18 ديسمبر، 2024 9:51 م

ثنائية الدولة ومن يصادرون دورها

ثنائية الدولة ومن يصادرون دورها

يُقصد بالحكم الرشيد كل عمليات الحكم والمؤسسات والعمليات والممارسات التي يتم من خلالها اتخاذ القرارات بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك وتنظيمها ، وهو بشكل اكثر دقة “العمل الذي تقوم به قيادات سياسية منتخبة، وكوادر إدارية ملتزمة بتطوير موارد المجتمع، وبتقدم المواطنين وبتحسين نوعية حياتهم ورفاهيتهم ،ولأن الحكومة عنصر من عناصر الدولة ،بخلاف ما يعتقده البعض من كونها الدولة ذاتها فينبغي ان لا تسمح مؤسسة الحكم لأي جهة كانت بضرب اسس هذه الدولة ،والاساءة اليها واضعافها ،لأن ذلك له انعكاساته السلبية على قرارها .
من منطلق التقييم تغلب الانتقائية و الممارسات غير المنضبطة على سلوك بعض الجهات السياسية ، فتجدها تغوص عميقا دون حساب العواقب في افشاء اسرار وخطط الدولة وشؤونها ،لتظهرها بمظهر الضعف وقد تضعها في مهب الريح ،وكأنها كيان عائم هش يوحي باللادولة ، الأدهى من ذلك ،انها لا تكاد تكون محمية ومحصنة ،بسبب انتقال عدوى هذا السلوك الى عموم المجتمع ، في حديث مع احد الوزراء اشار بأن اي وثيقة تخرج من مكتبه ،أيا كانت درجة سريتها تأخذ طريقها للنشر في وسائل التواصل الاجتماعي ،وقد يتم نشرها في الفضاء المجازي حتى قبل النشر في موقع وصفحات الوزارة ،ربما هذه الجزئية على صغرها ،ضمن ملف ضخم يعج بكليات الاساءة للدولة ويؤشر لضعفها .

ان تصرفات افراد يمثلون جهات سياسية بتقمص شخضية الدولة فيقومون بضرب اسسها عميقا ي،جعلها بلا قوة وقرار ، لتحقيق مصالح آنية مؤقتة على حسابها ، والأمر لا يختلف بين حالة المعارضة والموالاة للحكومة ، واغلب هولاء ممن يدعون الدفاع عنها ،وعن المواطن وحقوقه وهو مدعى لايمثل الحقيقة بأي حال من الاحوال ، بدليل انهم عندما يتسلمون ملف ادارتها تجدهم مدافعين عن كل شيء فيها باندفاع وحماس ،حتى عن تلك التفاصيل التي كانوا يعارضونها، والحقيقة أنهم يدافعون بغرور عن ما يظنون انه ملك خاص لهم بوصفهم اساسه والقيمين عليه ،اما الحقيقة فهو لا يمثل الا طموحاتهم النفعية الضيقة ، لعلهم غير مدركين ما يسهم به ذلك ،من جعلها خربة و مهلهلة، فمن يخرق القانون لا يمكنه فرضه ولا بادعائه الاصلاح والحرص ،لان المدعيات لا تصمد امام السلوك الفعلي غير المدرك للامور، ودورة الزمن والكثير من الاعتبارات التي يتحتم مراعاتها ،في التعاطي مع قضايا تمس الشأن العام .

يبدو ما نقوله نقدا لاذعا لسلوكيات واقعية حدثت ومازال بعضها يحدث بكثير من اللاشعور بالمسؤولية ،فوجود الدولة حاجة وقوة نظامها السياسي يأتي من حاكمية مؤسساتها ،كما ان احترامها واجب لا ينبغي التفريط به لأي سبب كان ،كونها تمثل الشرعية والثابت الذي لاينبغي التلاعب به وغيرها متحرك قابل للتغيير والالغاء ،وعليه لا يمكن السماح بأستمرارية هذا السلوك ،والجنوح لبسط سلطة القانون وتحكيمه ليكون الفيصل بمنع طغيان وتنامي قوى اخرى، يفترض انها تخدم الدولة ولا تضعفها وتخدم النظام السياسي ولا تضرب اسسه ومقوماته ،على ان يحدث ذلك وفق ميثاق معتد به تتفق عليه كل القوى الوطنية ،وتعمل بمقتضاه طوعا وبكل وعي بعيدا عن المزاجية ومنطق القوة الغاشمة.

لقد اسهمت هذه الممارسات بأضعاف الدولة ، و اغلب الاحزاب والتيارات والقوى السياسية تمارس دورا غير منضبط عبر صراع اعلامي سياسي يتفق مع العبث ،كما شاركت مجتمعة بجعل المؤسسات الحكومية عرضة للاساءة ،فدب الضعف والهوان وانتشرت الفوضى في العديد من المجالات ،حتى بات نور زهير وهيثم الجبوري ورائد جوحي ومشرق عباس وغيرهم من اللصوص المحتمين بجهات نافذة داخلية وخارجية ،احرارا طلقاء يعيشون حياة طبيعية متنعمين بما سرقوه من اموال الشعب ،شاهدا حيا يؤشر لمشهد الخراب الذي يضعف سطوتها ،كما اصبح غيرهم ارقاما تصول وتجول وتسرق وتتلاعب دون حسيب او رقيب ،وكأن ما حدث ويحدث امر طبيعي لا يستوجب تعليقهم على اعواد المشانق ، ليكونوا عبرة لمن يعتبر ،والشواهد والمصاديق كثيرة.

هذه التصرفات المخجلة يجب ان تتوقف ، و المطلوب ان تسمى الامور بمسمياتها ،لأجل ان لا يتصرف اشخاص في اقليم كردستان العراق بشكل منفرد ،وتغلب على لهجتهم الندية ليتعملق بعضهم ويتمدد ، ويتصرف على انه دولة فيما يشير وضعه القانوني والاداري لانه جزء اداري منها ،وبخلاف ما يدعي من حاكمية دستورها ، والتصدي هنا واجب بخلاف التغاضي الذي تقوم به جهة هنا لديها مصالح مع الاقليم واخرى هناك تتقاطع معه ،وكلنا يفهم ما ينبغي نقاشه والحديث فيه ،فهناك تفاصيل هامة وحاسمة وينبغي للجميع التسليم بكونه جزء من كل يقع عليه جزء من المسؤولية ، مع حسابات فاعلية وتأثير كل جزء وخصوصياته ، فالكيانات مهما عظم شأنها وكبر نفوذها، لا يمكن ان تتحول لدول داخل الدولة لاقتسام مقدراتها وقرارها ..