15 نوفمبر، 2024 8:43 ص
Search
Close this search box.

فيلم “جنون الحب”.. قبول المرأة للحب وللصفعة من رجلها

فيلم “جنون الحب”.. قبول المرأة للحب وللصفعة من رجلها

خاص: كتبت- سماح عادل

فيلم “جنون الحب” فيلم مصري يحكي قصة اجتماعية شيقة، وهي الغيرة بين الأشقاء، وكيف تؤثر علي العلاقات بينهم.
الحكاية..
يبدأ الفيلم بمحاولة “نادية” الانتحار، وهي البطلة التي تقوم بدورها الممثلة المصرية “راقية إبراهيم”، وينقذها رجلان من العزبة هما “فتحي” المؤلف الروائي و”حسين” الطبيب، ويقوم بدورهما “عماد حمدي” و”أنور وجدي” وحين ينقذاها من محاولة إغراق نفسها يسألانها عن سبب إقدامها علي الانتحار.
تحكي لهم “نادية” التي تخاف من الظلام وتفزع من القطط أنها قاتلة مجرمة لأنها قتلت أمهما وأباهما، موت أمها جاء نتيجة ذهابها إلى حفل لترقص فيه لتموت أمها وهي في الحفل بعد أن تمنت أن تراها لآخر مرة، وأما موت والدها فتحكيه “نادية”، ويأتي في مشهد تمثيلي حيث أختها التوأم المتطابق التي تشبهها تماما تكشف لوالدها أنها ذهبت لحفل راقص تاركة أمها المريضة لتموت وحيدة، مما يتسبب في أزمة قلبية لوالدها المريض ويتوفى جراء ذلك، وتحكي “نادية” أيضا أنها ثم كانت السبب في شقاء أختها، التي دوما ما تفتعل المشاكل بينهما.
ظلم..
يقنعها الطبيب “حسين” والمؤلف “فتحي” أنها مظلومة وأنها ليست السبب في وفاة والدها أو والدتها، وتذهب إلي بيتها الذي تعيش فيه أختها “سهير”. “نادية” مخطوبة لأحد وكلاء النائب العام، و”سهير” مخطوبة لشاب من عائلة كبيرة، ولكن “سهير” تحاول أن توقع بينها وبين خطيبها بعد أن تركها خطيبها لأنه أصبح معجبا بأختها “نادية” وبمهارتها في الرقص.
يشعر “فتحي” بانجذاب شديد نحو “نادية” وينتظر أن تأتي في الموعد الذي اتفق معها عليه، لكنها لا تأت، ويذهب مع صديقه “حسين” إلي منزل “نادية” وأختها ليجد أنهما قد سافرتا.
عزل..
وفي الإسكندرية تجبر “سهير” “نادية” علي المجيء معها، وحين تأتي المربية التي تقوم بدورها “فردوس محمد” تطردها “سهير” محاولة التفريق بينها وبين “نادية”، وتري المربية حالة “نادية” وهي تزداد سوء، فتذهب إلي بيت العزبة وتقابل الكاتب “فتحي” لأنها كانت تعرف والدته وتحكي له قصة “نادية” وأختها. فتبين للصديقين “حسين وفتحي” أن “نادية” طيبة وذات روح صافية، وأنها كانت مريضة منذ أن كانت صغيرة، بينما “سهير” غاضبة دوما ومؤذية، وكانت تؤذي أختها التوأم دوما منذ أن كانتا طفلتان وتقول أن الجميع كان يحب “نادية”.
الشعور بالاضطهاد..
ويفسر “حسين” الأمر علي أن “سهير” قد شعرت بالظلم لأنها لم تكن محاطة برعاية وحنان مثل الذي يعطيه والديها ل”نادية”، فتبرر المربية أن ذلك كان بسبب مرض “نادية”. كما تحكي لهم أنها أيضا كانت محبوبة من الآخرين الغرباء. حتى الرجال كانوا ينجذبون ل”سهير” التي تخرج وتستمتع بالحياة وتذهب للحفلات والسهرات، لكنهم حين يحضرون إلي المنزل يزول إعجابهم ب”سهير” ويتحول سريعا إلى انجذاب شديد نحو “نادية”.
بعد موت الوالدين تجد “سهير” الفرصة سانحة للانتقام من أختها التوأم، وتدور المعركة الرهيبة بأسلحة لا تكافؤ فيها، المؤلف والطبيب دخيلان على الأسرة، بينما “سهير” تملك أكثر من سلاح بل تملك كل الأسلحة، وهى سيطرتها على “نادية”. فتحاول بكل الطرق إقناع “نادية” بفكرة الانتحار، كما أنها تتهمها دوما بأنها قتلت والديها وتسببت لها في التعاسة في حياتها.
انتحال شخصية..
وقد أرسلت “سهير” خطابا لخطيب “نادية” منتحلة فيه شخصيتها، تعلن فيه انفصالها عنه مما جعل الخطيب يتغيب طويلا، ويحاول “فتحي” التواصل معه ويحضره من القاهرة إلى بيت العزبة، لكن “نادية” حين تراه لا تفرح بوجوده ويرحل هو مخذولا.
وفي سبيل أن يعبر “فتحي” ل”نادية” عن مشاعره الوليدة يتعامل بلطف ورقة مع أختها “سهير”، لكي يستطيع التقابل معها، وتفهم “سهير” أن “فتحي” منجذب إليها، ورغم ذك تحاول بكل الطرق إبعاد “نادية” عن طريقها وإجبارها إلي الذهاب إلي بيت القاهرة، لكي تتفرغ ل”فتحي”.
لكن “فتحي” يقابل “نادية” ويعلن لها عن حبه ويطلب منها الزواج، ويحاول “حسين” مساعدته في إلهاء “سهير”، وحين تذهب إلى عيادته لتسأل عن “فتحي” وأختها يطلب منها مساعدته في معالجة الناس، بعد أن أبدت امتعاضها من ألام الفقراء الذين يعالجهم “حسين”.
الفقراء..
وهنا يقول لها “حسين” بكلام واضح أن هؤلاء الفقراء وآلامهم ومحاولته علاجهم وتخفيف ألامهم أفضل بكثير من السهر والحفلات التي تنغمس فيها، وأنها لابد وأن تمتلك الرحمة في قلبها تجاه هؤلاء المرضى الفقراء. وتستجيب له وتساعده في الكشف علي المرضي ومعالجتهم، لكنها تمل سريعا، ويعبر لها حسين عن إعجابه بشخصيتها وتندهش كثيرا من ذلك، لأن الجميع يبدي إعجابه ب”نادية” دوما.
وتحكي له عن شعورها بالظلم من معاملة والديها ل”نادية” بحنان، في حين كانا يعاملانها بقسوة، فيقول لها أنه يحب الشخصية الحيوية التي هي عليها وحتي بعض الشر الذي تمتلكه لا يزعجه في شيء، وأنه لا يحب هدوء “نادية” الشديد.
زواج..
رغم ذلك عندما يذهبان “حسين وسهير” إلي بيتها لتجدا “نادية وفتحي” قد اتفقا علي الزواج تحزن “سهير” كثيرا، وتبدي استسلاما لكن “حسين” لا يأمن شرها، ويجهز الناس لحضور الزواج ويجلب فرقة موسيقية متواضعة، ويجبر “فتحي” علي الذهاب نهارا لبيت “نادية” لإتمام إجراءات الزواج، حتى لا يتسنى ل”سهير” فعل شيء يمنع الزواج.
وبالفعل تكون “سهير” قد خدرت “نادية” حيث دست لها شيئا في مشروبها، وتضع حسنة علي وجهها لكي تخدع “فتحي” أنها هي “نادية”، وتقول له أنها مصابة بالسل، وأنها لا تنتوي الزواج منه، وحين يعترض “فتحي” تطرده من المنزل وتقول له إلا يأتي ثانية إلي هناك.
إنقاذ..
وحين يذهب “فتحي” ليخبر “حسين”، يحثه “حسين” علي العودة ثانية إلي منزل “نادية” وتبين الأمر لأنها ربما تكون خدعة من “سهير”. ويذهب الاثنان ويجدا “سهير”، وتمنعهما من مقابلة “نادية”. ويكتشف “فتحي” أنها وضعت حسنة لتنتحل شخصية “نادية”، ويحاولان مقابلة “نادية” بالقوة مع مقاومة شديدة من “سهير” التي تهددهم بالطرد وجلب الشرطة.
ثم يذهب “حسين” إلي غرفة “نادية” ويكتشف أنها مخدرة وتظل “سهير” تحاول المقاومة، وتدخل غرفة “نادية” وتغلق الباب، ويذهب “حسين” مدعيا انه يحضر الشرطة، ويحاول “فتحي” فتح الباب. لكن “سهير” تهدد “نادية” بعد أن استفاقت بأنها سوف تنتحر أمامها إأن هي وافقت علي الزواج من”فتحي”، وتخاف “نادية “علي أختها، وحين يدخل “فتحي” بالقوة تخبره أنها تحبه لكن لا تستطيع الزواج منه، وسهير أمامها تمسك بيدها بكوب وبعض أقراص المنوم.
نهاية سعيدة..
ويحضر “حسين” ومعه المأذون ويصفع “سهير” بالقلم، حين يجدها تمسك بحبوب المنوم ثم يعلن أنه سيتزوج منها، وأن المأذون سيزوج “فتحي ونادية” أيضا، وتفرح “سهير” وينتهي الفيلم علي ذلك.
الإخراج متوسط، والسيناريو والحوار، وكانت الأماكن التي دارت فيها إحداث الفيلم جيدة ما بين الريف والإسكندرية والقاهرة في فلل وأماكن فاخرة، وأداء الممثلين كان بارعا خاصة أداء “راقية إبراهيم” التي مثلت شخصيتين متناقضتين هما شخصية “سهير” وشخصية “نادية”.
لكن علي مستوى السيناريو كان به ضعفا، خاصة في النهاية، حين أطال في تصوير الصراع بين الشقيقتين التوأم، الأولي التي تشعر دوما بالظلم لأن أختها تتلقي الرعاية والحنان والاهتمام بسبب مرضها الطويل، مما خلف لديها عقدا نفسية وإحساسا بالظلم والاضطهاد، جعلها كارهة لمن حولها، من أول والديها وحتى المحيطين، كما جعلها عصبية تتعامل بطرقة سيئة مع الجميع.
والثانية التي تتعامل بهدوء شديد وطيبة لدرجة تجعلها تنسحق تحت إرادة أختها وتسمع لكلامها، وتستجيب لكل محاولتها لإيذائها دون محاولة منها للدفاع عن نفسها، لكنه حين توصل إلي نهاية مرضية وهي شعور “سهير” هي أيضا أنها محبوبة وأن هناك رجلا يريد أن يتزوجها ويحبها مثل أختها التي ينجذب اليها الجميع، لكنها جاءت سريعة ولم يعطها السيناريو حقها في المعالجة، وكان التحول في موقف “سهير” سريعا ولحظيا دون تمهيد ومحاولة لتغييرها.
المرأة أقل..
وعلي مستوى الأفكار تعامل الفيلم مع المرأة بنفس الأفكار السائدة في تلك الفترة، وهي أن المرأة إما امرأة غنية مستهترة تعيش في لهو ومرح وتحضر الحفلات والسهرات، باحثة عن عريس تتزوجه وعن رجال يعجبون بجمالها، وهي دوما ما توضع في خانة المرأة الشريرة المنبوذة. أو امرأة غنية لكنها هادئة مستكينة مستسلمة، محبة ولطيفة، تقع في غرام رجل ينجذب إليها، وتكون مطيعة له وتسمع كلامه وأوامره. وامرأة في الطبقة الفقيرة ولا تخرج عن حدود هاذين التصنيفين أيضا.
كما صور الفيلم أمر ضرب “حسين” ل”سهير” علي أنه أمر عادي لأنها تستحقه، مما يرسخ لفكرة أن العنف من الرجل تجاه المرأة أمر طبيعي ومقبول، حتى أنها لم تأخذ رد فعل وإنما فرحت حينما طلب منها الزواج دون أن تلومه حتى علي الصفعة التي تلقتها منه.
التفاوت الطبقي..
كما أشار الفيلم في جزء بسيط منه إلى التفاوت الطبقي الهائل بين الفقراء والأغنياء، وإلي رد فعل بعض الأغنياء الذين يتعالون علي الفقراء ويتعاملون معهم بقسوة وشدة، ويتقززون من أمراضهم وآلامهم وذلك حين وجه حسين هذا الكلام بشكل مباشر ل”سهير” حين أتت لي عيادته.
الفيلم..
الفيلم “جنون الحب” فيلم سينمائي مصري أبيض وأسود، من إنتاج عام 1954، وبطولة “راقية إبراهيم وأنور وجدي وعماد حمدي”، كاتب السيناريو والحوار “عبد الوارث عسر” وإخراج “محمد كريم”.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة