الانتخابات مؤشر واضح على النظام الديموقراطي وطريقة سليمة للتعبير عن الرأي والمشاركة في الحياة السياسية لأي بلد، بالرغم من وجود حالات التزوير وما يشوبها من مساوىء وثغرات.
الجمهور او المواطنين الذين لهم حق التصويت هم احد الأطراف الرئيسة في هذه العملية المتكررة كل عدة سنوات بشكل باتت الانتخابات محل سخرية واستهزاءهم لأنها لم تعد قادرة على تحقيق الهدف من إجراءها في إحداث التغيير نحو الأفضل او تحسين مستوى الخدمات الاساسية المقدمة للمواطنين، نتيجةً لتكرار هذه العملية ارتفع مستوى وعي الناخبين ولم يعد فريسة سهلة في الوقوع في شباك وعود المرشح وكلماته البراقة وجمله الرنانة، بل أصبح الناخبين يضعون أمام أعينهم مصالحهم الخاصة وكيفية الاستفادة من هذه الفرصة ويجبرون المرشحين على تلبية متطلباتهم قبل الإدلاء باصواتهم في يوم الاقتراع، لقناعته التامة ان ما يمكن الحصول عليه قبل يوم الانتخابات لا يمكن الحصول عليه بعدها ويصبح رؤية المرشح عند اعلان النتائج النهائية بفوزه واللقاء به صعبة ويتحول إلى إنسان آخر بعد ان استطاع ان يقنع جمهوره بدعمه بأصواتهم ويبحث عن ما ينفعه إلا ما رحم ربي.
ومن جانب اخر، فإن قسم من الجمهور هو الاخر يلعب على أوتار عديدة ويظهر بأوجه مختلفة ويملك أفواه كثيرة ويتملق لأكثر من مرشح ويعلن تأييده له ويتنقل بين تجمعات المرشحين واحداً تلو الاخر ويأكل من هنا وينتفع من هناك وكل مرشح يحسبهم جمهورًا مخلصًا له وقد يقرر في النهاية دعم من استفاد منه أكثر وهؤلاء يكونون جمهورًا وهميًا مبنيًا على السراب للمرشحين وعليهم عدم الانخداع بهم وبناء فوزهم اعتمادًا عليهم، مع وجود مجموعة من المواطنين الثابتين على مواقفهم ويكونون عند وعودهم ويحترمون ما يقطعون على أنفسهم من عهود لكل مرشح وهم كانوا الأغلبية في السنوات الأولى ولكنهم إلى القلة بعد كل انتخاب،
في العراق ومن ضمنها إقليم كوردستان تقل نسبة مشاركة المواطنين في كل عملية أنتخابية وفق ما يعلنه مراكز الدراسات والابحاث الخاصة بالانتخابات لأسباب مختلفة منها وجود الجمهور الوهمي المتعدد الأوجه والسمات والمتنقل المستمر بين ساحات وتجمعات المرشحين.
حضور أعداد كبيرة من هذا النوع من الجمهور حول المرشحين لا يعد مؤشرًا على فوزهم ولا دليلًا على قوتهم وضمانًا لكسب اصواتهم، لإنه لا سلطان على إرادة الإنسان عندما يمسك القلم خلف الكابينة الخاصة بالإدلاء بصوته، فكم من مرشح اكتسب الأصوات وفاز كان في حساب الجمهور خاسرًا.
حددت رئاسة إقليم كوردستان العراق يوم الخامس والعشرين من شباط ٢٠٢٤ يومًا لإجراء انتخابات برلمان كوردستان وقبلها ستجري انتخابات مجالس المحافظات في العراق الاتحادي في تشرين الثاني من هذا العام حيث تجري الاستعدادات على قدم وساق وبدأ المرشحون بجولاتهم وصولاتهم والتقرب من الجمهور مستغلين المناسبات الاجتماعية والثقافية والدينية اذاناً منهم بخوض المشوار الطويل الصعب.
المرشح الناجح هو الذي يستطيع قراءة الجمهور ويعرف كيف يدخل قلوبهم قبل أن يكسب اصواتهم بضمانات كاملة ولا يخدع بوعود الجمهور الوهمي الذي يلعب على إقناع أكثر من مرشح في نفس الوقت.
إذًا نحن امام عملية انتخابية صعبة للغاية وذلك لشطارة الناخب وخبرته وقدرة المرشح على كسب الأصوات، فالأيام القادمة ستكون حاسمة وستكشف وستقرر الفائز المنتصر من الخاسر..