وكأنه قرار إتُخذ لإجتياح حدود شمال العراق بعد مضامين الرسائل الإيرانية التي تلقتها بغداد تُذكّرها حين لم تعد تنفع الذكرى بإلتزاماتها الأمنية قبل إنتهاء المهلة السريعة والمحددة التي إعطيت لها.
“ضرورة إغلاق جميع مقرات المعارضة الإيرانية في شمال العراق بمدة أقصاها قبل يوم التاسع عشر من ايلول/سبتمبر” هو مضمون الرسالة التحذيرية من طهران لبغداد وإلا سيكون هناك تحرك أمني لايقل عن إجتياح عسكري يصل إلى مشارف كردستان.
الإتفاق الأمني الذي تحدثت عنه حكومة بغداد ينص على ثلاث فقرات تبدأ بمنع تسلل المسلحين بعد نشر قوات حرس الحدود، وتسليم المطلوبين بعد صدور أوامر قبض وفقاً للقانون، ونزع السلاح وإزالة المعسكرات، ليبقى السؤال بلا إجابة هو هل تستطيع الحكومة العراقية أن تنّفذ هذه الشروط وأوامر الترحيل بهذه المدة البسيطة؟.
تباين المواقف بين الحزبين الحاكمين من قضية إغلاق مقر الأحزاب الكردية المعارضة في كردستان يجعل الحيرة تسابق تطبيق القرار.
بينما رحّب الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود بارزاني بالخطوة واصفاً إياها بالمهمة لتحقيق الأمن والإستقرار في الإقليم، إعتبر الإتحاد الوطني الكردستاني بقيادة بافل طالباني تلك القيادات الكردية المعارضة بأنهم لاجئين سياسيين عليهم أن يلجأوا إلى الأمم المتحدة لمعالجة الأزمة.
غرابة الإتفاق الأمني أنه وِقّع بين طهران والحكومة الإتحادية وليس مع حكومة الإقليم في إيحاء بعدم شرعيتها، مما يُعطي إلتزاماً ومسؤولية للحكومة الإتحادية بتنفيذ بنود هذا الإتفاق مع غياب صلاحيات حكومة الإقليم بالتدخل في بنود هذا الإتفاق.
حتى منتصف أيلول/سبتمبر يتوجب على الحكومة العراقية نزع سلاح الجماعات المسلحة داخل الأراضي العراقية وإيجاد بدائل لعناصر هذه الأحزاب مع عوائلهم، مع ترجيحات بأن تكون مناطق غرب العراق بديلاً لسكناهم.
وفي خطوة للتعامل بالمثل دعا حزب الإتحاد الوطني الكردستاني إلى التحرك تجاه إنهاء الإعتداءات والإنتهاكات التركية على الأراضي العراقية بعد أن إستولت القوات التركية على مطارين عسكريين أحدهما في بعشيقة من أجل إستخدامها في تنفيذ العمليات العسكرية ضد متمردي حزب العمال الكردستاني بعد أن وصلت إلى عمق (٣٠٠كم) عن طريق الطائرات المسيرة بحجة وجود إتفاقية أمنية مع بغداد في إشارة لوجود (٦٠) قاعدة عسكرية داخل الأراضي العراقية للقوات التركية حسب إدعاء القيادي في حزب الإتحاد الوطني برهان شيخ رؤوف.
في غياب السيادة عن أي دولة تصبح مثل الذبيحة التي تكثر سكاكينها، والعراق خير مثال لدولة منزوعة السيادة تتصارعها الخلافات السياسية من الداخل فيما تتربص بها التدخلات الخارجية من الخارج.
وبين التدخل الإيراني والتركي، تدور في مخيلة العراقيين أسئلة كثيرة عن قدرة الحكومة المركزية في كبح جماح تدفق تلك الحشود العسكرية إلى داخل الأراضي العراقية ووقف إستهتارها بالسيادة، هذا إن كانت تستطيع أن تقول لهم كفى إستهتاراً بشعبنا وأرضنا.