15 نوفمبر، 2024 9:06 ص
Search
Close this search box.

سلوك أطفال التوحد (2).. مقاومتهم لأي تغيير في البيئة واعتمادهم على الروتين

سلوك أطفال التوحد (2).. مقاومتهم لأي تغيير في البيئة واعتمادهم على الروتين

خاص: قراءة – سماح عادل

نظرا لانتشار مرض التوحد في الآونة الأخيرة وغموض ذلك المرض نكمل عرض أحد الدراسات الهامة التي تتناول سلوكيات المصابين به.
في دراسة بعنوان (تفسير المظاهر السلوكية للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد في ضوء معايير التشخيص الحديثة) للباحث “محمود عبد”.

الخصائص السلوكية..
تتناول الدراسة الخصائص السلوكية للأطفال المصابين: “يتميز الأطفال التوحديين بمجموعة من الخصائص السلوكية، تعتبر فريدة إلى حد كبير لدى كل طفل توحدي، ولعل أهم هذه الخصائص الحركات النمطية مثل: رفرفة اليدين، وهز الجسم، والمشي على رؤوس القدمين، وتلويح اليد أمام العينين، والدوران حول النفس، والسلوكيات الرتيبة مثل: الانشغال المفرط باهتمام أو موضوعات محددة، والإصرار على التشابه أو التماثل، والسلوك الروتيني.
ذكر سوهين وادم ولوفتين بأن هذا السلوك يتضمن سلوكيات متكررة وغير مسيطر عليها كرفرفة اليدين وحركة الرأس، كما قد يتضمن استخدام الأشياء، ومن هذه الخصائص التي تلاحظ وبشكل روتيني يوميا متكرر، وتعتبر أحد الملامح الرئيسية لاضطراب طيف التوحد مقاومتهم لأي تغيير في البيئة واعتمادهم على الروتين بشكل كبير. وقيامهم بالعديد من السلوكيات النمطية اللغوية أو الحركية مثل تدوير الأشياء، وكذلك الاهتمام المفرط بالأشياء فقد يلعب الطفل بلعبة معينة ساعات عديدة دون ملل.
وقد يظهر بعض الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد بعض الفروق مثل طريقة خاصة في خاصة في الوقوف وفي معظم الأحيان يقفون ورؤوسهم منحنية كما لو أنهم يحلقون تحت أقدامهم وقد يمشون على رؤوس أصابعهم.
ومن خصائصهم السلوكية، كذلك السلوك الفوضوي، والعدوان نحو الآخرين أو نحو الذات، فقد يقومون هؤلاء بالعض والضرب، وغيرها من المحاولات المؤذية للذات أو للآخرين، إذ أن أكثر من 50% من الأطفال الذين لديهم اضطراب طيف التوحد، يظهرون العدوان الذاتي ويمارسه ما لا يقل عن 14% بشدة، وهو المعروف بالعدوان الذاتي المكثف الذي يؤدي إلى دخول المستشفى، ومن أسباب السلوك العدواني صعوبة الفهم، وانخفاض القدرة على التواصل، والتعبير عن احتياجاتهم ورغباتهم وانخفاض مهارات المواجهة والصراخ مع الزملاء، والألم غير المشخص واضطرابات القلق والمزاج والاكتئاب، والخلل النفسي والاضطراب النفسي، وكذلك لديهم فرط النشاط.

الخصائص المعرفية..
وعن الخصائص المعرفية يواصل الكتاب: “الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد لديهم قصورا في خصائصهم المعرفية، حيث لديهم ما نسبته %80 إعاقة عقلية مختلفة الدرجة، كما يواجهون صعوبات في فهم والاستجابة لإدراك أبعاد المواقف، واستيعاب المثيرات، كما يظهرون خللا واضحا في مجال الرؤية الشاملة للأشياء، إذ أنهم ينظرون للشيء من جانب واحد دون إدراك الشكل بأبعاده الكلية، فهم لا يدركون الكل بل الجزء فقط.

إضافة إلى ذلك كله، يواجه الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد صعوبات في القدرة على حل المشكلات، وضعف القدرة على التعميم، واضطرابات في التفكير مثل القصور في إنتاج أفكار جديدة وصعوبة في القدرة على الرؤية الشاملة لحدوث المشكلة سواء أكانت تتطلب قدرة لفظية، أو بصرية لحلها. إضافة إلى مشكلات في نقل الانتباه والتشتت، وضعف الذاكرة، وعدم القدرة على التنبؤ بالأحداث والوقائع.
وبينت العديد من الدراسات والأبحاث إن معظم الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد لديهم إعاقة عقلية وتقل درجاتهم عن 70- 68% على مقياس الذكاء، ٕوان بعضهم لديه قدرات عقلية عادية بينما يظهر آخرون قدرات خاصة في مجال أو أكثر
بينما أشار الباحثون إن انخفاض درجات الذكاء يؤدي إلى القصور المعرفي لدى الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد في ضوء ما ذكره “كانر” من سلوك العزلة الاجتماعية، وبين إن سبب انخفاض أدائهم على اختبارات الذكاء هو إن الطفل ربما يعرف الإجابة ولكنه يتعمد تجنب تقديمها. إن أداء الطفل يكون محكوما بطبيعة موقف الاختبار وليس المهمة المطلوبة منه.
ويمكن تلخيص الخصائص المعرفية حسب ما جاء به “مصطفى والشربيني”2011 بما يلي: الإدراك، فالطفل الذي لديه اضطراب طيف التوحد قد لا يدرك البيئة المحيطة والخبرات الحسية مثل (البرد، الألم). الانتباه، فالانتباه لدى الطفل الذي لديه اضطراب طيف التوحد غير الطبيعي، وفترة انتباههم قصيرة وتبين وجود خلل أو إصابة نسيج مركز جذع أو ساق المخ، وهو نسيج يتحكم في استقبال عمليات الاستثارة والانتباه والنوم. التذكر، يعاني الطفل الذي لديه اضطراب طيف التوحد من صعوبة في تخزين المعلومات التي تتطلب مستوى ٍعال من المعالجة كرواية القصة، وتسلسل الأحداث والنشاطات، والأفعال التي وقعت معهم، وكذلك تذكرهم للمعلومات التي شاهدوها بصريا. وهناك صعوبة في تذكر سلسلة من المعلومات اللفظية التي تتعلق بما يفعلون، وكيف يفعلون شيئا ما.
التفكير، يتميز تفكير الطفل الذي لديه اضطراب طيف التوحد، بأنه تفكير بعيد عن الواقع، فهو لا يدرك الظروف الاجتماعية المحيطة به، ولا يدرك العالم لانشغاله بالتفكير بإشباع حاجاته ورغباته الروتينية والطقوسية”.

الخصائص الحسية..
وعن اختلافهم في الاستجابة الحسية: “يبدي بعض الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد خصائص حسية مختلفة عن أقرانهم من الأطفال العاديين، ويعود ذلك إلى أنهم عادة إما منخفضي الاستجابة، أي إن استجابتهم للمثيرات يكون ضعيفا اللمسية أو البصرية أو السمعية في بيئتهم وتفسيرهم لتلك المثيرات، أو حساسية مفرطة للمثيرات المحيطة بهم، فقد يمتلكون حساسية زائدة نحو المثيرات بشكل مضخم جدا، مثل لون معين أو قد تبدو ردة فعلهم مبالغ نحو مصدر ضوء بسيط.
إن الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد، لا يرون بعض المثيرات البصرية، فهم يرون أشياء دون أخرى، ويتجنبون التواصل البصري مع الآخرين، ويمتلكون حساسية مفرطة نحو بعض الألوان والأضواء، فهم يفضلون استخدام الرؤية المحيطة، إذ يقومون بعملية تنظيم ذاتي لبعض المثيرات البصرية.
وقد أشار العديد من أولياء أمور الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد إلى أن هؤلاء الأطفال يقومون بعمر مبكر بالتحديق بالفراغ، ويركزون على الطبيعة المادية للمكان، وليس على الأشخاص وقد ينعكس ذلك على نظرة الآخرين لهم، من خلال اعتقادهم بأن هؤلاء الأطفال صم أو مكفوفين.
بينما تظهر فئة منهم خليطا من (الحساسية المفرطة والحساسية المنخفضة) كأن لا يستجيبون لصوت عال مثل (صوت جرس إنذار) في حين يكون رد فعلهم مفرطا لشخص ما يصدر صوتا صغيرا من مسافة بعيدة. وقد يستجيبون للخبرات الحسية بطريقة غريبة وشاذة، فهم يتصرفون بعض الأحيان وكأنه ليس لديهم أي خبرة بالأصوات أو الأشكال.
ويمكن تلخيص الخصائص الحسية لدى هؤلاء الأطفال بما يلي: المثيرات الصوتية، إذ تشير الملاحظات إن بعض الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد، يظهرون حساسية سمعية لأصوات يسمعونها ولا يسمعها الأفراد الآخرون المحيطين بهم، مما تسبب لهم إزعاجا شديدا، وبما أنهم يبدون كمن يعاني الصمم، فإنهم في الوقت ذاته لا يستجيبون فيه للأصوات المنخفضة والروتينية، وخاصة الأدوات المستخدمة في المنزل.
المثيرات البصرية، قد يبدو أن الأطفال لا يرون بعض المثيرات البصرية، وفي رؤية بعض الألوان، أو قد يظهرون اهتمام كبير ببعض الأضواء والأشكال الضوئية على لونها.
اللمسية، تعتبر من أكثر الخصائص التي يظهر فيها التباين فقد يظهر بعض الأطفال حساسية جلدية كبيرة، مما تجعل الطفل يبتعد عن الأفراد أو الفرد الذي يقترب منه أو يحاول الإمساك به، ونجد أن البعض قد لا يشعر بالألم وقد لا يبكي على الرغم من تعرضه لأذى شديد”.

أسباب اضطراب طيف التوحد..
تطرح الدراسة أسباب الإصابة بذلك الاضطراب: “انعكست الزيادة السريعة في معدلات الانتشار على الزيادة الواسعة في الدراسات والبحوث، وكذلك التفسيرات المتنوعة والأسباب المختلفة لهذا الاضطراب، حيث إن تلك الدراسات لم تجزم بأحدها وبشكل قاطع ومستقل.

مؤشرات الإصابة باضطراب طيف التوحد..
هناك العديد من العوامل المرتبطة بالإصابة باضطراب طيف التوحد هي وجود أو عدم وجود الإعاقة العقلية والضعف في التواصل اللفظي وغير اللفظي، ومشكلات الصحة العقلية الإضافية وهي كالآتي:
العوامل البيئية:
هناك مجموعة متنوعة من عوامل الخطر البيئية غير المحددة، مثل عمر الوالدين عند الحمل، الوزن عند الولادة.
العوامل الوراثية والفسيولوجية: وقدرت من 37 % إلى 90 % للإصابة باضطراب طيف التوحد، ويصل إلى15 % من حالات طيف التوحد تظهر اضطرابات تترافق مع طفرة جينية معروفة، أو الطفرات لجينات معينة ترتبط مع اضطراب في عائلات مختلفة”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة