عقد الحزبان البارتي واليكيتي الكوردستانيين، جولة مباحثات في مصيف بيرمام بأربيل لحلّ الخلافات بينهما والتباحث حول الاوضاع في اقليم كوردستان والعراق، وانتخابات مجالس المحافظات والانتخابات البرلمانية في كوردستان.
بداية الإجتماع كانت مفعمة بالأمل والتفاؤل ولكن لم تجر الرياح فيه كما تشتهي السفن. إذ خرج رئيس وفد اليكيتي السيد بافل الطالباني من الاجتماع، وأجاب على أسئلة المراسلين الصحفيين بجمل وعبارات فهم منها إنه كان منزعجاً من أمر ما، قيل لاحقاً إنه إنزعج من أقوال مسؤول إعلام البارتي، رغم إن ذلك المسؤول لم يقل غير الحق والحقيقة، وآخرون قالوا إنه إنفعل من رفض طلبه بتأجيل إنتخابات برلمان كوردستان من قبل وفد البارتي، وغادر بيرمام دون أن يصافح مودعيه الذين إستقبلوه صبيحة ذات اليوم أحسن إستقبال. وفي مطار اربيل إعتذر لوفد البارتي وألقى باللائمة على الصحفيين الذين حاصروه في بيرمام وفي المطار كذلك. والحق يقال ان بعض الصحفيين يتخطون المهنية ويزعجون المسؤولين بحركات وأسئلة يمكن أن تسمى بتافهة وغير مسؤولة.
بعد مغادرة وفد اليكيتي لبيرمام تحدث رئيس وفد البارتي السيد فاضل ميراني للصحفيين بلغة دبلوماسية ذكية عن الإجتماع والتفاهمات والإختلافات، وفي اليوم التالي، نشر مقالا في صحيفة الزمان اللندنية تحت عنوان (الاتحاد الوطني و نحن)، أشار فيه الى الاجتماع المذكور بين الحزبين، وتحدث (بخلاف الصورة التي ظهرت للإعلام والتي لم تخلُ من تشنج مكتوم، تشنج نتفهمه و نضعه بحدود إنفعال نرجو ان لا يطول و يتسع)، وقال: (نحن نعمل على مشتركات منتجة لمعادلة مفيدة واقعية ومطلوبة، وننأى بشعبنا عن افعال و ردات افعال تكون منتجة لما هو خلاف النظم القانونية والاطر الحياتية والسياسية التي عملنا عليها جميعاً وكل بثقله لتكون كوردستان بعيدة عن الخطر).
حديث السيد ميراني للصحفيين خلال التوتر المكتوم، بعد إنتهاء أو إنهاء الإجتماع، دليل على إنه مثقف وخبير في الحوار واللياقة والحنكة في الفكر والتخاطب، وبارع في استخدام فن الرد اللفظي، الذي يشترط أن يكون صاحبه ذكياً حازماً دقيقاً ومهذباً بلسانه، كما دلّ على إنه يمتلك قدرة هائلة في الرد الذكي على الاسئلة، وعلى التحكم والتركيز في لغة الجسد التي تمنحه الفرصة لترتيب الأفكار في رأسه.. أما رأيه الواضح والصريح في مقاله المنشور في صحيفة الزمان فهو متجانس مع ما جاء في أدبيات السياسة التي تعني أن الحوار والدبلوماسية بكافة أشكالها وأنواعها وتشعباتها هو الحل الذي يمنع وقوع تطورات سلبية، ودليل على انه يمتلك في حقيبته الذهنية معلومات شاملة وكاملة عن كل مناحي الحوار والدبلوماسية، وإنه بثنائية اللسان والقلم معاً إختار الوقت والمكان المناسبين ليعلن عن وجود إرادة لا تدع مجالاً للشك في امكانية تجاوز الخلافات التي أوقعت بالكوردستانيين الكثير من المظالم، وليقدم بضع عبارات إيجابية رزينة وهادئة وبعض إيحاءات للطرف الآخر تخفف من توتره وإمتعاضه، ويمكن القول إنه نجح في ترتيب إجتماع أخر بين الجانبين.