في إطار تصحيح ومعالجة بعض الظواهر السلبية التي ترافق بعض الشعائر الحسينية ، صدر عن المرجع اليعقوبي وبمناسبة قرب حلول الزيارة الاربعينية الامام الحسين (عليه السلام) ومسير الزائرين نحو كربلاء الشهادة خطاباً بعنوان (توجيهات حول خروج النساء مشياً إلى كربلاء من مسافات بعيدة أياماً عديدة ) * ، وهذه التوجيهات تشكل خطوة جديدة في أطار تصحيح بعض الظواهر السلبية التي ترافق احياء الشعائر الحسينية ، وفي موقف مسؤول للتصدي لإصلاح مسار الشعائر وتنقيتها من الشوائب التي اختلطت بها الى الحد الذي تكاد تخرجها عن اطار الأهداف الحقيقية من إحيائها ، والتي يقف ورائها بعض تجار الشعائر الذين تنصلوا من أي وازع وضابط أخلاقي أو شرعي أو علمي ، من الذين ركنوا إلى الشعائر كسلاح في وجه المصلحين من خلال اسلوب خطابهم الذي يستغل عواطف المجتمع الموالي لرسول الله وأهل بيته الأطهار (صلوات الله عليهم وسلم تسليما كثيرا) ، وتوظيف ذلك التجييش العاطفي لنفخ أنفسهم في محاولة لتعويض ما يفتقدوه من مقومات حقيقية تؤهلهم للتصدي للدفاع عن الدين وقيادة المجتمع وإدارة شؤونه.
ظاهرة الاختلاط في المشي وآثارها السلبية
هذه المرة توجه سماحته إلى معالجة ظاهرة سلبية أخرى شغلت بال الكثير من الغيورين والغيورات على الشعائر الحسينية ، ودعت الضرورة المرجعية الرشيدة للتصدي لها وتوعية المجتمع الشيعي إلى خطورتها ومغبة استمرارها لما تمثله من انتهاك لحرمة شعيرة المسير إلى كربلاء ، وتتمثل هذه الظاهرة بالاختلاط غير المبرر بين الجنسين في أثناء المسير ومحطات الاستراحة خصوصا المسيرات التي تنطلق من مسافات بعيدة والتي تشهد تعكير صفو تلك الشعيرة المقدسة .
المرجع اليعقوبي سبق هذه الدعوة بالإشارة في العديد من خطاباته إلى هذه الظاهرة المؤسفة ، وأبدى تعجبه وأسفه على خروج النساء هذه المسافات الطويلة دون أن يكون معها محرم يعينها على مشقة الطريق ويؤمن لها ما تحتاجه في تلك الرحلة من مستلزمات غذائية أو صحية وغيرها ، وكذلك سمعنا وطالعنا العديد من التوجيهات التي صدرت من بعض الجهات الدينية جوابا عن أسئلة الكثير من المؤمنين الغيورين حول هذه الظاهرة وكانت اغلب الأجوبة تكتفي بمطالبة الزوار بمراعاة الاختلاط والابتعاد عن النظرات المحرمة وغيرها من التوجيهات التي لا يمكن أن تكون علاجا حقيقيا لهذه الظاهرة الخطيرة .
المرجع اليعقوبي وفي اطار معالجة اشكاليات هذه الظاهرة أصدر توجيهاً إلى النساء المؤمنات من اللواتي يحرصن على إحياء شعائر الله وموالاة نبيه وآله (صلوات الله عليهم) ويتطلعن إلى الاقتداء الحقيقي بسيدة النساء ومثلهن الأعلى فاطمة الزهراء (ع) وابنتها الحوراء العقيلة زينب (ع) والراجيات لشفاعة هاتين السيدتين الجليلتين وخاطبهن بكل مودة وحرص أبوي بأن يمتنعن عن الخروج مشيا على الأقدام من مسافات طويلة تتطلب أياما للوصول إلى الإمام الحسين (عليه السلام) وتتطلب منهن المسير في البوادي والقفار وخصوصا النسوة القادمات من جنوب العراق ، بلحاظ ان المسافة من تلك المدن الى كربلاء قد تتجاوز (500 كم) ، تستوجب المبيت في الطريق لليالي عديدة وفي أماكن كثيرة ، وبين سماحته موارد الامتناع بتحقق الشروط التالية (اذا كان يستلزم مخالفة شرعية ، أو لم تأمن المرأة من الوقوع في المخالفة أو التسبّب فيها ) ، وذكر سماحته المؤمنات بالحكم الشرعي القاطع في ظل وجود مخالفة شرعية في خروجهن من بيوتهن (وقد أجمع الفقهاء على حرمة خروج المرأة من بيتها إذا استلزم مخالفة شرعية ).
مبررات المنع
وبين سماحة المرجع اسباب دعوة الامتناع الى ان سيرة نساء أهل البيت كالصديقة الزهراء والعقيلة زينب (عليهما السلام) (هو القرار في البيوت التزاماً بقوله تعالى {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } (الأحزاب : 33)، والأحاديث الشريفة المتواترة التي تحث المرأة المسلمة على ذلك ) ، ويضرب سماحته مثالا على ذلك بما كان يصاحب خروج السيدة زينب (عليها السلام) من احتياطات لتجنب نظرات الاجانب ، فكانت وقت خروجها في الليل ، ولا تخرج الا برفقة ابيها امير المؤمنين علي وولديه الحسنين (عليهم السلام) حتى لو كان لزيارة قبري جدها وامها (صلوات الله عليهما) .
اما اذا اجبرتها الظروف على الخروج للسفر فلا تخرج الا بستر وحشمة وبرفقة اخوانها كما في رحلتها مع اخيها الامام الحسين (عليه السلام) الى كربلاء ، وانها والهاشميات لم يخرجن ماشيات امام الاجانب قبل يوم عاشوراء ، أما ما حصل يوم عاشوراء فهو حالة استثنائية ويوضحها سماحة المرجع بالقول (والذي حصل لهن من الظهور أمام الاجانب في الاسر بعد يوم عاشوراء كان قهراً عليهن وبفعل لئام الامويين، وليس فعلاً اختيارياً لهن حتى تتأسى به النساء المؤمنات المواليات) .
ويرى سماحته أن خروج النساء للمسير من المدن البعيدة وقطع كل هذه المسافة الطويلة الى كربلاء التي تستوجب المبيت في بيوت لا تجمعهن صلة أو رابطة قرابة من بعيد أو قريب فيه مخالفة صريحة للشريعة ولا يرضى به قطعاً الامام الحسين ولا السيد الزهراء والسيدة زينب (عليهم السلام) ، خصوصا ان البعض من المضيفين قد يكونوا من الناس السيئين أو أشباه الرجال من المتصيدين بأعراض الناس مستغلين عدم وجود مرافق للمرأة ، ولذلك يحذر سماحته النساء من الوقوع في قبضة مثل هذا الصنف من البشر المستذئبين وما أكثرهم في زماننا بالقول (المبيت في بيوت ناس لا يعرفونهم وقد يكون بعضهم من المندسين المتسترين باسم الإمام الحسين (عليه السلام) في هذا الزمان الذي كثرت فيه الذئاب و الوحوش بهيئة الانسان، مخالف لآداب الشريعة) .
المشكلة في الظروف الخارجية وليس في مسير النساء فقط
ويعبر المرجع اليعقوبي عن تقديره لكل النساء المؤمنات العفيفات وعن افتخاره بالتزامهن بالحجاب الشرعي والمحافظة على الأحكام الشرعية وعمق ولائهن لأهل البيت واندفاعهن للقيام بكل ما يعتبرنه شكلا من المواساة لهم ولتأسي بهم خصوصاً عقيلة الطالبيين زينب (عليها السلام) ، الا ان سماحته يوضح وجه وسبب المشاكل التي يحتمل ان تعترض طريقهن الى كربلاء والتي هي خارج ارادتهن ويبينها بالقول (إن المشكلة ليست من جهتهن، وإنما من جهة الظروف المحيطة بهذه الحركة ) ، ويؤكد على ان موقف المرجعية ودعوتها في هذا التوجيه هي بلحاظ الموضوع من كل جهاته ومنها هذه الظروف الخارجية وما يمكن ان تتعرض له المرأة في مسيرها .
صور من بعض المخالفات الشرعية التي ترافق مسير النساء
وتشخص المرجعية في بيانها أسباب التوجيه الشرعي للنساء بوجود عدد من المخالفات الاخرى التي يأباها الشارع المقدس والتي ذكر منها سماحته ثلاث مخالفات على سبيل المثال لا الحصر ونوجها بالتالي :
1- ان مبيت النساء في بيوت الغرباء مع احتياجهن لرعاية خاصة لتوفير احتياجاتهن الخاصة وقد تحصل نتيجة للتعامل المباشر مع الرجال حصول محاذير شرعية ويبين سماحته ان حاجة المرأة للرجال قد يعرضها الى (لبعض ذوي النفوس المريضة، إذ ليس كل الناس من الملائكة، فتحصل فتنة وظروف مريبة) ، كما أن وجودهن أصلاً يكلف المضيفين اعباء نفسية وجهود إضافية إلى حين مغادرتهن .
2- ان غياب المرأة عن أسرتها لهذه المدة الطويلة التي تقضيها بالمسير يسبب ضرر على عوائلهن يحدده سماحته صورته في (التقصير في وظائفهنّ وكثيرا ما يكون الزوج او رب الاسرة مشغولاً بعمله ووظيفته إذ لا يستطيع التغيّب كل هذه المدة ، ولذا قد تضّطر بعض النساء لاصطحاب الأطفال وهم لا ينضبطون فيضيع الأطفال وتتحول الرحلة إلى كارثة) ، ويوضح سماحته ان الكثير من الأزواج غير مقتنعين بمسير زوجاتهم وغيابهم لهذه المدة الطويلة الا انه لا يستطيع منعها لأنها سوف يتهم بمنعها من الزيارة ويتم تحميله أثم منعه ، وهذا الاسلوب والتمرد لم يأتي اعتباطا وانما بسبب تهريج بعض تجار الشعائر ، ويبين المرجع اليعقوبي ما يتعرض له الازواج من تمرد وتهديد تحت غطاء ديني لإجباره على الخضوع لخروج زوجاتهم سيرا على الأقدام (أصبح البعض يُمارس قضية الحُسين كإرهاب فكري لجبر الناس على قرارات لا يرضون بها، وقد صرّح كثير من الرّجال بعدم رضاهم بخروج أزواجهم إلاّ أنّهم يُجابهون بالخطوط الحمراء التي صنعها المتاجرون بالدين وشعائر الإمام الحسين (عليه السلام) مستغلين العواطف الجيّاشة) .
3- بسبب الازدحام الذي يحصل نتيجة عدم توفر وسائل النقل والاعداد الكبيرة للزائرين ، تضطر الكثير النساء الى التدافع مع الرجال والتماس المباشر بالأيدي ، لمساعدتهن على صعود سيارات الحمل التي بسبب اكتظاظها وعدم استقرارها تشهد تماس اكثر التصاقا مع الركاب خصوصا أثناء توقفها او التدافع المختلط للحصول على وجبة الطعام وغيرها من الحالات .
لذلك يبين سماحة المرجع ان الطريقة الوحيدة لتجنب كل هذه المخالفات المحتملة هو اجتناب مثل هذا الخروج .
خداع ومكر تجار الشعائر
ويرى سماحته ان الدعوات التي تحرض النساء على الخروج سيرا الى كربلاء دعوات غير منصفة ، ولا يمكن حملها على محمل حسن خصوصا مع علم أصحابها ويقينهم بوقوع كل تلك المخالفات الشرعية ، ويذكر سماحته ايضا النساء المؤمنات الى أن محاولة الايحاء لهن من قبل تجار الشعائر بأن هذا الخروج هو للتأسي بالسيدة زينب والهاشميات هو محض افتراء وكذب رخيص لأنهن لم يخرجن بتلك الحالة بمحض إرادتهن ، وإنما أخذن ظلما سبايا أسيرات من قبل جيش ابن زياد ، وأن الامام السجاد (عليه السلام) وصف هذه المأساة بأنها أصعب مشاهد مصيبة كربلاء ، ويلفت سماحته الى ذلك المعنى بالقول (إنّ إخراج النساء مع وجود مثل هذه المخالفات يُخشى أن يكون تأسياً واقتداءاً بلئام الأمويين الذين أخرجوا حرم رسول الله (صلى الله عليه واله) في البوادي والقفار وليس تأسياً بالعقيلة زينب (ع) والهاشميات، فإنّهنّ لم يتخذنّ هذا الخروج سُنّةً وعادة باختيارهنّ ، بل صرّح الإمام السجاد (عليه السلام) لأبي حمزة الثمالي أن أقسى فصول مأساة كربلاء على أهل البيت (عليهم السلام) هي خروج النساء بين الرجال الأجانب في تلك المجالس والمسافات الطويلة، ولم يسمح أحد من الأئمة (عليهم السلام) بتكرار هذه الحالة) .
ويوصي المرجع اليعقوبي النساء المؤمنات بأن التأسي المطلوب منهن هو بالتفقه بالدين وصونهن وعدم ابرازهن امام الرجال الأجانب وبالتزام طاعة الله تعالى التي لم تفارق السيدة زينب (عليها السلام) وهي في أحلك الظروف والآم المصاب ولم تترك صلاة الليل .
الثواب والاجر يتحقق بمراعاة الأحكام الشرعية
ويبرهن سماحته من خلال استشهاده بالروايات الشريفة عن الرسول الاكرم واهل بيته (صلوات الله عليهم) على ان التزام النساء وعدم خروجهن لن يحرمهن من نيل الثواب الجزيل لمن قصد المشاهد المقدسة ، فعن رسول الله (صلى الله عليه واله) قال :(صلاة المرأة وحدها في بيتها كفضل صلاتها في الجامع خمساً وعشرين درجة) ، وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال : (خير مساجد نسائكم البيوت).
ويستشهد سماحة المرجع اليعقوبي أيضا بموقف السيد الشهيد الصدر(فد) الذي يوافق توجيهه للنساء ( وهذا موقف يشاركنا فيه كل غيور على الدين وحرماته ، وممن صرح به السيد الشهيد الصدر الثاني (قده) في الخطبة الاولى من صلاة الجمعة المباركة السادسة في مسجد الكوفة المعظم، حيث منع النساء من الخروج الى زيارة المعصومين (عليهم السلام) اذا كان في ذلك اختلاط وظهور النساء أمام الرجال فكيف اذا أضيف إليها المبيت عدة ليالٍ عند أجانب لا يعرفونهم، قال (قده) :
(نحن نعمل المستحبات ونعمل المحرمات في نفس الوقت أيجوز ذلك؟ طبعا لا يجوز، هل ننال شفاعة المعصومين بالتجاوز على المعصومين وهتك حرماتهم ؟ هو يذهب ليتبرك بضريح الامام فيلعنه الامام الذي ذهب اليه، ويلعنها الامام الذي ذهبت اليه، فيخرج بلعنة الامام، لا يخرج بشفاعة الامام ، المسألة بسيط جدا . كل شخص عنده أم، أخت، بنت، أخ، جيران، صديق، ينصح بعضكم بعضا بالارتداد عن ذلك وعن غير ذلك، خير لك ان تركتها، اترك الزيارة خير لك من ان تذهب بهذه الزيارة الخاطئة الخائبة، ….امنعوا جيرانكم واسرتكم عن مثل هذا التهتك وهذا الاحتقار للدين و المعصومين (عليهم السلام)) .
دهاقنة الدين وتحريف التأويل
وينبه سماحة المرجع اليعقوبي من تأويل هذه الدعوة للنساء بخلاف مقاصدها وبشكل يوحي بمنع النساء مطلقا من زيارة الامام الحسين (عليه السلام) : (إن هذه الدعوة المخلصة لا تتضمن منع النساء من زيارة الامام الحسين (عليه السلام) مطلقاً حتى لو خلت الزيارة من اي مشكلة، لأنها قيدّت – بصراحة ووضوح – الامتناع بالظروف والمخالفات المذكورة وتستطيع النساء الذهاب الى الزيارة بحشمة ووقار في غير هذه الظروف الموجبة للامتناع ) .
ويحذر سماحته من محاولات التحريف لهذا التوجيه الشرعي من قبل دهاقنة الدين والمتاجرين بالشعائر الحسينية ، من خلال التهريج والتدليس عبر الفتاوى والمنابر والمنشورات باتهام سماحة المرجع اليعقوبي بمنع النساء من الزيارة الاربعينية (ولعلنا سنجد من يحرّف الكلم عن مواضعه ويزعم اننا نمنع من ذهاب النساء لزيارة الامام الحسين (عليه السلام) مطلقاً) ، ويبين سماحته ان النساء والرجال مشمولين كلاهما بالحث على زيارة الامام الحسين (ع) في الروايات الشريفة ، ويوضح سماحته ان الشريعة الاسلامية ضمنت المساواة في الجزاء على الأعمال الصالحة بين الذكر والأنثى وأن زيارة الامام الحسين (عليه السلام) من مصاديقها .
دعاة مسير النساء والكيل بمكيالين
ويذكر سماحة المرجع من يحرض النساء على السير لمسافات طويلة دون ان يعالج الاشكالات والمحاذير الكثيرة التي يعلمون بوقوعها لكنهم يتنصلون من مسؤولية اتخاذ الإجراءات المناسبة للحيلولة دون حصولها ، ويدعو سماحته هؤلاء دون لينصفون الناس من أنفسهم قبل يعرضوا النساء المؤمنات الى الوقوع في المحاذير الشرعية بينما يحصنون نسائهم ويوبخهم عن هذه الازدواجية والتعامل بمكيالين قائلا (واذكر من يدفع النساء المؤمنات العفيفات المواليات للسير من هذه المسافات البعيدة من دون اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتجنب المشاكل و المخالفات، وهو لا يُرسل نساءه الى تلك المسافات لتسير مع النساء، ويصون أهله في الترف و النعيم، اذكّره بقول العقيلة (ع) لئلا يكون مشمولاً به، فقد جاء في كلماتها التي صدمت بها يزيد الطاغية :
(أمن العدل يا ابن الطلقاء، تخديرك حرائرك واماءك، وسوقك بنات رسول الله (صلى الله عليه واله) سبايا، قد هتكت ستورهن، وأبديت وجوههن، يستشرفهن أهل المنازل والمناهل، ويتصفّح وجوههن القريب والبعيد، والدني والشريف، ليس معهّن من رجالهن ولي ولا من حماتهن حمي) ) .
في ختام هذا التوجيه الشرعي سماحة المرجع اليعقوبي المؤمنين والمؤمنات أن يكونوا بمستوى المسؤولية والأمانة في اداء تكاليفهم الشرعية وعدم الانجرار وراء العاطفة والرغبات الشخصية ، وأن يقدموا طاعة الله تعالى على من سواه ، وحثهم على الاستجابة لهذه الدعوة الاصلاحية الصادقة ( ندعوا المؤمنين أن يستجيبوا لهذه الدعوة التي فيها حياة لهم في دنياهم وآخرتهم، قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ) (الأنفال/24) ) .
ومن خلال ذلك الاستعراض الدقيق لتوجيه ودعوة سماحة المرجع اليعقوبي التي أختص بها النساء المؤمنات ، ودعاهن من خلالها الى الامتناع عن المسير من مسافات طويلة الى كربلاء ولأيام طويلة سيرا على الاقدام في حال استلزم الوقوع في مخالفات شرعية ، وما يتفق عليه الجميع هو وجود عدد من المخالفات المشخصة فعلا من قبل جميع المعنيين بالزيارة في مسيرة النساء لمسافات طويلة ، ومع حصول هذه المخالفات الشرعية التي يمكن أن تؤدي إلى نتائج سلبية وربما كارثية ، يكون من الافضل للمجتمع المؤمن عموما والنساء خصوصاً تلافيها من خلال الابتعاد عن أسباب الوقوع فيها ، لأن الإصرار على المسير رغم هذه المخالفات الشرعية هو عمل لا يخلو من الإشكالات الشرعية والعقائدية ، خصوصا انه سيكون مجانباً لمشروع الإصلاح الاجتماعي الذي كان أهم أهداف الثورة الحسينية المباركة ، وكذلك مشوه لهدفية الشعائر الحسينية والتي غايتها ان يبلغ الانسان من خلال احيائها درجة التقوى والصلاح .
* صدرت التوجيهات يوم 26 محرم 1434 المصادف 11/12/2012.
[email protected]