في السادس عشر من شهر اذار نشرت “صحيفة وول ستريت جورنال” مقال حول الاحداث في مدينة الفلوجة وقد جاء فيها ذكر اسم ضابط برتبة عميد من الجيش العراقي السابق وقد وصف نفسه بانه ” علماني المبدأ” حيث قال انني الان اقاتل وبشكل مطلق مع تنظيم القاعدة,هذا التصريح المهم يحتاج الى وقفة كبيرة للتأمل ومراجعة الاحداث منذ يوم اعلان السفير بريمر حل الجيش العراقي وكيف تم التعامل مع شريحة واسعة من العسكريين السابقين وفق مبداالمحاصصة الدينية والعرقية.
الحلقة الاولى: بعد ان حل السفير بول بريمر الجيش العراقي اصبح في ليلة وضحاها اكثر من 22 الف ضابط ومايقارب 250 ألف عسكري متطوع في مصير مجهول هم وعوائلهم .
الحلقة الثانية: اصدر السفير بول بريمر, قراره ذو الرقم 91 الذي نص على اعادت تاسيس الجيش العراقي الجديد وقد نص القرار على ضم 9 ميليشيات ذكرت بالاسم الصريح, وهذه اول سابقة تحصل في المنطقة عبر قرار لاعطاء الشرعية لميليشيات مارس بعضها القتل بحق ابناء العراق واستهداف الكثير من الابرياء.
الحلقة الثالثة: طائفية المؤسسة العسكرية العراقية الجديدة. ذكر السفير بول بريمر في كتابه” عام قضيته في العراق” بانه اتصل بالسيد عبد العزيز الحكيم قائلا له اصدرت الاوامر بتعين ضابط شيعي كأول امر وحدة في الجيش الجديد
تاكيدا منه على شكل الجيش الجديد ومداعبا الروح الطائفية لمن اتصل به.
وفق اوامرالسفير بريمر ,تم الشروع بتاسيس الجيش العراقي الجديد وبالفعل تم استدعاء بعض الضباط من ذوي الخبرة لاعداد دراسات او تنظيم المقر العام والوحدات فقد كانوا ينفذون حرفيا مايمليه عليهم مندوبي بريمر والاحزاب السياسية الطائفية المتنفذة بحيث يتطابق مع اهدافها, تم تشكيل الوحدات وفق مبدا المحاصصة ومن ثم زوقوا هذا الاسم القبيح ليجعلوه ” التوازن الوطني” .
لقد تم قبول انضمام بعض من ضباط الجيش العراقي السابق في المؤسسة العسكرية الجديدة وهم معروفون ويمارسون ادوار قيادية وجميعهم كانوا اعضاء في حزب البعث ومنهم في درجات عليا وحتى يتم قبولهم عليهم الانتماء الى الاحزاب الطائفية فبعض منهم ذهب الى حزب الدعوة والاخر الى المجلس الاسلامي الاعلى واخرون الى التيار الصدري وبعض قليل الى الحزب الاسلامي لتكون بوابة العودة الى الجيش هي بوابة الاحزاب الدينية الطائفية وليس بوابة خدمة الوطن وقد انعكس ذلك وبشكل واضح على الاداء المخزي لهذا الجيش في مشكلة الانبار.
الحلقة الرابعة : جيش الدمج, لتنفيذ امر بريمر المرقم 91 , شرعت الاحزاب السياسية والتي تملك اجنحة عسكرية “ميليشيات” باعداد قوائم لمنتسبيها بغية ضمهم الى الجيش الجديد ووفق مبدا العمر او مابات يطلق عليه ” الخدمة الجهادية” دون النظر الى الكفائة المهنية او اللياقة البدنية او التدرج الطبيعي بين الرتب , وبات توزيع الرتب بالجملة حتى اصبح العراق يملك اكثر عدد لحاملي رتبة” فريق” في التاريخ العسكري العام” اقصد به تاريخ جميع الجيوش”.
الحلقة الخامسة: جيش بني امية, في احدى لقاءات رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة اثناء فترته الانتخابية الاولى وفي معرض مناقشة هل سيتم شمول ضباط الجيش السابق في زيادة الرواتب التقاعدية, رفض الماكي ذلك وقال هل تريدون ان اعطي “جيش بني امية”.
الحلقة السادسة: المصالحة الوطنية البائسة, كي ترضى ادارة الرئيس جورج بوش ” الابن” وتبارك الاحزاب الحاكمة طلبت من القيادات السياسية المتنفذة العمل على اجراء مايسمى بالمصالحة الوطنية ومع شريحة العسكر وهذا اغرب شيئ طرح عبر التاريخ حيث يذكر لنا التاريخ كثير من تجارب المصالحة بين القوى المتصارعة سواء كانت دول اواحزاب سياسية او كيانات مجتمعية او عشائر وقبائل ولكن بين جيش سابق وحكومة حالية فهذا امر غريب, نعم كان هناك نزاع وقتال بين جيش عراقي وطني يمثل دولة العراق وبين عملاء ايران من احزاب وقوى مسلحة مثل فيلق بدر وميليشيات حزب الدعوة وغيره .
لم يطلب اي شخص مخول من الجيش العراقي السابق الاعتذار او قبول مصالحة مع القوى العميلة الى ايران .
لقد رعت الولايات المتحدة وبريطانيا هذه المصالحة وجرت عدة لقاءات مكوكية شكلية استخدمت لاغراض سياسية بحته .
في ندوة عقدت يوم الجمعة الماضية 21 اذار في واشنطن تحدث سياسي اميركي مرموق عن الاوضاع السيئة في العراق في الوقت الحاضر واسباب ذلك حيث قال بالرغم من دعم الولايات المتحدة الاميركية لمشروع المصالحة وصرفها الاموال الطائلة لانجاحه وبصفته مسؤولا عن هذا الملف لفترة زمنية , اكد ان فشل المصالحة الوطنية مع شريحة العسكر يعود بالدرجة الاولى ” لنوري المالكي واحمد الجلبي” والذي نفذا عبر ميليشياتهم سلسلة من الاعمال الاجرامية بحق العديد من الضباط مما اجبرتهم على مغادرة العراق .
الحلقة السابعة: مع كل اللقاءات التي حدثت بين بعض الضباط ومسؤولين في المصالحة الوطنية او مكتب رئيس الوزراء فلا زال غالبية الضباط مشردون بين دول الجوار ,املاكهم الخاصة موضوع عليها “علامة الحجز” يتقاضى البعض منهم رواتب تقاعدية بائسة ولم تعطى حقوقهم التقاعدية المكتسبة.
في عودة الى مقدمة المقال ولنحلل دوافع اعلان ضابط وبشكل صريح انظمامه الى تنظيم القاعدة والقتال معه في وقت يعلم الجميع مدى ضلوع هذا التنظيم بتنفيذ اعمال اجرامية .
من المؤكد ان هذا الضابط قد تعرض لانواع من التهديد والتهميش والاستهداف مما ولد لديه روح الانتقام التي سرعان ما وجدها لدى تنظيم القاعدة, هذا المبرر غير مقبول لتغير حال شخص كان يدافع عن شعبه “عسكري” الى انسان يستهدف شعبه بالقتل والتدمير ولكن في نفس الوقت علينا ان نقول وبعالي الصوت, ان من يمارس سلوكا اجراميا يجبر الطرف المقابل الى ان يتحول الى مجرم فهو يمارس عملا ارهابيا لايقل في اجرامه عن من يمارسه شخصيا.”
الحلقة الثامنة: ستتواصل الحلقات هذا المسلسل الاسود ولن تنتهي الا بزوال هذه الطغمة الطائفية الفاسدة وقبل ان اختم المقال, لا استطيع ان اعطي عنوانا واضحا لهذه الحلقة فقد وجدتها غريبة وغير واقعية والى الخيال اقرب.
من المعلوم ان بعض الضباط ونتيجة لعدم قبول انظمامهم الى المؤسسة العسكرية الجديدة لاسباب طائفية مغلفة بحجج سياسية ” اجتثاث البعث” ولاستهدافهم بالقتل والتهجير من قبل ميليشيات معلومة فقد غادر هؤلاء العراق وحلوا في مختلف بقاع الارض وبالرغم من وجود قادة من ذوو الخبرة والعلم العسكري الوفير الا ان هذه الدول لم تستفاد من هذه الخبرة وخصوصا الدول العربية الا في حالات معينة نادرة ,حيث استخدم الجيش اليمني بعض منهم, وقبل الربيع العربي في اليمن واثناء اندلاع القتال بين الجيش اليمني والحوثيين كان لهؤلاء القادة دورا مميزا في ضرب وسحق التمرد الحوثي, مما اثار غضب ونقمة ايران راعية المشروع الحوثي والمشروع الطائفي في العراق والمنطقة, فقد اصدرت الاوامر الى زبانيتها في سلطة العراق بضرورة متابعة هؤلاء ووضع حواجز وموانع امامهم وصولا الى عدم تزويدهم بشهاداتهم العسكرية بغية منع من يريد التوجه الى اليمن.
ولنا لقاء في حلقات قادمة من مسلسل ” جيش الميليشيات الطائفي”