15 نوفمبر، 2024 5:33 م
Search
Close this search box.

“نشر الكتاب” (12).. إما مساندة الدول للصناعة أو تزايد النشر العبثي والتجاري

“نشر الكتاب” (12).. إما مساندة الدول للصناعة أو تزايد النشر العبثي والتجاري

خاص: إعداد- سماح عادل

يرى البعض أن أمر تعثر النشر الورقي لن يحل إلا بمساندة الدول ومؤسساتها لتلك العملية وتلك الصناعة، ويؤكد آخرون على سحر الكتاب الورقي على كل المستويات، واعتباره أمر تربي عليه أجيال كثيرة وعلى جماله وشغفه، مؤكدين أن اختفاء الكتاب الورقي أمر مستبعد الحدوث. كما أشار البعض إلى ظاهرة النشر العبثي والتجاري المتفشية في صناعة النشر الورقي والتي ستزيد وطأتها مع النشر الالكتروني.

شارك في هذا الملف كاتبات وكتاب من مختلف البلدان العربية، وكانت الأسئلة كالتالي:

1. هل تأثر النشر الورقي بالتغييرات الاقتصادية التي تحدث في العالم؟

2. هل تؤثر الأزمة التي حدثت في النشر الورقي على حركة الثقافة في المنطقة؟

3. هل يمكن اعتبار النشر الإلكتروني بديلا للنشر الورقي وماهي إشكاليات النشر الالكتروني؟

٤. هل ستتغير ثوابت كثيرة في مجال الثقافة مع تعثر النشر الورقي.

تزايد النشر العبثي والتجاري..

يقول الكاتب الجزائري “لخضر بن الزهرة”: “النشر الورقي كجزء من حياتنا عرضة للمتغيرات التي نعيشها كأي نشاط تجاري أو ثقافي أو إنساني بالمتغيرات الاقتصادية، حيث تسببت الظروف العالمية بسبب الكورونا ثم الحرب الروسية- الأكرانية في أزمة حقيقية في الوصول إلى المواد الخام، وإلى مختلف الخدمات، وما يتم الوصول إليه يكون بأسعار مضاعفة وصلت في الفئات الدنيا إلى زيادة بـ100% وفي الفئات العليا إلى ما يتجاوز 500%.

والورق كأول ركن من أركان عملية النشر الورقي زاد سعره بشكل مبالغ فيه، وبالتبعية حركة إنتاج الإنتاج ككل، هذه التكاليف تسببت في خسائر فادحة ألزمت البعض بالانسحاب من المشهد الثقافي، وجعلت الباقي يواصل كي لا ينتهي إلى هامش النسيان ويجازف بما لديه من سيولة ممكنة وأحلام معلقة، وهذا نتج عنه خفض في المحصلة العامة لحجم الإنتاج وقابله رفع أسعار البيع التي قابلتها أزمة الشراء، فالقارئ العادي صار عاجزا عن توفير تكلفة الكتاب والكتابين بعد أن كان يرعبه اقتناء عشر كتب دفعة واحدة (والرقم كمثال ليس مبنيا على إحصائيات لكنه محسوس جدًّا) وهذا الضعف في الشراء سيزيد من حالة الركود ومزيدا من الخسائر للقائمين بعملية النشر، واحتمالا أكبر لانسحاب مزيد من الناشرين من المشهد العام”.

وعن تأثير الأزمة على حركة الثقافة في المنطقة يقول: “في الإجابة السابقة تحدثت عن علاقة البيع والشراء: بيع بسعر أعلى يقابله شراء بحجم أقل، يعني مقروئية ورقية أقل ووصولا إلى الكتاب بشكل أقل، وظهورا أقل لعناوين حقيقية وجادة فارقة تصنع ثراء في المشهد الثقافي، وبالتالي نجد انطفاء في مساحات كانت شاسعة تصنع حراكا ثقافيا منوعا وثريا، ويبقى المشهد ينحصر أكثر كل مرة وتضيق الدائرة الثقافية، وهذا شيء له تداعياته الشديدة القسوة على الحركة الثقافية عامة”.

وعن اعتبار النشر الإلكتروني بديلا للنشر الورقي وما هي إشكاليات النشر الإليكتروني يقول: “النشر الإلكتروني ضرورة العصر، وجب الاهتمام به والعناية بتفاصيله لخدمة وإثراء الحراك الثقافي، لكن بطريقة ذكية داعمة للنشر الورقي دون إقصاء، أما أن يكون بديلا فلا يتفق هذا الطرح مع كثير من عشاق الورق، كونه يصنع ألفة وعلاقة خاصة مع النص، وكونه ملائما بصريا أكثر من القراءة الإلكترونية في وقت لا توجد بدائل للورق (جهاز الآيباد) للعامة بسبب صعوبة اقتنائه، أو عدم استحباب التعامل معه، إن اعتبار النشر إليكتروني بديلا لا مرافقا هو بداية النهاية لعالم الورق”.

وعن تغير ثوابت كثيرة في مجال الثقافة مع تعثر النشر الورقي يقول: “إن السوء الذي يحدث في عالم الورق من نشر عبثي وتجاري دون الاهتمام بمعايير الذوق والجمال سيكون أشد في العالم الرقمي بسبب الكثير من الاستسهال والتكاليف الأقل في عملية الإنتاج والتوزيع، وهذا يشكل مزيدا من الخطورة على الوعي العام والذوق والاهتمام بالجمال والعمق، وكم أتمنى أن يسعى القائمون على إدارة عالم النشر بالاهتمام بتفاصيل النشر ودعمه خدمة للمجتمع، خدمة للذوق والجمال وعناصر الإبداع الحقيقي الذي يصنع حضارة الأمم ووعيها”.

صمود الكتاب الورقي..

ويقول القاص العراقي “خالد شاطي” : “بوصفي أمتهن بيع الكتب منذ أكثر من عقد ونصف؛ فقد أتيح لي أن أطلع على الإشكاليات التي طالت عملية صنع الكتاب وتداوله والعلاقات بين الأطراف المشاركة في العمل على إيصاله للمتلقي.

إن من الطبيعي جداً أن يتأثر النشر الورقي بالأزمات الاقتصادية التي تحدث في العالم. فالكتاب ـ رغم كل شيء ـ سلعة يتم تصنيعها وتداولها؛ ويجري عليها ما يجري على أي سلعة تجارية أخرى، وتتأثر بالوضع الاقتصادي (للمستهلك). ورغم أن ثمة قراء يولون اقتناء الكتاب أهمية كبرى، إلا أن الكتاب يبقى سلعة تقبع في أسفل قائمة الضروريات للغالبية العظمى للناس.

ولما كان الكتاب هو عماد الحركة الثقافية في أي منطقة؛ فإن أي أزمة تطال النشر الورقي، ستؤثر لا محالة في الحراك الثقافي بما يتضمنه من معارض وتوقيع كتب وغير ذلك من النشاطات”.

ويضيف: “ويمكن للنشر الإلكتروني أن يسهم إسهاما كبيراً في عملية نشر الكتاب وأن يحل الكثير من صعوبات النشر، على الرغم من عدم إمكانية تصور إحلال النشر الإلكتروني محل النشر الورقي، إذ سيبقى للكتاب الورقي أهميته المتمثلة في التواصل المادي بكل ما يعنيه من ممكنات حسية كاللمس والشم والنظر وممكنات أخرى تفتقدها الكتب الإلكترونية.

ولذا أرى أن النشر الورقي سيصمد وسيبقى رغم كل ما يهدده من تطورات النشر الإلكتروني والمغريات التي يقدمها”.

مساندة الدول لعملية النشر..

ويقول الناشر “محمود عبد النبي محمود”: “نعم تأثر والتأثير الأكبر بدء مع بداية انتشار كورونا وتوقف معظم مصانع إنتاج الورق بالعالم وارتفاع سعر الطن إلي ثلاثة أضعاف ثمنه، فضلًا عن الحرب الروسية الأوكرانية التي فاقمت الأزمة، وارتفعت بعدها الأسعار العالمية بما فيها مستلزمات إنتاج الكتب الورقية مثل الورق والأحبار والصمغ وخلافه، وأخيرًا فرضت بعض الدول العربية الضرائب والجمارك الباهظة علي كل مستلزمات صناعة النشر”.

ويؤكد عن تأثير الأزمة على صناعة النشر: “بالطبع تأثيرها وضح جليًا

ومنها قلة عدد الإصدارات المنتجة، واتجاه البعض إلي النشر الإلكتروني أو الصوتي أو انتظار ما سيحدث، وقلة الفعاليات الثقافية وشح في الأفكار الجديدة، وارتفاع أسعار الكتب وقلة عدد القراء بالطبع”.

وعن اعتبار النشر الالكتروني كبديل يقول: “لا يمكن اعتبار النشر الإلكتروني بديلًا عن النشر الورقي فقراء النشر الورقي لا يستهويهم إلا وجود كتاب ورقي بمكتبتهم، حيث مازال بريق وملمس الورق بين أيديهم له مفعول السحر، ولكن هناك بعض الشباب الذين وجدوا ضالتهم في النشر الالكتروني من حيث انخفاض وقلة سعر اقتناء عمل bdf.

ولكن اعتقادي أن النشر الورقي له مكانته عبر الأعوام منذ الصغر، وقد تربي النشء علي وجود الكتب بمدرسته وببيته، فالكتاب الورقي تأثير الكبير علي أجيال من الناس ومازال التأثير واضحا وقويا إلى اليوم”.

وعن حدوت تغييرات كبيرة في مجال الثقافة يقول: “الثابت فقط بعد ارتفاع أسعار الكتب قلة عدد الإصدارات، وذلك يرجع إلي تخوف الناشر الذي ينتج الكتاب من إن العمل سيبيع ويحقق دخلًا أو لا.

ولكن سيظل الكتاب الورقي موجود بتأثيرات سلبية بسيطة إلي أن يتم حلحلة بعض المعوقات التي تنال من مستلزمات الإنتاج، وهذا لن يحدث إلا بوجود مساندة من الدول وحكوماتها دعمًا لصناعة النشر” .

 

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة