مَن قال أن الديمقراطية هي نظام الحكم الذي يسود الوجود البشري؟!
فالبشرية لم تعهد الديمقراطية كنظام حكم في تأريخها , إلا لأول مرة في فترة الحكم الإسلامي , أبان الخلفاء الراشدين , حيث كان النظام ديمقراطيا صرفا , ومعروف ما آل إليه وتسبب به من مضاعفات وتداعيات وتفاعلات.
فالديمقراطية نظام طارئ على البشرية بالقياس إلى عمرها الزمني فوق الأرض , والتي ما تعودت على سيادة هذا النظام.
وفي عالمنا الديمقراطي المعاصر , نتحدث عن الديمقراطية , لكن الواقع الفاعل في الحياة , هو نظام تسلطي محكوم بقوانين صعبة لا تعرف الهوادة , فالواقع يشير إلى دكتاتورية القانون وسلطته وسيادته , وهذا ما يُقصد بالديمقراطية المطعمة بحرية الرأي والإعتقاد , وهي حرية محكومة بضوابط وقوانين.
وفي تأريخنا الطويل , أن الذي يغيير الحياة ويصنع التأريخ هم الأفراد, وحتى في زمننا المعاصر فأن النسبة العظمى من البشر تتبع ما يقوم به الأفراد.
فالمخترعات – مثلا – إنجازات فردية , صار البشر مرهونا بها , فالإنترنيت وشبكات التواصل الإجتماعي والآي فون والآي باد , وغيرها هي مخترعات فردية , تتحكم فينا , بل حتى السيارة والطائرة والقطار وكل ما نتفاعل معه , ونمضي معظم وقتنا بصحبته من من صنع أفراد.
وبمعنى آخر , إن الفردية هي السائدة ومخترعات الأفراد هي التي ترسم حياتنا وسبل مسيرتنا وتواصلنا وتفاعلنا وعطائنا.
ولهذا فأن القول بإنتفاء الفردية في حالة الديمقراطية , إنما قول فيه الكثير من الغَفَل , ويبد أن الديمقراطية اسلوب لتأكيد الفردية والتعبير عنها على نطاق أوسع , فبدلا من إنحسارها بالفرد الحاكم , صارت متأكدة في الفرد العام.
وهنا تكمن مشكلة المجتمعات التي تسعى للديمقراطية , والتي توهمت بأنها إلغاء للفردية , وما عليها إلا أن تعيد النظر برؤيتها وفهمها وإدراكها الديمقراطي , وتتعلم آليات تحقيق الفردية المتفاعلة وفقا للضوابط والمعايير القانونية المتفق عليها والتي يقرها دستور وطني رشيد.