24 نوفمبر، 2024 1:34 م
Search
Close this search box.

بعد توقف دام 6 أشهر .. استئناف ضخ النفط من “كُردستان” إلى “تركيا” .. ماذا ستفعل “بغداد” ؟

بعد توقف دام 6 أشهر .. استئناف ضخ النفط من “كُردستان” إلى “تركيا” .. ماذا ستفعل “بغداد” ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بعد توقف دام أكثر من 06 أشهر؛ أعلنت “وزارة الطاقة” التركية، أن “نفط كُردستان العراق” سيعاود التدفق إلى “ميناء جيهان” التركي؛ خلال الأسبوع الجاري.

جاء ذلك وفق ما أفاد به وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي؛ “آلب أرسلان بيرقدار”، الاثنين، خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية: لـ”معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول (أديبك) 2023″، في “أبوظبي”.

وقال “بيرقدار”؛ إن: “تركيا كانت منذ فترة طويلة طريقًا موثوقًا للنفط والغاز الطبيعي”، مشيرًا إلى مرور مليوني برميل من “النفط” يوميًا عبر مضائق “تركيا” حاليًا، وفق وكالة (الأناضول) التركية.

وأوضح أن خط أنابيب النفط “العراقي-التركي”، الذي كان نشطًا منذ حوالي 45 عامًا، تبلغ طاقته اليومية: 500 ألف برميل من “النفط”.

ويأتي إعلان “تركيا” عن جاهزية خط الأنابيب؛ الذي يُسهم بنحو: 0.5% من إمدادات “النفط الخام” العالمية – للتشغيل، بعدما سبق وأعلنت تضرره زلزال مدمّر شهدته المنطقة في شباط/فبراير الماضي، فيما لا يزال منخرطين في معركة قانونية بشأن قرارات التحكيم.

وقدرت خسائر حكومة “إقليم كُردستان العراق” نحو: 04 مليارات دولار منذ توقف تدفقات “النفط” إلى “ميناء جيهان” التركي.

وكانت “تركيا” قد أوقفت نقل “نفط كُردستان” إلى “ميناء جيهان”؛ في 25 آذار/مارس الماضي، عقب قرار تحكيم دولي ألزم “أنقرة” بدفع تعويضات إلى “بغداد”؛ لانتهاكها اتفاق خط أنابيب؛ عام 1973، بالسماح بتصدير “نفط الإقليم” دون موافقة “بغداد” بين عامي: 2014 و2018.

مسّاومة الحكومة العراقية..

المراقبون يرون أن “تركيا” لا تزال تستخدم نفس سياسة المماطلة والتسّويف، في محاولة مكشوفة لابتزاز “العراق”، وإجباره على تقديم تنازلات، خصوصًا وأنه مر على الزلزال نحو سبعة أشهر، وبالتالي فإن حجة عدم جاهزية خط الأنابيب باتجاه “ميناء جيهان” أضحت مسّتهلكة.

ولا يبدو الخلافات بين الجانبين فنية بقدر ما هي سياسية، حيث تحاول “تركيا” أساسًا الخروج من مأزق دفع نحو: 1.5 مليار دولار للجانب العراقي، من خلال مسّاومة الحكومة العراقية التي هي أيضًا بحاجة للعودة لتصدير الخام من شمال البلاد.

ربط الملفات السياسية بملف المياه..

وفي هذا الإطار؛ أكد عضو “لجنة الزراعة والمياه” النيابية بـ”البرلمان العراقي”؛ النائب “ثائر الجبوري”، أن “تركيا” تسّعى لتحقيق مكاسب سياسية قبل حل أزمة المياه، لافتًا إلى أن الكثير من الملفات قد عملت “أنقرة” على ربطها بملف المياه في محاولة للضغط على “بغداد” من أجل تحقيق مرادها.

وقال “الجبوري”؛ لوكالة أنباء (المعلومة)؛ أن: “شُح المياه ونقص الحصص المائية تُمثل أزمة العراق في الوقت الراهن، حيث أن الحل يرتبط بإجراءات سياسية وقد تكون أحدها الزيارة المرتقبة لإردوغان للعراق”.

وأضاف أن: “هناك الكثير من الأمور ترتبط بأزمة المياه مع تركيا، خصوصًا ما يتعلق بالملف النفطي والضغط الذي تُمارسه تركيا على العراق من أجل تحقيق مرادها مقابل إعادة فتح المنفذ التصديري باتجاه ميناء جيهان”.

وبيّن أن: “تركيا لديها ملفات سياسية مع العراق عملت على ربطها بملف المياه؛ ومنها التواجد العسكري وتصدير النفط والغرامات التي فرضتها عليها محكمة باريس، وبالمحصلة فإن تركيا تسّعى لتحقيق مكاسّبها من العراق قبل حل مشكلة المياه”.

ما ستكسّبه “كُردستان” ستخسره “بغداد” !

من جهته؛ علق الخبير الاقتصادي العراقي؛ “نبيل المرسومي”، بشأن استئناف “تركيا” لضخ “النفط” من “كُردستان العراق”، قائلاً في تدوينةٍ له عبر (فيس بوك)، إن: “إعادة تشّغيل الخط (العراقي-التركي) يعني عمليًا تخفيض صادرات العراق النفطية جنوبًا عبر البحر بنحو: 350 ألف برميل يوميًا بسبب الحصة الإنتاجية المحددة له من (أوبك بلس)”. وأضاف؛ أن: “ما ستكسّبه كُردستان من إيرادات النفط شمالاً سيخسّره العراق جنوبًا”.

خامس أكبر احتياطي نفطي..

ويمتلك “العراق”؛ وهو ثاني أكبر منتج لـ”النفط” في منظمة (أوبك) بعد “السعودية”، خامس أكبر احتياطيات “نفط” مؤكدة في العالم، تبلغ: 145 مليار برميل، وتُمثل: 17 في المئة من الاحتياطيات الموجودة في الشرق الأوسط، بحسّب “إدارة معلومات الطاقة الأميركية”؛ (EIA).

وتم تطوير خط أنابيب “العراق-تركيا” ليُساعد البلاد على تصدير أكثر من مليون برميل من “النفط الخام” يوميًا إلى منطقة المتوسط عبر “ميناء جيهان” التركي.

ووقّع الجانبان اتفاقية تشّغيل الخط في عام 1973؛ وأدخلا عليها تحديثات في أعوام 1976 و1985، وصولاً إلى 2010، العام الذي تم فيه تمديد العمل بالاتفاقية.

وتنص الاتفاقية الموقّعة أن الحكومة التركية: “يجب أن تمتثّل لتعليمات الجانب العراقي فيما يتعلق بحركة النفط الخام القادم من العراق في كافة مراكز التخزين والتصريف والمحطة النهائية”.

سنوات من الخلافات..

وبدأت التوترات بين “أنقرة” و”بغداد” حول الموضوع؛ نتيجة خلافات بين “كُردستان” والحكومة الاتحادية حول تدبير ملف الثروات الطبيعية، خاصة بعد عام 2007، عندما أصدر الإقليم “قانون النفط والغاز”، والذي تلاه تأسيس عدة شركات لاستكشاف وإنتاج وتكرير وتسّويق “النفط”.

وخلال السنوات التالية؛ أبرم “إقليم كُردستان العراق” مجموعة من العقود مع شركات أجنبية للتنقيب واستخراج “النفط”، من دون موافقة الحكومة الاتحادية، وهو ما تعتبره “بغداد” حقًا لها بموجب الدستور.

خطوة تعويضية..

ومنذ أوائل عام 2014؛ سّمحت “أنقرة”؛ لحكومة “إقليم كُردستان العراق”، بتصدير “النفط” بشكلٍ مستقل عن “وزارة النفط” الفيدرالية، من خلال ربط خطوط الأنابيب الكُردية بالخط القادم من “كركوك”؛ في بلدة “فيش خابور”.

ومكنت الخطوة حكومة “كُردستان العراق” من بيع نفطها مباشرة إلى السوق والاحتفاظ بالإيرادات، في خطوة اعتبرتها “بغداد” غير قانونية، في حين الأكراد يعتبرونها تعويضًا عن الرواتب المسّتقطَعة. بحسّب ورقة تحليلية للزميل في معهد (واشنطن) لسياسة الشرق الأدنى؛ “مايكس نيتس”.

ورُغم الخلاف على هذا “النفط”؛ إلا أن جاذبيته كانت كبيرة للمسّتوردين في المنطقة خاصة، وأن “أربيل” كانت تبيعه بخصم يتراوح بين: 15 – 18 دولار، بحسّب بيانات 2022، وفقًا للتحليل.

وأشار المصدر ذاته؛ إلى أنه رُغم خسائر الإقليم في العائدات بسبب نسّب الخصم؛ إلا أنها: “لم تُذعن لبغداد”، وهو ما أثقل كاهل الموارد المالية لـ”كُردستان” بديون بمليارات الدولارات.

كما اتفق سابقًا على أن يُسّلم “إقليم كُردستان”: 250 ألف برميل من “النفط” في اليوم؛ ليتم تصديرها من “بغداد”، مقابل حصة من الموازنة العامة تدفع كرواتب للموظفين الحكوميين ونفقات أخرى.

لكن “أربيل” لم تُسّلم “النفط” قط، والمدفوعات من “بغداد” لم تكن منتظمة، بحسّب تحليل أيضًا.

رفع دعوى تحكيم..

وفي آيار/مايو 2014؛ دفع هذا الخلاف؛ “شركة تسّويق النفط” العراقية، إلى رفع دعوى تحكيم لدى “غرفة التجارة الدولية”، نيابة عن “وزارة النفط”.

واعتبرت “بغداد” أن “تركيا” خرقت اتفاقية خط الأنابيب الموقّعة، باستيرادها “النفط” من “كُردستان العراق” من دون إذن الدولة العراقية.

وفي آذار/مارس الماضي؛ قضت “غرفة التجارة الدولية” بأن على “تركيا” أن تدفع لـ”بغداد” تعويضًا قدره: 1.5 مليار دولار، مسّتندة على شرط في اتفاقية عام 1973 يقضي بأن “تركيا” لن تشتري “النفط” إلا عن طريق “شركة تسّويق النفط العراقية” الحكومية، بحسّب (فورين بوليسي).

تبعات القرار..

ومنذ ذلك الحين؛ أوقفت “تركيا” عبور حوالي: 350 ألف برميل يوميًا من “النفط الخام”؛ من “إقليم كُردستان” وحقول “كركوك”، عبر خط الأنابيب الذي يصل إلى الأسواق العالمية عبر “ميناء جيهان” التركي، بعد أن أمر حكم في قضية تحكيم صادر عن “غرفة التجارة الدولية”؛ “أنقرة”، بدفع تعويضات لـ”بغداد” عن الصادرات غير المُصّرح بها من قبل حكومة “إقليم كُردستان العراق” بين عامي: 2014 و2018.

وبدأت “تركيا”؛ بعد ذلك، أعمال الصيانة في خط الأنابيب الذي يصل طوله إلى أكثر من: 900 كيلومتر؛ ويمر عبر منطقة نشطة زلزاليًا، بعد أن قالت إنه تضرر من الزلزال الذي ضرب البلاد في شهر شباط/فبراير 2023.

وقبل توقف عملياته؛ كان خط الأنابيب ينقل حوالي: 80 ألف برميل يوميًا من صادرات “النفط الخام”؛ من محافظة “كركوك”، وحوالي: 390 ألف برميل يوميًا من الصادرات من “كُردستان العراق”، التي تتمتع بحكم شبه ذاتي، وفقًا لموقع (إنتلغنس إنيرجي).

خسائر يومية..

وكلف إيقاف “تركيا” لعملية النقل؛ كلاً من “بغداد” و”أربيل”، نحو: 05 مليارات دولار من إجمالي إيراداتهما عبر هذا الخط، إلى حدود أواخر آب/أغسطس الماضي، فيما تراوحت خسّائر “أنقرة” بين: 02 و03 ملايين دولار يوميًا من رسوم عبور “النفط” على أراضيها، وفقًا لأرقام “معهد الشرق الأوسط”.

ورغم أنها لا تُشكل سوى: 0.5 في المئة من الإمدادات العالمية، تسّبب توقف صادرات الخام عبر أنبوب “كركوك-جيهان”، في زيادة أسعار “النفط” ليعود إلى مسّتويات: 80 دولارًا للبرميل، في شهر آذار/مارس.

اتفاق على تولي “بغداد” عملية الإشراف..

وفي ختام ذلك؛ وقّعت الحكومة الاتحادية العراقية و”إقليم كُردستان”؛ المتمتع بالحكم الذاتي، اتفاقهما النفطي المؤقت في نيسان/إبريل، تقضي بأن تتولى “بغداد” عملية الإشراف الكامل على تصدير “النفط” من حقول الإقليم.

وفي شهر آيار/مايو الماضي، طلبت “وزارة النفط” العراقية من شركات “النفط والغاز” العاملة في “إقليم كُردستان” توقّيع عقود جديدة مع شركة التسّويق المملوكة للدولة؛ (سومو)، بدلاً من حكومة الإقليم.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة