خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في مسّعى لترسّيخ دورها في النظام الاقتصادي العالمي وتوسّيع قاعدة الدول المنضمة إلى التحالف، انطلقت أمس الأول؛ في “جوهانسبرغ”، عاصمة “جنوب إفريقيا”، قمة مجموعة دول (بريكس) التي تضم كلاً من: “البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا”؛ والتي تُشكل اقتصاداتها مجتمعة أكثر من: 40% من الاقتصاد العالمي، كما يُشكل عدد سكان هذه الدول: 40%، من سكان العالم.
وتُناقش القمة جملة من الملفات بحضور أكثر من: 40 رئيس دولة وحكومة، بالإضافة إلى قادة دول المجموعة التي تضم كلاً من: “البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا”.
ومنذ تأسيسها؛ في العام 2009، تسّعى مجموعة دول (بريكس) للتحول إلى قوة اقتصادية عالمية على غرار دول “مجموعة السبع الصناعية”؛ وقد وقفت عقبات كثيرة في وجه تحقيق هذا الحلم، لكن دول المجموعة قطعت أشواطًا لا بأس بها لفرض نفسها كقوة عالمية.
التوسّع في عضوية المجموعة..
ويأتي التوسّع في عضوية المجموعة على رأس جدول الأعمال؛ بعد أن تم تجاهل هذا البند في القمم السابقة، وهناك حاليًا: 23 دولة تصطف للانضمام للمجموعة بما في ذلك: “إندونيسيا والمملكة العربية السعودية ومصر”.
العُملة المشتركة..
أما الملف الثاني والمطروح بقوة للنقاش هو العُملة المشتركة؛ حيث سيُعيد التكتل إحياء فكرة تقليص هيمنة “الدولار” على مدفوعات التجارة العالمية، وقد عاد النقاش حول العُملة الموحدة إلى الظهور بعد ارتفاع أسعار الفائدة والحرب “الروسية-الأوكرانية”، التي أدت إلى ارتفاع قوة العُملة الأميركية، إلى جانب تصاعد تكلفة السّلع المسّعرة بـ”الدولار”.
ويقترح أعضاء في مجموعة الـ (بريكس) زيادة استخدام العُملات المحلية في التجارة البيّنية وإنشاء نظام دفع مشترك. وبالفعل بدأ العديد من دول (بريكس) في تسّوية صفقات تجارية ثنائية بالعُملات المحلية.
تعّزيز دور “بنك التنمية الجديد”..
ومع ارتفاع التجارة البيّنية: 56% إلى: 422 مليار دولار على مدى السنوات الخمس الماضية، وبلوغ الناتج المحلي الإجمالي لدول الـ (بريكس) نحو: 26 تريليون دولار، أي أكثر من ربع الناتج الإجمالي العالمي، بدأ التفكير جديًا في تعّزيز دور “بنك التنمية الجديد” من خلال توسّيع مصادر تمويله. البنك الذي أسسته مجموعة الـ (بريكس)؛ في 2015، كبديل لـ”صندوق النقد الدولي” و”البنك الدولي”، تقلص دوره بسبب العقوبات الغربية على “روسيا”؛ التي كانت تُمثل أحد مصادر التمويل.
بالإضافة إلى تمويل التنمية؛ سيكون الأمن الغذائي ملفًا رئيسًا على جدول أعمال قمة مجموعة (بريكس)، على خلفية الإجراءات التي اتخذتها “الهند” و”روسيا”؛ والتي سّاهمت برفع أسعار الغذاء عالميًا. وقد فرضت “الهند” قيودًا على تصدير الأرز لحماية سوقها المحلي، فيما انسّحبت “روسيا” من اتفاق لضمان المرور الآمن لصادرات الحبوب الأوكرانية. وقد جعلت هذه الإجراءات الوضع الغذائي أسوأ في الدول الفقيرة، التي لطالما تغنّت مجموعة (بريكس) بدعمها والدفاع عن حقوقها.
التوصل لترتيبات دفع بديلة لـ”الدولار”..
وقال المدير السابق بمنظمة التجارة العالمية؛ “عبدالحميد ممدوح”، في مقابلة مع (العربية) أمس، إن جهود تقليص الاعتماد على “الدولار” كعُملة تسّوية معاملات بين مجموعة دول (بريكس) من المحتمل أن تشهد تقدمًا من خلال التوصل لترتيبات دفع بديلة عن “الدولار”.
وأوضح “ممدوح” أن الحديث عن إيجاد عُملة جديد لمجموعة دول (بريكس) لتحل محل العُملات الحالية؛ هو أمر: “غير واقعي”.
وأضاف أن نحو: 80% من المعاملات الدولية تتم عبر “الدولار”؛ والذي يحتل قائمة العُملات المسّاهمة في الاحتياطيات الدولية بنسّبة: 60%، فيما يُمثل “اليورو”: 20%، و”الين” و”الجنيه الإسترليني”: 5% لكل منهما.
وتابع: “الصين الدولة الوحيدة من مجموعة (بريكس) لديها حصة في الاحتياطيات الدولية؛ ونسّبتها لا تتخطى: 2.6%”.
غياب الرؤية وعدم إعلان خطة عمل..
وفيما يتعلق بانضمام دول جديد لمجموعة (بريكس)؛ قال المدير السابق بـ”منظمة التجارة العالمية”، إنه أمر وارد؛ حيث يوجد العديد من الدول النامية الراغبة في الانضمام للمجموعة، لكن نرى غيابًا للرؤية، حيث لم يتم إعلان خطة عمل للمجموعة كما أن هناك اختلافًا بين بعض الدول داخل المجموعة مثل: “الصين والهند” وهو ما يؤثر على التوجهات الاقتصادية.
لا حرب باردة ولا تكتلات متنازعة..
خلال القمة؛ صرح الرئيس الصيني؛ “شي جين بينغ”، بأن محاولة تأسيس تحالفات عسكرية ستؤثر سّلبًا على الاستقرار العالمي، مؤكدًا أن “بكين” لا تسّعى لخوض أي صراع مع قوى كبرى.
وأكد الرئيس الصيني؛ خلال رسالة نقلها عنه وزير التجارة الصيني؛ “وانغ وينتاو”، في افتتاح قمة (بريكس)، الثلاثاء: “أي محاولة لتشّكيل تحالفات عسكرية ستؤدي إلى زعزعة السلام والاستقرار العالميين”.
وأضاف “وينتاو”، نقلاً عن الرئيس الصيني: “لا نُريد حربًا باردة جديدة ولا تكتلات تتنازع فيما بينها؛ وإنما نُريد الاستقرار والازدهار وهذا منطق التنمية الإنسانية”.
وأكد أن: “الصين لا ترغب بالدخول في صراع مع القوى الكبرى”.
وتابع: “تعلمنا الدروس من الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة؛ واخترنا الانفتاح من أجل التعاون مع دول العالم”.
وأشار إلى أن العالم يشهد تغيرات غير مسّبوقة والمجتمع الدولي أمام مفترق طرق والتعاون والعمل الجماعي يجب أن يتغلبا على الخلافات والنزاعات.
إنشاء عُملة موحدة لمجموعة “بريكس”..
من ناحيته؛ أعرب الرئيس البرازيلي؛ “لويس إيناسيو لولا دا سيلفا”، عن تأييده لفكرة إنشاء عُملة موحدة لمجموعة (بريكس) المتمثلة في: “البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا”.
وقال الرئيس البرازيلي؛ خلال كلمته في قمة (بريكس): “لكي ينمو الاستثمار، يجب علينا أن نضمن نمو الثقة والقدرة على التنبؤ والاستقرار القانوني والسياسي والاجتماعي للقطاع الخاص. لذلك، أنا أؤيد تبني عُملة موحدة، لا تحل محل عُملاتنا الوطنية”.
كما نقلت وكالة (تاس) الروسية عن مسؤول رفيع قوله؛ إن بنك مجموعة (بريكس) يعمل على تطوير عُملة رقمية موحدة لدول المجموعة.
تُشّكل ربع حجم الاقتصاد العالمي..
وقال رئيس جنوب إفريقيا؛ “سيريل رامافوزا”، مساء الثلاثاء، أن دول مجموعة (بريكس) تُشّكل ربع حجم الاقتصاد العالمي.
ولفت رئيس “جنوب إفريقيا”، خلال كلمته في الكلمة الافتتاحية لقمة (بريكس) في “جوهانسبرغ”، أن حجم التجارة البيّنية للمجموعة: 162 مليار دولار خلال العام الماضي.. وأن “دول (بريكس) تُشّكل ربع حجم الاقتصاد العالمي وخُمس التجارة العالمية”.
وأضاف “رامافوزا”: “حجم التبادل التجاري بين دول (بريكس) وصل إلى: 162 مليار دولار خلال العام الماضي”.
وأشار “رامافوزا” إلى أن مجموعة (بريكس) تعمل على تقوية العلاقات الاقتصادية بين دولها وأن النمو الاقتصادي يجب أن تسّوده الشفافية والاندماج ضمن معايير “منظمة التجارة العالمية”.
التخلص من “الدولار” في التسّويات بين دول “بريكس”..
ومن ناحيته؛ أعلن الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، خلال كلمته في قمة (بريكس)، استعداد “روسيا” للعودة إلى صفقة الحبوب في حال الوفاء الحقيقي بالالتزامات تجاه الجانب الروسي.
ولفت “بوتين”؛ خلال كلمته الثلاثاء، أن التخلص من “الدولار” في التسّويات بين دول (بريكس) عملية لا رجعة فيها.
وأكد “بوتين” أن (بريكس) تعمل على تعّزيز التعاون بين الدول الأعضاء لتسّريع النمو الاقتصادي.
وأوضح “بوتين”؛ أنه هناك تحديات أمام مجموعة (بريكس) من تقلبات أسعار الطاقة والتصرفات غير المسؤولة من عدة دول.
تعويض صادرات الحبوب الأوكرانية..
وأشار “بوتين” إلى أن الاستثمار في دول (بريكس) زاد بمعدل: 06 أضعاف.
وأكد “بوتين” أن “روسيا” ستعمل على إعادة توجيه تدفقات النقل والخدمات اللوجستية إلى شركاء موثوقين؛ بما في ذلك من دول مجموعة (بريكس).
ونوه “بوتين” إلى أن “روسيا” قادرة على تعويض صادرات الحبوب الأوكرانية في ظل الإنتاج الجيد هذا العام.
وأشار إلى أن “روسيا” مسّتعدة لتوزيع الأسّمدة الروسية المحتجزة في الموانيء الغربية مجانًا.
ويُشارك قادة 04 دول في القمة بصورة شخصية؛ وهم الرئيس الصيني؛ “شي جين بينغ”، والرئيس البرازيلي؛ “لولا دا سيلفا”، ورئيس الوزراء الهندي؛ “ناريندرا مودي”، ورئيس جنوب إفريقيا؛ “سيريل رامافوزا”، بينما يُشارك الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، عبر تقنية الفيديو، في حين يرأس الوفد الروسي المشارك في القمة وزير الخارجية؛ “سيرغي لافروف”.