22 نوفمبر، 2024 1:30 م
Search
Close this search box.

مباحثات أربيل وبغداد ..وعراق غاب عنها الإستقرارطويلاً

مباحثات أربيل وبغداد ..وعراق غاب عنها الإستقرارطويلاً

المباحثات التي جرت خلال الأشهر السابقة بين بغداد وأربيل، والتي كانت حافلة بجملة موضوعات وقضايا محورية وملفات مهمة مختلفة، كانت عناوين للأخبار و التقارير الإعلامية المتداولة التي تناولت مستقبل العلاقات بين العراق وإقليم كوردستان.

لندع، جانباً، التصريحات والأخبار والبيانات الرسمية التي صدرت والصخب الإعلامي الذي رافق الإجتماعات، والمراسلين الصحفيين الذين يبحثون عن السبق الصحفي، لأننا على يقين بأن الذي يذاع في الإعلام يختلف كثيراً عن الذي يقال في الإجتماعات المغلقة، وهذا هو نهج السياسة والدبلوماسية في التعامل مع الكثير من الملفات بدواع الحفاظ على السرية والتكتم حتى الإنتهاء من ترتيب الأوراق بشكل رسمي. ولنركز على العموميات الحالية على أرض الواقع في اللحظة التاريخية الراهنة وعلى الفرص المناسبة وغير المناسبة لإعادة هندسة وتوصيف وترسيم علاقات أربيل وبغداد وفقاً للمعطيات الاستراتيجية الراهنة، والتي يراها الكثيرون بأنها قريبة عن فكر وتطلعات العامة من المواطنين في العراق وإقليم كوردستان، ولكنها مرهونة بحسابات إستراتيجية متشابكة، فللعراق وضع استثنائي لم يتغير بشكل جوهري رغم تغيير النظام وتبدل الحكومات، ولم يستطع حتى الآن بناء علاقات متوازنة مع شعب كوردستان وحتى مع دول الجوار، عدى الجارة إيران. وللكورد حسابات تتعلق بالحاضر والمستقبل بالشكل الذي يحقق لهم مصالحهم وفق الدستور والتفاهمات والتوافقات الجديدة التي تتناسب مع الواقع الجديد في عراق غاب عنه الاستقرارطويلاً.

بغداد التي لم تنفذ إلتزاماتها وتعهدتها لأربيل، ترى في قرارغرفة تجارة باريس تحولاً كبيراً ونجاحاً وإنجازاً نوعياً مهماً وتريد إستغلالها في إعادة صياغة كاملة لمسيرة العلاقات التي تربطها بأربيل، وبمناوراتها المتعددة وتسويفاتها وتماطلها في تنفيذ الإتفاقات والقوانين والدستور العراقي، تسعى بدقة لكسب المزيد من الوقت من أجل إرضاء المعادين لأربيل وتحقيق أهداف محددة تتحول إلى أوراق ضغط عليه. وتحاول مصادرة حقوق أربيل الدستورية وتشتيت صفوف الأطراف السياسية الكوردستانية وكسرعظم الأطراف السياسية التي تدافع عن كيان الإقليم وقطع أرزاق الكوردستانيين، رغم أن هذا الطرف مشارك في إئتلاف إدارة الدولة التي رشحت السوداني لرئاسة الوزراء، وهذا الموقف يحسب عليها وليس لها لأنها منافية للعقلانية وللخارطة الجيوسياسية. وخلال مفاضلتها بين المبادئ والمصالح تتدبر ما تريد بالعاطفة لا العقل، وتمتلك حججاً وذرائع ومقدمات تسهل لها إثارة موضوع ما والترويج لأفكارها وإعتبارها من الضروريات، والتغاضي عن أفكار تريد تجاهلها بسرعة وتعتبرها سذاجة وباطلاً، دون الإهتمام باللوم الكوردستاني وإنتقادات المراقبين. وهي الآن، على دراية بضائقة اربيل المالية، لذلك تلجأ الى الاستكبار والاستعلاء تارة والى لعبة المقايضات وتحاول استغلال هذه المشكلة لسحب تنازلات من أربيل حول النفط والمادة 140من الدستور والبيشمركه وحصة الإقليم من الموازنة.

وأربيل، التي قالت ذات يوم : ( نعم للإستقلال عن العراق). والتي عليها التزامات وروابط مادية ومعنوية لا يمكن التضحية بها، والتي نجحت في تغيير الصورة النمطية التي إرتبطت بالكورد طويلاً وفي تموضع إقليم كوردستان على خارطة الطاقة الدولية في غضون سنوات قلائل، والتي باتت أحدى مراكز الجذب السياسي والإقتصادي والإستثماري التي تستقطب إهتمام الآخرين، تتفهم جيدا رسائل بغداد وتعلم أن تشكيل اللجان يعني التسويف وعدم حل المشكلات، لذلك نراها الآن منزعجة من سياسات بغداد، وربما قد فقدت الأمل بها كلياً، مع ذلك ما زالت تصارع بذكاء مشهود من أجل البقاء قوية، وتمارس دبلوماسية تتسم بقدرعال من الهدوء والحكمة والكياسة، وترى أنه من الطبيعي للغاية أن تكون لها علاقات طبيعية مع الجميع لترسيخ الأمن والاستقرار والتعايش في منطقة غاب عنها الاستقرار طويلاً..

أحدث المقالات