18 ديسمبر، 2024 10:17 م

جنازة عبد الواحد

جنازة عبد الواحد

رؤية : مهند سري
فزع أهالي الحي، لصراخ يخرج من بيت جارهم عبد الواحد، فهرعوا يركضون نحوه، يسألون ويتقصون الخبر، فأخبروهم أن عبد الواحد مات وذهب ولده نبيل يتسلمه من ثلاجة الموتى.
كان عبد الواحد يرقد في العناية المركزة منذ ثلاثة أيام نتيجة جلطة قلبية اصابته، أخذ الجيران يتلامون في ما بينهم، واحسوا بالتقصير بإزاء جارهم، كيف دخل المستشفى وهم لايدرون.
وكي يخففوا من وطأة محاسبة النفس، ومعاتبة الذات التي لم تلتفت الى غياب جارها، فالتحق بعضهم بالمستشفى ليكمل إجراءات شهادة الوفاة، ومواساة نبيل الذي كان وحده مع أبيه في ساعاته الأخيرة، فيما انطلق آخرون الى مقبرة الشيخ عمر، لتهيئة القبر، وذهب أحدهم يخط اللافتة، وآخر يلبي حاجيات بيت الفقيد، وثالث قصد قاعة القادسية للحجز لإقامة مجلس العزاء، وجاءوا بالجنازة الى البيت، وقام نسوة الحي بواجب العويل والبكاء على الجار عبد الواحد.
قال حامد الذي حمل مع آخرين النعش الى داخل البيت : شاهدت صورة جدهم، يبدو هيبة ومحترم.
جاء سعيد باللافتة وثبتها على راس الدربونة، وترك أخرى على قاعة المآتم، وحاول أن يفسر وضع إسم ” المرحوم” كونه لايعرف اسم أبيه، مكتفياً بذكر ” الحاج عبد الواحد أبو نبيل”.
تداخل حامد قائلاً: شلون ما تعرف إسم أبوه، والله صورته شفته اشكبرها!!
صاح عليهم الحاج أبو حيدر، عوفوا هذا الجدل، خلي نهيىء الجنازة، فإكرام الميت دفنه.
أخرجوا التابوت من البيت، ورفعوه ثم خفضوه ثلاث مرات عند الباب كما هي العادة، وانطلقوا به الى المغيسل.
نبيل كان من شدة الصدمة مشدوهاً لا يقوى على شيء، يمشي مع الجيران حيث مشوا، في وقت لم ير أحد من اقربائه، تحرك النعش بالمشيعين، وغسلوا الميت، وكفنوه، وانطلقوا به الى المقبرة.
وعند بوابتها كان ينتظر ابو محمود، صاح وصرخ بهم : “ليش تأخرتوا؟ بلكوه لكيت له مكان، المكبرة مقبطه”، ونادى على أبي شكر : وين شهادة الوفاة، فأعطاها له، وسلمها هو بدوره للشخص المعني بالمقبرة لتسجيل بياناتها، لكنها ما إن أخذ يقرأ قال بنبرة عالية : “شنو هاي، هذا عبد الواحد حنا صليوة، مسيحي!!”.
التفتوا جميعهم نحو نبيل بنظرة إستغراب، وقبل أن يقولوا كلمة سارع هوبالرد: نخوتكم لم تترك لي كلمة اقولها، فزعتكم اشعرتني ان لكم حصة في الوالد، لكن هذه هي الحقيقة، ولابد ان أذهب بالنعش الى الكنيسة.
قال خليل : ليش، مو غسلنا وكفنا وصلينا عليه؟
رد نبيل : تمام، لكن في صلوات كنسية، وتراتيل ينبغي إجراؤها.
تحرك الموكب الجنائزي الى الكنيسة، وهنا رأى حامد صورة، فصرخ : “هاهي صورة أبو عبد الواحد اللي شفتها في البيت!!”
فرد عليه أحد خدام الكنيسة : إنها صورة يسوع!!
واكتملت الطقوس الجنائزية ودفن عبد الواحد، ووقف الجيران في مجلس عزائه بجوار نبيل.