18 ديسمبر، 2024 8:15 م

شيء من تاريخ الكويت والعراق

شيء من تاريخ الكويت والعراق

ان الاحتمال الأكبر لنهر (جيحون) , الذي ورد في التوراة كنهر من انهار “جنة عدن” العراقية , أن يكون هو وادي (الرمة) العملاق في السعودية المعاصرة , الذي يمتد من بلاد الحجاز قرب (خيبر) و(المدينة المنورة) غربا , حتى يصل الى الكويت ويصب في (شط العرب) شرقا , فيكون طوله ما يقارب الالف كيلومترا , وبذلك هو يعادل أكثر من ثلث طول نهر الفرات وأكثر من نصف طول نهر دجلة , وبعرض واسع , تجري فيه السيول الضخمة كل عدة من السنين المعاصرة . وبهذا هو يغطي كل أرض وسط وجنوب شبه الجزيرة العربية عن شمالها , ويتصل بالنهرين الآخرين الفرات ودجلة عن طريق (شط العرب) .

 

بينما كانت قبيلة (تميم) تمتد في البصرة التاريخية , تشاركها فيها (الازد) , وهذا ما وجده (عتبة بن غزوان) حين جاءها[1] , في المركز الحالي لمدينة البصرة العراقية , حيث عشيرة زعيم قبيلة (تميم) (الأحنف بن قيس) وهم (بنو سعد) , وعندهم قبر (طلحة بن عبيد الله) , وبدو(تميم) بقيادة (ابي الفرزدق غالب بن صعصعة) في بادية (كاظمة) اَي الكويت الحالية , وأعرابها من (بني عمرو بن تميم) و(بني حنظلة) عند شمال وشمال شرق (نجد) , أي غرب الكويت الحالي وكانوا يشبهون أعراب (بني ضبة) ويحالفونهم , وربما اندمجوا , وكانت بعض عشائرها في الكوفة , ودُفن فيها ابو الشاعر الفرزدق . وكانت القبائل من (مضر الحمراء) التي شاركت في نصرة جيش (عائشة) و(طلحة) و(الزبير) على تلك الارض . وكانت كل تلك الارضين تسمى البصرة , وتتبع لها حتى نهاية الحكم العثماني وبداية تكوين دويلات وامارات الخليج على يد البريطانيين .

وكان (أبو الفرزدق غالب بن صعصعة بن ناجية الدارمي المجاشعي التميمي) صحابي جواد ومن سراة قومه , وسيد بادية (تميم), وله مناقب وأخبار مشهورة محمودة , وكان أبوه (صعصعة) من الصحابة, وكان في الجاهلية يفتدي الموؤدات – يعني البنات اللواتي كانوا يدفنونهن أحياء- وقد أحيى ثلاثمائة وستين موؤدة, اشترى كل واحدة منهن بناقتين عشراوين وجمل, ووعده رسول اللّه أن يؤجر عليها حيث أسلم , ولقي الإمام (علي بن ابي طالب) بالبصرة عام 36 هجرية , ودخل عليه ومعه ابنه (الفرزدق همام) , فمدحه (علي) ومدح سيرته في افتداء المؤودات وإعطاء الناس , وطلب اليه أن يعلّم ابنه القرآن , فحفظه (الفرزدق) بعد ذلك بإصرار , ومات نحو سنة 40 ه, ودفن في (كاظمة[2]) , وقد أشار إلى هذا الفرزدق في قوله (وناجية الخير والأقرعان* * * وقبر بكاظمة المورد)[3] . وهو امر يكشف حدود العراق التاريخي التي كانت تصل الى اليمن .

 

فيما انقسمت ذرية قائد جيوش علي بن ابي طالب العراقية (مالك الاشتر النخعي) , التي كانت اول من بنى قبر (الحسين بن علي) وأول قرية حوله في كربلاء , وقد شاركوا في بناء الدولة العراقية المزيدية في (الحلة) وقادتها العسكريين , الى عدة فروع قبائل وعوائل علمية كبيرة , مثل (ال إبراهيم) و (بني مالك) و (ال كاشف الغطاء) و (ال الكرباسي) و (ال شيخ راضي) في العراق , و (ال معرفي) في الكويت .

بينما كان من بقايا قبيلة (همدان) ومن ذرية (الحارث الهمداني) صاحب أمير المؤمنين (علي) سلالة (آل أبي جامع العاملي) العلمية ، الذين خرجوا إلى العراق في زمان الشيخ (علي بن احمد بن ابي جامع العاملي) , إلى كربلاء في العراق في بداية القرن الحادي عشر الهجري ، بعد أحداث اضطهاد الشيعة في (جبل عامل) من قبل السلطان ومقتل الشهيد الثاني ، حيث لجأ فترة أخرى لدى السيد (مطلب) في الدولة المشعشعية في (الحويزة) ، ثم انتشرت ذريته ، منهم (آل محيي الدين) في النجف الاشرف و (جبل عامل) ، و (آل فخر الدين) بين مدن العراق المختلفة بما فيها الكويت حينها . كما ولّى الشاه الصفوي أحد إعلامهم الشيخ (رضي الدين بن علي بن احمد بن ابي جامع) القضاء والمهمات في إيران ، بل استمرت في (آل أبي جامع) من بيت الشيخ (عبد اللطيف) مشيخة الإسلام عدة سنين في غرب ايران العربي . وكثر من ذراري هذه الأسر العلماء ورجال الدين . وينتشر ذراري (آل أبي جامع) اليوم في عدة دول أهمها العراق وإيران والكويت والشام ولبنان[4] . وقد كان بعض أمراء (الحويزة) المشعشعية رجال علم ودين مثل السيد (علي خان ١٠٨٨ ه) صاحب المؤلفات ، الذي كان من أساتذته الشيخ (عبد اللطيف الجامعي)[5] .

 

وكانت سواحل الخليج تختلف عن بيئة إقليم (نجد) , اذ لم تكن على الوثنية في غالبها , بل تدين بالنصرانية والأديان الإبراهيمية , وكان أهلها ملوك بلادهم , دخلوا في الإسلام طوعا , وكان جلهم من قبيلة (عبد القيس) من (ربيعة) في امتداد طبيعي لجغرافيا امتدادها في جنوب العراق حتى عُمان , وكان أهلها شيعة ل(علي بن ابي طالب) . حتى خرجت القبائل (التميمية) و(العتبية) واحلافهم وبعض القبائل (القيسية) مثل (عقيل) من (نجد) واستولت على سواحل الامارات وقطر والبحرين والكويت . وقد كان (بنو خالد) بدواً يقصدون منطقة (عنك) من (القطيف) الشيعية ويرحلون في الشتاء ، لكنهم استولوا على حكمها تماشياً مع الجو السني العام الذي اوجده الحكم العثماني الشديد الطائفية ، وقد نزلوا منطقة كانت مقراً للبرتغاليين ، ثم نزل معهم العثمانيون ، ثم سكنت إلى جنبهم بدو (العماير) الذي كانوا يغيرون ويؤذون اهل (القطيف) ، وكذلك بعض قبائل (سبيع) القيسية . لنصل في العصر الراهن أن تضم الكويت (عثمان الخميس التميمي المضري) من أكثر المتطرفين فكرياً وتلميذ مشايخ (نجد) السلفية الوهابية ، وهو واحد من ذرية (عباد بن الحصين أبي جهضم) من وجهاء البصرة التاريخية بما فيها الكويت , والذي ولي شرطة البصرة أيام (عبد الله بن الزبير) , وكان من قادة جيش (مصعب بن الزبير) أيام قتل (المختار الثقفي) , وكان مع (عمر بن عبيد الله بن معمر) الذي تزوج قاتل الحسين سبط النبي وامير بني أمية (عبيد الله بن زياد) ابنته (ام عثمان) , فيما جد (الخميس) الآخر (المسور بن عباد) هو من أجج الحرب الأهلية في إقليم البصرة التاريخي , حين غدر ببعض بني أمية من أجل بعضهم الآخر , فدخلت قبائل (الازد) و (ربيعة) الحرب ضد قبائل (قيس عيلان) و (تميم) ومن تبعها .

فيما ان الوصف الدقيق الذي كتبه القنصل الروسي في البصرة في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ( الكسندر اداموف ) عن حياة ( البدو ) وقبائلهم يكشف عن مستوى دقة وجدية الدراسات التي اطّلع بها أولئك الدبلوماسيون الأجانب لفهم حياة الشعوب الأخرى , لا سيما المسلمين , وبالأخص العرب . مما اكسب تلك الدول التي يمثلونها القدرة على التعامل الناجح من اجل تحقيق مصالحها في بلاد المسلمين [6].

فينقل أن العراق العربي يمتد من ( السور الميدي ) التاريخي أي من سامراء الى ولاية البصرة في الجنوب . فيما بلاد ما بين النهرين تشمل هضبة أرمينيا – التي ينبع منها نهرا دجلة والفرات – والعراق العربي معا . وكان العراق يتسع تأثيراً الى مدن كرمانشاه واصفهان وقم وهمدان وكاشان , حتى فصله ( المغول الايلخانيون ) ادارياً الى عراق عربي وعراق فارسي[7] .

 

لقد تم فصل البصرة كولاية مستقلة عن بغداد لأول مرة عام 1875م كمكافأة ل( ناصر باشا السعدون ) بعد اشتراكه في اخضاع الاحساء للعثمانيين , ثم سلبت استقلالها مجدداً عام 1879م حتى عام 1884م , مع بقاء اغلب المؤسسات الحكومية والشركات خاضعة لبغداد . وكانت تضم الكويت وجزء من السعودية وقطر . وهذا الاستقلال السياسي كان غنيمة لعشيرة ( السعدون ) وحدها حيث لم يكن مثمراً في تغيير الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للقوى الحقيقية على الأرض من عشائر وقبائل المنتفك ( بني مالك , بني سعيد , الاجود … وغيرها ) وهي قبائل شيعية لا توالي العثمانيين . وكانت حدود تلك الولاية تمتد من صحراء سوريا الشامية من الغرب , وفارس من الشرق , وصحراء نجد والخليج من الجنوب والجنوب الشرقي , وولاية بغداد من الشمال والتي تتصل بها من اعلى منطقة علي الغربي وحصن قلعة الدراج . وبذلك تكونت الولاية من مجتمعين او شعبين , احدهما قليل التحضر يعيش في صحراء قاحلة ذات واحات قليلة تمتد في قطر وصحراء نجد , والآخر يعيش في الإقليم الذي يرويه نهرا دجلة والفرات والذي يصفه الباحثون بأنه ( مخزن حبوب مقدمة آسيا ) وهو القسم الشمالي الأكثر تحضرا [8].

والبصرة الحالية لا تقوم على البناء الذي نزل فيه جيش عمر بن الخطاب , بل اختار جيش (عمر) للسكن ما تقوم على جزء منه مدينة ( الزبير الحالية ) . وكانت البصرة تغص بنحو 1500 دكان للاستيراد حتى نهاية القرن التاسع عشر بسبب فقر الصناعة في العراق خلال فترة الحكم العثماني المتخلف[9] .

وكان سكان مدينة البصرة في حدود العام 1750م يصل عددهم الى 150000 نسمة , انخفض بسبب الأوبئة فوصل في العام 1825م الى 60000 نسمة . يعيش في مركز المدينة القديمة ( دون ضاحية مقام علي ) نحو 35000 نسمة , منهم نحو 6000 من المسيحيين واليهود والفرس , وبعض الاتراك الذين يسيطرون على كل السلطات الإدارية والعسكرية , فيما الأغلبية السكانية من العرب الشيعة الذين تتجاوز نسبتهم ال 83% دون ان تكون لهم حقوق سياسية او اقتصادية واضحة[10] .

وكانت كل الدوائر العثمانية في البصرة حتى بداية القرن العشرين عسكرية تقريباً او لجمع الضرائب , ولم تكن هناك دوائر خاصة بالتخطيط والاعمار . ومع ذلك كانت تنعدم الحماية تماماً لسكان المدينة من هجمات الأعراب البدو[11] .

و كما فرض ( ناصر باشا السعدون ) القيود على حركة القبائل في ( ذي قار ) في القرن التاسع عشر فقد منع أهالي البصرة من التوسع خارج المدينة القديمة , حتى عادت ضاحية ( مقام علي ) للنمو بعده بنحو 25 سنة لتصبح مركزاً للمدينة كلها[12] .

وكانت مدينة (الزبير) حتى بداية القرن العشرين بلدة سنية لا يهتم لها الشيعة , وتتضمن قبري ( الزبير بن العوام ) و ( طلحة بن عبيد الله ) الذين خرجوا على الخليفة الشرعي ( علي بن ابي طالب ) , وكان اغلب أهلها حينذاك – والبالغ عددهم نحو 6000 نسمة – يمتهنون التهريب , لذلك كان اغلبهم من الموسرين , اذ تقع على انقاض البصرة العمرية وعلى مجرى نهر الفرات القديم ( جري سعده ) , حيث ينزل التجار الهاربون من الجمارك العثمانية في مدينة البصرة بضائعهم في ( الكويت ) ويدفعون لشيخ ( الصباح ) ضريبة 2% , ثم يبدؤون التهريب عن طريق ( خور عبد الله ) و ( خور عسابي ) – اللذين تفصل بينهم جزيرة ( بوبيان ) – الى (الزبير) ثم باقي العراق , وكانت تتبع ادارياً لسنجق ( العمارة )[13] .

وتحتل مدينة ( القرنة ) مركزاً متوسطاً بين ثلاث محافظات هي البصرة والعمارة وذي قار بمسافة متقاربة , وتقع في وسط اهوار واسعة , لذلك يربي أهلها ( الجاموس ) منذ القدم , وقد كانت موجودة منذ زمن طويل نسبياً , ورد ذكرها في رحلات القرن السادس عشر , واقام فيها البرتغاليون محطات تجارية ظلت بقاياها قائمة حتى القرن التاسع عشر , واكتسبت المدينة أهميتها من وقوعها على مجرى انهار دجلة والفرات وشط العرب مما جعلها قبلة التجارة القادمة من الخليج نحو العراق واسيا , وكان يرى أهلها وبعض الرحالة انها تقع على جنة الأجداد , تم تعزيزها كحصن لصد هجمات الدول المختلفة في فارس خلال القرن الثامن عشر , وبذلك اخذت أهمية عسكرية , الا انها خربت بعد طاعون 1831م وفيضان نهر ( الفرات ) , حتى لم يجد فيها ( J.R Wellsted ) في العام 1836م سوى بعض بيوت من القصب يصل عددها الى 40 يسكنها الموظفون الغرباء الاتراك , ثم عادت شيئاً فشيئاً للحياة , ليبلغ عدد سكانها في مطلع القرن العشرين نحو ثلاثة الاف نسمة .

فيما تنازلت الدولة العثمانية بموجب معاهدة ( ارضروم ) عام 1847م للدولة الفارسية عن (المحمرة) والجزء الايسر من (شط العرب) ووافقت على حرية الملاحة في ( شط العرب ) للطرفين .

 

وكان العراق الجنوبي حتى بداية القرن العشرين – بسبب الاحتلال المستمر لأرضه وغزوات الأجانب لا سيما الاتراك واهمالهم له – ينقسم الى أربعة فئات اجتماعية غير مستقرة بشكل نهائي وتعاني خللاً في القدرة على التمدن , لا سيما مع استمرار توافد القبائل البدوية المهاجرة اليه من الصحاري الغربية والجنوبية .

فكان هناك ( الشاوية : المتحركون بمواشيهم غير الصحراوية ضمن مسافات قصيرة ) وبيوتهم خيام غير ثابتة , و ( المعدان : من سكنة الاهوار والقصب ) وبيوتهم من القصب , و ( الفلاحون المزارعون : من سكنة القرى ) وبيوتهم على شكل ( صرايف ) من القصب او من الطين , و ( البدو : الرحل أصحاب الجمال ) وبيوتهم خيام متحركة .

وكانت تلك القبائل تمتهن عند ( المعدان ) تربية الجاموس , وعند ( الشاوية ) تربية البقر والغنم , وعند ( البدو ) تربية الابل والخيول . وكان البدوي الذي يملك اكثر من ثلاثين من الابل يعتبر في بداية الغنى . وكان بعض تجار البدو يزورون قبائل ( المنتفك ) و ( بني لام ) لشراء الخيول العربية ذات الخصائص الحربية او المميزة للمتاجرة بها في ( الهند ) عن طرق ميناء ( المحمرة ) او ( الكويت ) حيث يدفعون الضرائب عنها للشيوخ المحليين , ثم يرسلونها على سفن انجليزية لتجهيز الخيالة الانجليز والهنود , ولا يعلمون انها ستعود اليهم غزوا . وقد بدأ هذه التجارة المقيم البريطاني ل ( شركة الهند الشرقية ) في نهاية القرن الثامن عشر , لدعم الجيوش البريطانية لما رآه من مميزات تلك الخيول , فصارت تجارة رائجة تصل رؤوس الخيل المباعة فيها الى نحو 3000 رأس في السنة[14] .

 

وحين ظهر في منتصف القرن الثامن عشر الحلف الوهابي السعودي بين الشيخ المتعصب (محمد بن عبد الوهاب التميمي) والأمير النجدي الأعرابي (محمد بن سعود المريدي) , وقد تعزز بالمصاهرة بينهما وتوريث الامار لحفيدهما معا . وبدأت غزوات هؤلاء الاعراب التكفيريين شديدي الجهل والقاحلي الحضارة على امارة (بني خالد) في الاحساء , ثم امتدت الى ما جاورها من ارض وحضارة , وهي تكفّر جميع المسلمين ولا علاقة لها بغيرهم من المحتلين الاجانب في الخليج . ثم حين ارادت قبائل العراق صد خطرهم – بعد ان غض العثمانيون والمماليك النظر عن وجودهم عمليا – كان النقص يتمثل في بداوة قائد قبائل (المنتفك) – الجيش الرئيس في العراق – وهو (ثويني) واعتماده على بعض قبائل الاعراب في اقصى الحدود الجنوبية للعراق والكويت حين عسكر في منطقة (الجهرة) التابعة للكويت حاليا , اذ ان هذه القبائل بروحها الغنائمية والمنكسرة ساهمت في كسر جيشه ذاته ونهب معسكره فتم قتل (ثويني) نفسه .

ويبدو واضحاً جلياً أن الحملة الكبيرة التي نضمها (ثويني) أمير (المنتفگ) سنة ١٧٩٣م لم تكن أكثر من كمين طائفي رتبه أتباعه من القبائل الأعرابية التي معه بالتعاون مع (بني خالد) وجزء من عائلة (السعدون) نفسها والقوات العثمانية ، حيث تم اغتيال (ثويني) نفسه وتنصيب شقيقه (ناصر) الذي سرق اراضي قبائل (المنتفگ) الشيعية لاحقاً ، فيما انسحبت قوات (بني خالد) فجأة بلا سبب ، ولم يتدخل العثمانيون ولا الكويتيون مطلقاً ، وكانت قبائل الوهابيين تنسحب جنوباً لتزيد قبائل (المنتفگ) توغلا ، ثم قامت القبائل الوهابية الأعرابية بملاحقة وحصار القبائل المنتفگية الشيعية ونهب معسكراتها , بعد أن تم تركها وحيدة لا تعرف شيئاً عن المنطقة ، حيث كانت جميع قبائل الوهابيين قد جاءت بعوائلها وعيالها وجميع حشودها لتزيد عزم المواجهة ، بينما كانت قبائل (المنتفگ) المدنية تعاني لثلاثة أشهر في صحراء (الجهرة) الكويتية ، وبعد أن كانت قبائل الأعراب الوهابية قد دب فيها رعب شديد لسماعها قدوم قوات (المنتفگ) القوية فقط . والطريف أن زعيم (بني خالد) ووالي الوهابيين السابق على الأحساء (براك بن عبد المحسن) قُتل في العراق بعد حملة انتصر فيها الوهابيون على أعراب (شمّر) و (الظفير) في ١٧٩٨م . ويعزز هذا الاعتقاد قيادة الأسير السعدوني لدى الوهابيين (منصور بن ثامر) حملة وهابية على العراق قتل فيها أكثر من مائة انسان من قبيلة (الظفير) في بداية حكم (سعود بن عبد العزيز)[15] .

وبعد وفاة مؤسس الحركة الوهابية (محمد بن عبد الوهاب) انهزم (بنو خالد) هزيمة منكرة ساحقة في منطقة (الجهرة) الكويتية على يد الوهابيين ، ولم تسعفهم قبائل (المنتفگ) لأسباب مجهولة ، فاضطر أهل (الأحساء) إلى مراسلة ومهادنة (سعود) , الذي دخل بلادهم سلماً ، فعدم قبور الأولياء والصالحين ونصب الأمراء والمعسكرات وخرج[16] .

وكان القائد الوهابي (مناع أبو رجلين الزعبي) , من (بني سليم) من (قيس عيلان) ، بسبب غزواته ونهبه أملاك ومواشي الكويتيين بنى أهلها السور الأول حول الكويت . فيما جعل (سعود بن عبدالعزيز) القرصان وقاطع الطرق (رحمة بن جابر الجلاهمة) من (العتوب) – قراصنة الصحراء والبحر – أميراً لمنطقة (الدمام) ، وهو أول من ارتدى قطعة على عينه من القراصنة بسبب تعرضها للأذى فذهبت صورة نمطية لهم . و (الجلاهمة) أبناء عم (آل صباح) .

 

وكان سكان البصرة في نهاية القرن التاسع عشر حسب السجلات الرسمية العثمانية ( نفوس دائرة سي ) بحدود 180 الف نسمة , وسكان ( المنتفك = ذي قار وما يتبعها ) حوالي 246 الف نسمة , وسكان ( العمارة ) حوالي 223 الف نسمة , و ( الاحساء ) حوالي 285 الف نسمة , تتجاوز نسبة الاناث في كل واحدة من تلك المدن نسبة النصف . لكن الواقع ان العدد الحقيقي قد يتجاوز الضعف , وان ان الذكور قد يكونون اكثر , لان القبائل كانت لا تعطي المعلومات الدقيقة للسلطات الرسمية عن افراد اسرها بسبب تهربهم من الخدمة العسكرية الإلزامية العثمانية[17] .

فيما كانت نسبة ( الشيعة ) في ولاية البصرة التاريخية ( البصرة , المنتفك , العمارة , الاحساء ) في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين حوالي 70% , ونسبة ( السنة ) حوالي 27% , ونسبة ( اليهود ) اقل من 0.5% بكثير , ونسبة ( الصابئة ) اقل من نسبة ( اليهود ) , ونسبة ( المسيحيين الأرمن ) اقل من نسبة الصابئة , ونسبة ( المسيحيين الكاثوليك ) اقل من نسبة ( المسيحيين الأرمن ) , فيما كان هناك حوالي 100 نسمة من ذوي معتقدات مختلفة . ونسبة ( العرب ) حوالي 85% , فيما كان هناك حوالي 10 الاف من الموظفين والعسكريين ( الاتراك ) و ( الاكراد ) و ( الالبان الأوروبيين ) , وبضعة الاف من عوائل ( الفرس )[18] .

وقد افتتحت فروع البنك العثماني في بغداد والبصرة بصورة متأخرة في نهاية القرن التاسع عشر , الامر الذي اضطر ( البنك الشاهنشاهي ) الفارسي الى ترك البصرة والتقهقر الى بلاد فارس , وكان يدير تلك الفروع الأوروبيون .

ومن اجل سداد ديون إسطنبول تم منح الواحات الملحية ( الملاحات ) في جنوب العراق منذ منتصف القرن التاسع عشر الى إدارة القروض العثمانية الأجنبية كاحتكار لتسديد ديون البذخ العثماني , وقد كانت غزيرة في الجنوب , لكنّ العشائر العربية العراقية لم تكن تعرف ما يجري ولم تكن لتعترف به . ومع ذلك استولت السلطات العثمانية على المكامن الملحية في عدة مناطق في البصرة وذي قار والعمارة والكويت ومنحتها للإدارة المذكورة , وكانت تدر على الحكومة العثمانية حتى نهاية القرن التاسع عشر مليارات الدنانير بالعملة العراقية لعام 2022م من الجنوب العراقي وحده[19] .

وفي القرن التاسع عشر وصل الى سلطة ( الامارة الكعبية ) في ( المحمرة ) امير جديد عن طريق قتله لاخيه الأمير السابق ( خزعل ) , وكذلك وصل شيخ ( الكويت ) الجديد ( مبارك الصباح ) , وكذلك امير ( آل رشيد ) الشمريين في ( حائل ) المدعو ( محمد بن رشيد ) بعد قتله ستة من أبناء أخيه . الامر الذي جعل كل تلك العوائل الحاكمة عرضة للانقسام والضعف مع مرور الزمن , وساهم في انقراض معظم دولهم[20] .

وكانت قبائل ( بني حجار , الضفير , عتيبة , مطير , العجمان , بني مرة , بني خالد ) في إقليم ( الاحساء التاريخي : الاحساء , القطيف , قطر , جزء من الامارات , جزء من الكويت , جزء من السعودية ) في نهاية القرن التاسع عشر يشكلون نحو 200 الف نسمة تعيش كلياً حياة أعراب البدو القائمة على السلب والنهب والترحال . سوى مناطق الواحات الحضرية نسبيا , والتي كان أهلها في الغالب شيعة[21] .

وكانت صراعات القبائل الأعرابية البدوية المتوزعة بين صحراء ( نجد ) وبراري غرب العراق وبلاد الشام دموية مستمرة , لا تنتهي حتى يهلك احد الطرفين . فكانت تصيب عموم القبائل بالفقر , وكانت تنتج مجتمعات هاربة متشردة ضعيفة , ومجتمعات متغطرسة , تقوم على النهب والسلب والقتل . حتى انها فقدت في القرن التاسع عشر ما كانت عليه بعض القبائل من قيم الشجاعة حيث كانت تخبر عدوها بغاراتها , فصارت القبائل تهجم غدرا .

ومن هذه الصراعات ما هو سياسي , دموي وحشي , يهدف الى القضاء على مجمل مجتمع الخصم , كالصراع بين ( عبد العزيز بن متعب الرشيد ) من جهة وبين امير ( الوهابية ) المدعو ( عبد الله بن سعود ) وحليفه حينها ( مبارك الصباح ) , ومنها ما هو غير سياسي يكون اكثر اعتدالاً , واقل دموية , وهدفه مادي او ثأري غالباً , وتراعى فيها الحالات الإنسانية كاحترام حق الدخيل وحماية الأطفال والعجائز والنساء , ويتجنب الطرفان فيها قدر الإمكان القتل , وربما يعتمدون المبارزة المباشرة التي تنتهي ربما بالاستسلام والفدية . وقد تغير قبيلة ثالثة على ديار احدى قبيلتي الحرب حين تفرغ بسبب الحرب .

وكانت قوافل الإيرانيين المارة بكربلاء والنجف من بغداد والمتوجهة الى الحج في مكة المكرمة تدفع الفدية الى امير منطقة ( حائل : عاصمة إقليم نجد في عهد آل رشيد الشمريين ) حينئذ لتحصل على توصية منه الى زعماء قبيلة ( حرب ) لحمايتهم , والاخيرون كانوا يغيرون على قافلة الحج الرئيسة القادمة من دمشق تحمل شعار وهدايا السلطان العثماني وينهبون ما ابتعد منها عن الجنود المرافقين الذين لم يكن عددهم يكفي لحمايتها . وقلة الجنود الاتراك تتسبب بنفس المصير لقوافل الحج القادمة من ( الاحساء ) و ( القطيف ) التي تتعرض لنهب منتظم من قبائل صحراء ( نجد ) .

لكن توقفت تلك القوافل منذ سيطرة ( عبد الله آل سعود : زعيم الوهابيين ) وحليفه ( مبارك الصباح : شيخ الكويت ) على مدينة ( حائل ) ومجمل إقليم ( نجد ) بسبب ما يصفه القنصل الروسي في البصرة حينها ب ” عداء الوهابيين للحج ” . وهذا العداء الوهابي البدوي للحج يثير دهشة واستغراب القنصل الروسي في البصرة في نهاية القرن التاسع عشر ( الكسندر اداموف ) , باعتبار ان شهوة السلب البدوية كانت يجب ان تتوقف امام الشعائر الدينية , وهو ما كان يعمل به العرب في الجاهلية قبل الإسلام بتوفير اشهر حرم للحج والتجارة , لكنّ ما كانت تفعله قبائل نجد ومن شابهها يرده ( اداموف ) الى امية البدو وجهلهم بالإسلام كليا , حيث ان غالبيتهم الساحقة لا تؤدي الصلوات الخمس , ولا يعرفون من الدين الا وجود خالق , بل ان في قبيلة كانت لها امارة مثل ( شمر ) لم يكن هناك سوى ( ملا ) واحد مهمته كتابة الرسائل نيابة عن الأمير[22] .

 

وكان الاكثر مساهمة في تأسيس الدولة السعودية الثالثة، وإمداد الملك (عبد العزيز) بالمال والسلاح والجنود (بنو تميم) في إقليم (نجد) ، إذ كانوا أول وجهة توجه لها الملك (عبد العزيز) بعد فتح (الرياض) , بسبب دعوة تلقاها والده (عبد الرحمن آل فيصل) وهو في الكويت عند (ابن صباح) من (بني تميم) في تلك الفترة على (ابن رشيد) . ولمعرفته بولائهم للدعوة السلفية ولأسرة (آل سعود) التي دعمت هذه الحركة منذ انطلاقتها بتحالف (محمد بن سعود) و (محمد بن عبد الوهاب التميمي) ، فكان الولاء والانتماء للحركة السلفية والتي تأسست عليها الدولة السعودية ، بالإضافة لكون (حوطة بني تميم) مركزاً للحركة السلفية ومركز قلب ل(بني تميم) . وقد تم له النصر في أول مواجهة بينه وبين خصمه (ابن رشيد) في معركة (السلمية) أو (ام سلم) كما يسميها أهل (الحوطة) , وانضم بعد هذه المعركة الحاسمة والتاريخية غالب قرى جنوب (نجد) .

 

لقد اهدى السلطان العثماني غابات نخيل ( الفاو ) الى شيخ الكويت ( محمد الصباح ) مكافأة له على مساندته للقوات العثمانية في استرجاع منطقة ( الاحساء ) عام 1870م , فآلت بالوراثة الى أخيه ( مبارك الصباح ) . دون ان يكون للطرفين حق اصيل في تملكها . وهي بساتين تمتد مع خور عبد الله الى جزيرة ( بوبيان ) التي ظهرت حديثاً من خلال ترسبات نهر الفرات بمجراه القديم ( جري سعده ) والطين القادم من مصب ( شط العرب ) بفعل تيار الخليج , لذلك هي تعتبر ارض عراقية بترابها رغم استيلاء الكويت المعاصرة عليها .

والكويت ذاتها كانت مدينة اشبه بقرية النمل تقع خلف لسان صحراوي , ذات ابنية مصفرة , شديدة الكآبة , تخلو من أي غطاء نباتي , يرأسها شيخ من ( الصباح ) يسكن في بيت كئيب لا يفرق عن بيوت السكان الاخرين سوى بسارية العلم وبعض الاحصنة , ولا يقترب حتى من مقر إقامة القنصل البريطاني في جودة بنائه . تقع المدينة على الساحل بكورنيش بدائي وشوارع واسعة انظف من شوارع باقي مدن الخليج , وفيها سوق واسع مزدحم بالضائع الأوروبية وغير الأوروبية المستوردة , تنتهي الى صحراء واسعة . وتفتقر المدينة الى الماء الذي يجلب من آبار صحراوية على ظهور الحمير ليشتريه السكان في السوق , وقد اقترح البريطانيون لحل مشكلة المياه في الكويت جلبه من ( شط العرب ) بواسطة خزانات عائمة . وكانت السوق هناك تجمعاً للبدو الذين يقايضون بضائعهم ببضائع أخرى . وعدد سكانها الأصليين حتى مطلع القرن العشرين لم يتجاوز ال 25 الف نسمة , الا انها قد تصل الى 40 الف نسمة مع قدوم مجاميع البدو باستمرار اليها . وكان أهلها يعيشون على منتجات البحر وتجارته بسبب اتقانهم وبسالتهم في خوض غماره , فكانوا يصلون بسفنهم الى اقاصي شرق اسيا . وكانت مركزاً تجارياً مهماً لقبائل ( نجد ) البدوية , ومركزاً لتهريب البضائع من والى العراق . فيما كان يسيطر على الكويت ويسكنها قبائل ( بني حجار ) القساة الذين يعملون في قطع الطرق[23] . وكان التجار الهاربون من الجمارك العثمانية الى مدينة البصرة ينزلون بضائعهم في ( الكويت ) , ويدفعون لشيخ ( الصباح ) ضريبة 2% ثم يبدؤون التهريب عن طريق ( خور عبد الله ) و ( خور عسابي ) – اللذين تفصلهم بينهم جزيرة ( بوبيان ) – الى ( الزبير ) ثم الى باقي العراق[24] . وكان حاكم الكويت في نهاية القرن التاسع عشر خاضعاً رسمياً للسلطان العثماني , فيما كان حاكم البحرين تحت سيطرة البريطانيين ورعايتهم[25] .

 

وعدا خط الترامواي بين الكوفة والنجف والمركز لم يكن من مواصلات برية في معظم العراق سوى البغال والحمير والاحصنة والجمال عند نهايات القرن التاسع عشر . ولم تشرع مشاريع خطوط السكك الحديد الا برغبة المانية , وبامتياز ورأسمال الماني , لكنها مدت من البلقان الأوروبية الى تركيا فقط ولم تصل الى العراق الا بعد اكثر من عشرين سنة اذ انجز خط حديد بغداد – سامراء عام 1914م , في تنافس الماني بريطاني في الوصول الى مياه الخليج برا , فزادت العلاقات البريطانية الصباحية في الكويت قرباً وكان ذلك مقدمة لفصل معظم الخليج عن العراق . وكانت معظم الدوائر العثمانية مؤسسة لجبي الضرائب من الكمرك او الأراضي او البساتين او الصيد او التجار وإدارة ما استولى عليه السلطان من أراضي العراق[26] .

 

وكان العثمانيون قد وجدوا طريقة جائرة سهلة لسداد ديون الاوربيين دون التأثير على حياة العنصر التركي , وذلك بتخصيص إيرادات إقليم كبير مثل مصر او سوريا للسداد , مع ترك شعب ذلك الإقليم في جوع , وكانت هذه الطريقة بداية النفوذ ثم السيطرة الأوروبية المسيحية على العالم الإسلامي .

ومنذ العام 1858م وهو موعد القرض الإنجليزي الفرنسي للدولة العثمانية اصبح امر تضمين إيرادات الأقاليم الإسلامية لصالح الأوروبيين امراً شائعاً لسداد الديون العثمانية التي انفقت على حروبهم العبثية , الامر الذي فتح شهية الأوروبيين للسيطرة على تلك الأقاليم بصورة مباشرة عسكريا .

فكان الاتراك يستدينون من الأوروبيين لأتفه الأسباب ويقومون بتسديد تلك القروض وفوائدها بتلك الطريقة اللاإنسانية المجحفة . وكان المسؤولون العثمانيون يمنحون الامتيازات والمشاريع للأوروبيين بشرط ان يقرضوهم المال كصفقة جانبية . فكان هناك الانجليز أولاً ثم الفرنسيون ثم النمساويون والالمان بالتعاقب وبالتزامن . وادت تلك الحاجة العبثية والترفية الى القروض الى ازدياد البنوك الحكومية والأهلية في إسطنبول بالتدريج , بالإضافة الى الحاجة التجارية . وكانت تلك البنوك تعطي المساهمين من المالكين المستثمرين لأموالهم فيها فوائد ضخمة وخيالية , لا تعتمد على التربح من إقامة المشاريع التجارية والإنتاجية , بل من عوائد اقراض الخزينة الحكومية العثمانية . فيما ظلت مؤسسات الدولة ونظام ادارتها كما كانت فاشلة متخلفة لم تؤثر فيها تلك الأموال بصورة حقيقية . حتى وصلت الدولة العثمانية المتخلفة الى نهاية مسدودة مالياً بعد ان عجزت سد قيمة الديون الجديدة , بسبب سيطرة تكاليف الديون القديمة على ضمانات جميع الأقاليم . مما سمح للأوروبيين بفرصة ذهبية للاستيلاء المباشر على جميع الأقاليم الخاضعة للسلطة العثمانية .

فتم تشكيل لجنة من الفرنسيين والإنجليز والنمساويين لحل الازمة المالية العثمانية , بعد ان غرقت الدولة في مستنقع الديون الأوروبية دون طائل , وقد فشلت اللجنة في مهامها . حيث وصلت الديون المستحقة في العام المالي 1874-1875م الى 300 مليون فرنك في حين ان ميزانية كل الإمبراطورية العثمانية كانت حينها 380 مليون فرنك فقط لتلك السنة . فيما كان مجمل الدين العثماني الخارجي في تلك الحقبة قد وصل نحو 5 مليارات فرنك . حتى أعلنت الدولة العثمانية في العام 1875م بصورة رسمية افلاسها .

فاستغل الاوربيون والروس كل ذلك , ورأوا ان مستنقعهم اغرق هذه الإمبراطورية حتى صارت عاجزة , فبدأت الانتفاضات والثورات داخل الأقاليم الأوروبية التابعة للدولة العثمانية , وشنتها روسيا حربها ضد العثمانيين وانتصرت وفرضت غرامة مالية كبرى عليهم , واجتمع الاوربيون بداعي المطالبة بحقوقهم المالية , واعلنوا ضرورة حماية مصالح الدائنين الأوروبيين في مؤتمر برلين . فيما لجأت الحكومة العثمانية الى المصرفيين المحليين لتسديد القروض الخارجية , مقابل ان تمنحهم مجمل الامتيازات التجارية والصيد وغيرها من الحقوق . وتشكلت لاحقاً لجنة عليا تضم الأوروبيين إضافة الى المصرفيين العثمانيين . وكان معظم الدين او كله يستقطع من المواطنين البسطاء في الأقاليم العثمانية , بينما كان سكان العاصمة إسطنبول من الاتراك و ( الباشوات ) وجميع الأجانب في الدولة معفيين من الضرائب[27] .

وقد تم منح الواحات الملحية ( الملاحات ) في جنوب العراق منذ منتصف القرن التاسع عشر الى إدارة القروض العثمانية الأجنبية كاحتكار لتسديد ديون البذخ العثماني , وقد كانت غزيرة في الجنوب , لكنّ العشائر العربية العراقية لم تكن تعرف ما يجري ولم تكن لتعترف به . ومع ذلك استولت السلطات العثمانية على المكامن الملحية في عدة مناطق في البصرة وذي قار والعمارة والكويت ومنحتها للإدارة المذكورة , وكانت تدر على الحكومة العثمانية حتى نهاية القرن التاسع عشر مليارات الدنانير بالعملة العراقية لعام 2022م من الجنوب العراقي وحده[28] .

 

 

[1] تاريخ الطبري , مؤسسة الاعلمي , ج ٣ , ص ٩٠

[2] أشار الأميني في المصدر الى انه دفن في (مدينة الكاظمية) ، وهذا خطأ واشتباه منه ، بل دفن في (كاظمة) ، وهي (الكويت) الْيَوْمَ ، وهي بادية تميم ، اذ مساكن تميم في البصرة وباديتها في الكويت ، واليها أشار الفرزدق

[3] أصحاب الامام امير المؤمنين والرواة عنه , الأميني , ج ٢ , ص ٤٦٣ – ٤٦٤

[4] مشهد الإمام أو مدينة النجف , ج 2 , ص 59 – 83

[5] مشهد الإمام أو مدينة النجف , ج 2 , ص 63 – 64

[6] ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها , القنصل الروسي : الكسندر اداموف , ت : هاشم صالح التكريتي , دار ميسلون , ص 143 – 155

[7] ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها , ص 16 – 19

[8] ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها , ص 14 – 16

[9] ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها , ص 45

[10] ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها , ص 44

[11] ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها , ص 46

[12] ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها , ص 46 و 48

[13] ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها , ص 48

[14] ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها , ص 178 – 185

[15] تاريخ نجد ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (السلفية) , ص ٩٢ – ٩٣ و ١١٤

[16] تاريخ نجد ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (السلفية) , ص ٣١ – ٨٣ و ٩٤ – ٩٧ و ١١٥ – ١١٦ و ١٢٣ – ١٢٤

[17] ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها , ص 141

[18] ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها , ص 142

[19] ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها , ص 119

[20] ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها , ص 171

[21] ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها , ص 177

[22] ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها , ص 62 – 65 و 78

[23] ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها , ص 62 – 65 و 78

[24] ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها , ص 48

[25] ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها , ص 131

[26] أربعة قرون من تاريخ العراق \ ص 379 – 390

[27] ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها , ص 84 – 119

[28] ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها , ص 119