22 نوفمبر، 2024 3:18 ص
Search
Close this search box.

زيبرا

الزيبرا أو الحمار الوحشي (أجلكم الله) كما يطلق عليه بالتداول العامي، هو أحد أنواع الخيول التي تعيش في السهول العشبية في جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية. يتميز الحمار الوحشي بالنقوش المخططة البيضاء والسوداء بطريقة دقيقة تجعل كل حمار وحشي مختلفاً عن غيره.

تعمل خطوط الحمار الوحشي كتمويه لردع الأسود والضباع وعند تجمع الحيوانات معاً للهجوم. يعتقد الخبراء أن كتلة الخطوط يمكن أن تربك الحيوانات المفترسة من خلال العمل كخداع بصري ودمج شخصياتهم بشكل فعال وخلق ضبابية. لذلك يمكن لقطيع من الحمير الوحشية أن يخلق الوهم البصري لكتلة ضخمة من العدو المفترس وبالتالي ردع أي منهم من أخذ القطيع بمفرده.

لون الحيوان هذا محيّر، فهو مخطط بين الأبيض والأسود. الأمر الذي دفع بالكثيرين إلى التساؤل: هل لون الحمار الوحشي هو أبيض مخطط بالأسود أم هو أسود مخطط بالأبيض؟

هذا السؤال لم يكن يشغل بال العامة من الناس فحسب، بل تعدى ذلك ليكون الأمر الشاغل للعلماء أيضاً. حيث نشر الكثير من العلماء بحوثاً وتقارير تحاول الإجابة على السؤال الذي مفاده ما لون حيوان الزيبرا أو الحمار الوحشي هل هو أبيض أم اسود؟

في العصور الوسطى أعتقد الناس أن الحمار الوحشي له أجسام بيضاء مع خطوط سوداء. يكمن الدليل على هذه الفرضية في كون لديه بياض أسفل البطن. كان الاستنتاج هذا منطقياً فالأبيض هو لون فاتح ويكون أساساً للون الأسود الداكن الذي جاء فيما بعد فوق الأبيض.

لكن بتقدم العلوم وزيادة الأبحاث ظهر من يدعي أن لون الزيبرا في العموم هو أسود لكنه مخطط بالأبيض. كما أوضح ذلك  تيم كارو عالم البيئة السلوكي والتطوري وعالم الأحياء في جامعة كاليفورنيا، ديفيس(University of California) أن كل الحمير الوحشية على اختلاف أنماطها وألوانها تمتلك نفس لون الجلد ألا وهو اللون الأسود. أي أن الحمار الوحشي هو في الواقع أسود مع خطوط بيضاء.

الحقيقة أن تطرقي لهذا الموضوع ليس من أجل التعريف بالحمار الوحشي ولونه. بل هو استهلال للدخول إلى موضوع آخر تماماً حـيّر العراقيين والعالم برمته.

العراق الذي يعيش الأزمات تلو الأزمات والشعب العراقي الذي يئن تحت وطأة الحرمان وتعصف به المصاعب تلو الأخرى ومنذ أزمان، يدفعنا إلى  التساؤل: هل العراق مستقر ويعيش بعض الأزمات بين الحين والآخر أم العراق كله أزمات ويعيش شيئاً من الاستقرار؟!

على سبيل المثال لا الحصر، فإننا نشهد اليوم أزمة خانقة في المحروقات والمشتقات النفطية. عموم العراق يفتقد مادة البنزين وطوابير السيارات تصل إلى العديد من الكيلومترات. أزمة تحدث بين آونة وأخرى ومن ثم تفرج لأشهر لتعود من جديد حتى بلغ تأثير الأزمة كافة المدن العراقية ومنها العاصمة بغداد.

أزمة الكهرباء والطاقة على نفس الشاكلة. تجد أن الكهرباء في أشهر محددة من السنة وخصوصاً في فصل الربيع والخريف تكون معقولة، حيث انخفاض الحاجة إلى الطاقة الكهربائية والتجهيز يكون لساعات طويلة. أما في أشهر الحر الشديد والبرد القارس وحين الحاجة تكون الكهرباء في خبر كان.

السؤال الذي طرحته العامة بخصوص لون الحمار الوحشي والذي أصبح فيما بعد مبحثاً للعلماء والمفكرين وأصحاب الخبرة، يطرح نفسه هنا أيضاً. هل وضع البنزين جيد عموماً ولكل مواطن حق الحصول عليه بسهولة والأزمات تكون وقتية وعابرة أم إن وضع البنزين في العراق هو سيء جداً وليس للمواطنين الحصول عليه إلاّ بشق الأنفس والفرج لا يكون إلاّ أحياناً؟! السؤال نفسه يطرح للكهرباء والتعيينات وتوفير فرص عمل وحال الشوارع والطرقات والقطاع الصحي والتربية والتعليم والكليات الأهلية وما إلى ذلك.

  كما إن لون الحمار الوحشي الذي أدهش العلماء حتى يومنا هذا، فإن الأزمات التي نعيشها في العراق فيها غرابة لنا جميعاً. فهل يا ترى أن الفرج الذي يأتي أحياناً هو لإسكات الشارع والتمويه والخداع العاطفي وخلق الوهم البصري كما هو الحال في مخطط لون الحمار الوحشي؟! ومن ثم تعود حليمة إلى عادتها القديمة. فما هو أصل اللون في الزيبرا؟ وما هو أصل الموقف في العراق؟!

أحدث المقالات