عندما نقلب صفحات الاحداث ‘ نرى بوضوح ان القوى الغربية العظمى التي انتصرت بعد الحربين الكونيين فرض واقع جغرافي خاطىء على الواقع التاريخي الحقيقي و مؤثر وذوجذورمن العراقه ‘ لاهل الارض والمنطقة ‘ وهم ( قوى الغرب ) وبشكل متعمد مستمرين على العمل لتعميق الوضع الخاطىء
ومايحدث ومنذ تلك المرحلة في هذه المنطقة انعكاس للصراع الناتج عن فرض ذلك الواقع الجغرافي النشاز ..!وندرس تفاصيل ماحصل ومانفذ نرى أن تلك القوى (كما قلنا مغرورة بانتصارها نهاية الحربين الكونيين ) عملوا ونفذوا ماخططوا له بشكل متعمد ليس كمرحلة بل كثوابت لمصيرها اذ تم تقسيمها بدقة لغايات اكدت الاحداث انها خبيثة ومقصودة لمنع ظهور ارادات منتمية لتاريخ المنطقة واهلها ‘ ووجهه المأساة في هذا الحدث الاجرامي ( تفكيك المنطقة وزرع بذور التشرذم لحد ان اصبح المنهج ) القادم من الاعوام والمراحل و أصبحت الادارات الناتجة من التفكيك يدافعون عنه وتحت عنوان (شرعية تسميتهم باولياء الامر ) ومتمسكين به و يدافعون عنه .
( القوى الغربية المهيمنه على الوضع السياسي العالمي ) الان ‘ لم يواجهوا قوة تجبرهم على التراجع في تنفيذ خططهم : تقسيم المنطقة و تنصيب ارادات مرتبط مصيرهم بوجودهم في المنطقة ‘ ولكن واجهوا من بعد الحرب تهديدا حقيقيا جعلهم اكثر شراسة من بداية توجههم للمنطقة ‘ كان ذلك عند ظهور قوي للاتحاد السوفيتي من بعد انتصار الشيوعية من خلال ثورة اكتوبر ‘ حيث كان لهذا الحدث دور في فضح أهداف هجمة المنظمة التي بدئها الغرب عندما فضح معاهدة (سايكسبيكو ) السيء السمعة الذي وضع حجر الاساس لتفكيك العالم الاسلامي واخطر من ذلك وضع حجر الشر كخطوة اولى لتنفيذ عهد بلفور والتجاوب مع الخطة الصهونية لتاسيس كيان بهدف ان يتجذر قويا لمواجهة نهوض شعوب المنطقة
وبعد أن أنهارت القوة السوفيتية العظمى ‘ اعتبر نصرا كبيرا للغرب وطموحاته التأريخية متخيلين أن هذا الحدث فتح كل الابواب أمامهم للمضي قدما نحو تنفيذ اوسع لخططهم ‘ بدائوا بها بداية اعلانهم الحرب على العالم الاسلامي ( فكرا ورسالة وحضارة ) ليبقى بيدهم ورقة الضغط على الارادات التي تمت تاسيسها حسب برنامج منظم راسمين لهم صورة رعب على مستقبلهم ‘ فكان بعد ذلك الحدث المرعب ( انهيار الشيوعية ..!!) ولجوء الغرب الى التحذير من (خطر الاسلام السياسي ) كأن الرسالة الاسلامية ظهرت توا، وبعد انهيار الشيوعية ‘ وهم حرفوا التوجهات الاسلامية عن طريق الحكام ( الامراء والسلاطين ) لمواجهة الشيوعية ‘ اي أن من (أبدع الاسلام السياسي ) هم الانظمة الغربية الشريرة بصفات عدوانية بكل الالوان ‘ مخططين لمؤامرات متنوعة بدأ بخلق وتمويل المنظمات الارهابية مستغلين ماحدث في افغانستان نهاية ستينيات القرن الماضي
خطر أخر فاجأ الغرب هو في نهوض روسيا التأريخي و عودت ارداته الى نهج التوحيد بالعودة لجذوره الاستقلاليه ، وزادبذلك الخطر بوجهة طموحات الغرب الشريرة بقيادة امريكا في ظهور الصين العملاقه فى استقلال القرار و النهج و التوجه في السياسة الدولية .
مشكلة الشرق المبتلي بالارادات الغير مستقله خطط لتأسيها الغرب ‘ انه لايستطيع ( أو غير مسموح له ) ان يستفيد من هذين الانعطافين العظيمين و يجعلونه طريقا لنهوض ارادتهم المستقلة بوجه الهيمنة الخطيرة ومذلة لشعوب المنطقة ليكون طريقا لالغاء الجغرافية المليئة بالالغام و عودة لانطلاق من توظيف التاريخ الناصح كما عمل الروس عندما اختاروا ارادتهم الوطنية في وحدة التوجهات السياسية الى انبعاث الحياة في الجذور التاريخية في قدرتهم على الارض ‘ مع استثنائين في المنطقة ‘ كانوا تقريبا محسوبين على توجهات السياسة الغربية حيث ورثوا ميراث قوتين متنفذتين في المنطقة : تركيا وريث الامبراطورية العثمانيه و ايران وريث الامبراطورية الفارسية و تفكيك وريث القوة العربية والاسلاميةوهي الثالثة المخطط له من قبل الغرب تنفيذا لوعد بلفور ‘ ولكن حصل في الارض لقوتين اوليين في نهايات القرن العشرين ( ايران سقوط الشاه اكثر حليف مخلص للغرب عموما وامريكاخصوصا ‘ وتركيا الكمالي مستسلما كل توجهاته الى الغرب حالما ان يصبح اوروبيا الى ان اسقط حلم الكمالي بصعود النهج الاسلامي ملمحا بانه يفكر بالتخلي عن ان يكون اوروبيا )
الان ‘ روسيا ليست شيوعية ‘ ورغم الجهد الغير اعتيادي من الغرب ومن خلال الربط بـ(الناتو) و رغم النضال القاسي الذي خاضه اتاتورك لقطع جذور الشعب التركي المرتبط بتوجهات فكر الرسالة الاسلاميه الحضاريه حيث عمل اتاتورك كل شيء من اجل منع (كما اعتقد)عودة الاسلام فكرا وموقفاوممارسة الناس الروحية والانسانية في بلده (وصل الى حد أنه منع استعمال الحرف العربي ليمنع – كما اعتقد بغبائهاستمرار اطلاع الناس على كتاب الاسلام المقدس القرأن الكريم وفرض استعمال حرف لاتيني ) ‘ ولكن فاجأ الشعب التركى انصاره او ورثته وفاجأوا الناتو والاتحاد الاوربي ‘ بل كل الغرب‘ وذلك بفوز الحزب اسلامي الفكر والتوجة واستلم الحكم منذ نهاية الثمانينيات
وفي إيران ‘ رغم كفاح محمد رضا شاه ليكون كل شيء : البناء الاجتماعي والسياسة والتجارة والثقافة أن يكون غربيا لحد تمنى أن يكون حتى الهواء الذي يتنفسه الايرانيين كذلك غربيا ‘ ولكن فاجأ جذور ايران التأريخي كموجة كاسحة حاملا رسالة الاسلام واعلن تاسيس الجمهورية الاسلامية و ذهب شاه لاجئا مريضا عند انور السادات في مصر الى ان رحل من الدنيا.
الان ‘ الواقع في الشرق الاوسط كالاتي : ايران وتركيا ليسوافي جيب توجهات ارادات الهيمنة الغربية كما كان وكما يطمح الغربيين ‘ بل ان البلدين اسسوا لارادتهم من خلال التمسك بالتأريخ و ماتركة من الارث كقوة متميزة متكأه على جدار ذلك التأريخ .
أن قوة الارثيين لدى الطرفين المتناقضين تماما مع أرث صنعه الغرب (صراع الشرق والغرب في المرحلة التي سميت بالحرب الباردة )‘ نرى إيران في موقف تصدي قوي تجاه الغرب الحالم بعودتها الى طموحاتهم في الشرق من خلال احياء التحالف السابق الذي اسقطه التوجه المستقل ‘متمسكا بالاساس التاريخي ‘ وكذلك تركيا اختارت نهج لارادتها لاينسجم مع (احلام الناتو الثابت في التمسك بفرض الهيمنه ) حيث أن انقره اختارت الابتعاد حتى لو بخطوات محسوبة من توجهات الناتو المركزية ‘ وانه ومع إيران هدفهم الاستفاده من النهوض الروسي بروحية القيصر تأريخيا والصراع الذي خلقه هذا النهوض في الوضع الدولي .
أن هذه القراءة للصراع بين القوى المؤثرة على الساحة الدولية التي احد ايجابيتها انها ادت الى ظهور مواجهة الغرور الامريكي وحساباتها المتطرفة يهدف (ولايزال ) أن تكون القوة أوالقطب الاوحد في الساحة : قرار وحسم ..! وقد اوصل غروره الى الاعتقاد من استحالة ظهور قوة بديلة للاتحاد السوفيتي يعيد الصراع الى المربع الاول (الحرب الباردة ) .
منذ وصول الوضع الدولي لهذه الحاله ‘ ضمن الصراع الشرقي والغربي .
ان الادارة الامريكية وبعد الواقع الذي فرضه التوجة الاستقلالي من ايران وتركيا ‘ تواجه خسارة في تمسكها بغرورها كقوة اوحد ‘ يظهر انها تتخبط بصورة واضحه في تصرفاتها وتجر مع انتكاساتها الاتحاد الاوروبي كتابع لخلق وضع خطير يهدد السلم والامن الدوليين لخطر احد ظواهرها التخبط الامريكي في التصرف مع الحرب الاوكرانيه الذي هو احد تصرفات مصدر القرار الامريكي الشرير ليستمر التمسك بحلمها المزعج : القطب الوحيد في الساحة الدولية
في حين اعتقد الموالين لسياسة الهيمنة الغربية على الارادات الشرقية كانوا يأملون ان هدم اسس الدولة في افغانستان والعراق عن طريق الاحتلال المباشرتحت شعار (محاربة الارهاب )يؤدي الى أن يتحول حلم النظام العالمي الجديد الذي اعلن مصدر القرار الامريكي والحركة الصهيونية العالمية تبنيه كاختيار بديل للعالم المتعدد الاقطاب ‘ يصبح حقيقة واقعة يستسلم لسطوتهم واقع الوضع الدولي بعد التحول الدراماتيكي جاء به انهيار السوفيت ‘ ولكن شاهد العالم ان المكسب الوحيد أصبح واقعيا يحدث في الكثير من اماكن العالم هو ظهور بؤر الارهاب المنظم في العالم بدأ من اقصى مناطق الشرق الى اكثر من بلد اوروبي بل وصل الى دار الشر الغربي امريكا نفسها ‘ وظهور روسيا الناهض بجانبه الصين كقوتين ذات جذور تأريخية عميقة يتعاملون حضاريا مع الاخرين مستفدين اثناء هذا التحول العالمي بذكاء من افرازات (الفوضى المتعدد الجوانب ) الذي روج له الغرب المغرور بقوته الشريرة وفي جانب أخر وقع الغرب في خطأ أخر عندما تعامل بغرور مع (إيران مابعد الشاه وتركيا المتجهه باتجاه التخلص من (اوربية اتاتورك ) ‘ صدمت امريكا بالتوجه الاول الى بناء تحالف مع روسيا الناهض و الصين ذات القوة المؤثره في جانبه الاقتصادي وذكائه في تعامله الحضاري مع احداث العالم بعكس الغرب الذي هدف كل توجهاته الى الاخرين الوصول الى الهيمنه على ارادة الاخرين .
هذا الواقع ‘ فرض على امريكا والغرب (الاتحاد الاوروبي –الناتو) أن يتوجهوا الى اشعال الحروب بالنيابة عنهم في اماكن متوترة في العالم ‘ فكان اشعال حرب اوكرانيا بوجه روسيا من خلال تشجيع ادارة كييف العدواني ليختار موقف التحدي لروسيا ‘ تقول الارقام لحد ستة اشهر الاولى فقط من اندلاع الحرب قدمت الادارة الامريكية بحدود 4/23 مليار دولار الى حكام اوكرانيا لاستمرار الحرب و بالاتجاه الاخر توجهوا الى جنوب شرقي أسيا من خلال حلفائهم اليابان و كوريا الجنوبية لتشجيعهم للدخول في التحالف العسكري ونقل نفس الوضعية، وبث الشر من خلال حلف الناتو الى منطقة جنوب شرقي اسيا بمواجهة الصين
***
وأخيرا ‘ إلى أن تظهر الارادات الوطنية النابعة من طموحات شعوب منطقة الشرق الاوسط المنطلقين من الجذور التأريخية والذي يتمسك الغرب لحد الان باضعافه بل مكافحتة بشراسة ‘ دون ذلك سيبقى الشرق الاوسط بؤرة الفوضى الذي يشرف عليه علننا الغرب بقيادة امريكا ‘ كضمان وحيد لادامة الكيان الاستيطاني الصهيوني الذي عمل الغرب كل الحروب وكل المؤامرات ليزرعه في قلب الشرق الاوسط ‘ هنا و في كل المناطق المتوترة في العالم ومنذ البداية تعمل قوة الهيمنة الغربيه من اجل تسخين جبهة وتهدئة جبهة أخرى ‘ أي إستمرار ادارة الازمة وليس حلها
لايقول لك المنقذ او القائد العظيم ماذا يريد أن يفعل ‘ بل يعلمك ما مطلوب أن تفعله / مثل صيني