يعوّل الكثير من الوطنيين العراقيين على وعي الشعب العراقي وهذا تصور خاطئ برأيي لأن العراقيين لم تتوفر لهم البيئة المناسبة لتغليب لغة الوعي والإدراك والثقافة , هذه المفاهيم الإنسانية عملت الحكومات على تغييبها بشكل مقصود وبصورة مفضوحة وبسياسة واضحة من أجل طمس تلك المفاهيم التي تعتبر من واجب الحكومات أن تحققها لمواطنيها وهذه المفاهيم تحققها الحكومات التي تحترم نفسها والتي تريد لشعوبها الرقي والإزدهار أما حكوماتنا فهي لاتعرف الإحترام أصلا
كيف تطلب من الشعب أن يكون واعيا وهو يمر في أبشع الظروف ولاتتوفر لديه أبسط مقومات الحياة , العراقي لم يجد مايأكله وأطفاله يعانون الجوع وهو يسكن بيوت الصفيح ولم يجد مايقيه من حر الصيف وبرد الشتاء
كيف تطلب منه عدم بيع بطاقته الإنتخابية وهو يعاني من هذه المعاناة الشديدة , كيف تريد منه أن يرفض بطانيات وكارتات الشحن التي يقدمها له المرشح الفاسد وهاتفه يعاني من تهديدات الشركة بالإغلاق إذا لم يتمكن من إعادة تعبئة رصيده ؟
لقد إنقسم الشارع العراقي الى قسمين قسم بسيط يقبل بالهدايا النقدية والكارتات والبطانيات والقسم الأكبر من العراقيين الذين يؤتمرون بأموامر شيخ العشيرة فهؤلاء شيخهم هو فقط من يساوم على بيع أصواتهم وأغلب هؤلاء الشيوخ يبيعون أصوات أفراد عشائرهم مقابل السبيس !
فالمرشح الفاسد إذا أراد الفوز الحتمي فعليه أن يقوم بإكساء شارع العشيرة بالسبيس إضافة الى شارع بيت شيخ العشيرة والطريق المؤدي الى مضيفه وديوانيته
شخصيا إستمعت الى العشرات من المواطنين الذين عبروا عن شكرهم الى أحد المرشحين بسبب قيامه بتبليط شارعهم
لقد أصبح السبيس الآن العملة النقدية الوحيدة لإجراء العقد بين المرشح من جهة وبين الناخبين من جهة أخرى
من حق الشيوخ أن يطالبوا بمطالبات فورية بسبب الأكاذيب السابقة ومخالفة الوعود التي وعدوا بها للناخبين فأغلب المرشحون صوروا لناخبيهم الحياة بأنها سوف تصبح جنة الله فيما إذا فازوا في الإنتخابات لكن هذه الجنة تحولت الى نار الشيطان في ظل فوزهم بتلك الأصوات
ماكان للعراقيين أن ينجروا للقبول بمثل تلك الأساليب لوإن حكومتنا عملت على تحقيق مايعاني منه الشعب وهو من أولى واجباتها وليس فضلا منها .