“تقي آزاد مكي” يُشّرح علاقة .. الطبقة الوسطى والسلطة !

“تقي آزاد مكي” يُشّرح علاقة .. الطبقة الوسطى والسلطة !

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

أثناء احتجاجات العام 2022م؛ عّزا أغلب المحللين أسباب عدم اتساع دائرة الاحتجاجات لعدم قناعة أبناء الطبقة الوسطى بالتوجهات السلبية، والعنيفة والراديكالية. لكن الوجه الآخر للعُملة هو أن السلوكيات السلبية للطبقة المتوسطة إنما ترتبط بكيفية تفاعل هذه الطبقة في المعسكرات السياسية.

والسؤال: هل ماتزال الطبقة المتوسطة تعتقد في السلوكيات المدنية، والإصلاحية؛ بحيث ستكون على استعداد للمشاركة بقوة في الانتخابات ؟..

يعتقد “تقي آزاد مكي”؛ عالم الاجتماع، أن الطبقة الوسطى تعيش حاليًا حالة من الانتظار والمراقبة للتطورات المقبلة.

ورغم أن قانون الانتخابات الجديد، وقيود الحجاب والعفاف، واستمرار حجب الإنترنت، وقيود العمل وغيرها تضع هذه الطبقة في حالة تناقض، لكن ماتزال هذه الطبقة تعتقد في ضرورة اتباع الأساليب المدنية والابتعاد على السلوكيات الراديكالية. لكن إلى متى سيستمر هذا الوضع ؟..

الواقع أن هذه الحال سوف تستمر طالما تتمسك هذه الطبقة بكل قوتها بالسلوكيات المدنية، بعد ذلك لن تكون هذه الطبقة عامل التطورات؛ وإنما ستصنع الحدث. الأمر الذي قد يقود المجتمع إلى عالم عجيب وغريب كما يتضح من الحوار التالي…

ظروف ازدواجية..

صحيفة “اعتماد” : كيف تُقيّيم وضع الطبقة المتوسطة في “إيران” ؟.. البعض يتحدث عن وفاة هذه الطبقة تمامًا بسبب الحرمان الاقتصادي، بينما يعتقد آخرون بغرق هذه الطبقة في حالة من اللامبالاة. كيف ترى حضرتك هذه الطبقة ؟

“تقي آزاد مكي” : تُصارع الطبقة الوسطى في “إيران” ظروف ازدواجية؛ بين البقاء حيث يحظى تحقيق آمال هذه الطبقة بالأهمية بالنسبة للكثير من الإيرانيين، وحرص الفصائل المتشّددة ذات السلطة على التخلص من هذه الطبقة.

وفي “إيران” طبقة من الطبقة المتوسطة اقتصادية وأخرى ثقافية واجتماعية. ورغم تطابق هاتان الطبقتان في بعض الأحيان، لكن لابد من التفريق بينهما.

وتتسّم الطبقة الوسطى في “إيران” بالضعف من المنظور الاقتصادي في العام الجاري، لكنها تمتاز بالثراء من المنظور الثقافي، بحيث تحولت إلى رمز للطبقات الأخرى. وحين يتحدث المحللون عن موت وضعف الطبقة الوسطى، فإنهم يتحدثون من المنظور الاقتصادي.

لكن الطبقة الوسطى التي أتحدث عنها؛ تمتلك أبعادًا ثقافية واجتماعية، وهذا البُعد ليس هامًا في ذاته فقط، وإنما حقق الغلبة وتحول إلى أمنية للطبقات الاجتماعية المحرومة. ويمكن استخراج هذه الحقائق من إحصائيات البحوث الاجتماعية الإيرانية. ومن ثم فإننا بصدد طبقة وسطى في “إيران” كبيرة نسبيًا، وتمتع بالقوة والفعل.

نطاقات نشاطات الطبقة الوسطى..

صحيفة “اعتماد” : كيف ستتصرف هذه الطبقة في ساحات الصراع المقبلة ؟

“تقي آزاد مكي” : يكتسب تفاعل هذه الطبقة اليوم معناه من إضفاء المعنى على النظام الاجتماعي، والنقد والتحليل، والتأمل ودعوة المجتمع للفهم.

وفي رأيي؛ هذه مكانة استثنائية للمجتمع الإيراني، فإذا كانت الأحزاب في السابق تقوم بتلك الوظيفة، فإن الطبقة الوسطى تحمل على عاتقها اليوم عبء هذه المهمة. والسؤال: ما هو نطاق هذا التفاعل ؟..

كانت الأحزاب، والصحف، والجامعات، والمؤسسات المدنية في فترة نطاقًا لذلك التفاعل، لكن مع سّيطرة النظام السياسية أصبح هذا النطاق محدودًا، لذلك تتخذ هذه الطبقة من الفضاء المجازي، والتجمعات الأسرية، والفضاء العام نطاقًا لخلق المعني والتأمل.

والكلمة الأساسية لتلك الطبقة هي أن أوضاع المجتمع مزرية، ناهيك عن المشكلات السياسية، وتوتر العلاقات مع الدنيا، ونظام حكم غير فاعل. والطريف أن المجتمع يتقبل هذا الكلام ويكرره.

ومن ثم فإن نشاط هذه الطبقة يتسّم بالجوانب الثقافية والاجتماعية في الغالب أكثر من الجانب السياسي.

دور الطبقة الوسطى..

صحيفة “اعتماد” : لكن المتوقع من هذه الطبقة الفاعلية السياسية. من هذا المنطلق ما الأحداث التي قد تحدث ؟

“تقي آزاد مكي” : الوظيفة التاريخية للطبقة الوسطى هي إصلاح المسّار السياسي المعيب. هي محل دعوة المجتمع والطبقات الداخلية للطبقة الوسطى للانسجام والتناغم، وتوظيف الحركات المدنية في خدمة المجتمع.

فالطبقة الوسطى تتمتع بالقدرة من جهة على الدعوة للقيام بدورٍ أكبر، ومن جهة أخرى تحفيز الطبقات الدنيا على تغييّر الأوضاع. والسلطة تتخوف من هذا النشاط للطبقة الوسطى، لأن هذا النوع من الأنشطة قد يتخذ شكل الدعوة للمشاركة في الانتخابات بهدف إقصاء المتشددين أو المواجهة المدنية والميدانية للمحافظة على المنجزات المدنية والإصلاحية.

في الانتخابات البرلمانية والرئاسية..

صحيفة “اعتماد” : من خلال ما سبق كيف ترى تفاعل الطبقة الوسطى مع الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة ؟

“تقي آزاد مكي” : في رأيي لن يكون لتلك الطبقة تفاعل نشط في الانتخابات. لكن يمكن تصور نوع من الإشراف والانتظار من جانب هذه الطبقة.

هذا فهمي لسلوكيات تلك الطبقة. هذه الطبقة تشعر أنها تتحمل طيلة العقود أعباء التكلفة والمشاركة لكن دون تحقيق أي إنجازات.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة