تمهيـــــــــــــــــــــــــــد :
يقيم الشيعة سنوياً وفي جميع أنحاء العالم، مراسم ذكرى يوم الأربعين بعد استشهاد الإمام الحسين بن علي(ع)، الذي قُتل في اليوم العاشر من شهر محرم سنة 61 للهجرة، الموافق لـ12 تشرين الأول/أكتوبر 680 م، ويقيمون مراسم عزاء حاشدة ومختلفة لإحياء الذكرى التي قتل فيها أيضاً أصحاب الحسين وأهل بيته، تلك المراسم التي تبدأ اعتباراً من أول يوم محرم حتى آخر يوم في شهر صفر من كل عام.
لكن مسيرة “الأربعين الحسينية” التي تعتبر إحدى هذه المراسم، وتتزامن مع يوم 20 من شهر صفر، اشتهرت في الآونة الأخيرة أكثر من السابق, بسبب تزايد الأعداد وكثرة ولائم الطعام.
وقال اعلام العتبة الحسينية في مدينة كربلاء في بيان تلقت {الفرات نيوز} نسخة منه ان “أعداد زائري الأربعين لعام 1445هـ بلغ 22مليوناً و19 الفاً و146 زائراً“.
فيما أعلنت إيران عن مشاركة أربعة ملايين زائر إيراني في الزيارة بالعراق.
وبهذا العدد فان هذا العام/ 2023 قد سجل رقماً قياسياً لم تشهده الزيارات السابقة في الأعوام الماضية. وبحسب الإحصائيات أنفقت إيران خلال العام الجاري أكثر من 560 مليون دولار أمريكي، في شتى المجالات لإقامة مراسيم الأربعين الحسينية.
أضافة الى الزوار الشيعة الأخرين القادمين من الهند وأفغانستان وباكستان والدول الخليجية، ومن جميع أنحاء العالم، إذ يفضلون أغلبهم أن يأتوا مشياً على الأقدام من بيوتهم أو مدنهم وصولاً إلى مدينة كربلاء حيث يقع قبر الإمام الحسين(ع).
ونتيجة الحشود المليونية كشفت مديرية المرور العامة بالعراق، عن حصيلة حوادث السير المسجلة لديها، خلال فترة الزيارة الأربعينية.
الخدمات والحوادث :
لا تخلو هذه المسيرة التي يمشيها الملايين براً وجواً من الحوادث والنوبات الصحية الناتجة عن الاكتظاظ الخانق خصوصاً في موسم الصيف والطقس الحار، وكذلك عدم وجود أرضية مناسبة لاستقبال هذا الكم الهائل من الزوار، فكثير منهم يواجهون متاعب صحية مختلفة، دون وجود مراكز طبية أو طوارئ كافية لمعالجتهم أو حتى رفع مستوى التأهب على طول الطريق، فبعض القادمين أو المشاية يفقدون حياتهم جراء نقصان تلك الخدمات.
وأشار الناطق باسم المديرية، العميد زياد القيسي، إلى تسجيل 200 ضحية و 90 حادث سير تشمل الدهس والانقلاب والاصطدام، خلال أيام الزيارة فيما أشارت إلى أن” القيادة بسرعه شديدة وعدم الانتباه والسياقة تحت تأثير النعاس والمخدر والمسكر واستخدام الهاتف النقال “، كانت من أبرز أسباب وقوع تلك الحوادث“.
ويواجه هؤلاء الزوار في طريقهم، مضايف عراقية تحت مسمى “المواكب الحسينية”، التي تقدم لهم كل أنواع الطعام والفواكه والملابس، وبقية الخدمات، منها: التدليك والاستحمام وغسيل الملابس وغيرها، باسم “الخدمة الحسينية” أو “خدمة زوار الحسين”.
الكلف الخيالية والخدمة المجانية :
قالت العتبة العباسية في إحصائية مقتضبة تابعها “ألترا عراق“، إن “أعداد زائري الأربعين للعام/ 2023 الموافق 1445 هـ بلغ أكثر من22 مليون زائر“.
وتجاوز عدد زائري الأربعينية في العام الماضي/ 2022 حاجز 21مليون زائر، بينهم 5 ملايين زائر من الدول الأخرى، وفق إحصائية العتبة العباسية.
ولا تقتصر الزيارة الأربعينية للأضرحة الدينية في مدينة كربلاء على المواطنين والمقيمين، بل يستقبل العديد من مواطني إيران والخليج العربي وبقية دول الشرق الأوسط وآسيا.
وفي وقت سابق، أعلنت سلطة الطيران المدني العراقي، وصول أكثر من ربع مليون زائر عبر المطارات العراقية خلال أيام الزيارة الأربعينية عبر 1850 رحلة جوية من خلال مطارات النجف وبغداد والبصرة.
بالمقابل، بلغت أعداد الوافدين عبر المنافذ الحدودية 3 ملايين و750ألف زائر مع قرابة 9 آلاف عجلة وفق آخر إحصائية لوزارة الداخلية.
22 مليون زائر
22 مليون زائر× 100 دولار كلفة الزائر الواحد اليومية مصاريف مباشرة وغير مباشرة = 2,200 مليار دولار في اليوم الواحد× 10يوم أقامه على أقل تقدير = 20,200 مليار دولار مجموع المصاريف المجانية العامة.
وهذا يبدو واضحاً من خلال مبيعات البنك المركزي العراقي خلال فترة تلك الزيارة والتي وصلت الى بيع أكثر من مليار دولار أمريكي أسبوعياً .
وذكر مراسل وكالة شفق نيوز، أن البنك المركزي باع يوم 5 أيلول/ 2023 خلال مزاده لبيع وشراء الدولار الأمريكي 255 مليونا و 684الفا و 184 دولارا، بارتفاع عن اليوم السابق و التي بلغت المبيعات فيه 197 مليونا دولارا غطاها البنك بسعر صرف أساس بلغ 1305دنانير، لكل دولار للاعتمادات المستندية والتسويات الدولية للبطاقات الالكترونية وبسعر 1310 دنانير لكل دولار للحوالات الخارجية وبذات السعر لكل دولار بشكل نقدي.
واضاف مراسلهم ان معظم المبيعات من الدولار ذهبت لتعزيز الأرصدة في الخارج على شكل (حوالات، اعتمادات) حيث بلغت 201مليون و 848 الفاً و 184 دولاراً، فيما بلغت المبيعات النقدية 54مليونا و200 ألف دولار.
في العام الماضي /2022 وحده فحسب، بلغت صادرات إيران إلى العراق أكثر من 10 مليارات دولار، وهو ما يعتبر مستوى جديداً وغير مسبوق ورقماً قياسياً في صادرات إيران لهذا البلد، التي تشمل صادرات منتجات عديدة كاللحوم والخضروات والفواكه والألبان والمواد الغذائية الأخرى، والملابس، حيث تصل هذه التبادلات التجارية في شهري محرم وصفر من كل عام إلى ذروتها.
لماذا الأربعين الحسينية؟
و لماذا الشيعة يقدسون الأربعين الحسينية لهذه الدرجة؟ ويهتمون بالمسيرة والنذورات ومراسيم الحداد والعزاء؟ الجواب نجده في الروايات الشيعية التي تقول إن أسرة الإمام الحسين(ع) زارت قبره في مثل هذا اليوم، وهم في طريق عودتهم من الشام، حيث كانت النساء منهم سبايا والآخرون مكبلين لدى جيش يزيد بن معاوية.
وهناك رواية أخرى تفيد بأن جابر بن عبد الله الأنصاري صحابي النبي محمد (ص)، وصل كربلاء وزار قبر الحسين في هذا اليوم، ويعتبر جابر بن عبد الله الأنصاري الأول من بين الصحابة الذين بايعوا النبي في بيعة العقبة الثانية، كما يعتبر من الحفّاظ ومكثري الحديث، ومن رواياته المعروفة “حديث اللوح” الذي ذكر فيه الرسولُ أسماء أئمة الشيعة.
قد يكون هذان الدليلين الرئيسَين في تقديس هذا اليوم لدى الشيعة. إلى جانب أنه اليوم الأربعين لذكرى استشهاد الإمام الحسين، أذ يعرف عند الشيعة وبعض العامة بأن مرور 40 يوماً على وفاة أي شخص يكون بمثابة خاتمة لأيام العزاء والحزن.
الطقوس المتوارثة :
تعتبر الطقوس الدينية المتوارثة احد وسائل التعبير الاجتماعي والروحي للمجتمعات العربية والاسلامية منذ بزوغ عصر الاسلام في أوائل القرن السابع الميلادي في مكة غرب شبه الجزيرة العربية حتى يومنا هذا , باعتبار تلك الطقوس توحد الانتماء الاجتماعي وتبني روابط قوية بين افراد المجتمع واشاعة قيم الخير والمحبة والتواصل بين افراد تلك المجتمعات , واستيعاب العبر التي لا زالت معدومة نتيجة الغلو الخطابي والشعارات التي تركز على توزيع الأكل والمشروبات والتي نراها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة مثل تقديم أواني طعام طول كل منها6–7متر من لحم العجل والأبل للإيرانيين الداخلين عبر منفذ الشيب الحدودي من محافظة ميسان (365كم ) جنوب شرق بغداد.. ولا نعرف من أقام تلك المأدبة الكبرى والتي تكلف أصحابها عشرات الملايين من الدنانير العراقية .. هذه واحده من ملايين الولائم المقامة في العراق للزوار الأجانب والعراقيين.
على الرغم من أن أغلب مواطني المحافظة من قليلي الدخل أو من الخريجين ممن يبحث عن وظيفة حكومية , والكثير من متظاهريهاتعرضوا للقتل والاغتيالات الغامضة أو للإصابات العنيفة من قبل قوات ما يسمى مكافحة الشغب ,في مجتمع يشيع فيه البطالة والتسول والفساد العارم والخراب المتعمد من قبل بعض قادته من ضعاف الوطنية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل هناك علاقة بين تلك المقدسات وتخلفنا ؟ الجواب نعم .
المقدسات جزء من تاريخنا العربي – الإسلامي, لكن انشغال الناس الدائم بتك المقدسات على طوال السنة سوف يؤدي الى عدم الاهتمام بالعلم والحضارة الحديثة , نعيش بالخدر الدائم وسوف نندثر ونموت كشعب حي صاحب أقدم الحضارات ومهبط الأنبياء.
ولابد من طرح بعض الحقائق التي طرحها بعض المؤرخين ورجال الدين المستقلين حول نهضة الأمام الحسين(ع) وبعض الإضافات التي أدخلها الأعاجم على تلك النهضة من أجل تشويه صورة العرب والانتقاص من دورهم التاريخي في حفظ بيضة الإسلام ونشره خارج حدود الجزيرة العربية ومنها :-
واليوم حلت محلها ( الملاية) التي تجمع النساء في البيوت من أجل البكاء والعويل وترديد القصائد الحماسية التي تذم الامويين من أولهم الى أخرهم , والاول والثاني والثالث.. بعدها تقبض أجرها والاجر على قدر المشقة بالدولار الامريكي أذا كان صوتها شجي وجسمها ممشوق القوام.
يقول المؤرخ العراقي الكبير/ علي النشمي : يوجد قبر في منطقة الدورة ببغداد لحاخام يهودي اسمه اسحاق..جاء شخص منافق ووضع قطعة قماش خضراء على القبر وكتب عليه الامام (اسحاق أبن الامام الكاظم )وصار مزاراً شيعياً ! .
وأخيراً المراجعة الذاتية واجبة على كل مسلم ومسلمة، وفي كل المستويات مستوى الفرد والأسر والمجتمع والدولة والأمة .. والمراجعة والنقد الذاتي ليست مقصورة على المسؤولية الفردية في نواح العبادات والاخلاق والمعاملات فقط وانما هي أشمل تشتمل على المراجعة الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية، ومراجعة المواقف وهي مستمرة باستمرار الحياة.
ولهذا كان من أسماء الله الحسنى التواب والغفور والحسيب والرقيب، ولهذه الاسماء لها مضمون فالتواب لان هناك من سيتوبون ،والغفور هناك من سيذنبون ،والرقيب هناك من سيراقبون ،والحسيب هناك من سيحاسبون ،وكلها دليل على النقد الذاتي والمراجعة .
لقد حان الوقت للانتقال إلى شعائر حسينية جديدة، تتمثل في ثقافة مشتركة مع الاخرين جوهرها الورع والتقوى، أي الخوف من الله والرغبة في العمل الحسن، وتجنب الشعائر القبيحة المتوارثة من عفن التاريخ , وترك المستورد منها من دول وشعوب سادة ثم بادت, وما صنعه لنا المحتل البريطاني بعد سقوط الدولة العثمانية.
واليوم مع الاسف الشديد حوزاتنا العلمية ومراجعنا الدينية لا اهتمام لهم بالقرآن وعلومه وهذا واضح من تراثهم! فكل اهتمامهم مقتصر على الاصول والفقه والطهارة والنجاسة والحيض والنفاس! لو ننظر الى تراث السيد الخوئي نجد له 50 مجلد بالطهارة والصلاة والحج والنكاح والقضاء و 24 مجلد في رجال الحديث , اما في القران وتفسيره وعلومه وفي التوحيد والنبوة والامامة والمعاد والعقليات والمنطق والعلوم الانسانية والاجتماعية والاقتصادية ألا القليل! اما السيد علي السيستاني فلا يوجد له مؤلفات من هذا النوع .
وأن سبب ازدياد الخرافات في الواقع الشيعي والانحرافات في الشعائر الحسينية هو المرجعية الدينية في النجف بسبب سكوتها واعتزالها الوضع الاجتماعي للناس وعدم تنويرهم وتوعيتهم! فمرجعية النجف مع شديد الاسف تظن ان واجبها هو فقط كتابة رسالة عملية بالطهارة والنجاسة والحيض والنفاس!! نقد الظواهر الانحرافية في الشعائر الحسينية وبيان ضوابط الشعائر الحقة منها #السيد_كمال_الحيدري.
كرنفال المشي :
بعض رجال الدين الشيعة ومن ورائهم يعلنون الناس ان ما يقومون به في كرنفال المشي بزيارة الاربعين هو مثار اعجاب ومتابعة واهتمام العالم بأسره لكي يكسبوا المزيد من المشاركين وان موسوعة غينيستتابع الاعداد المليونية وتضعها في اعلى نسب التجمعات في العالم وربما يعلم أو لا يعلم هؤلاء ان كرنفال الحج لدى الهندوس يتجمع فيه اعداد من البشر يفوق تعداد المسلمين في كل الوطن العربي ولا يهتم لتجمعهم احد ولا حتى موسوعة غينيس , وان الاسباب التي تدعو هؤلاء للتهويل وتعظيم الامر اصبحت مكشوفة الاهداف وهي في الحقيقة لا تتعدى محيط خارطة العراق فقط ولا تحضي حتى باهتمام الدول المجاورة وغايتها التسويق الاعلامي بأن هؤلاء يمثلون غالبية الشعب العراقي ويتفاخرون بالكم ويهملون النوع الذي يؤكد عليه حتى الدين الاسلامي والقرآن ذاته يذم الاكثرية في مواضع عديدة ولكن للسياسة الطائفية رأي آخر
باختصار إشكالية مسألة التواضع تضج مواقع التواصل الاجتماعي ويضج الناس في الواقع أيضاً لمجرد رؤية مسؤول أو رجل دين يقوم بأي عمل اعتيادي كأن يمشي بين الناس أو يقدم لهم الطعام بيده أو يبادر الى مصافحة أحد البسطاء من جمهوره وكأن المسؤول أو رجل الدين خُلق ليكون متكبراً ولا بد أن يبقى كذلك وإن تنازل عن الكبرياء المفترض تحسب له حسنة التواضع ! وهذا التقليد الاجتماعي يعبر عن تخلف فادح في القيم الاخلاقية الموروثة في المجتمع ولا وجود له في المجتمعات المتحضرة اليوم فالملوك والقادة هناك يسيرون في الطرقات ولا يثير وجودهم احد إلا من بعض اصحاب الفضول
الخاتمـــــــــــــــة :
باختصار لماذا تغلبت الاعمال المستحبة على العبادات الواجبات شعبياً ؟ يعود السبب في هذه المشكلة الى الفقه بالدرجة الاولى فالمسائل الفقهية أثقلت التشريعات بأحكام وفتاوى اصبح من المتعذر على الانسان البسيط الالمام بكل حيثياتها ونتج عن ذلك صعوبة تطبيقها بسبب إضافة الكثير من المعرقلات والخطوط الحمراء امام المكلف التي تؤدي به الى جهنم وبئس المصير التي يخشاها كل مسلم وأمام هذه الحيرة فمن طبيعة الانسان ان يختار ويلجأ لأسهل السبل للخلاص من ثقل الذنوب والفوز برضا الله ودخول جنته بشكل شبه مجاني وهنا وقف الفقهاء وخطباء المنابر موقف المعين والهادي لما يسمونهم بالعوام وهم السواد الاعظم في المجتمع وقدموا لهم وصفاتهم السحرية لبلوغ الجنة الموعودة فمثلاً بدل مشقة السفر للحج وما يلازمها من امور شرعية ولوجستية مرهقة فالحل بزيارة الحسين التي تعادل ألف ألف حجة في اوسط نسبة حددتها الروايات الموضوعة وهذا البديل يشمل باقي الاعمال العبادية الاخرى وهذا التساهل والهبة الفقهية الرخيصة اوجد تضخم جماهيري لممارسة هذه التجمعات التي لا تفقه الوضوء واصبحت تسمى شعائر مقدسة وبسبب عدم وجود ضوابط محددة تنظم فعاليات هذه الحشود اصبح الوضع خارج السيطرة واصبح الفقيه يخشى العوام لان القرار على الارض اصبح بأيديهم وصار بإمكانهم اسقاط هيبة وشعبية الفقيه إذا حاول ان يعقلن ويقنن ويضبط ممارسات الجموع المنفلتة لذلك خلى لهؤلاء الجو وعز الرادع الشرعي والاخلاقي لهم واصبحت خروقاتهم تتضخم يقابلها صمت الاغلبية ودفاع البعض عنهم باستماته بحجة الحفاظ على ديمومة الدمعة الى ان وصلنا الى هذا الحال ولا ندري ماذا سيكون حالنا وحالهم في المستقبل ؟ .
المصـــــــــــــــــــــــــادر