“إيران واير” يرصد .. اختيار المعلمين ودور “الحرس الثوري” في تلقين التعليم الإيديولوجي (2)

“إيران واير” يرصد .. اختيار المعلمين ودور “الحرس الثوري” في تلقين التعليم الإيديولوجي (2)

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

يستكمل موقع (إيران واير)؛ خلال الجزء الثاني من تقريره التحليلي، البحث في دائرة نفوذ التشّكيلات المتعددة لـ (الحرس الثوري) والمنظومة العقدية والسياسية لـ”الجمهورية الإيرانية” والتعليم الإيديولوجي بين التلاميذ..

بعد المرحلة الجامعية؛ يخوض الكثير من الطلاب امتحان في كتب “مرتضى مطهري”؛ وبعض الرسائل العلمية للمراجع تمهيدًا للتعيين بالمدارس.

وتعكس روايات المعلمين؛ ممن تحدثنا إليهم بوضوح، كيف يُحرم المواطن بسّهولة وبطرق غير قانونية من العمل والمعيشة. وبخلاف ذلك لا يستطيع المواطن؛ بسبب النشاط السياسي للأقارب من الدرجة الأولى أو حتى من بعيد، الحصول على فرصة عمل في “التربية والتعليم”.

يحكي “أبو الفضل رحيمي شاد”؛ عن فترة تعييّنه قبل 25 عامًا: “كانت قناعاتي في تلك الفترة مذهبية. ولو كنت قد تقدمت بقناعاتي الآن لما تعينّت. وقد سألوني في وزارة المخابرات: كيف عُينت في التربية والتعليم رغم الأشياء التي تكتب ؟.. كيف لم تُفصل ؟.. أنت غير مؤهل للعمل كمعلم”.

أسئلة غير صحيحة !

ويصف هذا الناشط النقابي؛ الأسئلة التي تُطرح على المتقدمين للتعييّن بالخاطئة من المنظور العقلاني، وأضاف: “تستطيع بسهّولة الكذب. وهذا الأمر ينعكس على تزايد رياء المعلمين. وقد قلت ذلك في إحدى مرات الاختبار. كان الجميع هناك يحمل كتيبات للرسائل العلمية عن أحكام الصوم والصلاة وخلافه. ثم جاء دوري في الاختبار. وأخبرت المحاور أنه يمكن بسّهولة الكذب. فأجاب نحن أيضًا نقوم بتحريات محلية. فقلت حسنًا سيكون هناك كذب أيضًا. أنا نفسي أخبرت كل من يعرفني قبل التقدم للاختبار. أريد القول إنهم يبحثون في كل شيء عدا القدرة العلمية”.

أغاني “لوس أنغلوس”..

يُضيف “رحيمي شاد”؛ عن طبيعة الأسئلة: “سألني المحاور عن الاستماع لأغاني لوس أنغلوس، فأجابته: لو أقول لا فلا معنى لسؤالك. أستمع لتلك الأغاني، ولا أجد الوقت للاستماع للموسيقى. أقضي معظم وقتي في القراءة أكثر من الاستماع للموسيقى. فسأل: ماذا تقرأ ؟.. فأجبت: كتب السادة (دستغيب) و(مطهري) وغيرهم من المسّتنيرين في المجالات الدينية والفلسفية و… فقاطعني قائلًا: حدثني عن كتب مطهري. فبدأت بالحديث عن كتاب معين. وتعمدت الخطأ حتى أزن مستوى معلوماته؛ وحين بدأ في مدحي أخبرته بالحقيقة. فتعصب بشدة وأعطاني المصحف لأقرأ منه بعض الآيات. فسألته: لماذا ؟.. أنا مفترض أن أعمل كمدرس أحياء، فما علاقة ذلك بالقرآن ؟.. فقال: ربما يحدث طاريء. فتعمدت مرة أخرى الخطأ. وكذلك الأمر مع سؤال أنواع الغُسل. فسأل عن مرجع التقليد، وعن ولاية الفقيه: فأجبت: مستوى أعلى من الذي أقبله. فقال: لو أكتب غير مقبول فلن تتعين. كان ذلك في عهد الإصلاح. ولم أكن خريج كلية تدريب المعلمين. لكني تعينت بسبب العجز في المدرسين. المثير للعجب أنه بعد مرور عامين على حكومة الإصلاح، لم يحدث أي إصلاح في التربية والتعليم”.

كتابة تعهد..

تحكي معلمة أخرى؛ رفضت الكشف عن هويتها، عن تجربتها فتقول: “بعد تجربة عام من العمل، طلبني محاور الاختيار. ومكثت مدة ثلاث ساعات في أسئلة وإجابة، بينما كانت أمي تنتظرني في قاعة الانتظار. كنت متعبة ومحمومة. فقال: لابد أن توقعي على تعهد. فقلت: والدتي متعبة بشدة ويجب أن نعود إلى بلدتنا. وسوف أرسّل لك خطاب بريدي. وحين عدنا كتبت له تعهد وأرسلته بالبريد وهذا نصه: أتعهد أن أظل على قناعاتي بالمسّائل الدينية كما كنت بالسّابق. وأنا أحرص على الالتزام بحجابي كما كنت في السابق”.

ووافقوا على هذا التعهد: “وأنا حاليًا أعمل. لكن للأسف فصلوا اثنتان من صديقاتي. وبعد فترة استدعوا إحداهن للعمل، لكن الأخرى للأسف تعيش أوضاع معيشية وصحية سيئة”.

حُراس المصالح الإيديولوجية..

يقول “محمد علي زحمتكش”؛ المعلم والناشط النقابي: “فترة الاختبار أسوأ ذكريات معلم من الثمانينيات. يمكنني القول بجرأة أن هذا موضوع المقابلة والاختبار المخيف في التربية والتعليم هو من أكبر المشكلات. كانت الاختبار في تلك الفترة يهدف إلى اختيار المعلمين الذين يحرسون المصالح الإيديولوجية للسلطة؛ بحيث يتسّنى إنتاج المؤيدين للنظام جيل بعد آخر، ولم يكن الهدف تدريب تلميذ مبدع ومبتكر”.

وعن الأسئلة في تلك الفترة أضاف: “أخجل من نفسي لطبيعة الأسئلة. يجب في المعلم أن يكون موجه للأجيال عبر العصور؛ وبخاصة فترات الاستبداد. سألوني وبعض الزملاء: هل أنتم أعضاء بالمقاومة المحلية ؟.. ثم قالوا: القميص والبنطال لا يناسب معلم من حزب الله؛ مؤكد ترتدون رابطة عنق أثناء التوجه للفصل. وسألوا عن دليل دخول الحمام بالقدم اليسرى والخروج بالقدم اليمنى ؟.. لماذا لم تُرسل إلى الجبهة على الأقل مرة واحدة خلال السنوات الخمس الماضية ؟.. كما مرة في الشهر تصلي الجمعة ؟.. ولماذا يطلقون على صلاة الجمعة العبادية-السياسية ؟”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة