العراق بلد الخيرات الوفيرة، يمتلك الكثير من المغريات التي تدفع الحاكم إلى الانفراد والتمسك بالسلطة، لذا عانى هذا البلد من تسلط الحكام لفترة طويلة.
لكن بعد التغيير وضعت عدد من القوانين، التي تحد من إمكانية نزوع من يتولى السلطة إلى الانفراد والتشبث بالكرسي، منها الفصل بين السلطات وكذا نظام الأقاليم، وغيرها من المحددات، التي تمنع الحاكم من الجنوح إلى الانفراد، وهكذا سارت الأمور مع بداية التأسيس.
حيث سلم إياد علاوي الحكومة إلى الجعفري، بعد فوز الائتلاف بالانتخابات، وهكذا فعل الجعفري، بعد اعتراض الفضاء الوطني على توليه الحكم من جديد، لكن بعد تولي المالكي سعى وبإيحاء من بعض المستشارين، كما يبدوا إلى الاستحواذ على الكرسي، لذا تم رسم خطة للوصول لهذا المسعى.
ابرز فقراتها ضرب الدستور، وأول الخطوات هي السيطرة على السلطات، حيث تم هذا من خلال الانفصال على الائتلاف الوطني، وتشكيل قائمة دولة القانون التي ضمت الانتهازيين والضعفاء، الذي كانوا ضمن الائتلاف الوطني، وبالتالي السيطرة على أعضاء هذه الكتلة بشكل كامل، والتخلص من الأقوياء كالمجلس الأعلى والتيار الصدري.
في الخطوة الأولى ليلحقها بخطوة أخرى، ليقوي رصيده ليضيف منظمة بدر، الذي انحدرت من قائد إلى مقاد، بسبب سوء تقدير قيادتها للأمور، وسيطرة شخصيات معروفة بولائها للدعوة، على قرارات المنظمة.
وحزب الفضيلة الذي يؤمن بالمثل ( اللي ياخذ امي يصير ابوي)، فلا يعني هذا الحزب مع من يكون، المهم ما يحصل عليه، بدليل أن قائده لم يدلي بأي تصريح ضد مفاسد الحكومة، منذ تولي الحزب لوزارة العدل، على خلاف الفترة الماضية عندما لم يكن لحزبه أي منصب حكومي، حيث هاجم بشدة الحكومة والعملية السياسية برمتها.
هكذا أوحى المالكي بأن أغلبية الشيعة إلى صفه، وكان ائتلاف دولة القانون لا يقول ولا يقرر إلا ما يقوله المالكي، وعندما اندمج الائتلاف الوطني مع دولة القانون لتشكيل التحالف الوطني، وضع الجعفري على رأس التحالف وهو الذي لا يملك أي مقعد إلا لشخصه، وبهذا انتهى التحالف إلى اسم بلا جسد، ليكون اضعف كتلة في البرلمان رغم أغلبيته العددية.
وعمل بعض أبواق دولة القانون على مهاجمة البرلمان، لاسقاطة في نظر الشارع، وإلقاء كل فشل الحكومة عليه، هذا فيما يخص السلطة التشريعية.
أما السلطة القضائية ووجود مدحت المحمود، الشخصية المثيرة للجدل والمعروف بارتباطه بالبعث ألصدامي، بكونه احد أدوات ذاك النظام اللعين، مما جعله صيد سهل بيد المالكي، يحركه كيف شاء، بسبب ماضيه الذي لا يؤهله للبقاء ضمن السلطة القضائية وفق القانون، مما جعل المالكي يستخدم القضاء كسلاح قوي يضرب به خصومه السياسيين، ويلوح به ضد كل من يقف بوجه سياسته الفاشلة من تردي امني وفساد.
وما حصل مع رئيس هيئة المسائلة والعدالة، بعد اجتثاث المحمود من قبل المالكي لا يحتاج إلى تفسير، وتغيير رئيس هذه الهيئة مع قرب البت بأهلية المرشحين، وتشكيل هيئة تمييزه من قضاة مقربين من شخص المالكي، والقرارات التي صدرت لحد اللحظة كلها تؤشر على سيطرة المالكي على السلطة القضائية بواسطة المحمود هذا، إذن المحمود واحد من أدوات المالكي في التفرد بالسلطة، والتأسيس لديكتاتورية على أنقاض ديكتاتورية ذاق الشعب منها الويلات…