22 نوفمبر، 2024 7:21 م
Search
Close this search box.

العــــــــــــــدل والإنصـــــــــــــاف المحــــــــــاسبــــــــــــي

العــــــــــــــدل والإنصـــــــــــــاف المحــــــــــاسبــــــــــــي

العـــــدل هو القيمة العظمى التي إن تحققت عمليّاً في حياة الناس، صارت حياتهم أفضل، فبالعدل قامت السماوات والأرض، وبالعدل قامت الدنيا، وبالعدل تستقيم الأمور. تُعرَّف العدالة على أنّها الحياديّة في إطلاق الأحكام على الآخرين مهما كانت مراتبهم، مع الأخذ بعين الاعتبار مشروطيّات كل شخص، وبيئته المحيطة التي دفعته إلى القيام بفعل ما. وقد يكون لمصطلح العدالة معانٍ أوسع، فهو يشير أيضاً إلى توزيع الموارد بالشكل الصحيح بين الناس، وغير ذلك من المعاني الهامّة.
وهناك مصطلح آخر يتلازم على الدوام مع مصطلح العدالة، وهو مصطلح الإنصــــاف، حيث يتشابه تعريف هذا المصطلح بشكل كبير مع تعريف مصطلح العدالة، فهو توأمه الذي نجده مقترناً به على الدوام، غير أنّه وفي الوقت ذاته يشير إلى عدد من المعاني الهامّة والتي نذكر منها: إنصاف الإنسان لنفسه؛ ويكون ذلك بعدم تحقيرها، أو تضخيمها.

القوانين والعدالة والإنصاف

 

القوانين والعدالة والإنصاف تعتبر القوانين في عصرنا الحالي أداة إرساء قواعد العدالة، والإنصاف في المجتمعات الإنسانيّة؛ خاصّة إذا وُضِعَت هذه القوانين من قبل الأشخاص الذين لهم دراية بسائر شؤون الحياة، وبطريقة إدارتها، وبالكيفيّة التي تُستنهَض بها الهِمَم، وتُستخرَج بها قُدرات الناس. إنّ أساس فعاليّة تطبيق القوانين، واستيفاء الغاية منها في بث قيمتي: العدالة، والإنصاف في المجتمع، يكمن في المساواة التامّة بين المواطنين بغضِّ النظر عمَّن هم، وعدم النظر إليهم بنوع من التمييز البغيض، الذي قد يحرم أصحاب الحقوق من حقوقهم، ومُكتسباتهم، ممّا قد يؤدّي إلى خلق الفوضى، ونشر الفساد.

 

معنى العدل لغة:
العدل خلاف الجور، وهو القصد في الأمور، وما قام في النفوس أنه مستقيم، مِن عَدَلَ يَعْدِلُ فهو عادل من عُدولٍ وعَدْلٍ، يقال: عَدَلَ عليه في القضية فهو عادِلٌ. وبسط الوالي عَدْلَهُ.
معنى الانصاف لغةً:
هذا المعنى العامي يعني العدالة الطبيعية أو النزاهة
وإِنْصافٌ (ن ص ف). مصدر أَنْصَفَ.: -إِنْصافُ الْمَظْلومِ: -: اِسْتِيفاؤُهُ حَقَّهُ، أَيْ إِزالَةُ الظُّلْمِ عَنْهُ.

العدالة في توزيع الموارد والثورات:

تعتبر العدالة في توزيع الموارد، والثروات أحد أبرز أشكال العدالة، وأكثرها حساسيّة؛ فهي كفيلة بنشر الأمن والسلام في المجتمعات الإنسانية المختلفة، ويكون ذلك أساساً من خلال إشباع حاجات الناس الأساسيّة، وإشعارهم بالمساواة، وبكرامتهم الإنسانيّة. إلى جانب ذلك، فإنّ العدالة في توزيع الموارد، والثروات تتطلب من الحكومات، وأصحاب القرارات تنفيذ خطوات عمليّة على أرض الواقع تعمل على منع احتكار فئة معيّنة من الناس للجزء الأكبر من الثروات، وعلى رفع المستويات الاقتصادية للأفراد، والأسر، والعائلات.

العــــدل المحــــاسبــــــــــي

اختلفت وجهات نظر الباحثين والمهنيين حول مفهوم العــــدل خاصة فيما يتعلق بمحتوى العــــدل ومستواه، فمنهم من لا يحصر نطاق مشكلة العــــدل في مجرد درجة تفصيل القوائم المالية المنشورة او في اساليب تبويب وعرض المعلومات في هذه القوائم، وانما يتعدى هذا النطاق ويجعل منه عنصر دقة ومصداقية للأرقام المعروضة في هذه القوائم.
في حين أن اخرين يرون ان مشكلة العــــدل تنحصر فقط في نطاق عرض المعلومات في القوائم المالية المنشورة ومجرد كمية هذه المعلومات المعروضة فيها، ومن ثم الشكل الذي يتم فيه عرض هذه المعلومات، اما مسألة صحة ومصداقية الارقام المعروضة في تلك القوائم فهي مسألة اخرى تتعدى من وجهة نظرهم حدود مشكلة الافصاح لتدخل في نطاق مشكلة القياس المحاسبي.
ولا يكفي العــــدل عن المعلومات المحاسبية في حد ذاته لتحقيق الهدف من فرض التوصيل المحاسبي، بل يستلزم الامر توافر مبدأ آخر يتمثل في الانصاف عند الإفصاح العادل عن الآثار الفعلية والمحتملة لنشاط المنشأة لكافة الاطراف وحتى لا تكون المعلومات المحاسبية مظللة للقارئ.
عدالة القوائم المالية:

عدالة القوائم المالية و ليس العرض العادل للقوائم المالية ، مفهوم العدل و العدالة لغويا أو اصطلاحا رغم أنهما يقوما على مبدأ المساواة بين الناس، إلا أن المساواة التي تقوم عليها فكرة العدل مجرده تعتد بالوضع الغالب دون الاكتراث بتفاوت الظروف و الأحداث بين الناس، إما المساواة التي تقوم عليها فكرة العدالة فمساواة تقوم على أساس التماثل في الأحكام المنصرفة إلى الحالات المتماثلة شروطها أو الأشخاص المتشابهة ظروفهم ففكرة العدل تعني المساواة المجردة اما فكرة العدالة فتنطوي على معنى الإنصاف. إن ابداء الرأي حول عدالة القوائم المالية، يعني أن المدقق لا يضمن أو يشهد بدقة القوائم المالية و صدقها.

الأنصــــاف المحــــاسبــــي

الإنصاف:
هو العدالة التي وضحها أرسطو الذي قام بتصوير العدل بشكل عام في المساواة التي توفرها قاعدة القانون. إلا أنه قام بوضع يداه على فكرة المعايير القانونية عندما لاحظ أنه من الصعب أن تُطبق هذه القاعدة الخاصة بالقانون في بعض الحالات التي أسماها بالمستعصية. وهي حالات قد ينتج عن تطبيق قاعدة القانون عليها إلى حدوث نتيجة تتصف بالظلم وعدم العدالة فيها، وهو ما أطلق عليه أسم الإنصاف أو المساواة.وفي السنوات السابقة القليلة وصاعداً لوحظ ان المحاسبين أعادوا مفهوم ” الانصاف ” كعنصر ضروري ومهم في تطور نظرية المحاسبة.
وربما يكون DR Scott صاحب اول اقتراح عن ضرورة توضيح والاهتمام بالإنصاف عندما أدرجه كمبدأ من مبادئ المحاسبة عام 1941 , وصرح بالآتي: ” يجب على القواعد والاجراءات والطرق الفنية المحاسبية أن تكون منصفة، وغير متحيزة، وحيادية، ويجب ان لا تخدم المصالح الخاصة “.
وكان هناك نقاش أضافي قليل في الادب المحاسبي عن الانصاف واهميته في تطوير النظرية المحاسبية حتى عام 1960 عندما نشر Arthur Andersen & Co. دراسة بحثية حول الموضوع ذكر فيها : ” وعليه , يمكن القول بأن البديهية المحاسبية الاساس الوحيدة المؤطرة للمبادئ المحاسبية هي الأنصاف – الانصاف لكافة قطاعات المجتمع التجاري ( الأدارة والعمال وحملة الاسهم والدائنين والعملاء والجمهور ) التي يتم تحديدها وقياسها في ضوء البيئة الاقتصادية والسياسية وأنماط التفكير والعادات السائدة – في قطاعات من هذا النوع وباتجاه ان تؤدي الى المبادئ المحاسبية المبنية على هذه البديهية الى توليد محاسبة مالية , منصفة لكافة القطاعات , عن حقوق ومصالح اقتصادية مبنية على أسس شرعية ” .
وفي عام 1965 كان الانصاف موضوع كتاب W. Pattillo الذي ذكر فيه ” من خلال هذه المشاهدات حول العلاقة بين المحاسبة والمفاهيم والمواقف الاجتماعية نستنتج بأن المحاسبة هي جوهرياً اجتماعية بالطبيعة وتقع على عاتقها مسؤوليات تجاه المجتمع. وبالإضافة الى ذلك فإن ربط هذه الافكار مع هدف المحاسبة المالية يؤدي الى تأكيد على أتصال (توصيل معلومات) يتعلق بالمصالح الاقتصادية لقطاعات الاقتصاد.
وأخيراً، فمن زاوية مقارنة مدلولات العدالة والحقيقة والانصاف، يتم اختيار مفهوم الانصاف الاجتماعي كمعيار واساس لكي يتم من خلاله قياس مدى ملائمة المبادئ والقواعد المحاسبية التي يدعى بأنها وسائل لتحقيق الهدف، وعليه تتم صياغة الانصاف لكافة الاطراف على انه معيار أساس ووحيد للمحاسبة، أي أنه معيار أو اختبار يجب ان يكون حاضراً في كافة الافتراضات المحاسبية قبل أدخالها ضمن هيكل المحاسبة “.
ويتحقق الانصاف بشكل كبير جداً في المحاسبة الادارية ومحاسبة التكاليف أذ ان اي اشارة او تلميح بعدم الحيادية ربما يؤدي الى تشويه عمليات صنع القرار التي تعتمد بشكل هائل على بيانات المحاسبة الادارية، فأصبح الانصاف معيار ضروري للمعلومات في المحاسبة الادارية لضمان نزاهة ودقة القرار.

 

الخلاصة
ان ابداء الرأي في عدالة القوائم المالية يتفق مع طبيعة تلك القوائم المالية والعملية المحاسبية، حيث كثيرا من بياناتها تستند في تحديد قيمتها إلى أحكام شخصية مستمدة من معايير المحاسبة الدولية IAS و المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية IFRS. ويعد مفهومي الاستحقاق ومفهوم المقابلة من أهم المفاهيم التي تساعد في الحكم على عدالة القوائم المالية والمركز المالي للشركة، وان المدقق لا يقوم عادة باختبار جميع عمليات المشروع و مستنداته بل يعتمد على اختبار
عينات منها ان مجال الاحتيال والتلاعب فى القوائم المالية قائم بصورة واخرى ولن يمنع نهائيا … ولكن طالما ان هناك ضوابط رقابية ومعايير محاسبية معتمدة ومحاسبين قانونيين جادين ثم بعد ذلك هيئات مهنية جادة وعقوبات رادعة تمنع – بقدر الامكان – فبذلك نستطيع ان نمنح بصورة كبيرة
ولدرجة معقولة وجود قوائم مالية تتسم بالعدالة وتحكمها المهنية …!!!

 

بالرغم من الادعاءات والحجج بان الانصاف غامض وبالتالي لا يمكن ان يخدم كأساس لتطوير النظرية المحاسبية، وأول دليل هو الأشارة او وصف معايير ” الانصاف في العرض ” من قبل لجنة معايير التدقيق التابعة للمعهد الامريكي للمحاسبين القانونيين بانها تحدد بالتوافق مع المبادئ المحاسبية المقبولة عموماً والافصاح والثبات والمقارنة.
وعندما يكتب المدقق الخارجي تقريره غير المتحفظ فانه يعني بجملة ” تعرض بإنصاف ” التجاوب مع المبادئ المحاسبية المقبولة عموماً وبمبادئ التدقيق المقبولة عموماً.
ومنذ ذلك الوقت أصبح مفهوم الانصاف ناقوس (معيار) أخلاقي ضمني، وعموماً فأن مفهوم الانصاف يعني ضمنياً بأن الكشوفات المالية لم تكن معرضة لتأثير غير مناسب او تحيز.
فالإنصاف يعني بأن معدي المعلومات المحاسبية تصرفوا بحسن نية، وبأنهم وظفوا الممارسات التجارية الاخلاقية واحكام محاسبية عند عرض توليد وتدقيق النتائج المحاسبية وان التفسير المهني مخصص فقط للإنصاف في العرض.

أحدث المقالات