” ان ينبوع العراق قد مات بعد ان احتجبت عنه .. ( لا اتردد في مصارحتكم ان وقع احتجابكم عن الشأن السياسي اليومي كأحتجاب الماء عن دجلة .. ” .
ـــ حسن العلوي مادحاً مقتدى الصدر ـــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الريف الجنوبي هناك بعض العوائل العراقية المتنقلة نطلق عليها ” الكاولية “
مع شديد الأحترام لدورهم في اغناء الفنون الشعبية ( الفلكلور ) , يختص بعظهم في العزف على الة موسيقية سومرية الجذور , تتكون من الخشب ( الخيزران ) والجلد الرقيق وبعض الأوتار يطلق عليها ( العياطه ) , يتجولون في القرى ليعزفوا في المناسبات وخاصة الأعراس , اذكر اسم احدهم ـــ منتوف عياطه ــ قبل ان يؤدي دوره , يسأل عن اسم العريس وابوه وجده والمقربين اليه وعشيرته واعداء عشيرته , وحسب وصفة المديح والذم الجاهزة ( الكليشة ) يغير الأسماء فقط ثم يبدأ العتابة, بعدها يستلم اجوره ليغادر الى مناسبة اخرى .
تزوج اخي الأكبر وكالعادة شم منتوف رائحة المناسبة , حضر وبدون استئذان , عزف وغنى عتابته مديحاً للوالد والأعمام والأخوال وذماً للأعداء , بعدها طلب من الوالد الأجر .
ـــ ” ياللـه مد ايدك ( ابو شنيشل .. ) اجابه الوالد
ـــ ” انطيك حريشي .. ولك هذا مديح لو شهيره .. .. ابني المدح اذا طلعت ريحته يصير ذم … ولولا تدخل البعض , كان الوالد مصراً على طرده بدون مكافئة .
السيد النائب حسن العلوي لعب دور منتوف عياطه في مدحه للسيد مقتدى الصدر وكما هو دائماً يراوح بين المديح والذم , يمتدح صاحب المكرمة دون استحقاق ويذم ـــ يهاجم ـــ من يختلف معهم دون سبب وجيه , مضى شبابه علم من اعلام المديح البعثي ـــ حرس قومي في الثقافة العراقية ـــ وكان شاهد زور على ابشع جرائم الأبادات الجماعية والتهجير والأنفلة , وقد اشرت لذلك في مقالة سابقة .
لا اريد الأسهاب في تناول مثالبه في ثقافة المديح والذم , فالكثير يعرف عنه اكثر مما اعرف, كما ليس لدي اشكالية مع السيد مقتدى الصدر شخصياً, انه في افضل حالاته يشارك بأربعين مقعداً في العملية السياسية وحكومة الشراكة الوطنية !!! بقضها وقضيضها .
السيد حسن العلوي , في رسالتيه للسيد مقتدى الصدر , كان ذاماً اكثر مما هو مادحاً وقد وضع نفسه في ذات المألوف من تاريخ مواقفه , كما ان السيد مقتدى يعرف نفسه ويعرف ايضاً ما ينطبق عليه وما لا ينطبق من مديح وسوف لن يصدق شطحات الأستاذ حسن العلوي , ربما شعر السيد مقتدى بالحرج ازاء رسالتي الأستاذ ( حسن عياطه ) اما الذي ذمهم ليرضي نفسه والسيد فكان كما يقول المثل ” مثل صون الغايره ” ( مطشر ) يميناً ويساراً او فوق الراس .
حكمة عراقية تقول ” الطبع الي في البدن … لا يغيره الا الچفن ” , شيخنا الأستاذ العلوي , شب على ثقافة المديح والذم وشاب ( تطبع ) عليها , موهبة تصنع من مفردات اللغة نصوصاً مذهبة للمديح واخرى للذم مموهة بالقبح , رسالتي شيخنا العلوي الى السيد مقتدى تعبرا عن عملته في الأنتهازية والوصولية , ووصيته الأخيرة , على انه مثلما شب على سحت المديح والذم شاب عليهما حتى نهايته .
من يتابع السيرة السياسية والثقافية وكذلك التنظيمية للأستاذ حسن العلوي , سيجد فيها انعطافات حادة وتقلبات مفاجئة, مواسم مواقفه وانتماءاته غير منضبطة ومن سوء حظه يأتي قفزه المتأخرا دائما على ظهر الموجات المتهالكة , فهو البعثي المعطوب واليساري ــ العلماني ــ المسلفن بأسمال الأنشاءيات ثم الأسلامي المتخلف ينعق بأكثر من لحن نشاز لمراحل قد تجاوزها الحراك العراقي تماماً .
الأستاذ حسن العلوي , الكاتب والباحث , تعفنت من داخله الموهبة ومنطق الكلمات , يتقيأ نتاجاته تخريفات لغوية مموهة بالبلاغة , متحللة فاقدة المضمون تتأرجح بين المديح غير المحتشم والذم غير المهذب , قد نجد له عذراً , اذا كان في وصيته التي مدح فيها السيد مقتدى الصدر , يريد التأكيد على انه لا زال شيئاً يثير الفضول , انها بالتأكيد , وصيته الأخيرة , كآخر حرس قومي في الثقافة العراقية