15 نوفمبر، 2024 10:33 م
Search
Close this search box.

فيلم “اطلعوا لي بره”.. حين تقتل الكوميديا السطحية الأفكار العميقة

فيلم “اطلعوا لي بره”.. حين تقتل الكوميديا السطحية الأفكار العميقة

خاص: كتبت- سماح عادل

فيلم “اطلعوا لي بره” فيلم كوميدي مصري، يحكي قصة طريفة عن شاب يعاني من وجود شخصيات متعددة داخله، ويعاني من التردد الشديد والشعور بالمراوحة بين تلك الشخصيات.

الحكاية..

يبدأ الفيلم بالبطل “يوسف” الذي ذهب إلى طبيب نفسي يحكي له عن معاناته الشخصية، حيث يعاني من التوزع النفسي بين صوتين يترددان داخله، وهو دوما ما يشعر بالمعاناة ولا يحسم تجاه أحد الصوتين. ويحكي عن طفولته بشكل كوميدي وكيف أنه منذ أن ولد وهو مطالب بفعل أشياء كثيرة، لكنه مع ذلك لا يفعل شيئا وإنما يترك من حوله ليحددوا له قراراته.

وبعد موت أبيه وأمه تصبح جدته هي صاحبه القرار الوحيد في حياته،  لكنه بعد وفاة جدته تضخم معاناته أكثر لأنه لا يجد من يتخذ له قراراته بالنيابة، عنه لذا يلجأ إلى الطبيب النفسي فيعطيه دواء، ويخبره عن قصة طريفة عن ملك كان يعاني أيضا من تعدد الأصوات داخله أو الشخصيات، وأنه استطاع من خلال بعض التعويذات أن يخرج تلك الشخصيات لتتجسد أمامه في صوره بشر، يتحدث معهم ويحاورهم.

تجسد الشخصيات..

فيسأل “يوسف” الطبيب النفسي عن اسم الكتاب الذي قرأ فيه هذه القصة، فيخبره الطبيب بأن اسم الكتاب “اطلعوا لي بره”، وهذه نقطة ضعف في السيناريو، لأنه كان من الأولى أن يختار اسما رصينا للكتاب. يحضر “يوسف” الكتاب ويبدأ القراءة فيه ثم ينام ويحلم أو يتمنى أن تتجسد الشخصيتين الرئيسيتين اللتين تتصارعان داخله وتصبحان أمامه، ويستيقظ في الصباح ليجد رجلان ضخمان يتصارعان، أحدهما اسمه “كيكي” ويمثل الشر أو الخبرة والنضج والتعامل مع البشر، والآخر اسمه “أبو الخير” ويمثل التعامل الطيب والمسالم مع الناس.

يندهش “يوسف” ويفهم أن أمنيته قد تحققت وأن الشخصيتان اللتان تتصارعان داخله قد تجسدتا في صورة بشر، لكن لا أحد يسمعهما أو يراهما سواه، ويبدآن في إملاء القرارات والأوامر عليه وهو يظل على تردده.

ونعرف من خلال الأحداث أن “يوسف” يعمل في شركه دعاية تخص عمه، وأن هذه الشركة كانت ملكا لعمه ولوالده.

تغلب الشر..

وتعود ابنة عمه “أمينة” التي كان يلعب معها وهي طفلة، تعود من السفر في الخارج، فيستعيد إحساسه بها حيث كان يحبها حبا شديدا وهو طفل، ويشعر “يوسف” بالحرج في وجود “أمنية”، خاصة وأن زملائه يتعاملون معه باستهانة ويسرقون أفكاره، دون أن يجرؤ على مقاومتهم أو مواجهتهم.

وتبدأ شخصيه “كيكي” في إسداء النصائح له، وبالفعل يستجيب لها ويقوم بالسخرية من زميل له كان يسرق أفكاره وينجح في ذلك، ويشعر بالانتصار حينما ينجح في السخرية من ذلك الزميل. ويستجيب مره أخرى ل”كيكي” في بعض النصائح الأخرى، فيحاول أن يلفت نظر ابنه عمه “أمينة” ويحاول استمالتها والتقرب إليها مع بعض المقاومة من شخصية “أبو الخير” أو الشخصية الطيبة، التي تنصحه دوما بالتصرف بشكل جيد وبأخلاق، سواء مع “أمينة” أو مع زملائه في العمل. ويتراوح “يوسف” ما بين الاستجابة ل”كيكي” والاستجابة ل”أبو الخير” لكن الكف تميل لصالح “كيكي”.

اقتراب..

وتشعر “أمينة” بالانجذاب نحو “يوسف” عندما يبدأ في التقرب إليها وتتعرف عليه بشكل أفضل، ويقدم له “كيكي” النصائح لكي يحاول لفت نظر “أمينة” حيث يذهب إلى فرح زميل لهم في الشركة، يقام في منطقة بعيدة، وهناك يجدها بصحبة أحد الأفراد ويحاول التقرب إليها، وفي النهاية يقضيان يوما سويا في الصحراء بجوار الجبل، ويحدث التقارب.

الإيذاء..

ويستجيب “يوسف” ل”كيكي” ويسرق مشروعا من شركة عمه ويعطيه لشركة أخرى منافسة، بل ولا يتورع عن أن يرسله بإيميل زميل له في العمل فيصبح بذلك شر مضاعفا، ويعرف عمه تلك السرقة فيعاقب ذلك الزميل بالطرد، ويشعر “يوسف” بالذنب ويشعر أنه هو من أذى ذلك الزميل، فيذهب إلى منزله ليعتذر له، وهنا يسمع مدرس يعطي درسا لابنة الزميل، يتحدث عن الخير والشر داخل الإنسان، وأن الإنسان باستطاعته أن يقوي أي جانب منه بإرادته الحرة. فالإنسان يمكن إن يميل إلى جانب الخير بإرادته أو يميل إلى جانب الشر، وإنه ليس مجبرا وإنما لديه الحرية الكاملة لفعل ذلك.

الوقوع في الفخ..

ويؤثر هذا الكلام على “يوسف” الذي يختار أن ينتصر للجانب الخير منه وللشخصية الطيبة، لكنها تختفي مع تسلط الشخصية الشريرة وأخذها مساحة كبيره داخل عقل وذهن “يوسف”. يشعر “يوسف” بالذنب الشديد خاصة مع اكتشاف “أمينة” أن عمه يظلمه وأنه يريد منه أن يتنازل عن نصيبه من الشركة دون أن يعطه أيا من حقوقه، فتذهب إلى منزل جدتها الذي يعيش فيه “يوسف”، وتستعيد ذكرياتها وهي طفلة حينما كانت تزور جدتها وابن عمها.

ويشعر “يوسف” بالسعادة الشديدة لتواجد “أمينة” معه، لكن “كيكي” يحثه على فعل الخطأ معها، وعلى التقرب إليها بشكل أكبر، ويستجيب “يوسف” مع الأسف مما يجعل “أمينة” تغضب منه وتترك المنزل وتأخذ موقفا سلبيا منه.

التمرد على الشر..

وتتصاعد الأحداث ويشعر “يوسف” أن الأمور قد اختلت من حوله نتيجة لاستجابته للجانب الشرير من نفسه، وفي مشهد متخيل يضرب “كيكي” ويحطم جسده، ويصاب هو ويدخل إلى المستشفى. وتأتي إليه “أمينة” ويحكي لها كل ما حدث، وتحثه على تصليح أخطائه التي وقع فيها حينما استجاب للجانب الشرير من نفسه، فيعترف لعمه بما فعل وبأنه هو من سرق المشروع، ويبرئ ساحة زميله، كما يعلن أمام الجميع حبه ل”أمينة” ورغبته في الزواج منها، ويجد عمه نفسه مضطرا على قبول الزواج مع إصرار ابنته على الموافقة، ويتم تزويج يوسف ل”أمينة” وينتهي الفيلم على ذلك.

فكرة عميقة..

الإخراج متوسط، اعتمد الفيلم على ديكورات ومناظر طبيعية جميلة ومبهرة وجذابة، وكان أداء الممثلين متوسطا ويميل إلى كفة الكوميديا التي تجذب الجمهور، خاصة البطل “كريم محمود عبد العزيز” الذي كان يقوم بعمل حركات كوميدية مضحكة.

فكرة الفيلم جيدة لكن سيناريو لم يتناولها بشكل قوي، فظهرت به بعض الفجوات والثغرات لصالح توسيع قماشة الكوميديا، فنجد أنهم اختاروا اسم كتاب كيفما اتفق، واختاروا قصة ملفقة كيفما اتفق. حتى عندما تجسدت الشخصيات الشريرة والطيبة اختاروا شخصيات غير مناسبة، فشخصية “خالد الصاوي” كانت مفتعلة بعض الشيء، وأدائها مبالغ فيه، وشخصية “أبو الخير” اختاروا الممثل لأنه ممثل كوميدي اشتهر في الفترة الأخيرة. كان من الممكن إن يختاروا شخصيتين آخرتين لكنهم مالوا لصالح كفة الكوميديا والافيهات المضحكة. فالفكرة جيدة لكن تناولها لم يكن عميقا ومال إلى السطحية. وانتهى الفيلم نهاية سعيدة باختيار البطل الجانب الطيب والاستجابة له، والمفترض إن تكون شخصيته قد تطورت وتغيرت لصالح الأفضل لكننا لم نشعر بذلك بشكل عميق، لأن البطل انشغل بعمل إفيهات ومواقف كوميدية مضحكة. فقد اعتمد البطل على رقصات وتعبيرات مكررة، وعلى تقليد والده الفنان الشهير “محمود عبد العزيز” بدلا من أن يجسد شخصية البطل الذي تحدث له تغييرات نفسية عميقة.

الفيلم..

“إطلعولي بره” فيلم كوميدي مصري من إنتاج سنة 2018. من إخراج “وائل إحسان”، وتأليف “طارق الأمير، وفادي أبو السعود”، وإنتاج “محمد أحمد السبكي”، ومن بطولة “كريم محمود عبد العزيز، وملك قورة، وخالد الصاوي، وأحمد فتحي، وبيومي فؤاد”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة