17 نوفمبر، 2024 12:28 م
Search
Close this search box.

العوز

سبع …………….. رجال
أكثر من ستٍ وتسعين قناة فضائية عراقية تبثُّ على القمر نايل سات ومثلها أو أقل بقليل على أقمار أخرى تُغطي أغلب قارات العالم.. ومئات الصحف اليومية وعشرات المجلات الأسبوعية وإذاعات FM والإذاعات الأخرى ( على الموجتين المتوسطة والقصيرة ) ونقابة مركزية للصحفيين ومنظمات إعلامية ومواقع إعلامية إلكترونية لم تتمكن جميعها من نقل الصورة الحقيقية لما جرى أو يجري لنازحي الانبار وصلاح الدين والموصل أو تغطية الأحداث والمأساة والكوارث التي رافقت تدفق أكثر من ( 5 ) مليون بإتجاه مناطق آمنة .. وكان أشدها وأقساها وأصعبها ما حدث على معبر بزيبز بالنسبة لأهل الانبار .. فما حدث من تغطية لا يعدو تدريباً لهواة وناشئين في الإعلام أرسلتهم قنواتهم للتصوير قرب الجسر أو مرافقة مالكي هذه القنوات وهم يستعرضون بطولاتهم الكاذبة الفارغة أمام مشاهديهم لزيادة الجمهور أو كسب أصوات إنتخابية مستقبلاً ، ومن الأمور الطريفة أنَّ هؤلاء المسؤولين حين يزورون المعبر يرتدون أجمل ما لديهم من ملابس وتطوقهم حمايات خاصة وسيارات مصفحة بينما يتعذب على بعد خطوات منهم آلاف العراقيين من أبناء الرُمادي والفلوجة ، ويبدأ المشهد التمثيلي بقطع الوعود أو توزيع البسكويت على النازحين ويعود كل ٌ إلى أدراجه ، المسؤول من حيثُ أتى في قصره الفخم المكيف وحاشيته وبلاطه ومعه ما يسمى بالوفد الإعلامي ..هؤلاء لا يمتّون إلى هذه المهنة الشريفة بصفة بل تابعين أذلاء وجهلة يستخفون بمحنة الغير .. الإعلامي الحقيقي هو من ينقل ما يحدث بصدق وإخلاص معززاً بأدلة ، منتظراً مع النازحين حلاً لمشاكلهم ، فهذه الأزمة نتيجة من نتائج هذه الحرب الظالمة كان النازحون ومازالوا ضحيتها الأولى والأخيرة ، نساء ، أطفال ومنهم الرضّع ، شيوخ ، عجائز ، مرضى، ولو ركزنا النظر على أي صورة إلتقطتها عدسات المصورين لرأينا أنَّهم الأغلبية من هؤلاء ، فكيفَ نقول أننا في العراق لدينا إعلام واع متمكن صادق يمتلك أخلاقيات المهنة الصحفية في نقل الوقائع .. وبعيداً عما يقوم به مرتزقة الإعلام وجهلته لابد من التذكير بأنَّ الإعلام عِلمٌ كبير متكامل له أقسامه وفروعه وتخصصاته الدقيقة والإعلام مبادئ ومناهج ودروس ومعايير ومفردات وخبرة وشهادات ودور فاعل وكبير ومؤثر في بنية الدول ومؤسساتها ومجتمعاتها وأفرادها .. والإعلامي الحقيقي ليس ما يمثله حفنة من المنتفعين بل عليه أن يعمل بشرف وإخلاص ومهنية تامة وولاء مطلق لنقل الحقيقة وإنتماء نفسي وعقلي لعمله ونقله للأحداث .. ما يؤلم أكثر وهذا مالم يحدث في تاريخ الإعلام أنَّ مسؤولي هذه الدولة والأحزاب والتكتلات التي تُمثلها في البرلمان أو في الوزارة هم من يختاروا الإعلامي ويحددون له دوره وعمله وأهدافه ويمنحوه الوسيلة لتنفيذ أي مشروع محدد بمكافأة أو راتب ، وفي العراق يُستبدل الإعلاميون على حسب مزاج المسؤولين .. لا يوجد إذن إعلام حقيقي علمي منهجي يعتمد على أخلاقيات مهنية محددة .. لذلك وقع ما وقع ، نقل صورة كاذبة ومشوهة وغير صحيحة عن نازحي الرُمادي والفلوجة ومعلومات غير دقيقة .. فمعظم العراقيين والعرب والأجانب من المتتبعين للظروف التي يمر بها بلدنا الصابر لا يعلمون ما هو خط النزوح ، ومن أين يبدأ وكيف وصل مئات الآلاف من النازحين إلى معبر بزيبز وما هي مخاطر الرحلة وماذا ينتظرهم بعد العبور وما هي أحوال مخيمات النازحين .. متابعة فاشلة بطبيعة الحال من جميع وسائل الإعلام العراقية ومن يمثلها لم تتمكن من نقل الإساءات والتجاوزات وتعمد إذلال النازحين والإعتداء عليهم في نفس الوقت الذي تسابقت وسائل الإعلام العراقية لنشر صور عن تعاون جنود مع نازحين وكان من المفترض ألا تُنشر ويُكرر نشر هذه الصور لأنها أمر طبيعي وهي قليلة ومحدودة ولا تُقاس بتصدي سرايا من الجنود المسلحين للنازحين وإعتداء البعض منهم على نساء وأطفال .. الأمر المؤلم الآخر هو ما يقوم به الزملاء من إعلاميي المحافظة من دور لا يكاد يُذكر .. وهي دعوة لهم للتخلي عن عرض ونشر الأخبار والتعليقات والتحقيقات والتركيز إلى موضوع النازحين فقط لأنَّ الأمر خطير جداً وهو يصل إلى مراحله الأخيرة في دقة التنفيذ وتحقيق هدف واحد معروف يقضي بجعل أبناء العراق جميعاً في طريق اللاعودة إلى مدنهم ..
ولله – الآمر.

أحدث المقالات