وافقت الحكومة العراقية رسميا مطلع عام ٢٠١٤ على مشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفري ، وتمت احالة مشروع القانون للبرلمان العراقي لغرض المضي قدما في اجراءات اقراره وتنفيذه.
يرى الكثير من المثقفين العراقيين اضافة الى العديد من منظمات المجتمع المدني ومنظمات دولية وعالمية مختصة باوضاع حقوق الانسان وحقوق المرأة تحديدا بان هذا القانون يسيء الى حقوق المرأة العراقية بشكل مؤسف و خطير لا يتناسب وما تتضمنه القوانين الرديفة في مجتمعات العالم المتحضرة.
على الصعيد نفسه ، يرى البعض الاخر ان مشروع هذا القانون يمثل شرعنة رسمية للاستمرار في محاربة واضطهاد العراقيين من غير المسلمين ، حيث ان القانون يعكس الحال الحقيقي لمعاناة يهود العراق سابقا وما تبقى من مسيحيي وصابئة وايزيديي العراق حاليا .
وردتني رسائل عديدة من افراد ركزوا فيها بملاحظاتهم وارائهم على وسائل التمييز والاضطهاد الديني التي تضمنها مشروع هذا القانون للتعامل مع كافة ما تبقى من سكان العراق الاصليين من المسيحيين والصابئة والايزيديين.
ادرج ادناه بعض من نصوص الملاحظات الواردة الينا والعهدة على اصحابها :
– كنا نأمل صدور قانون موحد للاحوال الشخصية يكرس ما وقع عليه العراق من اتفاقيات والتزامات دولية توجب عليه الاعتراف بحقوق الانسان في اختيار الدين الذي يناسبه ، بمعنى ان المسلم او غير المسلم له كامل الحق في اختيار الدين او المذهب او المعتقد الذي يخصه ، وان لا قانون يمنع المسلم او غير المسلم في هذا الاختيار ، كما كنا نأمل صدور قانون الزواج المدني الذي لا تتدخل فيه الدولة بدين او مذهب او معتقد او فكر اي من الراغبين بحالة بزواج ، لكي يكون الجميع متساوين في حقوق اختيار شركائهم وفي امور الارث وغيرها دون تمييز او تفضيل لاحد على آخر بسبب دينه او فكره او معتقده.
الا ان الذي حصل هو ان وزارة ما يسمى ( العدل ) العراقي اضافت للطين بلة بمشروع قانون جديد للاحوال الشخصية في العراق ، فقد تضمن مشروع القانون الجديد وسائل تمييز واضطهاد ديني لكافة ما تبقى من سكان العراق الاصليين.
فالمادة ( ١٧٧) من مشروع هذا القانون تمنع غير المسلم من ارث المسلم ، بمعنى لو كان هناك شقيقين احدهما مسلم والاخر مسيحي فان الشقيق المسيحي لا يرث شقيقه المسلم ، كما نصت المادة ( ١٧٨ ) على ان : لا يرث غير المسلم مطلقا من المسلم حتى وان كان هو الاقرب للميت ، فلو اسلم مسيحي ( لظرف ما ) ثم مات فلا يرثه ابواه المسيحيان.
بينما تحدد المادة ( ١٧٩) بان المسلم يرث من غير المسلمين .
هذا القانون لم يكتف بهذا القدر من التمييز الديني بمنع غير المسلمين من ارث المسلمين بل تجاوز كل ذلك وليحجب غير المسلمين بالمسلم ، حيث نصت المادة ( ١٧٩ ) :
ويمنع غير المسلم من إرث غير المسلم من المسلم !
أي انه اذا مات مسيحي مثلا ، وكان من بين ورثته ابن مسلم فان هذا الابن يمنع كل اشقائه المسيحيين من إرث ابيهم ، اي ان الابن المسلم يأخذ كل الارث لوحده ويحرم اشقائه من نصيبهم في ذلك الارث بسبب كونه مسلما، وخلاصة ما ورد في القانون ان المسلمين يرثون كل من هو غير مسلم بينما لا يرث الكل من المسلمين.
– ان اجبار الانسان على اعتناق اي دين هو جريمة بحق ذلك الانسان في حين ان المادة ( ١٨٠) من القانون الجديد تعتبر كل طفل مسلما بمجرد اسلام أحد ابويه ، بينما يتيح القانون النافذ حاليا الفرصه لذلك الطفل ( لفترة محدودة ) لتغيير دينه عند بلوغه سن ( ١٨ ) عاما.
– تضمنت المادة ( ١٢١ ) منع المسيحي من حضانة ابنه المسلم ، فمثلا لو كان هناك رجل مسيحي ترك زوجته نظرا لاسلامه فان زوجته المسيحية يسقط حقها في حضانة ابنها !
كما منعت المادة ( ٦٣ ) من مشروع هذا القانون سيء الصيت من زواج المسلم بغير المسلمات كما منعت هذه المادة المسلم من الزواج باي مسلمة ارتدت عن دينها ( اي اعتقدت بدين آخر ) كما منعت هذه المادة زواج المسلم باي كتابية ( مسيحية او يهودية او صابئية ) الا بزواج متعة ( مؤقت ) ، كما منعت هذه المادة زواج المسلم باي إمرأة ايزيدية باي شكل من الاشكال.
– في تمييز واضطهاد ديني واضح نصت المادة ( ٥٠ ) من هذا القانون :
لا ولاية لغير المسلم على المسلم.
كما منعت المادة ( ٣٣ ) غير المسلم من ان يوصي وصية عهدية لغير المسلم.
– في انتقاص سافر للعدل وحقوق الانسان بالمساواة تضمن القانون رفضا لشهادة غير المسلم بصورة مطلقة ، وتقبل استثناءا شهادة ( الذمي ) في حالة عدم وجود شهود مسلمين ، ولا قيمة لشهادة غير المسلمين في مواجهة شهادات الشهود المسلمين ، بل وتسقط شهادة غير المسلم اذا ما حلف ( المدعى عليه ) المسلم لنفيها ! أي ان يمين ( المدعى عليه ) المسلم يعتبر أقوى من شهادة غير المسلم .
أما النساء غير المسلمات فلا تقبل شهادتهم نهائيا الا في حالات محدودة جدا.
– لوزارة ما يسمى ( العدل) العراقي نقول :
ان كنتم ترون في هذا التمييز والانتقاص من حقوق الاخرين واضطهادهم عدلا الاهيا ، فما حكمكم في إخاء ومساواة بين اولاد ادم وحواء !!
سكان العراق الذين بنوا واحدة من اعرق حضارات العالم عانوا من هذا الاضطهاد منذ ما يقارب ١٤٠٠ عاما ولحد اللحظة ، اولا يكفي ذاك !
– نقول ل ( العدل ) العراقي :
واحد زائدا واحد لا يساوي ولن يساوي ١٤٠٠ او اكثر منها.
واحد زائدا واحد يساوي اثنين ، وذلك علم ، تماما كما هي حقوق الانسان ، فهي علم لا يتعدى عليه اي كان وباسم اي دين كان.