لستُ أدري إن كان الكثير من البرلمانيين يفكرون بالجدية اللازمة في الصورة التي يحتفظ بها الكثير من المواطنات والمواطنين، في مخيلتهم، حول ما يفعلونه داخل قبة البرلمان، مقابل ما يتقاضونه من أموال طائلة، هي أموال من حق الشعب وثروته المهدورة التي تذهب الي التماسيح والسراق ومن الضرائب..التي يدفعها اينما يولي وجهه حتيفي الطرقات والشوارع التي يمر بها عبر سيطرات لاتدري من خولهم ولاتدري اين تذهب اموال الجباية العنفية والقسرية في شوارع اكل عليها الدهر ووشرب منذ مجلس الاعمار ايام زمان ولم تمتد اليها يد الصيانة منذ 1990 ولحد الان ويطلق عليه المواطن تهكما ساخرا علي نفسه طرق الموت وما اكثرها في العراق و لست أدري إن كانت صورتهم في عقول المواطنين تهمهم، وتؤرقهم حين يسكنون إلى بيوتهم الجميلة.
مناسبة هذا الكلام هو هذه الرتابة التي تؤطر الكثير من أنشطة البرلمان في بلادنا، وهذا البرود غير العادي الذي يحكم لازمة سؤال جواب،لوزراء ومسئولين كبار الغاية الظاهرية الحرص علي البلد والمواطن اما باطنها اللف والدوران واقتناص الفريسة بالترويض او الهش بالعصا رب ظارة نافعة والنتيجة تبرم المواطنين جملة من كل ما له علاقة بهذه القبة.. لست أدري كيف نتحدث عن صورة البرلمان، ونريد أن يكون لأنشطته الإشعاع المطلوب مع هذا المستوى من التفاعل مع قضايا المواطنين، لست أدري كيف يستقيم أن نفكر في الانتخابات المقبلة والنتيجة أمامنا.
بحث بسيط يمكن أن نقوم به يدلنا في عمومه على صورة عمل البرلمان ورواده، في وعي ومخيلة الكثير من المواطنات والمواطنين، ومن خلاله نستطيع أن نتلمس بعض عناصر الأجوبة المتعلقة بما نسميه عزوفا عن السياسة بمعناها المؤسساتي.
إن البرلمان ومتعلقاته في عقل ومخيلة الكثير من المواطنين هو ما يلي :
أولا: هو مؤسسة للعبور الصوري، والظهور بمظهر من يشرع ويقرر، ويراقب ويتابع، في مقابل من ينفذ وينجز، في وقت لا يظهر لذلك الأثر المقبول والانعكاس الواضح البين الا عليهم حيث يزدادون غني علي غناهم ويزدادون رونقا وجمالا ومتعة في السفر والاكتناز
ثانيا: حضور السادة الوزراء، إنما يعني حضور سلطة الجواب عن أسئلة غير كاملة ولا شاملة، تعقبها أجوبة من جنسها، هذه بتلك، ليس إلا .
ثالثا: طبيعة المناقشات، أو المناوشات على الأصح، التي تتم بين الكثير من النواب مع بعضهم، أو بينهم وبين بعض الوزراء، تعني أن ما يهمهم أساسا هو تحصين المواقع، عبر مراقبة كلمات وحركات الخصوم، وانتظار الفرصة المناسبة للإجهاز عليهم، وبالطبع يبقى الهدف البعيد والأساسي هو الظفر بالانتخابات المقبلة، حتى وهي بعيدة، وما الأسئلة والأجوبة إلا وسائل لبلوغ هذا المبتغى.
رابعا: لا يمتلك الكثير من المترددين على قبة البرلمان، على قلتهم، المؤهلات الثقافية والسياسية الضرورية، بما يمكنهم من ضبط الملفات والإحاطة بها، وإبداع مشاريع قوانين، وعرضها بشكل دقيق وواضح، وفق لغة عربية سليمة وقاصدة، فمسألة الكفاءة هاهنا تأتي في مؤخرة السلم، ويتم تقديم تأويلات مؤسفة بهذا الصدد.
هذه هي بعض عناصر الصورة التي يحتفظ بها الكثير من المواطنين والمواطنات عن البرلمان ورواده.. ؛ لأن أصل العطب كامن في نظرة المواطن وتقييمه لعمل هذه المؤسسة الدستورية، التي لا يدري بالضبط ماذا تفعل، ولا يرى لها من أثر واضح وحقيقي على معضلاته التي لا تزيدها الأيام إلا استفحالا. إن أصل الداء كامن في روح عمل البرلمان، وليس في شكله .