تتحَرك الولايات المتحدة الأمريكية هذه الأيام في كـل الاتجاهات؛ بهَدفِ زعزعة الاستقرار في سورية والمنطقة وعرقلة أية جهود لإنهاء العدوان والحصار على بلدنا الغالي على قلوبنا ” سورية”.
اليوم ندرك جيداً أن أمريكا هي التي تحرك العالم بأكمله مثل لعبة الشطرنج وتستخدم كل الوسائل الخبيثة واللعب بأوتار الفتنة الطائفية باسم الدين ونشر الفوضى وتقسيم الدول إلى دويلات من أجل نهب وإستغلال ثروات هذه البلاد وتقسيم الأدوار على بعض حلفاؤها بما يحقق مصالحهما وأهدافهما في بلدنا.
على خط مواز، لا يمكن لأي متابع ان ينكر حقيقة أن السوريين يواجهون مشروعآ غربيّآ الهدف منه تقويض الجهود السورية في الوصول الى الأمن والإستقرار، مع محاولات غربية- أمريكية لتفجير الداخل السوري، وما يدلل على ذلك هو حجم الدعم الأمريكي –الغربي والعلني للمتطرفين، واستقدام المزيد من التعزيزات العسكرية إلى شمال شرقي سورية، وإقامة قواعد عسكرية جديدة هناك، ومن هنا يبدو أن مفاعيل ومسارح الإشتباك الدولي بين دمشق وواشنطن قد وصل الى درجة الخطوط الحمراء والتي لا يمكن ان يصمت عليها السوريين.
في هذا السياق استثمرت واشنطن وجود قواتها من خلال استخدامها الرواية الأمريكية حول وجود خطر داعش كورقة في سياق استراتيجي في الملف السوري، وبالمقابل إن الولايات المتحدة بصدد إعادة تغيير علاقاتها في الشرق الأوسط تماشيا مع التطورات على الصعيد الإقليمي والعالمي، ما جعلها تصر على الإبقاء على قواتها في سورية في ظل التنافس مع الصين وروسيا، كما يمكن أن تستخدمها كورقة في أي عملية سياسية يتم إنتاجها في المسألة السورية، بغض النظر عن وجود أصوات معارضة في الداخل الأمريكي لبقاء القوات هناك.
وأمام هذه التطورات يبرز تساؤل هام: لماذا ترسل الولايات المتحدة الأمريكية هذه القوات في هذا التوقيت بالتحديد الى سورية؟ وكيف ستتعامل معها سورية لا سِيما إذا تجاوز القوات الأمريكية الخطوط الحمراء؟
إن التواجد الامريكي في سورية يحمل الكثير من الدلالات والرسائل، سواء لسورية أَو للدول المناهضة للإمبريالية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، وقد دخلت الولايات المتحدة سورية لدعم داعش التي صنعتها المخابرات الأمريكية، ولمحاولة تقسيم سورية عبر دعم انفصاليين أكراد، وأنشأت الكثير من القواعد العسكرية لدعم اسرائيل في حال نشوب أي حرب مقبلة مع سورية، كما أن الولايات المتحدة تسرق النفط والمحاصيل في شرق الفرات، خزان سورية الطبيعي للمواد الأساسية، مما مثل ضغطاً هائلاً على الاقتصاد.
وتزامنا مع هذه المستجدات الأخيرة، أن إدارة بايدن الفاشلة والمتعارضة مع كافة المواثيق الدولية لا تستخلص العبر ولا تقرأ تجارب التاريخ من أن الشعوب لا يمكن أن تقبل باستمرار سياسة الإذلال والحصار وهذا ما يضع سورية أمام موقف الدفاع عن قضاياها، لذلك كان إستهداف القواعد العسكرية لقوات الاحتلال الأمريكية في حقل العمر النفطي بريف دير الزور الشرقي بالقذائف الصاروخية، وهذا الاستهداف شل الخطط الأمريكية وأربكت توقعات العدو الصهيوني والأنظمة المتحالفة معه في سورية، التي أكدت على جهوزية المقاومة لمواجهة الارهاب.
ومن هنا كانت الرسالة التي نقلها الرئيس الأسد لكل من يهمه الأمر، واضحة لا لبس فيها، قال: ” نحن نحب هذا البلد، فسورية يعشقها السوريون، ولن يفرطوا أبداً في استقرارها وأمنها، وكما نجح أبناؤها في حرب تشرين التحريرية سينجحون في طرد الإرهاب وأدواته من سورية” تاركاً باب التأويل مفتوحاً، ولعل هذا التصريح هو رسالة تحذير قوية وواضحة للطرف الأمريكي المعتدي على وطننا الغالي على قلوبنا “سورية
يدرك الأمريكيون أن هذه التصريحات التي تأتي من قبل القيادة السياسية والعسكرية السورية لا تأتي من فراغ، وأن الاستهداف قادم لا محالة، وخاصة إذا استمر العدوان الأمريكي بالمماطلة وعدم الجنوح للسلام، ومن هنا لا بد للقوات الاميركية مغادرة الاراضي السورية فورا وبلا قيد او شرط.
لذلك يجب على ساسة البيت الأبيض أن يحترسوا من التورط في شن الحرب على سورية الذين لا يستطيعون تطويق حدودها ومجابهة الدول الإقليمية المرشحة للاشتراك فيها مثل إيران وحزب الله وروسيا، وهي حرب سوف تكون مكلفة لبلادهم عسكرياً وسياسياً وأخلاقياً وإمكانية تطورها الى حرب إقليمية بأبعاد عالمية قد تنقلب من حرب محدودة الى حرب مفتوحة والتي سوف يكون لها آثار مدمرة متى إشتعلت لأن هناك أكثر من جهة تريد أن تثبت وجودها في المنطقة سواء على الصعيد العسكري أو السياسي.
يبقى التذكير هنا، أنه لا بد أمام هذا الواقع من صحوة الضمير من قبل الشعوب العربية وأن تعي خطورة ما تقوم به الدول الاستعمارية من أهداف سعياً لتعزيز أمن إسرائيل والسيطرة على مقدرات البلاد.