صناعة السياحة والدبلوماسية الثقافية .. وقوة “الإمارات” الناعمة (1)

صناعة السياحة والدبلوماسية الثقافية .. وقوة “الإمارات” الناعمة (1)

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

اقتنعت الأطراف الفاعلة المختلفة؛ (وبخاصة الحكومية)، أن الدبلوماسية العامة والثقافية؛ (باعتبارها نماذج على القوة الناعمة)، من أكثر الوسّائل المتطورة غير العدوانية في نقل الصورة، والقيم، أو أسلوب الحياة الإيجابي، وفي الوقت نفسه تُمثل أداة سّليمة في تأمين المصالح الوطنية.

وهذه المقالة؛ التي كتبها “گلناز سعیدي”؛ عضو هيئة تدريس، ونشرها موقع المركز (الدولي لدراسات السلام) الإيراني، تناقش “الدبلوماسية الثقافية” و”القوة الناعمة”؛ لـ”الإمارات العربية المتحدة”.

وتبدأ المقالة بالحديث عن مفاهيم الدبلوماسية الثقافية والعامة مصحوبة بالنماذج التي طرحها المتخصصون في العلوم السياسية، ثم الوضع الجيوسياسي لـ”الإمارات”؛ وكذلك تاريخ وخصوصيات “الإمارات”، وطبيعة الدبلوماسية الثقافية.

مقدمة..

حظيت الدبلوماسية العامة والثقافية في “الإمارات” بالاهتمام مؤخرًا بشكلٍ غير مؤسسي. والبحث في كيفية تنظيم وتنفيذ هذه الخطوات من جانب حكومات غير غربية، يحظى بالاهتمام، لا سّيما فيما يتعلق بالخبرات التاريخية والسّوابق الثقافية والأهداف الجيوسياسية المختلفة عن “أوروبا” و”أميركا الشمالية”.

وأسباب استفادة “الإمارات” من الدبلوماسية العامة والثقافية متعددة. وحاليًا يصف الكثير من خبراء العلوم السياسية، استفادة الحكومات من المسّائل الثقافية: بـ”القدرة الناعمة”، التي هي مكملة: “للقوة الصلبة” أي القوة العسكرية أو الاقتصادية للحكومة.

وعليه؛ تُستخدم الدبلوماسية العامة أو الثقافية كأداة للقوة الناعمة، ومن الممكن أن تكون مفيدة بالنسّبة للحكومات التي تفتقر للقوة الصلبة.

لذلك تُعتبر الاستفادة من الدبلوماسية العامة والثقافية بهدف تسّهيل المصالح الوطنية أو أهداف السياسية الخارجية، عملية معقدة ذات متغيرات متعددة تسّتدعي الانتباه عند التخطيط وطرح الاستراتيجيات.

وأحد أسباب اتجاه الحكومة الإماراتية للتوسّع في استراتيجية القوة الناعمة النابعة عن العولمة، هو الأوضاع الجيوسياسية وأهداف السياسة الخارجية في المجالات التالية.

النظرية والمنهجية..

يمكن دراسة مفاهيم الدبلوماسية العالمية والثقافية في الغالب عبر عدسات التخصصات المختلفة، وأحيانًا تقّدم خطأً تحت مسّميات مثل العلاقات الدولية العامة، والمُسّمى التجاري، والعلاقات الثقافية الدولية.

والدبلوماسية الثقافية تشمل مجموعة من العناوين الفرعية للدبلوماسية العامة المسّتفادة من الميراث الثقافي للدولة. ويصف “نيك كال”؛ الدبلوماسية الثقافية، بقوله: “إدارة البيئات الدولية عن طريق المعرفة بالمصادر والإنجازات الثقافية (للدولة)؛ خارج حدودها أو تسّهيل الانتقال الثقافي إلى خارج الدولة”.

مع هذا من البديهي حين تكون الدبلوماسية الثقافية باعتباره سياسة تهدف إلى تحفيز الرأي العام للتأثير على الحكومات الخارجية وموقفها من الحكومة المحلية، يكتسّب دور هذه الحكومة الأهمية.

من ناحية أخرى، يؤكد “يوزف كوكولكا”؛ أن من الأهداف الأساسية للسياسية الخارجية، توفير الأمن، ورفع قدرة الحكومة وتقوية مكانتها الدولية.

وتُعتبر الدبلوماسية الثقافية والعامة من الأدوات الهامة في مجال رفع القدرة والمكانة الدولية، وقد تؤثر في تحقيق أهداف السياسية الخارجية.

وينعكس هذا الفهم لأهداف ودور السياسية الخارجية بوضوح في نظرية “جوزيف ناي”؛ المعروفة باسم: “القوة الناعمة”، والنموذج الليبرالي للعلاقات الدولية، حيث تبرز أهمية الرأي العام وتأثيره على القرارات السياسية.

وخلال العقود الأربعة الماضية، أصبحت “الإمارات العربية المتحدة” واحدة من أكثر القوى ديناميكية ونجاحًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ووصلت من اتحاد ملكي صغير ذو مجتمع قبلي وخبرات محدودة عن الإدارة والحكم، إلى “إسّبرطة الصغيرة”؛ بحسّب مجلة الـ (إيكونوميست)، والتي أكدت على تنامي قدرات “الإمارات” الصلبة.

ونجحت “الإمارات”؛ مع الأخذ في الاعتبار لطبيعة المجتمع الداخلي، وعدم التناسّب مع المجتمع خارج “الإمارات”، في المحافظة على علاقاتها القوية مع “الهند”، حيث تعتبر الأرض الأم لأغلبية المهاجرين.

وهذا قد يكون أحد أفضل الأدوات الإماراتية في تحقيق أهدافها، وتخطيط اتجاهات السياسة الخارجية؛ حيث تكتسّب القوة الناعمة الأهمية باعتبارها مكمل للقوة الصلبة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة