23 نوفمبر، 2024 6:04 ص
Search
Close this search box.

ضغوط الولاية

ضغوط الولاية

الأحداث السياسية المتسارعة التي تعصف بالعراق ومحيطه الإقليمي، لم تعط للمالكي فرصة لإعادة الحسابات وترتيب الأوضاع.
ومن أهم هذه الأحداث هي تغير استراتيجية اللاعبين الكبار، فالتوافق بين أميركا أوباما، وإيران روحاني، بدلا من أن يكون دعما إضافيا للمالكي، صار عنصر ضغط يضاف لعناصر الضغط الداخلية.
ففي الوقت الذي إتهم فيه رئيس الحكومة، قطر والسعودية بدعم الإرهاب، ومحاولة تخريب العملية السياسية في العراق، كان روحاني يحتكر المفاجآت والمبادرات، حيث وجه بوصلته نحو مسقط، للاستعانة  بسلطانها قابوس، للتدخل في ردم الصدع مع قطر والسعودية، واعادة علاقات التعاون بينهما، لدرجة تصل إلى المشاركة في المجال النووي.
وأيضا فقد اعتمد الرئيس الإيراني، على وساطة كويتية لتهدئة الأوضاع مع دول الخليج، بحسب تصريح وزير خارجيتها الشيخ صباح الخالد.
موقف إيران الجديد، وضع المالكي، الساعي للولاية الثالثة، في طريق صعب ومحرج في سياسته الخارجية، فهو لا يضمن دعم إيران الكامل حاليا، لأنها لو استمرت بسياسة التقرب من السعودية، فهذا يعني أنها ستدعم رئيس وزراء عراقي شيعي، يتمتع بعلاقات طيبة مع الخليج، والمالكي بوضعه الحالي، لا قدرة لديه على مد جسور علاقات طيبة مع السعودية أو قطر.
أما من الناحية الداخلية، فوضع المالكي لا يقل سوءا، فسياسة القطيعة مع أغلب الأحزاب السياسية هي المتسيدة الآن، فالمجلس الأعلى، والتيار الصدري، وتيار الإصلاح التابع للجعفري، كلهم يرفعون شعار “التغيير” في دعاية مرشحيهم الانتخابية، تسبقهم بذلك أصوات مراجع النجف، يسبقهم بذلك آية الله العظمى السيد السيستاني، الذي صرح بـ “التغيير” أكثر من مرة، على لسان عبد المهدي الكربلائي وكيل المرجعية المعتمد.
وبمراجعة أحداث انتخابات 2010 نجد أن المالكي، لم يفز بمقاعد تُذكر، في أهم المحافظات السنية (نينوى والأنبار) على الرغم من وجود مجموعة من الحلفاء له في هذه المناطق، ما يعني أنه يعرف أن الناخب السني لن ينتخب “دولة القانون” مهما حصل. فأرضهم محروقة بالنسبة له.  أما عن موقفه مع الأكراد فهو في قمة التصعيد، وقطيعته الحادة معهم أوصلتهم لدرجة التهديد بإعلان الانفصال عن العراق وإعلانالإستقلال.
سبب فوز نوري المالكي في انتخابات 2010، هو تفسير المحكمة الإتحادية للكتلة الأكبر، ودعم التيار الصدري، فبدونهما كان الفوز حليف علاوي الذي  حصل على 91 مقعدا، مقابل 89 لدولة القانون.
لكن هذين السببين الآن، هما خارج سيطرة المالكي حاليا، لأن المحكمة الاتحادية لا يمكن لها أن تغير تفسيرها الآن، وأيضا فإن الخلاف بين المالكي والصدريين وصل لدرجة إحراق صوره في شوارع بغداد وأغلب محافظات الجنوب.
لكن السؤال المهم ماذا يستطيع أن يفعل رئيس مجلس الوزراء، مقابل هكذا ضغوط، فالرجل لا يمتلك القدرة على تأجيل الانتخابات، لكنه قد يلجأ لإطالة أمدها بالطعن فيها، كما حدث في انتخابات 2010، والهدف هو كسب الوقت، وقراءة المستجدات، ومحاولة الوصول إلى تفاهمات.
وبنظرة تحمل شيئا من التفاؤل، لا أتوقع أن يُحرق البلد بخسارة دولة القانون، أولا لأنهم حريصون على الوطن، وثانيا لأنهم لا يمتلكون جمهورا يستطيع أن يثير الشغب، كما حدث في مصر عندما أزاح العسكر مرسي.

أحدث المقالات

أحدث المقالات