوة جبروت الحرب لم تسمع من قبل الذين خططوا لكي يشعلوا اوار النار ويرموا في لهيبها كل من يقف ضد مصالحهم ضد استمرار تشغيل مصانعهم التي تصنع ادوات الموت والدمار كما كان يصنع الجاهلون اصنامهم التي يعبدون اصنام صغار وكبار وادوات قتل وفتك مختلفة الاشكال والالوان بكل الاصناف بكل الاحجام لتزداد ثرواتهم وتزداد سطوتهم ويستمر فخارهم ويعلو شأنهم ويكون لهم القدح المعلى في كل شأن وفي كل امر ولا يهم ان يشقى الابرياء ولا يهم ان تنتهي الحياة بأي شكل من الاشكال سواء بالجهل سواء بالقتل سواء بالجوع سواء بالمرض سواء بسحق الكرامة الانسانية واستلاب الارادة.