يلقي المشهد السوداني اليوم بكل ظلاله المؤلمة بواقع جديد على الواقع العربي المضطرب، فيظهر الى هذا المشهد العربي المضطرب واقع المشهد السوداني بكل تجلياته المؤلمه والمأساوية، والتي ما زالت حاضرة منذ عقود مضت من الزمن، وفي آخر تطورات هذا المشهد لهذا العام هو استمرار فصول الصراع العسكري على الارض تاركاً خلفه المئات من القتلى ودماراً واضحاً وبطريقة ممنهجة لكافة البنى التحتية بالدولة السودانية .
اليوم نسمع عن نداءات عاجلة لأنعقاد مؤتمرات عربية أو دولية «لا تغني ولا تسمن من جوع السودانيين التواقين للاستقرار»، وهذه المؤتمرات ستعقد في مناطق جغرافية خارج الوطن السوداني، تسعى كما يقال الى وضع حد لحالة الفوضى والصراعات السياسية – العسكرية ، التي تعيشها الدولة السودانية ، هذه المؤتمرات تتسابق بعض القوى المسلحة السودانية والمدعومة باجندة خارجية اليوم لإفشالها، وهذه القوى هي التي تراهن اليوم على الحسم الميداني على الأرض.
ومن هنا يمكن القول إنه بات من الواضح أن مسار الحلول السياسية وتحديداً منذ مطلع عام 2023، قد نعتها مسار الحلول العسكرية على الارض للقوى المتصارعة على الساحة السودانية، فقد عشنا منذ مطلع العام الحالي تحديداً على تطورات دراماتيكية ، عاشتها الدولة السودانية من شمالها الى جنوبها، ومن غربها الى شرقها، والواضح أنها ستمتد على امتداد أيام هذا العام، فقد اشتعلت جبهات عدة على امتداد الجغرافيا السودانية، وفي شكل سريع ومفاجئ جداً، في ظل دخول متغيرات وعوامل جديدة وفرض واقع وايقاع جديد للخريطة العسكرية السودانية ، وخصوصاً بعد عودة تمدد قوى عسكرية مسلحة “غير نظامية ” في شكل واسع بمناطق مختلفة في شمال السودان .
وبالأنتقال الى مايجري في السودان عسكرياً اليوم ،فقد فرض الواقع العسكري نفسه وبقوة ،على كل التجليات المأساوية التي عاشتها الدولة السودانية مؤخراً ، فقد شهدت البلاد خلال الاشهر الأربعة الماضية ،صراعاً سياسياً محلياً مدعوم بأجندات خارجية وهذا ما أفرز هذه الصدامات العسكرية ” الدموية ” بين قوى عسكرية سودانية عدة ، فـ بعض هذه القوى المسلحة يعرف عنها أنها متعددة الولاءات ،وتملك كتائب عسكرية متعددة .
تعدد هذه القوى المسلحة على الاراضي السودانية سيفرز حالة صراع دائم فيما بينها ،فقد أرتبط هذا الصراع المحلي بصراع أقليمي -دولي ،مما ينذر بالمزيد من الفوضى داخل الدولة السودانية مستقبلاً ،وفي ظل غياب أي سلطة فعلية للدولة السودانية في الأيام القليلة الماضية ، على الارض،ومع عودة ظهور جماعات مسلحة متواجدة بشرق وجنوب شرق السودان،أعلنت ولائها ومبايعتها لبعض القوى العسكرية المنخرطة في صراع عسكري داخل السودان اليوم ،وهذا ما سيزيد التعقيد المستقبلي للحالة السودانية المضطربة أصلاً ،وهذا الوضع قد يستمر لأعوام قادمة قبل الحديث عن جراحه دولية ، خاصه بالواقع السوداني، وهذا ما بدأت علامات ظهوره تتضح مؤخراً ، والهدف هو اقتسام ماتبقى من الكعكة السودانية بين القوى الكبرى .
ختاماً ،يمكن القول ان المشهد السوداني يزداد تعقيداً مع مرور الأيام ،وهذا ما يستلزم وضع خطوط عمل فاعلة على الارض السودانية من قبل بعض القوى المحلية ” التي تدين بولائها وانتمائها ” للسودان فقط ” لتنسيق حلول مقبولة ،لأيقاف حالة النزيف التي يتعرض لها الوطن السوداني ،والا سيبقى السودان يدور بفلك فوضوي طويل عنوانه العريض هو الفوضى والصراع الدائم على ماتبقى من الارض ومن الشعب السوداني المنهك .