في مقابلة مع صحيفة “دير شبيغل” الألمانية، يناقش رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الاتهامات الموجّهة إليه بأنه أصبح صدام حسين آخر، ويتخوف من عودة الإرهاب إلى بلده، وخوفه من أن الحرب الأهلية في سوريا قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة بأسرها، متوقعًا مرحلة صعبة للعائلة السعودية المالكة.
يقول المالكي إنه لا يستطيع أن يحصي المرات التي حاول فيها الأعداء التخلص منه، فقد تعرّض للهجوم من مسافة قريبة خلال ظهوره العلني، وكانت هناك أيضًا محاولات لتسميمه.
إجهاض اغتيالات
أضاف: “حاولوا أيضًا إسقاط طائرتي عندما كنت في طريقي إلى الموصل في شمال العراق، لكن نظام دفاع الطائرة تمكن من تحييد الصاروخ. واستهدفت أيضًا خلال زيارتي إلى برلين في عام 2008، لكن أجهزة الأمن الألمانية تمكنت من إحباط خطط من قبل مجموعة من الشباب المغاربة”.
وردًا على سؤال من كان وراء الهجمات، قال المالكي: “لديّ أعداء في كل مكان. بعضهم من حزب البعث، والبعض الآخر من المتطرفين الدينيين. بعض المتعصبين هم من الطائفة السنية، في حين أن آخرين هم من الشيعة مثلي. وكان تنظيم القاعدة مسؤولًا أيضًا عن بعض الهجمات”.
ولدى سؤاله “هل يمكن أن نستنتج أنك لن تترشح لإعادة انتخابك في أواخر أبريل/نيسان، بسبب هذه التهديدات”. أجاب المالكي: “
التهديد جزء من هذا المنصب. لكن لا يمكن للسياسي أن يهرب لمجرد أن حياته في خطر، وخاصة في البلاد التي تحتاج إعادة البناء والاستقرار الذي هو في غاية الأهمية”.
الناخبون يعيدونني
وأضاف: “في حياتي كلها لم أعرف الخوف، ولا أخشى الموت.. في أيام صدام حسين، كان يتم إعدام أعضاء المعارضة، وكنت أتعايش مع هذا الخطر يوميًا”. وعن إمكانية ترشحه، قال المالكي إنه على الأقل سيعمل على تشكيل ائتلاف في الانتخابات، “وأصوات المقترعين هي التي ستقرر إن كنت سأبقى في منصبي أم لا”.
أما عن مقارنة بعض المنتقدين له بالرئيس الراحل صدام حسين، ووصفه بأنه “صدام الثاني”، يقول المالكي: “حقيقة أن خصومي باستطاعتهم التعبير عن مثل هذه الاتهامات في خطبهم العلنية وعبر وسائل الإعلام تثبت أن أي مقارنة بيني وبين صدام غير صالحة. كان صدام طاغية وديكتاتورًا، واستخدم الغاز السام ضد أعداد كبيرة من السكان الأكراد والشيعة”.
واعتبر أن هذه الاتهامات جاءت على خلفية تصريحاته الحاسمة ضد ميليشيا مقتدى الصدر، وضد كل أولئك الذين يشوّهون العراق بالعنف والإرهاب.
إعدام صدام عادل
عن إعدام صدام في أواخر ديسمبر/كانون الأول عام 2006 لم يعتبر المالكي أنه كان خطأ أو أنه ساهم في تقسيم الأمة، كما إنه ليس نادمًا على قراره، قائلًا: “على العكس من ذلك!. أولًا، نفذت الحكم القضائي. ثانيًا أدركت أن الموت هو عقاب الله على الجرائم التي ارتكبها صدام. وثالثًا، أنا لم أذهب إلى سجنه وأقتله هناك – كما كان يقتل أعداءه – بل أعطيناه محاكمة طويلة، وتركنا القرار للمحكمة. الإعدام كان أقل عقاب يستحقه.
وحول شعور بعض السكان، وخاصة في محافظة الأنبار، بالتهميش الطائفي من قبل حكومته التي يسيطر عليها الشيعة، يقول: “بسبب القرارات السياسية في وقت سابق، كان هناك سوء تفاهم بين السنة والشيعة. لكن لم تكن هناك أسباب دينية لهذه الاختلافات في الرأي. كانت الأسباب سياسية بحتة”.
وأكد المالكي: “والله أنا أقسم أنني لم أهمل أحدًا. أنا أؤمن بمؤسسات الدولة، بالبرلمان والحكومة والقضاء. ومع ذلك، لا أعتقد أن بعض الأفراد يجب أن يمارسوا التأثير على السياسة فقط لأنهم يقودون حركة كبيرة. بعض الناس يرغبون في الحصول على 10 رؤساء وزراء، لكنّ هناك واحداً فقط”.
محوران شرق-أوسطيان
وأشار المالكي إلى أن هناك “محورين أساسيين في الشرق الأوسط: السنة والشيعة. وهناك عدد قليل من دول الخليج العربي وتركيا وراء المحور الأول، في حين أن الثاني هوالمحور الإيراني العربي، الذي يمتد عبر العراق وسوريا وإلى لبنان. قبل أربع أو خمس سنوات، قلنا للولايات المتحدة إن تركيا وبعض دول الخليج تحاول تدمير المحور الشيعي”.
الحل العسكري لن يسقط الأسد
وقال رئيس الوزراء العراقي إن الولايات المتحدة حاولت وقف هذه العمليات، ولكن من دون نجاح والآن يمكننا أن نرى النتائج في سوريا”.
عندما سألته “دير شبيغل”: “هل تسيطر المملكة العربية السعودية وقطر الآن على مصير الأسد؟”، رد المالكي: “لا، لا تستطيع أن تفعل ذلك. لقد باءت محاولتها بالفشل. قلنا للأميركيين من البداية إنهم لا يستطيعون إسقاط الأسد، وذلك عندما كان الكثير من المسؤولين في واشنطن يقولون إن الأسد سوف يسقط في غضون شهرين. لقد مرت الآن ثلاث سنوات ونظام الأسد لايزال موجودًا”.
عن الفترة المستقبلية التي يتوقع أن يستمر فيها ويصمد الأسد، رأى المالكي: “كل ما أعرفه هو أن الحل العسكري لن يسقط الأسد. ليس الأمر وكأني أدافع عن النظام السوري، ولكن أنا أخشى على “كرة الثلج” من العنف والتي قد تكبر به أكثر. يجب أن يترك الحل للجانبين في سوريا بدون تدخل خارجي”.
ستتمدد إقليميًا
أضاف: “حقيقة أننا لا نستطيع أن نجد حلًا للأزمة السورية هو نتاج التدخل خلف الكواليس. يجب أن تتوقف الدول عن التأثير على مجريات الأزمة. إذا توقفت الولايات المتحدة والسعودية عن إملاء الأقوال والمواقف على الأطراف المعنية، عندها يمكن لطرفي الأزمة الجلوس معًا وإيجاد حل”. وتوقع المالكي أن تؤثر الحرب السورية على المنطقة بأسرها، مشيرًا إلى أن الهجمات والتعصب في لبنان هي الآثار الأولى، إضافة إلى التوتر في تركيا والأردن.
وتنبأ رئيس الوزراء العراقي أن تصل شرارات الأزمة السورية إلى المملكة العربية السعودية، فقال: “العائلة المالكة في خطر. إنها غير قادرة على معالجة المشاكل الاجتماعية، لأنها تعتمد على الشكل القديم للحكم، أي على أساس الإقناع الطائفي”.
أميركا وإيران عدوان
عن إدعاءات منافسه إياد علاوي الذي يقول إن طهران تؤثر على السياسة العراقية على نحو غير مسبوق خاصة أن جزءًا من البلاد له حدود مع إيران التي يمتد نفوذها إلى الحكومة في بغداد. يؤكد المالكي: لا، وألف لا!، أي شخص يقول هذا النوع من الكلام يحاول تشويه صورة الحكومة. لا أحد يؤثر على سياستنا. إيران والولايات المتحدة عدوان، لكن العراق هو صديق لكل منهما، لأنه دولة مستقلة. نحن لا نسمح لأنفسنا بأن نتقيد بمصالح الآخرين.
وختم المالكي قائلًا: “نحن بنينا الاستقرار، على الرغم من أنه لاتزال هناك مناطق مضطربة مثل محافظة الأنبار. هذا النوع من الحوادث التي تواجهها بغداد يمكن أن يحدث في أي مكان حتى أوروبا ليست في مأمن من الإرهاب”.