22 نوفمبر، 2024 7:05 م
Search
Close this search box.

الشعائر الحسينية وتجديد الوعي

الشعائر الحسينية وتجديد الوعي

من أهم مقاصد النهضة الحسينية المباركة هي استنقاذ الإنسان من مهاوي الجهل والضلال لانهما سبب الانحراف والتخلف والانهزامية ، ويعبر الامام الصادق (عليه السلام) في زيارة الأربعين للإمام الحسين (عليه السلام) عن حقيقة هذا الهدف الأسمى لسيد الشهداء (عليه السلام) (وبذل مهجته فيك ليستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة والشك والارتياب إلى باب الهدى من الردى) ..

ما تعانيه الأمة اليوم من مظاهر الانحدار الديني والاخلاقي والثقافي هو من اثار انتشار الداءان ( الجهل والضلالة) حتى أصبحت في اسوء حال ، ولا يختلف حالها كثيراً عن حال أهل الكوفة الذي عانى من وبالهما إلى حد التيه وفقدان البصيرة ، ولم يستطيع حتى التمييز بين هدى الحسين السبط وضلالة ابن مرجانة ويزيد المتهتك واختار أن يكون (سيفا ورمحا وسهما) مشرعة لذبح أبن أخر أبناء الأنبياء وخاتم المرسلين ..

في خطابه العاشورائي الموسوم ( الحسين نهضة وعي) يجدد المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي مبادراته لتصحيح وتجديد الشعائر الحسينية من الجمود والطقوسية والنهوض بمضامينها إلى جوهرها السامي من خلال دعوته لإطلاق شعيرة نشر الثقافة الحسينية الواعية ، ويوضح سماحته معالم هذه الفكرة والدعوة قائلا ( نطلق مبادرة جديدة نرجو أن تكون من الشعائر الحسينية المعظمة ، تتضمن نشر الكتب والكراريس التي تبيّن هذه القراءة الواعية لنهضة الامام الحسين (ع) ) .

اما آلية تفعيل هذه الشعيرة والمبادرة الحسينية فيبسط سماحته فكرتها ويوضح آليتها واهم ثمارها على المستوى الثقافي والعقائدي والانساني بالقول ( تأسيس مكتبات في المساجد والحسينيات والمواكب والهيئات ، تُرفد بمثل هذه الكتب لإتاحة أوسع فرصة للاستفادة منها، ولو تبرع كل شخص بكتاب لكانت حصيلة شهر محرم آلاف المكتبات وملايين الكتب التي تقدّم النهضة الحسينية كأعظم إنجاز حضاري حفظ إنسانية الإنسان بعد الرسالة السماوية ) ..

إذن دعوة سماحة المرجع اليعقوبي قائمة على مشروع تأسيس المكتبات ونشرها في كل دور العبادة ومؤسسات احياء الشعائر الحسينية ، ولذلك وضع سماحته الخطوط العامة لآلية تسهيل خروج هذا المشروع إلى النور والطريقة التي تساهم بتحققها على أرض الواقع بسهولة ويسر ، والتي تكون من خلال تظافر الجهود وتكافلها بما يتيسر من امكانات وهي التبرع بكتاب على أقل تقدير لرفد تلك المكتبات ، وما أكثر الكتب المهملة والمهجورة في بيوتنا نتيجة الخمول على صعيد القراءة اولا وتطور وسائل قراءة الكتب الكترونيا ثانيا ، كما أن المساهمة بشراء كتاب أو أكثر لا يكلف كثيرا وربما اقل بكثير من أي وجبة طعام، وكم ستكون نتائج تأسيس تلك المكتبات مهمة لإعادة الاعتبار إلى الكتاب والقراءة أولا ، ولنشر الوعي والثقافة الإسلامية عموما والحسينية خصوصا ثانيا ، وهو ما سيساهم بتبيان معالم النهضة الحسينية الإنسانية واهداف شهيدها الخالد الاصلاحية التي غيرت وشكلت انعطافة كبرى في مجرى صفحات التاريخ وأصبحت منارا يهتدي به المصلحين والثوار التواقون للحرية الحقيقية بفضل قربانها الاعظم سيد الشهداء.

والدعوة والفكرة بما انها تتعلق بالشعائر والنهضة الحسينية فإن المرجع اليعقوبي يوضح أن هذه الدعوة ليست دعوة محلية تقتصر على العراق ، وإنما تمتد لكل العالم حيثما وجد أنصار وأحباب الامام الحسين (عليه السلام) ومحيي شعائره لتكون هذه الفعالية فرصة لهم وللأخرين من خلالهم للتعرف بوعي على العطاء الحسيني المستمر للإنسانية ، والى اهداف نهضة عاشوراء (والدعوة لا تختص ببلدنا الحبيب العراق بل هي موجهة الى المؤمنين في كل بقاع العالم ولعل تلك الدول أحوج اليها ) ، ولإضفاء عنصر الجذب اليها ، واعطاء بعض الحيوية لهذه الفعالية الثقافية الحسينية يوجه سماحة المرجع بضرورة تطعيمها بالفعاليات المحفزة على الصعيد المعنوي والمادي أيضاً ( ويحسُنُ اقترانها بفعاليات تحفّز الناس خصوصاً الشباب على القراءة والمطالعة كفعّالية (اقرأ عشر دقائق وتملك الكتاب) أو إجراء المسابقات ببعض المعلومات فيها، أو تخصيص مكافآت لمن يلخّص كتاباً ونحو ذلك ).

ويذكر سماحة المرجع المؤمنين بالمبادرة السابقة له على صعيد الاحياء الواعي للقضية الحسينية من خلال مبادرته لإطلاق حملة ( الحسين بسمة تلميذ) في ايام الزيارة الاربعينية والتي كانت بلسماً أدخل السرور الى المجتمع العراقي بعد أن ساهمت هذه الحملة بتجهيز المدارس بالمناهج الدراسية ، والرحلات المدرسية ، وترميم المدارس ببركة الحسين (عليه السلام) وبهمة مواكب الخدمة والهيئات والمؤسسات الدينية والاجتماعية واستطاعت رفع معاناة ادارات المدارس وذوي التلاميذ والطلاب من العقبات التي كانت تعترض بدء الدوام الفعلي للعام الدراسي (لقد كانت مبادرة (الحسين بسمة تلميذ) التي أطلقناها منذ عدة سنوات فاستجاب لها المؤمنون ناجحة ومثمرة بكل المقاييس وتركت آثاراً مباركة، حيث حصل من خلالها آلاف الطلبة على مناهجهم الدراسية وزوّدت المدارس بعدد كبير من مقاعد الدراسة والتجهيزات الأخرى، وأُجريت الترميمات والإصلاحات لكثير منها مما عجزت وزارة التربية عن القيام به) .

ويعبر المرجع اليعقوبي في ختام دعوته ومبادرته عن أمله بان تكون هذه المبادرات الواعية لإحياء النهضة الحسينية وتجديد شعائرها ( الحسين بسمة تلميذ ، نشر الثقافة الحسينية من خلال تأسيس المكتبات وتوزيع الكتب) وسيلة لبيان وإيصال الصورة الحقيقية المشرقة للشعائر الحسينية ونهضة عاشوراء الإصلاحية (كانت الحركة بحق صورة واعية جديدة من الشعائر الحسينية تبيّن الوجه الحضاري للنهضة المباركة، والمأمول أن تكون هذه المبادرة كتلك ).

ان هذه المبادرات التي صدرت من المرجعية الرشيدة لن تكون الاخيرة بكل تأكيد ما دامت الحاجة لنشر الوعي والثقافي الحسيني هو الهدف الرئيسي من إحياء الشعائر الحسينية بالإضافة الى مواكبة تلك الشعائر للواقع الاجتماعي والمساهمة في تحقيق الاهداف الجليلة التي خرج من اجلها سيد الشهداء وقدم تلك التضحية العظيمة قرباناً لله تعالى في سبيل حفظ معالم الدين من الانحراف والتشويه ومن اجل احياء الفرائض الالهية المعطلة وفي مقدمتها ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) واستنقاذ الإنسان من الضياع والسقوط في كمائن الشيطان وجنده (الجهالة والضلالة) ..

 

 

[email protected]

 

أحدث المقالات