23 ديسمبر، 2024 11:35 م

“فالح حسين العبد الله”.. صاحب خيال خصب في تدوين الواقع السياسي والاجتماعي الراهن

“فالح حسين العبد الله”.. صاحب خيال خصب في تدوين الواقع السياسي والاجتماعي الراهن

خاص: إعداد- سماح عادل

“فالح حسين العبد الله” كاتب مسرحي عراقي.

التعريف به..

ولد 1956 في مدينة بغداد. أول تجربته في التمثيل في المسرح القومي في كرادة مريم عام1972-1973 في مسرحية “البوابة” تأليف “غازي مجدي” وإخراج “محسن العزاوي”. ثم انضم إلى فرقة مسرح الجماهير التي أسسها المسرحي الراحل “خضير الساري” والفنان “طالب الربيعي”، وشارك في معظم أعمالها ممثلا ومخرجا، وسافر مع الفرقة إلى المغرب، ليعرض مسرحية “صرخة من ظفار” عام 1977.
حصل على عدة جوائز خلال عمله مع فرقة “مسرح الجماهير”، دخل أكاديمية الفنون الجميلة، قسم الفنون المسرحية عام 1975، تتلمذ على أيدي الأساتذة “بدري حسون فريد” و”سامي عبد الحميد”، والدكتور”عوني كرومي”، والدكتور “صلاح القصب” والدكتور “عبد المرسل الزيدي” والدكتور”فائق الحكيم” والدكتور “جميل نصيف”. والفنانين المصريين “محمد توفيق، ونادية السبع، ونبيل الألفي”وغيرهم.
وشارك في أغلب نتاجات الكلية لأربعة أعوام متتالية وفي نفس الفترة كان ما يزال مستمرا مع فرقة “مسرح الجماهير”، قدم تجربة مسرح “السامر” بإشراف الدكتور “صلاح القصب” من العراق والدكتور “كمال عيد” من مصر.

في 1980 تخرج من الأكاديمية وعمل بالتدريس، وفي نفس الوقت عمل في دوبلاج برنامج “افتح ياسمسم” إشراف الفنان “فيصل الياسري”، وكان وقتها يكتب في مجلة الأطفال (مجلتي) ويكتب لصالح راديو بغداد، برامج الأطفال. قبل في الدراسات العليا للحصول على شهادة الماجستير لكنه لم يباشر بسبب ظروف الحرب.
درس مادة التمثيل في معهد الفنون الجميلة في السليمانية، وقدم تجربة مسرح “السامر” باللغة الكردية، وافتتح المهرجان الكردي التجريبي الأول بمسرحية “كره شين”. عاد إلى بغداد ليعمل في شركة سومر للإنتاج التلفزيوني مع الفنان “فيصل الياسري”. انتمى إلى عدة فرق مسرحية واستمر كاتبا ومخرجا وأحيانا ممثلا.

الكتابة..
كتب للإذاعة وللتلفزيون والمسرح، ونشر كتابا يضم ثمانية نصوص مختلفة بعنوان “مسرحيات مشاكسة” أوقف حق عرضها لطلاب كليات ومعاهد الفنون الجميلة دون الرجوع إليه. حصل على جائزة الإبداع في التأليف الدرامي عام 1999وحصل على جائزة أفضل كاتب للأطفال في الدورة الثانية والرابعة والخامسة لمهرجان مسرح الطفل، الذي تقيمه وزارة الثقافة العراقية. وفي الدورة الثالثة للمهرجان فاز بجائزة أفضل عرض مسرحي عن مسرحية “ثوب السلطان” من تأليفه وإخراجه على المسرح الوطني في بغداد، وفاز في مسابقات أدباء التربية لسنتين في مجال الكتابة المسرحية. أجد هازلا..
عمل مع عدد من المنظمات الدولية المتخصصة بالأطفال وساهم في فعالياتها لسنوات عديدة داخل العراق، له مساهمات في الصحافة الإلكترونية، كتب أكثر أعماله الكوميدية التلفزيونية أو المسرحية تحت شعار يعتزبه هو (أجد هازلا وأهزل جادا).

مسرحيات..
كتب عدد من المسرحيات من تأليفه، عرضت على المسرح، وهي:
– “قبل الرحيل” إخراج “طلال هادي” على مسرح الرشيد.
– “تحويلة مؤقتة” الفرقة القومية.إخراج “إحسان الخالدي” على مسرح الرشيد.
– “أوراق” إخراج “خضير الساري” منتدى المسرح.
– عوافي “فلسين ونص” إخراج “محسن العلي” مسرح النصر، مسرح النجاح.
– “جيب ليل واخذ عتابة” (قرة قوز) إخراج “حيدر منعثر”.
– “جيب ليل2” إخراج “د.حسين علي هارف” المسرح الجوال.
– “ورود وسر العنقود” للأطفال الفرقة القومية إخراج “حسين علي صالح” المسرح الوطني.
– “ثوب السلطان” المسرح الوطني.
– “حدث في الحصن” المسرح الوطني.
– “الشيخ والجدول” المسرح الوطني (المسرحيات الثلاث الأخيرة من تأليفه وإخراجه).
– “حسان وسور البستان”. “طبيب الغابة”.
– “نوره والفاكهة المسحورة”عرضت في المملكة المغربية 2009.
– “ثعلوب والمكار أرنوب”. “دندل والمبارات النهائية”. “الراعي الأمين” (تأريخية).
– “لغة الجنة”، “مطر يتزوج”، “أصدقاء الطبيعة”، “الثعلب يتوب”(شعرية).

المسلسلات..
كتب العديد من المسلسلات الإذاعية وكذلك التلفزيونية التي عرضت على المحطات المحلية والعربية وأهمها “حادثات قبل نزول الآيات”، “قلوب مهشمة”، “قلوب متحجرة”، “عيش وشوف”، “إنهم يقتلون النرجس”، “شقندحه”، “ماضي”، “رهبان في المدينة”، “ديره وذيب”،إضافة إلى تمثيليات عديدة تصل إلى ستين تمثيلية تلفزيونية قصيرة (10دقائق).

شخصية المرأة ..
في مقالة بعنوان (قراءة لشخصية المرأة في مسرحيات للكاتب فالح حسين العبد الله) كتب “إحسان الخالدي”: “إن التلذذ بطعم التين الشوكي مع متعة التعرف على تركيبته ومكوناته وربما فوائده. يتطلب البحث عن وسيلة للتخلص من أشواك قاسية وصغيرة جدا – تكاد لا ترى بالعين – تحيط بقشرته، لذلك ينبغي توافر منزلة من الحذر وقدرا من الصبر قبل الشروع في محاولة مسك ثمرة الصبّار. هكذا المسرح – بعوالمه المليئة بالدهشة والخيال- يجعلك تمشي فوق الجمر، وتنغمس في طقس الاحتراق عسى أن تقطف سحابة الجمال في لحظة امتزاج رعشة التجلي بلذة التلاقي المنشودة.
وقد كان فالح حسين العبد الله حافي القدمين حاسر الرأس يتوضأ في حضرة الفن الجليل طوال مسيرته منذ السبعينات حتى إعلانه، ربما المؤقت، عن التوقف عن الكتابة للمسرح بعد أن انتهى من مسرحية “الاستثناء والقاعدة” وهي كما يقول رؤية تجريبية عن قصة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، إلا أنه كما أظن لن يتوقف عن الكتابة بصورة تامة لأن لديه الكثير من الأفكار لم تجد لها حيزا على بياض الورق، كما أن فكره مايزال متوقدا وخياله خصبا في التقاط كل صورة تقع عليها عيناه أو قصة تتسلل إلى سمعه ليجعل منها عملا فنيا، مثلما أن قلمه لم ولن يتوقف عن تدوين الواقع السياسي والاجتماعي الراهن أو وقائع وأحداث تاريخية وحتى أسطورية في سياق نصوص درامية سواء للإذاعة أو التلفزيون أو السينما”.
وعن تصويره للمرأة في أعماله يضيف: “وهنا أحث الخطى بتوئدة وخشوع لسبر أغوار شخصية المرأة التي أخذت حيزا واسعا ومؤثرا في نصوص مسرحية، كتبت منذ عصر سوفوكليس ويوربيدس مرورا بأبسن وبرنادشو وراسين وأونيل وبريشت وليس انتهاء بشخص معلوم، طالما ظلت أضواء المسرح تنير دروب المعرفة وتعبد طريق الحرية في كل زمان. فقد كانت شخصية المرأة وستظل محورا حيويا في نسيج الصراع الدرامي عبر حمولاتها الفكرية والجمالية، كما أن توظيف شخصية المرأة له دلالات عاطفية وعقلية تستمد حضورها من ثنائيات متعددة: الطبيعة- الإنسان- الأرض- الحياة، الكائن- الجسد، الحب- الجنس، المقدس-المدنس”.

فقدان العدالة..
ويواصل: “إن المرونة المتاحة في تصوير متعدد الأبعاد لشخصية المرأة تسمح للكاتب في الغالب الترميز والتحفيز بمستويات دلالية شتى، للتعبير عن تصورات ترتبط إلى حد ما ببيئة اجتماعية وسياسية حاضنة لأحداث المسرحية. من هنا فقد ارتبطت مصائر شخصية المرأة في معظم مسرحيات فالح حسين العبد الله بأحداث ووقائع، أقل ما يمكن أن تتصف به القسوة والتنكيل وفقدان العدالة لكل ما يتعلق بالمرأة بوصفها كائن اجتماعي يتسم سلوكه في معظم الأحيان، بالعاطفية وغلبة المشاعر والأحاسيس الإنسانية.
إضافة إلى بنيته البايولوجية المغايرة لرديفه الاجتماعي الرجل. وذلك ضمن نطاق عادات وتقاليد محددة وضاغطة على نمط العلاقة بين الرجل والمرأة. مثال ذلك يتضح في هذا المقطع من مسرحية كونسيرتو الاشتعال الذاتي التي حملت عنوانا فرعيا هو “مونودراما الوحدة والانتظار”، إذ تقول الشخصية الوحيدة في المسرحية أطياف:
(طأطأ أبي رأسه خجلا.. وماتت الزغاريد على شفتي أمي… وثبتت برائتي..[تزغرد] سارت أمي وهي تزغرد فرحا كأنها فازت بأثمن جائزة.. دارت على الجميع وبيدها دليل برائتي. [تنظفيء شمعة.. تضطرب أطياف] لا أحد يعلم مابي.. يقولون مايريدون.. لكنهم لايدرون ماذا أريد.. صيغوا ماشئتم من الكلمات..العبارات. كل ذلك ليبرروا حياتهم الزائفة.)”.

التحولات الدرامية..
ويؤكد: “إن محاولة تذوق متعة القراءة تتطلب تحديد طبيعة التحولات الدرامية والفكرية في شخصية المرأة بوصفها مهيمنة أساسية للفعل الدرامي، وقد اتسمت الشخصية بثنائية المرأة/ المرآة على مستويين لغوي وفني، إذ أنها دلالة عن ذات المرأة حينا، وحينا دلالة عن واقع اجتماعي مضطرب عصفت به حروب بلا هدف محدد، إنها مرآة تعكس صورة نفسها وصورة المجتمع، إلا أن تلك الثنائية تتمظهر وفق متطلبات الفعل الدرامي وتحولات الصراع.
كما يمكن رصد سمة الاستمرارية التي لازمت كثير من المواقف الدرامية، وكأن الكاتب يؤكد بقاء الفعل بكل قسوته المادية والنفسية مثل عجلة معبأة بأحداث قاسية ومؤلمة تدور بحركة لولبية لن تتوقف حتى عند وقوع متغيرات في المحيط العام للشخصية؛ بمعنى أن حالة الاستمرار سمة لواقع اجتماعي كان ومايزال يرزح تحت سطوة ظروف استثنائية أثرت، بالسلب حتما، على جوانب نفسية واقتصادية ظهرت بصورة جلية على شخصية المرأة لأنها تشكل، بحسب إحصائيات، نسبة أكثر من نصف المجتمع العراقي، كذلك يمكن رصد دلالة الاستمرارية، التي لم تقتصر على شخصية المرأة فقط في مسرحيات فالح،- في حالات شتى وتوصيفات عدّة منها الاغتراب والاستلاب؛ الوحدة والانتظار؛ الرغبة والرهبة، وقد تجلى ذلك – مثلا- عند سلامة في مسرحية “غرفة على أطراف الوادي””.

وفاته..
توفى “فالح حسين العبد الله” عن عمر ناهز 67 عاما.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة