قطعة خشبٍ صغيرة كُتبَ عليها بخطٍ رديء ووضعت بخجل في زاوية ميتة ( مقبرة المعتدين الغزاة) ، هذه القطعة المتواضعة كانت تشير الى مئات جنود الاحتلال البريطاني منذ إحتلالهم بغداد في عام 1917 وسقوط المئات منهم بين قتيلٍ وأسيرٍ وجريح ، بيد أبناء العراق الغيارى وفالاتهم وتواثيهم ومكاويرهم ، ومن مات من الحر أو القهر أو المرض أو الانتحار , هؤلاء خَصصت لهم حكومة الاحتلال البريطاني قطعة أرض بمساحة كبيرة بين منطقتي الوزيرية وباب المعظم في الطريق المؤدي من كلية الفنون الجميلة الى مجمع الكليات ، سُيجت بإتقان وأصبحت مَعلماً يطلق عليه البغداديون اسم ( مقبرة الإنكليز) القليل من المارة يلتفت الى المقبرة وتحديداً الى القبور المرصوفة بانتظام وهي كثيرة جداً أو بقايا كنيسة وشواهد أخرى غطاها العاكول وبضعة قبور مميزة يبدو أنها لقادة الجيش المحتل أكلت الأملاح ملامحها , وهي مقبورة متروكة لم تطأها قدمٌ منذ عقود أو هكذا يبدو , بعد عام 2003 رُفعت هذه القطعة وبقي مكانها فارغاً لكن القبور مازالت شواهدها قائمة وصامتة مثل أصحابها ، البريطانيون لا ينقلون حتى موتاهم الى مقابرهم في بريطانيا العظمى , عكس الأميركيين الّذين يسارعون الى إقامة مراسم احتفاليه لكل جندي أو شبه جندي يسقط في العراق ، وفي الآونة الأخيرة زادت أعدادهم فأصبح الاحتفال بقتلى المحتل جماعياً , ومادام الاحتفال جماعياً , أقترح على قيادة قوات الاحتلال وبمناسبة وصول عديد قتلاهم في العراق الى أكثر من أربعة آلاف قتيل ماعدا المعوقين والجرحى والمنتحرين والمصابين بالكآبة والفارين أن يبادروا أسوةً بحليفهم الأكبر بريطانيا العظمى الى تقديم مقترح الى الحكومة العراقية ليتم عرضه على مجلس النواب بتخصيص قطعة أرض في أحد المناطق النائية أو الصحارى لدفن قتلاهم بدلاً من دفع هذه الملايين من الدولارات لنقل قتلاهم الى أمريكا وإجراء مراسيم التشييع التمثيلية ورصد الكثير من الأجهزة ووسائل الاعلام لنقل صورة الجندي الأمريكي المقتول دفاعاً عن الديمقراطية , كما أقترح على البريطانيين مادام قتلاهم في العراق تحولوا الى ترابٍ تدوسه الحيوانات السائبة في كل يوم أن ينقلوا جثث موتاهم الى بريطانيا , وأهمس بإذن الذي أمر أو قام برفع القطعة , أن ما قمت به عار عليك وعلى الجهة التي تتبناك , وصدق الرسول الكريم محمدٌ صلى الله عليه وآلة وسلم في الحديث الشريف (( قالت الأمم : إذا كنت لا تستحي فأصنع ما شئت