20 سبتمبر، 2024 6:40 ص
Search
Close this search box.

الرق التكنولوجي .. من الأخ الأكبر إلى الذكاء الاصطناعي

الرق التكنولوجي .. من الأخ الأكبر إلى الذكاء الاصطناعي

خاص : بقلم – د. محمد عبدالله :

في عام 1995؛ نشر الكاتب الكندي “دوغلاس كوبلاند” روايته (عبيد مايكروسوفت)؛ التي استوحى فيها أجواء شركة “مايكروسوفت” إبان مجدها في منتصف تسعينيات القرن الماضي عندما رفع “بيل غيتس” شعار: “المعلومات عند أطراف الأصابع”؛ وكأنه يقول إننا وحدنا من سيصنع مستقبل العالم.

أبطال رواية “كوبلاند” هم أشخاص لطفاء وبسطاء ـ كما هم السواد الأعظم من مستخدمي (فيس بوك) و(تويتر) ـ بدأوا تدريجيًا يُلاحظون أن العمل يسّتغرق وقتًا أطول، وأن كل شيء يدور حول الشركة ووجودهم فيها، فيما بدا أنه نوع جديد من “الإقطاع الرقمي” أو “الرأسمالية التكنولوجية”.

ورأى مؤلف الرواية في ذلك صورة للعبودية، لذلك سّارع لإنقاذ أبطال روايته من أن يكونوا عبيدًا لـ (مايكروسوفت)، وهو ما دفع أحد أبطال روايته لأن يُقرر مغادرة الشركة فورًا ويرمي كل شيء ويبدأ عمله الخاص، يحلم بخلق شيء فريد وتغيّير حياته للأفضل، كما ثارت بطلة القصة وأسرتها حين أدركت أنها أصبحت جزءًا من آلة ينبعث منها ضوء “ماكنتوش الأزرق”.

وقبل هذه الرواية؛ وفي عام 1949، صدرت رواية “جورج أوريل”؛ (1984)، التي كانت تُناقش وتحكي عن مستقبل تُسّيطر فيه سلطة استبدادية عن طريق “شاشات الرصد” التي انتشرت في كل غرفة خاصة وفي كل مساحة عامة، كان الحزب المُسّيطر وقتها يستخدم تلك الشاشات في نقل الرسائل للعامة، ومراقبة النشاط المدني، فكانت تُسّجل الأصوات وتتعرف على الوجوه، وحتى تراقب تعابير الوجه لتُحدد مدى انضباط المرء وولائه للحزب.

وقد خرجت من الرواية جملة خالدة هي: “الأخ الأكبر يراقبك” وقد حققت شركات التكنولوجيا الكبرى نبوءة “جورج أورويل” بشكلٍ مثالي، فـ”الأخ الأكبر” يُدار اليوم من “وادي السّيليكون”، وليس من البلدان التي كانت شيوعية.

وفي ذات السّياق التحذيري من عبودية التكنولوجيا؛ فقد صُدر عام 2016، كتاب (الإنسان العاري: الديكتاتورية الخفية للرقمية)؛ لمؤلفيه: “مارك دوغان” و”كريستوف لإبر”، والذي كشف مدى هيمنة شركة (غوغل) على العقول.

وقد أطلق هذا المٌؤلَف إنذارًا خطيرًا على ما وصلت إليه: “قوات تدخل عالم الافتراضي”؛ والتي سّماها الكتاب: “الدكتاتورية الخفية للرقمية” من تحكم شركات (غوغل) و(فيس بوك) و(تويتر) عبر الشركات العالمية على عالمنا وعقولنا وطريقة تفكيرنا وسلوكنا، فشركة (اَبل) و(ميكروسوفت) و(غوغل) أو (فيس بوك) يمتلكون: 80 بالمئة من المعلومات الشخصية الرقمية للإنسانية؛ التي يُطلق عليها المؤلفان: “المنجم الذي يملك الذهب الأسود الجديد”.

يؤكد المؤلفان أن وكالة الأمن القومي الأميركية تطلع على كل حركة وكل تبادل إلكتروني وعلى كل لحظة في حياتهم اليومية؛ فنحن نعرف أن هناك جاسوسًا في جيوبنا، هو الهاتف المحمول، يُسجل بدقة تنقلاتنا ويرصد هوية كل الذين نحن في اتصال معهم وتتحكم (آبل) و(غوغل) وحدهما في: 90 بالمئة من أنظمة استغلال كل الهواتف الذكية فوق الأرض.

وفي سبيل إكمال حلقات السّيطرة؛ فقد صرّح أحد مؤسّسي (غوغل)؛ “لاري بيغ”، بأن الشركة تُريد القضاء على الموت، وقد أسس شركة باسم (لايف كومبني)؛ وخطتها هي تمديد الأمل في الحياة بزيادة العمر الافتراضي للبشر عشرين عامًا إضافية من خلال محاربة الأمراض؛ حتى يستمر استهلاك التكنولوجيا بصورة دائمة.

لقد أرغمت الثورة التكنولوجية بخوارزمياتها المتطورة البشرية على تقديم معلوماتهم الصحية والنفسية والفكرية طواعية ودون إكراه، حيث يتم تجميع هذه المعلومات الهائلة، لكي يُراقب العالم ويوجه بحسّب مصالح مُلاك الثروة الرقمية وتتجه البشرية نحو نموذج شرس للاستعباد التكنولوجي، حيث لا مكان فيه للأحرار طالما لم ينخرطوا بقوة في إنتاج التكنولوجيا ويتوقفوا عن كونهم مجرد مستهلكين .

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة